من روائع البيان القرآني :
لطائف وإشارات من الأسماء والصفات في الآيات المبينات من كلام رب البريات ( 3 ) : قوله تعالى في سورة الحج :
( ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة إن الله لطيف خبير ) آية 63
هذا حث منه تعالى وترغيب في النظر بآياته الدالة على وحدانيته وكماله وقدرته ، فقد تشعر أن نهاية الآية ( إن الله على شئ قدير) ، فمعنى الآية : أي ألم تشاهد ببصرك وبصيرتك ، أن الله أنزل من السماء ماء وهو المطر ، فينزل على أرض خاشعة مجدبة ، قد اغبرت أرجاؤها ويبس ما فيها من شجر ونبات ، فتصبح مخضرة ، قد اكتست من كل زوج كريم ، وصار لها بذلك منظر بهيج ، وجاء بصيغة المضارع ( فتصبح ) لاسحتضار الصورة ، وإفادتها بقائها مخضرة نضرة مدة من الزمن . والآية فيها دليل على كمال قدرته سبحانه
فلماذا انتهت الآية بقوله سبحانه وتعالى( إن الله لطيف خبير)
الإشارة في هذا : جاء في تفسير الشيخ السعدي :
اللطيف : الذي يدرك بواطن الأشياء وخفياتها وسرائرها ، الذي يسوق إلى عباده الخير ، ويدفع عنهم الشر بطرق تخفى على العباد ، ومن لطفه أنه يري (بضم الياء) عبده عزته في انتقامه ، وكمال اقتداره ، ثم يظهر لطفه بعد أن أشرف العبد على الهلاك ، ومن لطفه - وهذا هو الشاهد - أنه يعلم مواقع القطر من الأرض وبذور الأرض في بواطنها ، فيسوق ذلك الماء إلى ذلك البذر الذي خفي على علم الخلائق ، فينبت منه أنواع النبات . انتهى كلامه رحمه الله .
وتتم هذه العملية في باطن الأرض بطرق لطيفة تخفى على الخلق ، ولايراها أحد ، فكانت نهاية الآية ( إن الله لطيف خبير ) مناسبة للسياق .
ويمكن القول في قوله تعالى : ( والله أنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآية لقوم يسمعون ) النحل آية 65
كالقول في الآية التي نحن بصددها في أن نهاية الآية هذه (إن في ذلك لآية لقوم يسمعون ) فنحن لانرى هذا الأمر وهو أن الله سبحانه وتعالى بقدرته يسوق الماء في باطن الأرض إلى البذر فينبت منه أنواع النبات ، بطرق خفية تخفى على الخلق . فكانت نهاية الآية مناسبة للسياق ، ويمكن معنى ( يسمعون ) أي يسمعون عن الله مواعظه وتذكيره ، فيستدلون بذلك على أنه وحده المعبود ، الذي لا تنبغي العبادة إلا له .
فسبحان من هذا كلامه
فسبحان من هذا كلامه !!!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق