السبت، 18 أكتوبر 2025

(الجن والإنس)(الإنس والجن)

 [١٧/‏١٠, ٨:٥١ م] رقمى موبيلي: من روائع البيان القرآنى :

(بلاغة اللفظ القرآنى)

(التقديم والتأخير) : (الجن والإنس)(الإنس والجن) ، جاء الأول فى تسع مواضع من القرآن الكريم (9 مواضع) ، وجاء الثانى فى ثلاث مواضع من القرآن العظيم . والأصل تقديم الجن على الإنس ، لأنهم خلقوا قبل الإنس ، فهو تقديم زمن ، وهو من أنواع التقديم فى القرآن ، وذلك مثل قوله تعالى فى سورة آل عمران : (إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبى والذين آمنوا والله ولى المؤمنين)(68) فتقديم أتباع إبراهيم على النبى صلى الله عليه وسلم تقديم زمن .

[١٧/‏١٠, ٩:١٩ م] رقمى موبيلي: ومثل قوله سبحانه فى سورة التوبة : (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون فى سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا فى التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذين بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم)(111) فتقديم التوراة والإنجيل على القرآن الكريم تقديم زمن . والمواضع الثلاث الذى تقدم فيها الإنس على الجن ، من خلال استعراض تفسير الآيات يمكن معرفة سبب التقديم . وإليك بيان المواضع التسع : قوله سبحانه فى سورة الأنعام : (يامعشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتى...الآية)(130) .

[١٨/‏١٠, ٦:٤٠ م] رقمى موبيلي: قوله سبحانه فى سورة الأعراف : (قال ادخلوا فى أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس فى النار...الآية)(38) ، وقوله سبحانه فى نفس السورة : (ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس...الآية)(179) ، وقوله سبحانه فى سورة النمل : (وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون)(17) ، وقوله سبحانه فى سورة فصلت : (وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم مابين أيديهم وماخلفهم وحق عليهم القول فى أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين)(25) ، وقوله سبحانه فى نفس السورة : ( وقال الذين كفروا ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين)(29) .

[١٨/‏١٠, ٦:٤٧ م] رقمى موبيلي: وقوله سبحانه فى سورة الأحقاف : ( أولئك الذين حق عليهم القول فى أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين)(18) ، وقوله سبحانه فى سورة الذاريات : (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)(56) ، وقوله سبحانه فى سورة الرحمن : (يامعشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لاتنفذون إلا بسلطان)(33) . فهذه تسع مواضع ( 9 مواضع) ، تقدم فيها ذكر الجن على الإنس . أما المواضع الثلاث الذى تقدم فيها الإنس على الجن فهى قوله سبحانه فى سورة الأنعام : ( وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا شياطين الإنس والجن يوحى بعضهم زخرف القول غرورا ولو شاء ربك مافعلوه فذرهم ومايفترون)(112) .

[١٨/‏١٠, ٨:٥٩ م] رقمى موبيلي: وقوله سبحانه فى سورة الإسراء : (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لايأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا)(88) ، وقوله سبحانه فى سورة الجن : ( وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على كذبا)(5) . جاء فى تفسير آية الأنعام : أى كما جعلنا هؤلاء المشركين أعداءك ، يعادونك ويخالفونك ، كذلك جعلنا لمن قبلك من الأنبياء أعداء من شياطين الإنس والجن ، فاصبر على الأذى كما صبروا ، قال ابن الجوزى : أى كما ابتليناك بالأعداء، ابتلينا من قبلك من الأنبياء، ليعظم الثواب عند الصبر على الأذى . (زاد المسير 3 / 108)

[١٨/‏١٠, ٩:٠٥ م] رقمى موبيلي: قال مقاتل : وكل إبليس بالإنس شياطين يضلونهم ، فإذا التقى شيطان الإنس بشيطان الجن ، قال أحدهما لصاحبه : إنى أضللت صاحبى بكذا وكذا ، فأضلل أنت صاحبك بكذا وكذا ، فذلك وحى بعضهم إلى بعض . ( تفسير ابن الجوزى 3 / 109) . ولاريب أن مكر شيطان الإنس كمكر وعدواة المشركين للنبى صلى الله عليه وسلم كعدواة ومكر أبى جهل وأبى لهب ، أشد من مكر شيطان الجن فإنه مهما مكر فهو ضعيف : (إن كيد الشيطان كان ضعيفا)(76)(النساء) . فكان هذا سبب تقديم الإنس على الجن  فى هذا الموضع ، (وهو شدة المكر) .

[١٨/‏١٠, ٩:٣٠ م] رقمى موبيلي: موضع سورة الإسراء : (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لايأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا) أى : قل- يارسول الله- لأئمة المشركين الذين توهموا أن القرآن من صنعك . كما جاء فى سورة يونس : (وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لايرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله قل مايكون لى أن أبدله من تلقائ نفسى إن أتبع إلا مايوحى إلى إنى أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم)(قل لو شاء الله ماتلوته عليكم ولاأدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون)(16:15) .

[١٨/‏١٠, ٩:٥٦ م] رقمى موبيلي: قل لهم : لئن اجتمعت الإنس والجن ، واتفقوا على أن يأتوا بمثل هذا القرآن فى إعجازه البيانى ، والعلمي ، والتشريعى، وفى سائر وجوه إعجازه ، لايقدرون على  ذلك ، ولو كان بعضهم لبعض معينا . ومن خلال تفسير اﻵية تبين أن التحدى ابتداءا هو للإنس ، لأنهم هم الذين ادعوا أن القرآن من عند النبى صلى الله عليه وسلم ، أما الجن لما سمعوا القرآن قالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا ، وذلك فى قوله تعالى فى سورة الجن : ( قل أوحى إلى أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا)(يهدى إلى الرشد فأمنا به ولن نشرك بربنا أحدا)(2:1)

[١٨/‏١٠, ١٠:٠٥ م] رقمى موبيلي: وكما جاء فى سورة الأحقاف : (وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضى ولوا إلى قومهم منذرين)(قالوا ياقومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدى إلى الحق وإلى طريق مستقيم)(ياقومنا أجيبوا داعى الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم)(ومن لا يجب داعى الله فليس بمعجز فى الأرض وليس له من دونه أولياء أولئك فى ضلالا مبين)(32:29) . فهذا حال الجن لما استمعوا القرآن ، سارعوا إلى الإيمان به ودعوا قومهم إلى الإيمان به .

[١٨/‏١٠, ١٠:١٩ م] رقمى موبيلي: فلذلك قدم الإنس على الجن ، لأنهم هم الذين ادعوا أن القرآن من عند النبى صلى الله عليه وسلم ، فكان التحدى لهم ابتداءا ، فضلا أنهم من فصحاء اللغة ، وفيهم أهل الشعر ، وهم أفهم لما جاء فى القرآن من غيرهم من العجم ، وهذا قول الوليد بن المغيرة لما سمع القرآن من النبى صلى الله عليه وسلم : (والله إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر،  وإن أسفله لمغدق ومايقول هذا بشر) ، وقال لقومه : والله مافيكم رجل أعلم بالأشعار منى ، ولاأعلم برجزه ولابقصيدته منى ، ولابأشعار الجن ، والله مايشبه هذا الذى يقول شيئا من هذا .

[١٨/‏١٠, ١٠:٥٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: موضع سورة الجن : (وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا) أى : وأنا كنا نظن ظنا توهميا أن الإنس والجن صادقون فى قولهم : أن لله صاحبة وولدا ، وأنهم لايكذبون على الله فى ذلك ، فلما سمعنا القرآن علمنا أنا كنا مخدوعين بأقوالهم الكفرية الكاذبة الباطلة . فإنه تعالى جلال ربنا وعظم قدره ، عن أن يتخذ زوجة أو ولدا ، والإنس ادعوا أن لله ولدا ، على عيسى عليه السلام ، لأن الله خلقه بلا أب ، كما ادعى المشركون أن الملائكة بنات الله ، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا . فكان الكلام ابتداءا من الإنس، وهذا سبب تقديم الإنس على الجن فى الآية . فسبحان من هذا كلامه!!!

الجمعة، 17 أكتوبر 2025

الذين يحملون العرش ومن حوله)

 [٤/‏١٠, ٥:٢٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى : (بلاغة اللفظ القرآنى) قوله سبحانه فى سورة غافر : (الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم)(7) ، وقوله سبحانه فى سورة الشورى : (تكاد السموات يتفطرن من فوقهن والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن فى الأرض ألا إن الله هو الغفور الرحيم)(5) زاد فى آية سورة الزمر : (ويؤمنون به) فما سبب هذه الزيادة ، ومعروف أن الملائكة يؤمنون بربهم ، فهم لايعصون الله ماأمرهم ويفعلون مايؤمرون ، فقد خلقهم الله على الطاعة .

[١٢/‏١٠, ١٠:٢٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: معنى : (ويؤمنون به) أى : يصدقون تصديقا جازما بأنه واحد لاشريك له ، وأنه لارب سواه ، وقد جاء ذلك من باب المقابلة ، للآيات التى جاءت قبل الآية فى السورة : (مايجادل فى آيات الله إلا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم فى البلاد)(كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب)(وكذلك حقت كلمت ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار)(6:4) . فلما ذكر مجادلة الكفار فى آيات الله ، وذكر الأمم المكذبة لرسلهم ، قابل ذلك بذكر إيمان حملة العرش،  وهم أشرف الملائكة وأفضلهم لقربهم من الله عز وجل .

[١٢/‏١٠, ١٠:٣١ م] حسن أحمد حسن سليمان: فلا يضره عز وجل كفر من كفر ، ولاينفعه إيمان من آمن . فحملة العرش وهم من أشرف الملائكة وأفضلهم لقربهم من الله عز وجل،  ومن حول العرش ممن يحف به من سادات الملائكة ، ينزهون الله عن كل نقص تنزيها مقترن بحمده ، ويصدقون بأنه واحد لاشريك له، ولامثل له ولانظير ، فإيمانهم بالله ، وتعظيمهم له راسخ لايتزعزع . وهم مع عبادتهم واستغراقهم فى تسبيح الله وتمجيده ، يطلبون من الله المغفرة للمؤمنين (ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم) وفى وصف الله تعالى بالرحمة والعلم-وهو ثناء قبل الدعاء- تعليم العباد أدب السؤال والدعاء .

[١٢/‏١٠, ١٠:٤٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: فناسب قوله : (ويؤمنون به) سياق الآيات فى السورة ، وقد جاءت آيات تؤكد على هذا المعنى ، ففى قوله سبحانه فى سورة النساء : (ولله مافى السموات ومافى اﻷرض ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله وإن تكفروا فإن لله مافي السموات ومافي اﻷرض وكان الله غنيا حميدا)(131) ، وقوله سبحانه فى نفس السورة : (ياأيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيرا لكم وإن تكفروا فإن لله مافي السموات والأرض وكان الله عليما حكيما)(170) ، وقوله سبحانه فى سورة إبراهيم : (وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن فى الأرض جميعا فإن الله لغنى حميد)(8) .

[١٢/‏١٠, ١١:١٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: وقوله سبحانه فى سورة الزمر : (إن تكفروا فإن الله غنى عنكم ولايرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم ولاتزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون إنه عليم بذات الصدور)(7) . فهو سبحانه غنى عن خلقه ، فلو كفر كل أهل الأرض، فلن يضروا الله شيئا ، فإن الله لغنى عن خلقه ، مستحق للحمد والثناء ، محمود فى كل حال . ولايرضى لعباده الكفر ، ولايأمرهم به ، لأنه يكون سبب شقائهم فى الدنيا والآخرة ، وإنما يرضى لهم شكر نعمه عليهم ، لأنه يكون سبب سعادتهم فى الدنيا والآخرة .

[١٣/‏١٠, ١٠:٤٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما آية سورة الشورى : (والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن فى الأرض)  معناه : للمؤمنين الذين فى الأرض ، وهذا محكى عن ابن عباس رضي الله عنهما  ، واللفظ عام أريد به الخاص ، وقال خلف بن هشام البزاز القارئ : كنت أقرأ على سليم بن عيسى فلما بلغت : (ويستغفرون للذين آمنوا) بكى ، ثم قال : ياخلف ماأكرم المؤمن على الله ، نائما على فراشه ، والملائكة يستغفرون له ! ) . وعن أبى هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( الملائكة تصلى على أحدكم مادام فى مصلاه الذى صلى فيه مالم يحدث ، تقول : اللهم اغفر له ، اللهم ارحمه ) أخرجه البخارى  (445) ، ومسلم (649) مطولا .

السبت، 11 أكتوبر 2025

(رضوان الله)(مرضات الله)

 [٢٧/‏٩, ١:٣٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى : 

(بلاغة اللفظ القرآنى) ، (رضوان الله)(مرضاة الله) ، رضوان الله : مختص بالله تعالى وحده ، وهو أعلى مراتب الرضا وأكبره ، جاء فى الحديث الذى رواه البخاري ومسلم : عن أبى سعيد الخدرى عن النبي صلى الله عليه وسلم : (إن الله تبارك وتعالى يقول لأهل الجنة : ياأهل الجنة فيقولون : لبيك ربنا وسعديك ، فيقول هل رضيتم ؟ فيقولون ومالنا لانرضى ، وقد أعطيتنا مالم تعط أحدا من خلقك ؟ فيقول أنا أعطيكم أفضل من ذلك ، قالوا يارب وأى شيئ أفضل من ذلك ؟ فيقول : فيقول أحل عليكم رضوانى ، فلا أسخط بعده أبدا ) رواه البخاري (7518) ، ورواه مسلم (2829) .

[٢٧/‏٩, ١:٤٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: فى القرآن الكريم : رضوان الله جاء للدلالة على رضا الله وحده ، ولم يأتى للمخلوقين ، أما المرضاة تأتي للدلالة على طلب الرضا من الله  ومن غيره : (ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء  قوله سبحانه مرضات الله)(البقرة 207) أى بعض الناس يبيع نفسه طلبا لرضا الله عنه، بالجهاد فى سبيل الله . قوله سبحانه : (ياأيها النبى لم تحرم ماأحل الله لك تبتغى مرضات أزواجك والله غفور رحيم)(1)(التحريم) أى : ياأيها النبى لم تمنع نفسك عن الحلال الذى أحله الله لك ، تبتغى إرضاء زوجاتك ؟ والله غفور لك ، رحيم بك .

[٢٧/‏٩, ٢:١٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: وإليك بيان ذلك من خلال استعراض الآيات : قوله سبحانه فى سورة آل عمران : (قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها اﻷنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد)(15) ، وفى نفس السورة قوله سبحانه : (أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط الله ومأواه جهنم وبئس المصير)(162) أى : لايستوى من قصده رضوان الله ومن هو مكب على المعاصى ، مسخط لربه، فاستحق بذلك سكن جهنم وبئس المصير .وقوله سبحانه فى نفس السورة : (فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم)(174) .

[٢٧/‏٩, ٢:٢١ م] حسن أحمد حسن سليمان: وذلك فى غزوة أحد : فرجعوا من 《حمراء الأسد》 إلى 《المدينة》 بنعمة من الله بالثواب الجزيل وبفضل منه بالمنزلة العالية ، وقد ازدادوا إيمانا ويقينا ، وأذلوا أعداء الله ، وفازوا بالسلامة من القتل والقتال ، واتبعوا رضوان الله بطاعتهم له ولرسوله .والله ذو فضل عظيم عليهم وعلى غيرهم . قوله سبحانه فى سورة المائدة الآية الثانية (يا أيها الذين آمنوا لاتحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدى  ولا القلائد ولاآمين البيت الحرام يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا...الآية) أى : لاتستحلوا قتال قاصدى البيت الحرام الذين يبتغون من فضل الله مايصلح معايشهم ويرضى ربهم .

[٢٧/‏٩, ٥:٢٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة المائدة : (يهدى به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم)(16) والآية متممة لما قبلها وذلك فى قوله سبحانه : (ياأهل الكتاب قدجاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفوا عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين)(15) أى ياأيها اليهود والنصارى قد جاءكم رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ، يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفونه عن الناس مما فى التوراة والإنجيل ، قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين وهو القرآن الكريم ، يهدى به الله من اتبع رضا الله تعالى، طرق الأمن والسلامة ، ويخرجهم بإذنه من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان ، ويوفقهم إلى دينه القويم .

[٢٧/‏٩, ٥:٣٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة التوبة : (يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم)(خالدين فيها أبدا إن الله عنده أجر عظيم)(22:21) أى : إن هؤلاء المؤمنين لهم البشرى من ربهم بالرحمة الواسعة والرضوان الذى لاسخط بعده ، ومصيرهم إلى جنات الخلد والنعيم الدائم ، ماكثين فيها لانهاية لإقامتهم وتنعمهم ، وذلك ثواب ماقدموه من الطاعات والعمل الصالح فى حياتهم الدنيا .إن الله عنده أجر عظيم لمن آمن وعمل صالحا بامتثال أوامره واجتناب نواهيه .

[٢٧/‏٩, ٧:٠٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة التوبة : (وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها اﻷنهار خالدين فيها ومساكن طيبة فى جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم)(72) فأكبر مافي الجنة ، بعد النعيم الدائم والمساكن الحسنة البناء ، الطيبة القرار ، رضوان الله عز وجل فلا يسخط بعده أبدا .ذلك الوعد بثواب الأخرة هو الفلاح العظيم . وقد تناسب لفظ : (ورضوان من الله أكبر) مع أول الآية : (وعد الله المؤمنين والمؤمنات)  فالوعد من ملك الملوك ، فكان الرضوان أكبر ، فما أعطى أهل الجنة بعد دخولهم الجنة أعلى وأكبر من رضوان الله عليهم .

[١٠/‏١٠, ٧:٠٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: وجاءت الآيات التى تحدثت عن نفس المعنى : (رضوان الله) فى سورة التوبة أيضا  فى الآية : (أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به فى نار جهنم والله لايهدى القوم الظالمين)(109) ، وفى سورة محمد : (ذلك بأنهم اتبعوا ماأسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم)(28) ، وفى سورة الفتح فى آخر آية  :( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم فى وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم فى التوراة...الآية)(29) ، وهى الآية الثانية فى القرآن التى حوت كل حروف اللغة العربية ، على قصرها ، فهى تتحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والمؤمنين ، وصفاتهم فى التوراة والإنجيل . ورقمها :(29) هو عدد حروف اللغة.

[١٠/‏١٠, ٧:١١ م] حسن أحمد حسن سليمان: وفى سورة الحديد فى قوله سبحانه : ( اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر فى الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفى الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور)(20) ، وقوله سبحانه فى نفس السورة : (ثم قفينا على آثارهم برسلنا  وقفينا بعيسى ابن مريم وآتيناه الإنجيل وجعلنا فى قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم وكثير منهم فاسقون)(27)

[١٠/‏١٠, ٧:٢١ م] حسن أحمد حسن سليمان: وقوله سبحانه فى سورة الحشر : ( للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون)( 8) . خلاصة القول : أن رضوان الله : مختص بالله تعالى وحده ، وهو أعلى مراتب الرضا وأكبره ، وبعد سرد آيات القرآن التى تتحدث عنه  ، وضح أنه جاء للدلالة على رضا الله وحده ، ولم يأتى للمخلوقين ، أما : (المرضاة) تأتى للدلالة على  طلب الرضا من الله ومن غيره . كما سنوضح فى الآيات التى تحدثت عن : (المرضاة ) ، فى الآيات ، فى الرسائل القادمة .

[١٠/‏١٠, ٨:٤٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة البقرة : ( ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله والله رءوف بالعباد)(207) أى  : وبعض الناس يبيع نفسه طلبا لرضا الله عنه ، بالجهاد فى سبيله ، والتزام طاعته . والله رءوف بالعباد ، يرحم  عباده المؤمنين رحمة واسعة فى عاجلهم وآجلهم ، فيجازيهم أحسن الجزاء . قوله سبحانه فى نفس السورة : (ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله وتثبيتا من أنفسهم....الآية)(265) ومثل الذين ينفقون أموالهم طلبا لرضا الله واعتقادا راسخا بصدق وعده ، كمثل بستان عظيم بأرض عالية طيبة ، هطلت عليها أمطارا غزيرة، فتضاعفت ثمراته، وإن لم تسقط عليه الأمطار الغزيرة فيكفيه رذاذ المطر ليعطى الثمرة المضاعفة ، وكذلك نفقات المخلصين تقبل عند الله وتتضاعف قلت أم كثرت .

[١٠/‏١٠, ٩:٠٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة النساء : (لاخير فى كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما)(114) أى : لا نفع فى كثير من كلام الناس سرا فيما بينهم ، إلا إذا كان حديثا داعيا إلى بذل المعروف من الصدقة، أو الكلمة الطيبة ، أو التوفيق بين الناس ، ومن يفعل تلك الأمور طلبا لرضا الله تعالى راجيا ثوابه ، فسوف نؤتيه ثوابا جزيلا واسعا . وقوله سبحانه فى سورة الممتحنة فى أول آية : (ياأيها الذين آمنوا لاتتخذوا عدوى وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بماجاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادا فى سبيلى وابتغاء مرضاتى....الآية)(1) .

[١٠/‏١٠, ٩:١٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة التحريم فى أول آية : (ياأيها النبى لم تحرم ماأحل الله لك تبتغى مرضات أزواجك والله غفور رحيم)(1) أى : ياأيها النبى لم تمنع نفسك عن الحلال الذى أحله الله لك ، تبتغى مرضات زوجاتك ؟ والله غفور لك ، رحيم بك . وجاءت : 

(والله غفور رحيم) غير مؤكدة بأن لعدم الذنب فقد غفر الله لنبيه ماتقدم من ذنبه وماتأخر  . خلاصة القول : أن مرضات الله تأتى فى القرآن طلبا لرضا الله ، وكذلك للمخلوقين ، كما جاء فى آية التحريم . 

فسبحان من هذا كلامه !!!

(ألم يروا)(أولم يروا)(ألم تروا)

 [٢٣/‏٩, ١٠:٠٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى :

(بلاغة اللفظ القرآنى) 

(ألم يروا)(أو لم يروا)(ألم تروا) . تكرر الأول فى أربع مواضع من القرآن العظيم فى صدر الآية ، وموضع خامس جاء وسط الآية ، وتكرر الثانى فى اثنى عشرا موضعا ،  وتكرر الثالث فى موضعين من القرآن  ، وإليك بيانها : قوله سبحانه فى سورة الأنعام : (ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم فى الأرض مالم نمكن لهم وأرسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا الأنهار تجرى من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا أخرين)(6) ، وقوله سبحانه فى سورة الأعراف : (واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنه لايكلمهم ولايهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين)(148)

[٢٣/‏٩, ١٠:١٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: وقوله سبحانه فى سورة النحل : (ألم يروا إلى الطير مسخرات فى جو السماء مايمسكهن إلا الله إن فى ذلك لآيات لقوم يؤمنون)(79) ، وقوله سبحانه فى سورة النمل : (ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصرا إن فى ذلك لآيات لقوم يؤمنون)(86) ، وقوله سبحانه فى سورة يس : ( ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لايرجعون)(31) . وباستقراء الآيات فى المواضع الخمس ، نجد أنها تتحدث عن شئ معنوى ، أو خبر الله لنا بإهلاك الأمم المكذبة لرسلهم . وسوف يتضح هذا المعنى من خلال استعراض تفسير الآيات .

[٢٤/‏٩, ٢:٤٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: موضع سورة الأنعام : (ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم فى الأرض...الآية) أى : ألم يعلم هؤلاء الذين يجحدون وحدانية الله تعالى واستحقاقه وحده العبادة ، ويكذبون رسوله صلى الله عليه وسلم ماحل بالأمم المكذبة قبلهم من هلاك وتدمير ، وقد مكناهم الله فى الأرض مالم نمكن لكم أيها الكافرون، وأنعمنا عليهم بإنزال الأمطار وجريان الأنهار من تحت مساكنهم ؛ استدراجا وإملاء لهم ، فكفروا بنعم الله وكذبوا الرسل ، فأهلكناهم بسبب ذنوبهم ، وأنشأنا من بعدهم أمما أخرى خلفوهم فى عمارة الأرض . والتعبير بالرؤيا البصرية مكان العلم لأن الخبر من الله ، كأنه رؤية بصرية لتحقق وقوعه ، وهذا كقوله تعالى :(ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل)(1)(سورة الفيل) .

[٢٤/‏٩, ٣:٠٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: موضع سورة الأعراف :( واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنه لايكلمهم ولايهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين)(148) أى : واتخذ قوم موسى من بعد مافارقهم ماضيا لمناجاة ربه معبودا من ذهبهم ، عجلا جسدا بلا روح ، له صوت ، ألم يعلموا أنه لايكلمهم ، ولايرشدهم إلى خير ؟ أقدموا على ماأقدموا من هذا الأمر الشنيع ، وكانوا ظالمين لأنفسهم واضعين الشيئ فى غير موضعه . وهو عجلا جسدا بلاروح ، فهذا أمر معنوى وليس حسى ، فلذلك استعمل القرآن لفظ : ( ألم يروا ) .

[٢٦/‏٩, ٧:١٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: موضع سورة النحل : قوله سبحانه : (ألم يروا إلى الطير مسخرات فى جو السماء مايمسكهن إلا الله إن فى ذلك لآيات لقوم يؤمنون)(79) . وجاء موضع آخر فى سورة الملك بنفس المعنى مع اختلاف الألفاظ قوله سبحانه : (أو لم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن مايمسكهن إلا الرحمن إنه بكل شيئ بصير)(19) . فى الموضع الأول استعمل (ألم يروا) ، وفى الموضع الثانى استعمل (أو لم يروا) . والموضوع واحد . فما سبب ذلك ؟ ، جاء فى تفسير اﻵية الأولى : ألم يشاهدوا الطيور مذللات للطيران ، فى ذلك الفضاء الواسع بين السماء والأرض ؟ مايمسكهن عن السقوط عند قبض أجنحتهن وبسطها إلا هو سبحانه وتعالى .

[٢٦/‏٩, ٩:٠٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: استعمال لفظ : (ألم يروا) فى الآية الأولى ، فلفظ مسخرات أو مذللات للطيران لايعلم كيفيتها إلا الله وحده ، فهو الذى خلقها بخلقة تصلح للطيران ثم سخر لها هذا الهواء اللطيف ، ثم أودع فيها من قوة الحركة ماقدرت به على ذلك . فناسب سياق الآية لفظ(ألم يروا). أما موضع سورة الملك استعمل لفظ : (أولم يروا) ، فهذا اللفظ أتى فى مواضعه للشيئ المشاهد ، كما سيأتى . وفى الآية ذكر  لفظ (فوقهم) ، ولفظ : (صافات ويقبضن) ، وهذه يراها الإنسان ، لما ينظر فوقه للطير وهم صافات أجنحتهن ويقبضن . جاء فى تفسير اﻵية : أى : أو لم ينظروا نظر اعتبار إلى الطيور فوقهم ، باسطات أجنحتهن فى الجو ، عند طيرانها وتحليقها ، ويضممنها إذا ضربن بها جنوبهن ، وقتا بعد وقت ؟

[٢٦/‏٩, ٩:٠٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: ولما كان الغالب هو فتح الجناحين ، فكأنه هو الثابت عبر عنه بالإسم : (صافات) فالإسم يدل على الثبات ، وكان القبض متجددا عبر عنه بالفعل (ويقبضن) . قال فى التسهيل : فإن قيل : لم لم يقل (قابضات) على طريقة (صافات) ؟ فالجواب : أن بسط الجناحين هو الأصل فى الطيران ، كما أن مد الأطراف فى السباحة هو الأصل ، فذكره بصيغة اسم الفاعل (صافات) لدوامه وكثرته ، أما قبض الجناحين فإنما يفعله الطائر قليلا ، للاستراحة والاستعانة ، فلذلك ذكره بلفظ الفعل لقلته .(التسهيل لعلوم التنزيل)(4 / 136) . ومعلوم أن الفعل يدل على التجدد .

[٢٦/‏٩, ٩:١٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: وقد ناسبت نهاية كل آية سياق الآية ومعناها ، وإليك بيان ذلك : نهاية الآية الأولى : (إن فى ذلك لآيات لقوم يؤمنون) أى : إن فيما ذكر ، وهو تسخير الطير فى جو السماء مايمسكهن إلا الله ، لآيات ظاهرة وعلامات باهرة على وحدانيته تعالى ، وأنه المستحق للعبادة وحده سبحانه وتعالى عما يشركون ، وهذه الآيات لقوم يصدقون بوجوده ، وبما جاءت به رسله ، وقد ناسب لفظ الجلالة : (الله ) معنى الآية ، كما ناسب سياق السورة فقد تكرر فى السورة خمس وسبعون مرة (75) .

[٢٦/‏٩, ٩:٣٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: وفى سورة الملك كانت نهاية الآية : (إنه بكل شيء بصير) ناسبت مشاهدة الناس للطير فوقهم صافات ويقبضن ، وأيضا هو سبحانه يعلم كيف يخلق ، وكيف يبدع العجائب ، بمقتضى علمه وحكمته . وناسب لفظ : (الرحمن ) سياق الآية ، فهو سبحانه يمسكهن فى الجو عن السقوط فى حال البسط والقبض ، وهو من رحمته بخلقه ، قال الرازى فى تفسيره : وذلك أنها مع ثقلها وضخامة أجسامها ، لم يكن بقاؤها فى جو الهواء ، إلا بإمساك الله وحفظه ، وإلهامها كيفية البسط والقبض ، المطابق للمنفعة من رحمة الرحمن . وقد ناسب أيضا سياق السورة فقد تكرر لفظ (الرحمن ) أربع مرات (4) .

[٢٦/‏٩, ١٠:٣٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: موضع سورة النمل : قوله سبحانه : (ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصرا إن فى ذلك لآيات لقوم يؤمنون)(79) أى : ألم ير هؤلاء المكذبون بآياتنا أنا جعلنا الليل يستقرون فيه وينامون ، والنهار يبصرون فيه للسعى فى معاشهم ؟ إن  فى تصريفهما لدلالة لقوم يؤمنون بكمال قدرة الله ووحدانيته وعظيم نعمه على عباده  ، وواضح أن الآية تتحدث عن أمر معنوى ، فناسب لفظ : (ألم يروا) سياق الآية ، وذلك كقوله تعالى فى سورة النبأ : (وجعلنا الليل لباسا)(وجعلنا النهار معاشا)(11:10) أى : وجعلنا الليل لباسا تلبسكم ظلمته ، وتغطيكم ؛ كما يستر الثوب لابسه ؟ . وجعلنا النهار سببا للمعاش والتصرف فى المصالح .

[٢٦/‏٩, ١٠:٣٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: موضع سورة يس : (ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لايرجعون)(31) أى : ألم ير هؤلاء المستهزئون المكذبون ويعتبروا بمن قبلهم من القرون التى أهلكناها ، كقوم نوح وعاد وثمود ومدين وغيرهم ممن كذب برسلنا ، أنهم لايرجعون إلى هذه الدنيا ؟ وواضح أنهم لم يروا إهلاك هؤلاء ، وإنما كما بينا من قبل أن التعبير بلفظ الرؤيا البصرية ، من إخبار الله ، لأنه أمر وقع لامحالة .ولما كان الأمر إخبار الله عن إهلاك الأمم المكذبة لرسلهم ، وهو شيئ لم يشاهدوه ، عبر بلفظ : (ألم يروا ) فجاء مناسبا مع سياق الآية .

[٢٦/‏٩, ١١:٠٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: وجاء فى سورة يس فى آخرها موضع آخر باستعمال لفظ :

(أو لم يروا ) وذلك فى قوله تعالى : (أو لم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون)(وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون)(ولهم فيها منافع ومشارب أفلا يشكرون)(73:71) وواضح من الآية أنها تتحدث عن شيئ مشاهد فناسب لفظ :

( أو لم يروا ) سياق الآية .جاء في تفسير اﻵيات : الهمزة للإنكار والتعجيب أى أو لم ينظروا نظر اعتبار ، ويتفكروا فيما أبدعته أيدينا - من غير واسطة، وبلا شريك ولامعين- مما خلقنا لهم ولأجلهم من الأنعام ، وهى (الإبل والبقر والغنم) ، فيستدلوا بذلك على وحدانيتنا وكمال قدرتنا؟! .

[٢٦/‏٩, ١١:١٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: (فهم لها مالكون) أى : فهم متصرفون فيها كيف يشاءون تصرف المالك بماله(وذللناه لهم) قال ابن كثير : المعنى جعلهم يقهرونها، وهى ذليلة لهم لاتمتنع منهم ، بل لو جاء صغير إلى بعير لأناخه ، ولو شاء لأقامه وساقه،  وهو ذليل منقاد معه ، وكذا لو كان القطار مائة بعير، لسير الجميع بسير الصغير ، فسبحان من سخر هذا لعباده . فناسب لفظ : 

(أو لم يروا ) سياق الآية.(مختصر ابن كثير)(136/2) . ومن هذه الأنعام مايركبونه فى الأسفار، ويحملون عليه الأثقال، كالإبل التى هى سفن البر ،ومنها مايأكلون لحمه كالبقر والغنم . ولهم منافع أخرى - غير الأكل والركوب-كالجلود والأصواف والأوبار، ولهم فيها مشارب أيضا يشربون من ألبانها.

[٢٧/‏٩, ١٠:٠٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: ( أو لم يروا) تكررت اثنى عشر مرة( 12) ، وقد ذكرنا موضعين منهم فى سورة النحل مع موضع سورة الملك ، وفى سورة يس . وإليك باقى المواضع : قوله سبحانه فى سورة الرعد  : (أو لم يروا أنا نأتى الأرض ننقصها من أطرافها والله يحكم لامعقب لحكمه وهو سريع الحساب)(41) أى أو لم يبصر هؤلاء الكفار أنا نأتى الأرض ننقصها من أطرافها ، وذلك بفتح المسلمين بلاد المشركين وإلحاقها ببلاد المسلمين ؟ والله سبحانه يحكم لامعقب لحكمه وقضائه ، وهو سريع الحساب ، فلا يستعجلوا بالعذاب ؛ فإن كل آت قريب . فلما كان الحديث عن أمر مشاهد ناسب قوله  : (أو لم يروا) سياق الآية .

[٢٧/‏٩, ١٠:٣٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة النحل : (أو لم يروا إلى ماخلق الله من شيء يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون)(48) أى أعمى هؤلاء الكفار ، فلم ينظروا إلى ماخلق الله من شيء له ظل ، كالجبال والأشجار ، تميل ظلالها تارة يمينا وتارة شمالا تبعا لحركة الشمس نهارا والقمر ليلا كلها خاضعة لعظمة ربها وجلاله ، وهى تحت تسخيره وتدبيره وقهره ؟ فحرى بك أيها الإنسان أن تكون ساجدا لله مع الساجدين ، فهذه الكائنات الشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب مع عظم حجمها ، كلها خاضعة لربها .

[٢٧/‏٩, ١٠:٥٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة الإسراء : (أو لم يروا أن الله الذى خلق السموات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم وجعل لهم أجل لاريب فيه فأبى الظالمون إلا كفورا)(99) أغفل هؤلاء المشركون ، فلم يتبصروا ويعلموا أن الله الذى خلق السموات والأرض ومافيهن من المخلوقات على غير مثال سابق ، قادر على أن يخلق أمثالهم بعد فنائهم ؟ وقد جعل الله لهؤلاء المشركين وقتا محددا لموتهم وعذابهم ، لاشك أنه آتيهم ، ومع وضوح الحق ودلائله أبى الكافرون إلا جحودا لدين الله عز وجل . وكان هذا ردا على قولهم : (أءذا كنا عظاما ورفاتا أءنا لمبعوثون خلقا جديدا) .ولما كان خلق السموات والأرض وخلق الإنسان كله مشاهد أمامهم ناسب قوله : (أو لم يروا) سياق الآية .

[٢٨/‏٩, ١:٥٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة الشعراء : (أو لم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم)(7) أى : أكذبوا ولم ينظروا إلى الأرض التى أنبتنا فيها من كل نوع حسن من النبات ، لايقدر على إنباته إلا رب العالمين ؟ إن فى إخراج النبات من الأرض لدلالة واضحة على كمال قدرة الله ، وماكان أكثر القوم مؤمنين . وإن ربك لهو العزيز على كل مخلوق، الرحيم الذى وسعت رحمته كل شيء . وواضح تناسب قوله سبحانه : (أو لم يروا) مع سياق الآية . قوله سبحانه فى سورة العنكبوت : (أو لم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير)(19)أى : أو لم يعلم هؤلاء كيف ينشئ الله الخلق من العدم ، ثم يعيده من بعد فنائه ، كما بدأه أول مرة خلقا جديدا .

[٢٨/‏٩, ٢:١٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة العنكبوت : (أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون)(67) أى : أولم يشاهد كفار مكة أن الله جعل 《مكة 》 لهم حرما آمنا يأمن فيه أهله على أنفسهم وأموالهم ، والناس من حولهم خارج الحرم ، يتخطفون غير آمنين ، وكذلك أهل مكة فى أسفارهم آمنين  ، لايستطيع أحد أذاهم ، إذا علموا أنهم من أهل مكة ؟ وبعد ذلك يشركون بالله ، أفبالشرك يؤمنون ، وبنعمة الله التى خصهم بها يكفرون ، فلا يعبدونه وحده دون سواه ؟ (لإيلاف قريش)(إيلافهم رحلة الشتاء والصيف)(فليعبدوا رب هذا البيت)(الذى أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف)(4:1)(سورة الفيل) .

[٢٨/‏٩, ١٠:٣٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة الروم : (أو لم يروا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن فى ذلك لآيات لقوم يؤمنون)(37) أى : أو لم يعلموا أن الله يوسع الرزق لمن يشاء امتحانا ، هل يشكر أو يكفر ؟ ويضيقه على من يشاء اختبارا ، هل يصبر أو يجزع  ؟ إن فى ذلك التوسيع والتضييق لآيات لقوم يؤمنون بالله  ويعرفون حكمة الله ورحمته . وبسط الرزق لبعض الناس ، وتضييقه على بعضهم ، من الأمور المشاهدة لكل أحد ، فناسب قوله سبحانه : 

(أو لم يروا ) سياق الآية  .

[٤/‏١٠, ٢:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة السجدة : (أو لم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون)(27) أى : أو لم ير المكذبون بالبعث بعد الموت أننا نسوق الماء إلى الأرض اليابسة الغليظة التى لانبات فيها،  فنخرج به زرعا مختلفا ألوانه تأكل منه أنعامهم ، وتتغذى به أبدانهم فيعيشون به ؟ أفلا يرون هذه النعم بأعينهم ، فيعلموا أن الله الذى فعل ذلك قادر على إحياء الأموات ونشرهم من قبورهم ؟ . وقد ناسبت نهاية الآية التى قبلها سياقها وذلك فى قوله تعالى : (أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون فى مساكنهم إن فى ذلك لآيات أفلا يسمعون)(26) فإهلاك القرى المكذبة لرسلهم لم يراه المشركون

[٤/‏١٠, ٣:١٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة فصلت : (فأما عاد فاستكبروا فى الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أو لم يروا أن الله الذى خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون)(فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا فى أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزى فى الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لاينصرون)(16:15) فغر قوم عاد قوتهم وتجبروا واستعلوا فى الأرض بغير حق ، وقد رأوا أن الله هو أشد منهم قوة ، فأرسل عليهم ريحا شديدة البرودة عالية الصوت فى أيام مشؤومات عليهم ؛ ليذيقهم عذاب الذل والهوان فى الحياة الدنيا ، ولعذاب الآخرة أشد ذلا وهوانا ، وهم لاينصرون بمنع العذاب عنهم .

[٤/‏١٠, ٣:٢١ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة الأحقاف : (أو لم يروا أن الله الذى خلق السموات والأرض ولم يعى بخلقهن بقادر على أن يحيى الموتى بلى إنه على شيئ قدير)(33) أى : أغفلوا ولم يعلموا أن الله الذى خلق السموات والأرض على غير مثال سبق ، ولم يعجز عن خلقهن ، قادر على إحياء الموتى الذين خلقهم أولا ؟ بلى ، إنه على كل شيء قدير . فهم مقرون بهذا : (ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون)(61)(العنكبوت) ، فناسب قوله تعالى : (أولم يروا) سياق الآية . فجاءت كل كلمة مناسبة فى موضعها . فسبحان من هذا كلامه !!!

[٤/‏١٠, ٩:٠٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: ( ألم تروا) جاء فى موضعين: قوله سبحانه فى سورة لقمان : (ألم تروا أن الله سخر لكم مافى السموات ومافى اﻷرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ومن الناس من يجادل فى الله بغير علم ولاهدى ولاكتاب منير)(20) جاءت اﻵية لما حذر الله من الشرك ، وأكده بوصايا لقمان الحكيم فى الإيمان ومكارم الأخلاق ، ذكر فى هذه الآية الأدلة الساطعة ، والبراهين القاطعة على وحدانيته سبحانه وتعالى ، ونبه بالصنعة على الصانع ، وبالنعمة على المنعم ، وماله من نعم لاتحصى ،  من تسخير السموات بما فيها من (الشمس والقمر والنجوم والسحاب) وتسخير الأرض ومافيها من ( الحيوان والنبات والمعادن والبحار ) وغير ذلك من الأدلة الشاهدة على وحدانيته . ودعا الإنسان إلى النظر إلى هذه الآيات العظيمة،  نظر تأمل واعتبار .

[٤/‏١٠, ٩:٢١ م] حسن أحمد حسن سليمان: وعمكم بنعمه الظاهرة على الأبدان و الجوارح كالسمع والبصر ، والصحة والإسلام ، والباطنة كالقلب والعقل ، والفهم والمعرفة ، وماادخره لكم مما لاتعلمونه ؟ ومن الناس من يجادل فى توحيد الله وإخلاص العبادة له بغير حجة ولابيان ، ولاكتاب مبين يبين حقيقة دعواه ، فهم أناس جاحدون ، يخاصمون ويجادلون فى توحيد الله وصفاته بغير علم ولافهم ، ولاحجة ولابرهان ، ولاكتاب منزل من عند الله .

الموضع الثانى جاء فى سورة نوح : فى قوله سبحانه : (ألم تروا كيف خلق الله سبع سموات طباقا)(وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا)(16:15)

[٤/‏١٠, ٩:٣٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: أى : ألم تشاهدوا يامعشر القوم عظمة الله وقدرته ؟ وتنظروا نظر اعتبار ، وتفكر وتدبر ، كيف أن الله العظيم الجليل ، خلق سبع سموات سماء فوق سماء ، متطابقة بعضها فوق بعض ، وهى فى غاية فى الإبداع والإتقان !! (وجعل القمر فيهن نورا) أي وجعل القمر فى السماء الدنيا ، منورا لوجه الأرض فى ظلمة الليل ، والقمر فى السماء الدنيا فقط ، وهو كقولك زيد فى المدينة وهو فى جزء منها . (وجعل الشمس سراجا) أى وجعل الشمس مصباحا مضيئا يستضئ به أهل الدنيا كما يستضئ الناس بالسراج فى بيوتهم ، ولما كان نور الشمس أشد وأتم وأكمل،  فى الانتفاع من نور القمر عبر عن الشمس بالسراج لأنه يضئ بنفسه ، وعبر عن القمر بالنور لأنه يستمد نوره من نور الشمس .

(حقا على المتقين)(حقا على المحسنين)

 [٢٣/‏٩, ٤:٥٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى : (سلسلة الآيات المتشابهات التى يخطأ فيها الحفاظ بالخلط بينها)(حقا على المتقين)(حقا على المحسنين) .  جاء الأول فى موضعين من سورة البقرة ، وجاء الثانى فى موضع وحيد فى القرآن من سورة البقرة أيضا .وإليك بيانها : قوله سبحانه : (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين)(180) ، وقوله سبحانه : (وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين)(241) ، وقوله سبحانه (لاجناح عليكم إن طلقتم النساء مالم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاع بالمعروف حقا على المحسنين)(236) .

[٢٣/‏٩, ٥:٢٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما الموضع الأول جاء فى تفسيره : فرض الله عليكم أيها المؤمنون ؛ إذا قرب أحدكم من الموت وظهرت عليه آثاره - إن ترك مالا حلالا كثيرا - الوصية بجزء من ماله للوالدين والأقربين الذين تدنوا قرابتهم أكثر من غيرهم  ، بالمعروف الذى لاتستنكره العقول، ولايستنكر فى العرف والعادات ، ولايزيد على الثلث ، وهو حق ثابت على المؤمنين الذين يتقون الشرك والمعاصى ، وكان فرض الإيصاء فى بدء الإسلام للوالدين والأقربين ، ثم نسخ بآيات المواريث . وهو مذهب جمهور الأئمة.

[٢٣/‏٩, ٧:٣٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: جاء فى تفسير الموضع الثانى : (وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين) أى : للمطلقات عموما المدخول بهن وغير المدخول بهن حقا ثابتا على المؤمنين الذين يخافون الله ؛ من كسوة ونفقة على الوجه المعروف المستحسن شرعا وعقلا . وذلك من خصال التقوى الواجبة أو المستحبة ، فإن كانت المرأة مسمى لها صداق فمتاعها نصف المسمى ، وإن كانت مدخول بها صارت المتعة مستحبة فى قول جمهور العلماء ، ومن العلماء من أوجب ذلك استدلالا بقوله سبحانه : (حقا على المتقين)

[٢٣/‏٩, ٩:٢١ م] حسن أحمد حسن سليمان: الموضع الثالث : قوله سبحانه : (لاجناح عليكم إن طلقتم النساء مالم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاع بالمعروف حقا على المحسنين) أى: ليس عليكم - يامعشر الأزواج - جناح وإثم بتطليق النساء قبل المسيس وفرض المهر ، وإن كان فى ذلك كسر لها فإنه ينجبر بالمتعة فعليكم أن تمتعون؛ بأن تعطوهن شيئا من المال جبرا لخواطرهن ، كل بحسب قدرته ، على الغنى قدره ، وعلى الفقير قدره ، كل بحسب حاله . وذلك جبرا لهن ، ودفعا لوحشة الطلاق ، وازالة للأحقاد .

[٢٣/‏٩, ٩:٣٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: وذلك التمتع حق واجب ثابت على المحسنين إلى أنفسهم بطاعة الله ، فكما أحسن إلى نفسه بطاعة الله ، يحسن إلى المرأة بإعطائها ماتطيب به نفسها ، من مال ، وفى لفظ : (المحسنين) إشارة جلية للرجل بإعطاء المطلقة على قدر الإحسان ، الذى هو أعلى الدرجات ، كما جاء فى قوله سبحانه : (إن المتقين فى جنات وعيون)(آخذين ماآتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين)(16:15)(الذاريات) . وقد وصف الله عز وجل نبيه يوسف فى سورة يوسف ، خمس مرات بأنه من : (المحسنين) . فجاءت كل كلمة مناسبة فى موضعها . فسبحان من هذا كلامه !!!

(القوم الكافرين)(القوم الظالمين)(القوم الفاسقين)

 [١٩/‏٩, ٤:٤٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى: 

(بلاغة اللفظ القرآنى) : (القوم الكافرين)(القوم الظالمين)(القوم الفاسقين) ، تكرر فى القرآن  فى مواضع مختلفة ، كل موضع جاء فى سياقه المناسب به ، وإليك بيانها من خلال استعراض الآيات التى جاء بها ، (والله لا يهدى القوم الكافرين) ، تكرر فى موضعين : قوله سبحانه فى سورة البقرة : (ياأيها الذين آمنوا لاتبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذى ينفق ماله رئاء الناس ولايؤمن بالله واليوم الآخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدا لايقدرون على شيئ مما كسبوا والله لايهدى القوم الكافرين)(264) .قوله سبحانه فى سورة التوبة : (إنما النسيئ زيادة فى الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ماحرم الله فيحلوا ماحرم الله زين لهم سوء عملهم والله لايهدى القوم الكافرين)(37) .

[١٩/‏٩, ٤:٥٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: (إن الله لايهدى القوم الكافرين) ، جاء فى موضع وحيد فى القرآن فى سورة المائدة : قوله سبحانه : (ياأيها الرسول بلغ ماأنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لايهدى القوم الكافرين)(67) . وجاء فى سورة النحل قوله سبحانه : (ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لايهدى القوم الكافرين)(107) ، موضع وحيد فى القرآن بهمزة مفتوحة . وبالرجوع إلى تفسير الآيات يتبين مناسبة لفظ (الكافرين) لسياق الآيات .

[١٩/‏٩, ٥:٣٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: جاء فى تفسير اﻵية الأولى : (ياأيها الذين آمنوا لاتبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى...الآية) : يامن آمنتم بالله واليوم الآخر لاتذهبوا ثواب ماتتصدقون به بالمن والأذى كالذى ينفق ماله ليراه الناس ، فيثنوا عليه ، وهو لايؤمن بالله ولايوقن باليوم الآخر ، فمثل ذلك مثل حجر أملس عليه تراب هطل عليه مطر غزير فأزاح عنه التراب ، فتركه أملس لاشئ عليه ، فكذلك هؤلاء المراؤون تضمحل أعمالهم عند الله ، ولايجدون شيئا من الثواب على ماأنفقوه . والله لايوفق الكافرين لإصابة الحق فى نفقاتهم وغيرها . ومن خلال استعراض تفسير الآية تبين مناسبة لفظ : (الكافرين) لسياق الآية .

[١٩/‏٩, ٧:٣٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: الموضع الثانى : قوله سبحانه : (إنما النسئ زيادة فى الكفر...الآية) أى : إن الذى كانت تفعله العرب فى الجاهلية من تحريم أربعة أشهر من السنة عددا لا تحديدا بأسماء الأشهر التى حرمها الله ، فيؤخرون بعضها أو يقدمونه ويجعلون مكانه من أشهر الحل ماأرادوا حسب حاجتهم للقتال ، إن ذلك زيادة فى الكفر ، يضل الشيطان به الذين كفروا ، يحلون الذى أخروا تحريمه من الأشهر الأربعة عاما ، ويحرمونه عاما ؛ ليوافقوا عدد الشهور الأربعة ، فيحلوا ماحرم الله منها . زين لهم الشيطان الأعمال السيئة.  والله لايوفق القوم الكافرين إلى الحق والصواب . وتبين بعد استعراض تفسير الآية مناسبة لفظ : (القوم الكافرين) لسياق الآية .

[١٩/‏٩, ١٠:٣٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: الموضع الثالث : قوله سبحانه : (ياأيها الرسول بلغ ماأنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لايهدى القوم الكافرين)(67)  أى : ياأيها الرسول بلغ وحى الله الذى أنزل إليك من ربك ، وإن قصرت فى البلاغ فكتمت منه شيئا، فإنك لم تبلغ رسالة ربك ، وقد بلغ صلى الله عليه وسلم رسالة ربه كاملة ، فمن زعم أنه كتم شيئا مما أنزل عليه ، فقد أعظم على الله ورسوله الفرية. والله تعالى حافظك وناصرك على أعدائك ، فليس عليك إلا البلاغ . إن الله لا يوفق للرشد من حاد عن سبيل الحق ، وجحد ماجئت به من عند الله .

[١٩/‏٩, ١٠:٤٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: وهذه الآية سماها المفسرون : آية رفع الحرس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم  ، فقد تكفل الله وحده بحفظه : ( والله يعصمك من الناس) ، وبتبلغيه رسالات ربه تعرض للأذى من المشركين ، فحفظه ربه من كيدهم ومكرهم . لذلك جاء التأكيد بأن ، كما ناسب لفظ : ( الكافرين ) سياق الآية . وكما ذكرنا من قبل :(إن الله لايهدى القوم الكافرين) هو موضع وحيد فى القرآن . فناسب التأكيد ولفظ الكافرين سياق الآية .

[١٩/‏٩, ١١:٣٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: الموضع الأخير فى سورة النحل : ( ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لايهدى القوم الكافرين)(107) ، وهو موضع وحيد فى القرآن بهمزة مفتوحة : (وأن الله لايهدى القوم الكافرين) ، جاءت الآية مفسرة للآية التى قبلها فى قوله تعالى : (من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم)(ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لايهدى القوم الكافرين)(107:106) .

[١٩/‏٩, ١١:٤٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: جاء فى تفسير الآيتين : إنما يفترى الكذب من نطق بكلمة الكفر وارتد بعد إيمانه ، فعليهم غضب من الله ، إلا من أرغم على النطق بالكفر ،  فنطق به خوفا من الهلاك وقلبه ثابت على الإيمان ، فلا لوم عليه ، لكن من نطق بالكفر واطمأن قلبه إليه ، فعليهم غضب شديد من الله ، ولهم عذاب عظيم  ؛ وذلك بسبب إيثارهم الدنيا وزينتها ، وتفضيلهم إياها على الآخرة وثوابها ، وأن الله لايهدى الكافرين ، ولايوفقهم للحق والصواب ، ووضح من خلال استعراض تفسير الآيتين مناسبة قوله سبحانه : ( وأن الله لايهدى القوم الكافرين) لسياق الآية  .

[٢٠/‏٩, ٢:٣٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: (والله لايهدى القوم الظالمين)(إن الله لايهدى القوم الظالمين) ، تكرر الأول : ست مرات (6) ، وتكرر الثانى : أربع مرات( 4) . وهو أكثر ماتكرر فى القرآن ، وذلك لأن معنى الظلم  : تجاوز الحد فهو عام ، يدخل فيه الكفر :(والكافرون هم الظالمون) ، ويدخل فيه الشرك (يابنى لاتشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم) ، ويدخل فيه ظلم النفس ، وظلم الغير . وهذا سبب تكرره فى القرآن ، وإليك بيان المواضع الذى جاء فيها ، قوله سبحانه فى سورة البقرة : (ألم تر إلى حاج إبراهيم فى ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربى الذى يحيى ويميت قال أنا أحى وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتى بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذى كفر والله لايهدى القوم الظالمين)(258) .

[٢٠/‏٩, ٢:٤٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: فهذه ملك تجبر لما آتاه الملك ، وسأل إبراهيم من ربك ؟ فقال عليه السلام : ربى الذى يحيى الخلائق فتحيا ، ويسلبها الحياة فتموت ، فهو المتفرد بالإحياء والإماتة ، قال : أنا أحيى وأميت ، أى أقتل من أردت قتله ، واستبقى من أردت استبقاءه ، فلما وجده إبراهيم غبى لايفهم ، نقله إلى آية أكبر ، فقال له إبراهيم : إن الله الذى أعبده يأتى بالشمس من المشرق ، فهل تستطيع تغيير هذه السنة الإلهية بأن تجعلها تأتى من المغرب ؛ فتحير هذا الكافر وانقطعت حجته ، شأنه شأن الظالمين لايهديهم الله إلى الحق والصواب ، وهو بادعائه الألوهية تجاوز الحد فى الكفر ، فناسب قوله : (والله لايهدى القوم الظالمين) سياق الآية.

[٢٠/‏٩, ٣:٠٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: الموضع الثانى : قوله سبحانه فى سورة آل عمران : (كيف يهدى الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لايهدى القوم الظالمين)(86) أى : كيف يوفق الله للإيمان به وبرسوله قوما جحدوا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم  بعد إيمانهم به ، وشهدوا أن محمدا صلى الله عليه وسلم حق وماجاء به هو الحق ، وجاءهم الحجج من عند الله والدلائل بصحة ذلك ؟ فهو بذلك قد تجاوز الحد ، فقد كان مومنا ، ثم كفر وارتد . فناسب قوله : (والله لايهدى القوم الظالمين) سياق الآية .

[٢٠/‏٩, ٣:٥٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: الموضع الثالث فى سورة التوبة : قوله سبحانه : (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد فى سبيل الله لايستوون عند الله والله لايهدى القوم الظالمين)(19) أى : أجعلتم - أيها القوم - ماتقومون به من سقى الحجيج وعمارة المسجد الحرام  كإيمان من آمن بالله واليوم الآخر وجاهد فى سبيل الله ؟ لا تتساوى حال المؤمنين وحال الكافرين عند الله ، لأن الله لايقبل عملا بغير الإيمان . فهذه المساوة من الظلم وتجاوز الحد ، والله سبحانه لايوفق لأعمال الخير القوم الظالمين لأنفسهم بالكفر . فناسب قوله : (والله لايهدى القوم الظالمين) سياق الآية .

[٢٠/‏٩, ٥:١٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: الموضع الرابع فى سورة التوبة : (أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم  من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به فى نار جهنم والله لايهدى القوم الظالمين)(109) الآية خاصة بمسجد الضرار الذى بناه المنافقون ، مضارة للمؤمنين ، وكفرا بالله وتفريقا بين المؤمنين ، ليصلى فيه بعضهم ويترك مسجد (قباء) الذى يصلى فيه المسلمون ، فيختلف المسلمون ويتفرقوا بسبب ذلك ، وانتظارا لمن حارب الله ورسوله من قبل - وهو أبو عامر الراهب الفاسق - ليكون مكانا للكيد للمسلمين . وهذا من أبشع الظلم ، وتجاوز الحد . وتبين مناسبة قوله : (والله لايهدى القوم الظالمين)  لسياق الآية .

[٢٠/‏٩, ٥:٣١ م] حسن أحمد حسن سليمان: الموضع الخامس فى سورة الصف قوله سبحانه : ( ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام والله لايهدى القوم الظالمين)(7) أى : ولا أحد أشد ظلما وعدوانا ممن اختلق على الله الكذب ، وجعل له شركاء فى عبادته ، وهو يدعى إلى الدخول فى الإسلام وإخلاص العبادة لله وحده . والله لايوفق الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والشرك ، إلى مافيه فلاحهم . ووضح من سياق الآية مناسبة قوله تعالى : (والله لايهدى القوم الظالمين)  لسياق الآية ، وأوضح مافى الآية قوله سبحانه : (ومن أظلم) .

[٢٠/‏٩, ٦:٠٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: الموضع السادس والأخير فى سورة الجمعة قوله سبحانه : (مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لايهدى القوم الظالمين)( 5 ) شبه اليهود الذين كلفوا العمل بالتوراة ثم لم يعملوا بها ، كشبه الحمار الذى يحمل كتبا لايدري مافيها ، قبح مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله ، ولم ينتفعوا بها ، وهذا من الظلم الواضح ، وتجاوز الحد ، والله لا يوفق القوم الظالمين الذين يتجاوزون حدوده ، ويخرجون عن طاعته . والأمر جلى فى مناسبة قوله تعالى : (والله لايهدى القوم الظالمين) لسياق الآية .

[٢٠/‏٩, ٨:٥٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: ( إن الله لايهدى القوم الظالمين) : جاء الموضع الأول فى سورة المائدة فى قوله سبحانه : (ياأيها الذين آمنوا لاتتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لايهدى القوم الظالمين)(51) أى ياأيها الذين آمنوا لاتتخذوا اليهود والنصارى حلفاء وأنصارا على أهل الإيمان ؛ ذلك أنهم لايوادون المؤمنين ، فاليهود يوالى بعضهم بعضا ، وكذلك النصارى ، وكلا الفريقين يجتمع على عدواتكم  . ومن يتولهم منكم فإنه يصير من جملتهم . وليس اتخاذهم أولياء مرتبة واحدة بين الناس ، ولكنه درجات متفاوتة ، فكل بحسب اتخاذه ، لذلك : (القوم الظالمين ) شملت الجميع كل بحسب اتخاذه . ولما كان الأمر خطير ، جاء التأكيد بأن مناسب مع معنى الآية .

[٢٠/‏٩, ٩:١٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: الموضع الثانى فى سورة الأنعام فى قوله سبحانه : (ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أم اشتملت عليه أرحام الأنثيين أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدى القوم الظالمين)(144) وحديث الآية يدور حول تحريم المشركين للإبل ، لايأكلها إلا لمن يأذنون له - حسب ادعاءهم - من سدنة الأوثان وغيرهم ، وهذه إبل حرمت ظهورها ، فلا يحل ركوبها والحمل عليها بحال من الاحوال . وهذه إبل لايذكرون اسم الله عليها فى أى شأن من شئونها. فعلوا ذلك كذبا منهم على الله . فلا أحد أشد ظلما ممن اختلق على الله الكذب ؛ ليصرف الناس بجهله عن طريق الهدى. إن الله لايوفق للرشد من تجاوز حده ، فكذب على ربه ، وأضل الناس . والأمر جلى لتناسب نهاية الآية مع معنى الآية، وكذلك التأكيد (بأن ) .

[٢٠/‏٩, ١٠:٠٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: الموضع الثالث فى سورة القصص فى قوله سبحانه : (فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لايهدى القوم الظالمين)(50) ارتبطت الآية بما قبلها وذلك فى قوله تعالى : (فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتى مثل ماأوتى موسى أو لم يكفروا بماأوتى موسى من قبل قالوا سحران تظاهرا وقالوا إنا بكل كافرون)(قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين)(49:48) ولأنهم كاذبون لن يستطيعوا ذلك ولم يستجيبوا لك - أيها الرسول- بالإتيان بالكتاب ، ولم يبق لهم حجة ، فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ، ولاأحد أكثر ضلالا ممن اتبع هواه بغير هدى من الله . إن الله لايوفق لإصابة الحق القوم الظالمين الذين خالفوا أمر الله ، وتجاوزوا حدوده .

[٢٠/‏٩, ١٠:١٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: الموضع الرابع والأخير فى سورة الأحقاف فى قوله تعالى : (قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بنى إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم إن الله لايهدى القوم الظالمين)(10) أى : قل - أيها الرسول- لمشركى قومك : أخبرونى إن كان هذا القرآن من عند الله وكفرتم به ، وشهد شاهد من بنى إسرائيل كعبدالله بن سلام على مثل هذا القرآن ، وهو مافى التوراة من التصديق بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، فصدق وعمل بما جاء فى القرآن ، وجحدتم ذلك استكبارا ، فهل هذا إلا أعظم الظلم وأشد الكفر ؟ إن الله لايوفق إلى الإسلام وإصابة الحق القوم الذين ظلموا أنفسهم بكفرهم بالله . والأمر جلى فى مناسبة نهاية الآية مع معناها ، وكذلك التأكيد( بأن) .

[٢٠/‏٩, ١١:٠٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: ( والله لايهدى القوم الفاسقين) ( أربع مواضع ) ، الموضع الأول فى سورة المائدة فى قوله سبحانه : (ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم واتقوا الله واسمعوا والله لايهدى القوم الفاسقين)(108) والآية مفسرة لما قبلها التى تتحدث عن إذا قرب الموت من أحد المؤمنين ، فليشهد على وصيته اثنين أمينين من المسلمين أو آخرين من غير المسلمين عند الحاجة . فإن اطلع أولياء الميت على أن الشاهدين المذكورين قد أثما بالخيانة فى الشهادة ، فليقم مقامهما فى الشهادة اثنان من أولياء الميت ، ذلك الحكم عند الارتياب فى الشاهدين من الحلف بعد الصلاة وعدم قبول شهادتهما ، أقرب إلى أن يأتوا بالشهادة على حقيقتها خوفا من عذاب الآخرة .

[٢٠/‏٩, ١١:٢٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: أو خشية من أن ترد اليمين الكاذبة من قبل أصحاب الحق بعد حلفهم ، فيفتضح الكاذب الذى ردت يمينه فى الدنيا وقت ظهور خيانته . وخافوا الله - أيها الناس - وراقبوه أن تحلفوا كذبا ، وأن تقتطعوا بأيمانكم مالا حراما ، واسمعوا ماتوعظون به . والله لايهدى القوم الفاسقين الخارجين عن طاعته . واتضح من تفسير الآيات أن الفسق فسق معصية وليس خروج من الملة . فمعنى الفسق : الخروج عن الطاعة ، من قولهم فسقت الرطبة إذا خرجت عن قشرها . فيحكم على المعنى من سياق الآية ومعناها ، وعن من تتحدث .

[٢٠/‏٩, ١١:٤٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: الموضع الثانى فى سورة التوبة فى قوله سبحانه : (قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد فى سبيله فتربصوا حتى يأتى الله بأمره والله لايهدى القوم الفاسقين)(24) والآية تتحدث عن المؤمنين ، أى : قل -ياأيها الرسول - للمؤمنين  : إن فضلتم الآباء والأبناء والإخوان والزوجات والقرابات والأموال التى جمعتموها والتجارة التى تخافون عدم رواجها والبيوت الفارهة التى أقمتم فيها ، إن فضلتم ذلك على حب الله ورسوله والجهاد فى سبيله فانتظروا عقاب الله ونكاله بكم . والله لايوفق الخارجين عن طاعته . إذا الفسق فسق معصية .

[٢٢/‏٩, ٢:٤٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: الموضع الثالث فى سورة التوبة فى قوله سبحانه  : (استغفر لهم أو لاتستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله والله لايهدى القوم الفاسقين)  نزلت الآية فى شأن المنافقين ، استغفر - ايها الرسول- للمنافقين أو لاتستغفر لهم ، فلن يغفر الله لهم ، مهما كثر استغفارك لهم ، والعدد يراد به المبالغة ، فهو لامفهوم له ، فهم كفروا بالله ورسوله . قال الضحاك : لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله قد رخص لى فلأزيدن على السبعين لعل الله أن يغفر لهم ، فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم : (سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم إن الله لايهدى القوم الفاسقين) ، ويؤخذ من الآية الكريمة شدة شفقته صلى الله عليه وسلم بأمته.

[٢٢/‏٩, ٢:٥٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: الموضع الرابع والأخير فى سورة الصف قوله سبحانه : (وإذ قال موسى لقومه ياقوم لم تؤذوننى وقد تعلمون أنى رسول الله إليكم فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لايهدى القوم الفاسقين)(5) أى : واذكر لقومك- أيها الرسول- حين قال نبى الله موسى عليه السلام لقومه : لم تؤذوننى بالقول والفعل ، ومن الأذى قولهم : اجعل لنا إلها كما لهم آلهة ، وقولهم فاذهب أنت وربك فقاتلا ، وقولهم : إنك قتلت هارون . وقد تعلمون أنى رسول الله إليكم ، فلما مالوا عن الحق ، أمال الله قلوبهم عن الهدى وصرفها عن قبول الهداية . والله لايهدى القوم الخارجين عن طاعته ومنهاج الحق .

[٢٢/‏٩, ٣:٠٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: (إن الله لايهدى القوم الفاسقين) موضع وحيد فى القرآن جاء فى سورة المنافقون قوله سبحانه : (سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم إن الله لايهدى القوم الفاسقين)( 6) ، ذكرنا من قبل قول الضحاك : لما قال النبى صلى الله عليه وسلم : إن الله قد رخص لى فلأزيدن على السبعين لعل الله أن يغفر لهم ، فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم هذه الآية . فإن الله لن يصفح عن ذنوبهم أبدا ؛ لإصرارهم على الفسق ورسوخهم فى الكفر . إن الله لايوفق للإيمان القوم الكافرين به ، الخارجين عن طاعته . فناسب التأكيد سياق الآية (إن الله لايهدى القوم الفاسقين) .

فسبحان من هذا كلامه !!!

الجمعة، 19 سبتمبر 2025

(ربنا لاتجعلنا فتنة للقوم الظالمين)(ونجنا برحمتك من القوم الكافرين)

 [١٩/‏٩, ٥:٠٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى  (سلسلة الآيات المتشابهات التى يخطأ فيها الحفاظ بالخلط بينها) قوله سبحانه فى سورة يونس : (فقالوا على الله توكلنا ربنا لاتجعلنا فتنة للقوم الظالمين)( ونجنا برحمتك من القوم الكافرين)(86:85) ، الخلط يحصل بين : (القوم الظالمين)(القوم الكافرين) . جاء فى تفسير اﻵية الأولى : فقال قوم موسى له : على الله وحده لاشريك له اعتمدنا ، وإليه فوضنا أمرنا ، ربنا لاتنصرهم علينا فيكون ذلك فتنة لنا عن الدين ، أو يفتن الكفار بنصرهم ، فيقولوا : لو كانوا على حق لما غلبوا . فلما كان الكلام عام ناسبه لفظ : (الظالمين) لأنه عام يشمل الكفر والظلم وغيره .

[١٩/‏٩, ١١:٤٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما الآية الثانية : فهو دعاء قوم موسى : ونجنا برحمتك من القوم الكافرين فرعون وملئه ؛ لأنهم كانوا يأمرونهم بالأعمال الشاقة . فلما الدعاء كان من قوم موسى بالنجاة من القوم الكافرين من فرعون وملئه ، فناسب قوله : ( القوم الكافرين) ، سياق الآية لأنها كانت خاصة بالنجاة من قوم فرعون ، فكانت دعوة خاصة . فناسب اللفظ سياق الآية . فجاءت كل كلمة مناسبة فى موضعها . فسبحان من هذا كلامه !!!

الثلاثاء، 9 سبتمبر 2025

(فقد استمسك بالعروة الوثقى)

 [٨/‏٩, ٤:٥٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى :( سلسلة الآيات المتشابهات التى يخطأ فيها الحفاظ بالخلط بينها) ، قوله سبحانه فى سورة البقرة : (لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لاانفصام لها والله سميع عليم)(256) ، وقوله سبحانه فى سورة لقمان : (ومن يسلم وجهه إلى وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى وإلى الله عاقبة الأمور)(22) ؛ الخطأ يحدث فى موضع سورة لقمان بزيادة القارئ : (لاانفصام لها) الذى فى البقرة ، ومن خلال استعراض تفسير الآيتين يتبين الفرق بين الموضعين .

[٨/‏٩, ٤:٥٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: جاء فى تفسير اﻵية الأولى : لكمال هذا الدين واتضاح آياته لايكره أحد على الدخول فيه ، لمن تقبل منهم الجزية ، فالدلائل بينة يتضح بها الحق من الباطل ، والهدى من الضلال . فمن يكفر بكل ماعبد من دون الله ويؤمن بالله وحده ، فقد ثبت واستقام على الطريقة المثلى ، واستمسك من الدين بأقوى سبب لا انقطاع له . والله سميع لأقوال عباده ، إذا أسلم الكافر ، ونطق الشهادتين بلسانه عليم بأفعالهم ونياتهم ، وسيجازهم على ذلك . واتضح من خلال تفسير اﻵية أنها تتحدث عن الكافر ، فإذا أسلم دون إكراه ، فلا يجوز له الرجوع إلى الكفر ، فناسب قوله :(لاانفصام لها) سياق الآية .

[٨/‏٩, ٤:٥٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما آية سورة لقمان تتحدث عن المؤمن فهو مستمسك بدينه ، جاء فى تفسير اﻵية : ومن يخلص عبادته لله وقصده إلى ربه تعالى ، وهو محسن فى أقواله ، متقن لأعماله ، فقد أخذ بأوثق سبب موصل إلى رضوان الله وجنته ، وإلى الله وحده تصير الأمور ، فيجازى المحسن على إحسانه ، والمسئ على إساءته . فالمؤمن مستمسك بدينه ، فناسب عدم ذكر قوله سبحانه : (لاانفصام لها) موضع سورة لقمان . كما ناسبت نهاية كل آية سياق الآية .

[٨/‏٩, ١١:٤٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: ففى الآية الأولى ناسب قوله سبحانه : (والله سميع عليم) سياق الآية ، حيث أنها تتحدث عن هذا الدين ، أنه لاإكراه على الدخول فيه ، فإذا أسلم الكافر ونطق بالشهادتين ، فإن الله سميع لقوله ، عليم بنيته ، وبما فى قلبه . وفى آية لقمان ، فإن من أحسن ، ومن أساء ، فإن مرجعهم جميعا إلى الله ، فيجازى المحسن على إحسانه ، ويجازى المسئ على إساءته . كما أن فى قوله سبحانه : (لاانفصام لها) ، إشارة جلية بعدم جواز الارتداد عن الدين بعد الإسلام طواعية . وإشارة أخرى جلية : هى أن هذا الدين دين عزيز ، وهو الدين الذى ارتضاه الله لعباده ، لايضره من ارتد عنه . فجاءت كل كلمة مناسبة فى موضعها . فسبحان من هذا كلامه !!!

(سورة القصص)

 [٦/‏٩, ٧:٤٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى : (سلسلة الآيات المتشابهات التى يخطأ فيها الحفاظ بالخلط بينها) قوله سبحانه فى سورة القصص : (وقال موسى ربى أعلم بمن جاء بالهدى من عنده ومن تكون له عاقبة الدار إنه لايفلح الظالمون)(37) ؛ وقوله سبحانه فى نفس السورة : (إن الذى فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد قل ربى أعلم من جاء بالهدى ومن هو فى ضلال مبين)(85)  الخلط يحصل فى الآية الثانية بزيادة الباء : (من) ، وزيادة : (من عنده) التى جاءت فى الموضع الأول . وباستعراض تفسير الآيتين  يتبين الفرق بين الموضعين .

[٦/‏٩, ٨:٠٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: جاء الموضع الأول رد موسى عليه السلام على فرعون وملئه لما رموه بالكذب والسحر وذلك فى الآية التى قبلها وذلك فى قوله تعالى : (فلما جاءهم موسى بآياتنا بينات قالوا ماهذا إلا سحر مفترى وما سمعنا بهذا فى آباءنا الأولين)(36) ، فجاء رد موسى على فرعون بقوة وثبات : قال ربى أعلم بالمحق منا الذى جاء بالرشاد من عنده ، ومن الذى له العقبى المحمودة فى الدار الآخرة ، إنه لايظفر الظالمون بمطلوبهم . فجاءت : (بمن) بزيادة الباء ، وبزيادة : (من عنده) مناسبة لسياق الآية فى الرد على فرعون وملئه .

[٧/‏٩, ١:٢٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما الآية الثانية : فكانت بشرى ووعد من الله لنبيه صلى الله عليه وسلم برده إلى مكة ، بعد أخرجه المشركون منها ، وقد جاء فى الحديث الذى رواه أحمد وابن ماجة والترمذى وصححه : عن عبدالله بن العدى بن الحفراء أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم يقول وهو واقف بالحزورة فى سوق مكة : (والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله ، ولولا أنى أخرجت منك ماخرجت) ، فجاءت الآية بوعد من الله برده إلى مكة .

[٧/‏٩, ١:٣٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: جاء فى تفسير اﻵية : إن الذى أنزل عليك - أيها الرسول - القرآن وفرض عليك تبليغه والتمسك به ، لمرجعك إلى الموضع الذى خرجت منه ، وهو 《 مكة 》، قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين : ربى أعلم من جاء بالهدى ، ومن هو فى ذهاب واضح عن الحق . فهو أمر من الله لنبيه صلى الله عليه وسلم بأن يبلغهم بهذا الأمر ، فكان مختصرا دون زيادة فى الألفاظ ، كما جاء فى الموضع الأول ؛ فالأول كان رد موسى عليه السلام على فرعون وملئه لما رموه بالكذب والسحر ، فناسب الزيادة بالباء : (بمن) ، وزيادة(من عنده) سياق الآية . فجاءت كل كلمة مناسبة فى موضعها . فسبحان من هذا كلامه !!!

السبت، 6 سبتمبر 2025

(إن في ذلكم لآيات للمؤمنين)(سبحانه وتعالى عما يصفون)

 [٣٠/‏٨, ٢:٠٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى  : مما انفردت به سورة الأنعام :(إن فى ذلكم لآيات لقوم يؤمنون)(99) ، وقوله سبحانه: (سبحانه وتعالى عما يصفون)(100) ، جاء الأول فى قوله سبحانه : (وهو الذى أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيئ فأخرجنا منه خضرا نخرج منه حبا متراكبا ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه إن فى ذلكم لآيات لقوم يؤمنون)(99) ، فجاءت الآية فيها تفصيلا كاملا ، لأثر نزول الماء ، فناسب لفظ : (ذلكم) سياق الآية ، أما فى غير هذا الموضع : ( إن فى ذلك) .

[٣٠/‏٨, ٢:٢٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: جاء فى تفسير اﻵية : والله سبحانه هو الذى أنزل من السحاب مطرا فأخرج به نبات كل شيئ ، فأخرج من النبات زرعا وشجرا أخضر ، ثم أخرج من الزرع حبا يركب بعضه بعضا ، كسنابل القمح والشعير والأرز ، وأخرج من طلع النخل- وهو ماتنشأ فيه عذوق الرطب- عذوقا قريبة التناول ، وأخرج سبحانه بساتين من أعناب ، وأخرج شجر الزيتون والرمان الذى يتشابه فى ورقه ويختلف فى ثمره شكلا وطعما وطبعا . انظروا أيها الناس إلى ثمر هذا النبات إذا أثمر ، وإلى نضجه وبلوغه حين يبلغ . إن فى ذلكم- أيها الناس- لدلالات على كمال قدرت خالق هذه الأشياء وحكمته ورحمته لقوم يصدقون به تعالى ويعملون بشرعه .

[٣٠/‏٨, ٢:٣٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: وجاء الثانى فى الآية التى بعدها قوله سبحانه  : (وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون)(100) ، فجعل المشركون الجن شركاء لله تعالى فى العبادة ، وأطاعوهم فيما أمروهم به من عبادة الأصنام ، وكذب هؤلاء المشركون على الله تعالى حين نسبوا إليه سبحانه البنين والبنات ، فقالوا عيسى ابن الله وهو قول النصارى ، وقول اليهود عزير ابن الله، وقول المشركين من مشركى العرب الملائكة بنات الله ، تنزه الله جل فى علاه عن كل مالايليق بجلاله ، وعن كل اعتقاد باطل وفاسد ، فلما كان هذا الوصف ، ناسب قوله سبحانه  : (عما يصفون) سياق الآية . وجاء قوله سبحانه : (سبحانه وتعالى عما يشركون) فى أربع مواضع  .

(سبحانه وتعالى عما يشركون)(سبحان الله وتعالى عما يشركون)

 [٣٠/‏٨, ٣:٠٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى : قوله سبحانه : (سبحانه وتعالى عما يشركون) 

(سبحان الله وتعالى عما يشركون) ، جاء الأول فى أربع مواضع من القرآن العظيم ، وجاء الثانى فى موضع وحيد ، فى سورة القصص . وإليك بيان ذلك : قوله سبحانه فى سورة يونس : (ويعبدون من دون الله مالا يضرهم ولاينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لايعلم فى السموات ولا فى الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون)(18) فهؤلاء المشركون يعبدون من دون الله مالا يضرهم شيئا ولاينفعهم فى الدنيا والآخرة ، ويقولون : إنما نعبدهم ليشفعوا لنا عند الله ، فهذا من الشرك ، فناسب قوله سبحانه : (سبحانه وتعالى عما يشركون) سياق الآية .

[٣٠/‏٨, ٣:١١ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة النحل أول السورة : (أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون)(1) : قدر الله وقضى وحدد وقتا قريبا لعقابكم- أيها الكفار- على كفركم ومعاندتكم لرسول ربكم ، فلا تكذبوا به ، ولاتطلبوا تعجيله قبل أوانه،  فإنه واقع لا محالة . وهذا دلالة الفعل الماضى : (أتى) . وقد ارتبط المعنى فى قوله : (سبحانه وتعالى عما يشركون) بما جاء فى آخر سورة الحجر فى قوله سبحانه : (فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين)(إنا كفيناك المستهزءين)(الذين يجعلون مع الله إلها آخر فسوف يعلمون)(96:94) فكان الحديث عن المشركين فناسب أول سورة النحل قوله سبحانه وتعالى عما يشركون مع آخر سورة الحجر .

[٣٠/‏٨, ٣:٢٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: كما ناسب قوله تعالى : (سبحانه وتعالى عما يشركون) الآيتين بعده وذلك فى قوله تعالى : (ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون)(خلق السموات والأرض بالحق تعالى عما يشركون)(3:2) ، فهو سبحانه ينزل الملائكة مصحوبة بجبريل عليه السلام بتعاليم الدين من أمره على من يصطفيه من عباده للنبوة والرسالة،  ليأمروا قومهم بعبادة الله وحده ولايشركوا معه أحد فى عبادته ، ويأمروهم بأن يتقوا عذاب ربهم بطاعته . فهو الذى خلق السموات والأرض بالحق ولم يخلقهما باطلا ولاعبثا، فهو لا رب سواه .

[٣٠/‏٨, ٣:٤١ م] حسن أحمد حسن سليمان: الموضع الثالث جاء فى سورة الروم : قوله سبحانه : (الله الذى خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيئ سبحانه وتعالى عما يشركون)(40) ، فالله وحده هو الذى- أيها الناس- ثم رزقكم فى هذه الحياة ، ثم يميتكم بانتهاء آجالكم ، ثم يبعثكم من القبور أحياء للحساب والجزاء ، هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيئ ؟ تنزه الله وتقدس عن شرك هؤلاء المشركين به  . وقد ناسب قوله( سبحانه وتعالى عما يشركون) ماجاء قبله من الآيات وذلك فى قوله تعالى : (منيبين إليه واتقوه ولاتكونوا من المشركين)(من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون)(32:31)

[٣٠/‏٨, ٤:٥٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: وقوله سبحانه : (وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه ثم إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بربهم يشركون)(ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون)(أم أنزلنا عليهم سلطانا فهو يتكلم بما كانوا به يشركون)(35:33) . وأيضا ناسب قوله تعالى : (قل سيروا فى الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان أكثرهم مشركون)(42) ، وهى دعوة لهؤلاء المشركين جميعا ، أن يسيروا فى نواحي الأرض سير اعتبار وتفكر ، فينظروا كيف كان عاقبة الأمم المكذبة لرسلهم ، ويتفكروا كيف أهلكهم الله إهلاكا جماعيا ، لأنهم كانوا مشركين فى ربوبية الله، وفى إلهيته، واتخذوا من دونه آلهة باطلة، وزعموا أنها تجلب لعابديها نفعا ، وتدفع عنهم ضرا .

[٣٠/‏٨, ٥:٢٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: الموضع الرابع : قوله سبحانه فى سورة الزمر  : ( وماقدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون)(67)  أى : وماعظم هؤلاء المشركين الله حق تعظيمه ؛ إذ عبدوا معه غيره مما لاينفع ولايضر ، فسووا المخلوق مع عجزه بالخالق العظيم ، الذى من عظيم قدرته أن جميع الأرض فى قبضته يوم القيامة ، والسموات مطويات بيمينه ، تنزه وتعاظم سبحانه وتعالى عما يشرك به هؤلاء المشركون ، وفى الآية دليل على إثبات القبضة، واليمين، والطى، لله كما يليق بجلاله وعظمته، من غير تكييف ولاتشبيه . فناسب قوله سبحانه : (سبحانه وتعالى عما يشركون) معنى الآية وتفسيرها .

[٣٠/‏٨, ٥:٣٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: كما ناسب ماجاء قبل الآية من الآيات وذلك فى قوله تعالى : (قل أفغير الله تأمرونى أعبد أيها الجاهلون)(ولقد أوحى إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين)(بل الله فاعبد وكن من الشاكرين)(66:64) ، جاء فى تفسير الآيات : قل-أيها الرسول- لمشركى قومك : أفغير الله أيها الجاهلون بالله تأمرونى أن أعبد ، ولاتصلح العبادة لشئ سواه ؟ ولقد أوحى إليك-أيها الرسول- وإلى الذين من قبلك من الرسل : لئن أشركت بالله غيره ليبطلن عملك ، ولتكونن من الهالكين الخاسرين دينك وآخرتك ، بل الله فاعبد- أيها النبى- وكن من الشاكرين لله نعمه . والخطاب هو للأمة .

[٣٠/‏٨, ٥:٤٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما موضع سورة القصص : ( سبحان الله وتعالى عما يشركون) أتى باللفظ الصريح :(سبحان الله) ولم يأتى بالضمير : (سبحانه) كما فى المواضع الأربع ، وذلك للمعنى العظيم للآية ، والملاحظ فى القرآن أنه إذا جاء لفظ الجلالة أو لفظ الرب فى سياق الآية ، أتى بالضمير (سبحانه) فعاد الضمير عليه . فإذا ذكر اللفظ فى نهاية الآية، فهو جاء لتأكيد معنى فى الآية . 

قوله سبحانه : (وربك يخلق مايشاء ويختار ماكان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون) أى : وربك المالك المطلق ، يخلق مايشاء خلقه ، ويصطفى مايشاء لولايته من خلقه ، وليس لأحد من الأمر والاختيار من شيئ ، وإنما ذلك لله وحده سبحانه ، تعالى تنزه عن شركهم .

[٣٠/‏٨, ٦:٠٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: كما ناسب ماجاء بعده من الآيات وذلك فى قوله تعالى : (وربك يعلم ماتكن صدورهم وما يعلنون)(وهو الله لا إله إلا هو له الحمد فى الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون)(70:69) : وربك يعلم ماتخفى صدور خلقه وما يظهرونه ؛ وهو الله الذى لا معبود بحق سواه ، له الثناء الجميل ، والشكر فى الدنيا والآخرة ، وله الحكم بين خلقه ، وإليه تردون بعد مماتكم للحساب والجزاء . فكيف تشركون بهذا الإله العظيم ؟ !  .

فسبحان من هذا كلامه !!!

(تلك حدود الله فلا تقربوها)(تلك حدود الله فلا تعتدوها)

 [٥/‏٩, ٩:١٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى:

(تلك حدود الله فلا تقربوها)(تلك حدود الله فلا تعتدوها) : جاءت الأولى فى سورة البقرة فى قوله سبحانه : (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نساءكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ماكتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ولاتباشروهن وأنتم عاكفون فى المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون)(187)

[٥/‏٩, ٩:٣١ م] حسن أحمد حسن سليمان: والثاني جاء فى قوله سبحانه فى سورة البقرة : (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولايحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون)(229) ، الموضع الثانى جاء فى  أول سورة الطلاق فى قوله سبحانه : (ياأيها النبى إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لاتخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لاتدرى لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا)(1)

[٥/‏٩, ١٠:٠٣ م] رقمى موبيلي: جاء فى تفسير اﻵية الأولى : أباح الله لكم جماع نسائكم ليالى شهر رمضان ، هن ستر وحفظ لكم ، وأنتم ستر وحفظ لهن .علم الله أنكم كنتم تخونون أنفسكم ؛ بمخالفة ماحرمه الله عليكم من مجامعة النساء بعد العشاء فى ليالى الصيام - وكان ذلك فى أول الإسلام- فتاب الله عليكم ووسع لكم فى الأمر ، فالآن جامعوهن ، واطلبوا ماقدره الله لكم من الأولاد ، وكلوا واشربوا حتى يتبين ضياء الصباح من سواد الليل ، بظهور الفجر الصادق ، ثم أتموا الصيام إلى دخول الليل بغروب الشمس ، ولاتجامعوا نسائكم أو تتعاطوا مايفضى إلى جماعهن إذا كنتم معتكفين فى المساجد ، لأن هذا يفسد الاعتكاف .

[٥/‏٩, ١٠:١٢ م] رقمى موبيلي: تلك الأحكام التى شرعها الله لكم هى حدوده الفاصلة بين الحلال والحرام ، فلا تقربوها حتى لا تقعوا فى الحرام ، بمثل هذا البيان الواضح يبين الله آياته وأحكامه للناس ؛ كى يتقوه ويخشوه . ومن خلال استعراض تفسير الآية اتضح أنها تتحدث عن أشياء مباحة مثل الأكل والشرب وجماع النساء ، من غروب الشمس إلى الفجر ، ومن طلوع الفجر الصادق إلى  غروب الشمس ، لايقربوا هذه الأشياء ، فهى فى الأصل مباحة ، وتحريمها فى وقت محدد . فناسب قوله : (تلك حدود الله فلا تقربوها) سياق الآية .

[٦/‏٩, ٣:٣٧ م] رقمى موبيلي: جاء فى تفسير اﻵية الثانية : الطلاق الذى تحصل به الرجعة مرتان ، واحدة بعد الأخرى ، فحكم الله بعد كل طلقة هو إمساك المرأة بالمعروف ، وحسن العشرة بعد مراجعتها ، أو تخلية سبيلها مع حسن معاملتها بأداء حقوقها ، وألا يذكرها مطلقها بسوء . ولايحل لكم - أيها الأزواج - أن تأخذوا شيئا مما أعطيتموهن من المهر ونحوه ، إلا أن يخاف الزوجان ألا يقوما بالحقوق الزوجية ، فحينئذ يعرضان أمرهما على الأولياء ، فإن خاف الأولياء عدم إقامة الزوجين حدود الله ، فلا حرج على الزوجين فيما تدفعه المرأة للزوج مقابل طلاقها.  وفى الآية نهى عن ظلم المرأة ، وأخذ حقها ، والحث على حسن العشرة ، وألا يذكرها مطلقها بسوء ، فكل هذا حرام  . فناسب قوله سبحانه: (تلك حدود الله فلا تعتدوها) سياق الآية .

[٦/‏٩, ٣:٥١ م] رقمى موبيلي: الآية الثالثة جاء فى تفسيرها : ياأيها النبى إذا أردتم- أنت والمؤمنون- أن تطلقوا نساءكم فطلقوهن مستقبلات لعدتهن- أى فى طهر لم يقع فيه جماع ، أو فى حمل ظاهر- واحفظوا العدة ؛ لتعلموا وقت الرجعة إن أردتم أن تراجعوهن ، وخافوا الله ربكم ، لاتخرجوا المطلقات من البيوت التى يسكن فيها إلى أن تنقضى عدتهن ، وهى ثلاث حيضات لغير الصغيرة والآيسة والحامل ، ولايجوز لهن الخروج منها بأنفسهن، إلا إذا فعلن فعلة منكرة ظاهرة كالزنى ، وتلك أحكام الله التى شرعها لعباده ، ومن يتجاوز أحكام الله فقد ظلم نفسه ، وأوردها مورد الهلاك . وهى مثل الآية السابقة ، تتحدث عن عدم ظلم المرأة ، وبينت الطلاق السنى من الطلاق البدعى . فناسب قوله : (ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه) سياق الآية . فسبحان من هذا كلامه !!!

الجمعة، 5 سبتمبر 2025

(العزيز الرحيم)

 [٢٩/‏٨, ٧:٥٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى : لطائف وإشارات من الأسماء والصفات في الآيات المبينات من كلام رب البريات :

(العزيز الرحيم)  : العزيز   : هو سبحانه وتعالى صاحب العزة والغلبة والقوة المطلقة، وهو فى نفس الوقت واسع الرحمة بعباده، ينتقم من أعدائه بقوته ورحيم بالمؤمنين وينجيهم من عذابه.  واقتران العزيز بالرحيم يدل على أن قدرة الله ورحمته مقترنتان ، فرحمته ليست ضعفا بل هى نابعة من قدرته وعزته المطلقة . وقد تكرر :(العزيز الرحيم) فى القرآن ثلاثة عشر مرة (13) ؛ وإذا تتبعت الآيات الذى جاء بها ، تجد أن فى سياق الآيات فريقان،  فريق يخص صفة العزيز، وفريق يخص صفة الرحيم ،وإليك بيان ذلك من خلال استعراض الآيات .

[٢٩/‏٨, ٩:٥٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: جاء فى سورة الشعراء : (العزيز الرحيم) فى تسع آيات من السورة ، وجاء بعد الحديث عن قصص الأنبياء مع أقوامهم ، ودعوت الأنبياء لقومهم أن يعبدوا الله ، وانتهت كل قصة بإهلاك الكافرين ونجاة المؤمنين ، وانتهت كل قصة بالآيتين: (إن فى ذلك لآية وماكان أكثرهم مؤمنين)(وإن ربك لهو العزيز الرحيم) ، فهو عزيز فى انتقامه من الكافرين ، رحيم بنجاته للمؤمنين . وذلك فى أول السورة، وفى قصص الأنبياء : إبراهيم ونوح وهود وصالح ولوط وشعيب .

[٢٩/‏٨, ١٠:٠٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: وبعد سرد قصص الأنبياء  فى السورة ، وجه الله خطابه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، وأمره بالتوكل عليه ، والإستعانة بمولاه على توفيقه للقيام بالمأمور ، فلذلك أمر الله تعالى بالتوكل عليه ، فقال : (وتوكل على العزيز الرحيم)(217) ، وجاءت الآية على نسق السورة (العزيز الرحيم) ، فهو بعزته قادر على تغلبه على عدوه الذى هو أقوى منه ، وأنه برحمته يعصمه منهم . ثم نبهه على الاستعانة باستحضار قرب الله والنزول فى منزل الإحسان ، فقال :(الذى يراك حين تقوم)(وتقلبك فى الساجدين)(إنه هو السميع العليم)(220:218)

[٢٩/‏٨, ١٠:٢٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: جاء فى تفسير الآيات : وفوض أمرك إلى الله العزيز الذى لايغالب ولايقهر ، الرحيم الذى لا يخذل أولياءه ، وهو الذى يراك حين تقوم للصلاة وحدك فى جوف الليل ، ويرى تقلبك مع الساجدين فى صلاتهم معك قائما وراكعا وساجدا وجالسا إنه-سبحانه- هو السميع لتلاوتك وذكرك ، العليم بنيتك وعملك ، وقد انفردت الآية : (إنه هو السميع العليم) فى القرآن أنها آية كاملة ، فدائما تأتى فى نهاية الآيات ، وكأن فيها زيادة اهتمام بالنبى صلى الله عليه وسلم ، وبيان فضله وشرفه ، وأنه أفضل الخلق ، وأتقاهم لله ، وأخشعهم فى صلاته وتلاوته وذكره وتضرعه ومناجاته .

[٢٩/‏٨, ١١:١٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: جاء فى سورة الروم : (الم)(غلبت الروم)(فى أدنى الأرض وهم من غلبهم سيغلبون)(فى بضع سنين)(لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون)(بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم)(5:1) . انتصرت الفرس على الروم ، وكانت الفرس مشركين يعبدون النار ، وكانت الروم أهل كتاب ينتسبون إلى التوراة والإنجيل ، وهم أقرب إلى المسلمين من الفرس ، فكان المؤمنون يحبون غلبتهم على الفرس ، وكان المشركون يحبون  ظهور الفرس ، ففرح المشركون بنصر الفرس على الروم ، وحزن المسلمون ، فأخبرهم الله ووعدهم أن الروم ستغلب الفرس فى بضع سنين : (9:3) سنوات ، وقد انتصر الروم على الفرس كما وعد الله ، فهو العزيز الذى له العزة التى قهر بها الخلائق أجمعين ، الرحيم بعباده المؤمنين ؛ حيث قيض لهم من الأسباب التى تسعدهم وتنصرهم على أعدائهم .

[٣٠/‏٨, ٨:٠٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: جاء فى سورة السجدة : قوله سبحانه : (ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم)(6) جاء فى تفسير اﻵية : ذلك الخالق المدبر لشؤون العالمين ، عالم بكل مايغيب عن الأبصار ، مما تكنه الصدور وتخفيه النفوس ، وعالم بما شاهدته الأبصار ، وهو القوى الظاهر الذى لا يغالب ، الرحيم بعباده المؤمنين ، وقد ناسب هذا المعنى سياق الآيات فى السورة ، حيث تحدثت عن كل فريق ، فجاءت الآيات : ( ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رءوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون)(ولوشئنا لآتينا كل نفس هداها ولكن حق القول منى لأملأن جهنم من الجنة و الناس أجمعين)(فذوقوا بمانسيتم لقاء يومكم هذا إنا نسيناكم وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون)(14:12)

[٣٠/‏٨, ٩:٥٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: وقوله سبحانه : (وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذى كنتم به تكذبون)(ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون)(ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون)(22:20) ، فهذه الآيات تخص صفة (العزيز) .

وقوله سبحانه : (أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون)(19) ؛ فهذه الآية تخص صفة (الرحيم) . فناسب قوله سبحانه : (عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم) سياق الآيات فى السورة .

[٣٠/‏٨, ١٠:١٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة يس : (تنزيل العزيز الرحيم)(5) أى : هذا القرآن تنزيل العزيز فى انتقامه من أهل الكفر والمعاصى ، الرحيم بمن تاب من عباده وعمل صالحا . وقد ناسب قوله سبحانه : (العزيز الرحيم) مابعده من الآيات ، وذلك فى قوله تعالى : (لتنذر قوما ماأنذر آباؤهم فهم غافلون)(لقد حق القول على أكثرهم فهم لايؤمنون)(إنا جعلنا فى أعناقهم أغلالا فهى إلى الأذقان فهم مقمحون)(وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لايبصرون)(وسواء عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم لايؤمنون)(10:6) فهذه الآيات تخص صفة : (العزيز) ، وقوله سبحانه : (إنما تنذر من اتبع الذكر وخشى الرحمن بالغيب فبشره بمغفرة وأجر كريم)(11) وهذه الآية تخص صفة : (الرحيم) .

[٣٠/‏٨, ١٠:٣٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: الموضع الأخير فى سورة الدخان : قوله سبحانه : (إلا من رحم الله إنه هو العزيز الرحيم)(42) ، وقد سبق الآية قوله سبحانه : (إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين)(يوم لايغنى مولى عن مولى شيئا ولاهم ينصرون)(41:40)  أى : يوم لايدفع صاحب عن صاحبه شيئا ، ولاينصر بعضهم بعضا ، إلا من رحم الله من المؤمنين ، فإنه قد يشفع له عند ربه بعد إذن الله له . إن الله هو العزيز فى انتقامه من أعدائه ، الرحيم بأوليائه وأهل طاعته . وقد ناسبت صفة : (العزيز الرحيم) مابعدها من الآيات .

[٥/‏٩, ٤:٤٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: ففى الآيات : (إن شجرت الزقوم)(طعام الأثيم)(كالمهل يغلى فى البطون)( كغلى الحميم)(خذوه فاعتلوه إلى سواء الجحيم)(ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم)(ذق إنك أنت العزيز الكريم)(إن هذا ماكنتم به تمترون)(50:43) ، فهذه الآيات تخص صفة : (العزيز) . وقوله سبحانه : (إن المتقين فى مقام أمين)(فى جنات وعيون)(يلبسون من سندس واستبرق متقابلين)(كذلك وزوجناهم بحور عين)(يدعون فيها بكل فاكهة آمنين)(لايذقون فيها الموت إلا الموتة الأولى ووقاهم عذاب الجحيم)(فضلا من ربك ذلك هو الفوز العظيم)(57:51) فهذه الآيات تخص صفة : (الرحيم) .

فسبحان من هذا كلامه !!!

السبت، 30 أغسطس 2025

(ياأيها الناس اعبدوا ربكم،)(ياأيها الناس اتقوا ربكم)

 [٣٠/‏٨, ١:٣٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى  : 

(بلاغة اللفظ القرآنى) 

قوله سبحانه فى سورة البقرة : (يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذى خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون)(21) نداء وحيد فى القرآن لم يتكرر فهو نداء للبشر جميعا : أن اعبدوا الله الذى رباكم بنعمه ، وخافوه ولاتخالفوا دينه ، فقد أوجدكم من العدم ، وأوجد الذين من قبلكم ؛ لتكونوا من المتقين الذين رضى الله عنهم ورضوا عنه . فهو وحده المستحق للعبادة ، فهو الذى جعل لكم الأرض بساطا ؛ لتسهل حياتكم عليها ، والسماء محكمة البناء ، وأنزل المطر من السحاب فأخرج لكم من أنواع الثمرات وأنواع النبات رزقا لكم ، فلا تجعلوا لله نظراء فى العبادة ، وأنتم تعلمون تفرده بالخلق والرزق ، واستحقاقه العبودية .

[٣٠/‏٨, ١:٣٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: وجاء النداء للناس وأمرهم بالتقوى فى ثلاث مواضع وإليك بيانها : قوله سبحانه فى سورة النساء : (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذى تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)(1)  وقوله سبحانه فى سورة الحج : (يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شئ عظيم)(1)  وقوله سبحانه فى سورة لقمان  (يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزى والد عن ولده ولامولود هو جاز عن والده شيئا إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولايغرنكم بالله الغرور)(33)

[٣٠/‏٨, ١:٣٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: والحكمة فى تكرر النداء -والله أعلم- أن التقوى تزيد وتنقص ؛ تزيد بالطاعة وتنقص بالمعصية ، فهى فى حاجة إلى تذكير فلذلك جاء الأمر بها لجميع الناس ثلاث مرات ، وهى : الخشية من الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه ؛ وهى : فعل الطاعات وترك المعاصى ، مع استحضار الخوف من الله، ومراقبته فى كل الأحوال ، وهى أساس القبول عند الله، وسبب الفلاح فى الدنيا والآخرة . وقد جاءت الآيات الثلاث بترتيب عجيب ، وإليك بيان ذلك من خلال استعراض تفسير الآيات .

[٣٠/‏٨, ١:٣٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: ففى الموضع الأول فى سورة النساء : ياأيها الناس خافوا ربكم والتزموا أوامره، واجتنبوا نواهيه ؛ فهو الذى خلقكم من نفس واحدة هى آدم عليه السلام ، وخلق منها زوجها وهى حواء ، ونشر منهما فى أنحاء الأرض رجالا كثيرا ونساء كثيرات، وراقبوا الله الذى يسأل به بعضكم بعضا ، واحذروا أن تقطعوا أرحامكم . إن الله مراقب أحوالكم . فأمرهم بالتقوى وذكرهم ببداية خلقهم ، وهى من نعم الله على عباده ، وهو سبحانه الذى يستحق العبادة وحده .

[٣٠/‏٨, ١:٣٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: ففى الموضع الأول فى سورة النساء : ياأيها الناس خافوا ربكم والتزموا أوامره، واجتنبوا نواهيه ؛ فهو الذى خلقكم من نفس واحدة هى آدم عليه السلام ، وخلق منها زوجها وهى حواء ، ونشر منهما فى أنحاء الأرض رجالا كثيرا ونساء كثيرات، وراقبوا الله الذى يسأل به بعضكم بعضا ، واحذروا أن تقطعوا أرحامكم . إن الله مراقب أحوالكم . فقد دعاهم الله إلى عبادته وحده لاشريك له  ، منبها لهم على قدرته ووحدانيته ، وذكرهم ببداية خلقهم من أصل واحد وهو نفس أبيهم آدم عليه السلام.

[٣٠/‏٨, ١:٣٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: ومن عجيب الجمع بين النداءات الثلاث : أنه فى سورة النساء بدأ بخلق آدم وحواء والذرية من الرجال والنساء ، وهذه بداية الحياة ، ثم ينتهى الأمر بموت الإنسان وهذا ماجاء فى نهاية السورة فى قوله سبحانه : (يستفتونك قل الله يفتيكم فى الكلالة إن امرؤا هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ماترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلها الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شئ عليم)(176) ، وبعد الموت ، إما جنة وإما نار وهذا يوم القيامة ، يوم لاينفع مال ولابنون إلا من أتى الله بقلب سليم ؛ وهذا ماجاء فى النداء الثانى والثالث .

[٣٠/‏٨, ١:٣٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: النداء الثانى : قوله سبحانه : (ياأيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيئ عظيم) ، والنداء الثالث : قوله تعالى : (ياأيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لايجزى والد عن ولده ولامولود هو جاز عن والده شيئا إن وعد الله حق فلاتغرنكم الحياة الدنيا ولايغرنكم بالله الغرور) ، فذكرهم بأن مايحدث عند قيام الساعة من أهوال وحركة شديدة للأرض، تتصدع منها كل جوانبها شئ عظيم ، لايقدر قدره ولا يعلم كيفيته إلا رب العالمين ، وفى هذا اليوم العصيب الشديد ، لايغنى فيه والد عن ولده ولامولود عن أبيه شيئا. فتناسب ترتيب النداءات الثلاث تناسب عجيب ، فسبحان من هذا كلامه .

[٣٠/‏٨, ١:٣٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: النداء الوحيد فى القرآن الذى جاء فى سورة البقرة : (ياأيها الناس اعبدوا ربكم الذى خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون)(21) . لماذا لم يتكرر هذا النداء ، وهو نداء من الله للبشر جميعا أن يعبدوه لأنه رباكم بنعمه ، وأوجدكم من العدم ، وأوجد الذين من قبلكم لعلكم تتقون ، وهو الذى جعل لكم الأرض بساطا ؛ لتسهل حياتكم عليها، والسماء محكمة البناء ، وأنزل المطر من السحاب فأخرج لكم به من ألوان الثمرات وأنواع النبات رزقا لكم ، فهو المستحق للعبادة وحده ، وأنتم تعلمون تفرده بالخلق والرزق واستحقاقه العبودية .

[٣٠/‏٨, ٧:٣٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: ومن تمام استغنائه سبحانه عن خلقه عدم تكرر هذا النداء فتكرره معناه أن الله عز وجل محتاج لعبادة خلقه ، وهو غنى عنهم ، (ياأيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغنى الحميد)(فاطر)(15)  ، فكل الناس محتاجون إلى الله فى كل شيئ ، لايستغنون عنه طرفة عين، وهو سبحانه الغنى عن الناس وعن كل شيئ من مخلوقاته ، الحميد فى ذاته وأسمائه وصفاته ، المحمود على نعمه ؛ فإن كل نعمة بالناس فمنه ، فله الحمد والشكر على كل حال،  لاتنفعه عبادة عباده،  ولاتضره معصيتهم .

[٣٠/‏٨, ٧:٣٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: جاء فى جزء من الحديث القدسى الذى رواه مسلم عن أبى ذر برقم 2577 : (ياعبادى،  إنكم لن تبلغوا ضرى فتضرونى، ولن تبلغوا نفعى فتنفعونى ، ياعبادى لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم ، كانوا على أتقى  قلب رجل واحد منكم ، مازاد ذلك فى ملكى شيئا ، يا عبادى ، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم ، كانوا على أفجر قلب رجل واحد ، مانقص ذلك من ملكى شيئا ، ياعبادى لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم ، قاموا فى صعيد واحد فسألونى ، فأعطيت كل إنسان مسألته، مانقص ذلك مما عندى إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر ، ياعبادى إنما هى أعمالكم أحصيها لكم ، ثم أوفيكم إياها ، فمن وجد خيرا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه)

الأحد، 24 أغسطس 2025

(وإن تعدوا نعمت الله لاتحصوها)

 [٢٤/‏٨, ٥:٥٣ ص] رقمى موبيلي: من روائع البيان القرآنى  : 

(بلاغة اللفظ القرآنى) 

سلسلة الآيات المتشابهات التى يخطأ فيها الحفاظ بالخلط بينها : قوله سبحانه فى سورة إبراهيم : (وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمت الله لاتحصوها إن الإنسان لظلوم كفار)(34) ، وقوله تعالى فى سورة النحل : (وإن تعدوا نعمة الله لاتحصوها إن الله لغفور رحيم)(18) ، نهاية الآية فى سورة إبراهيم جاءت مناسبة مع سياق الآيات فى السورة ، وذلك فى قوله تعالى : (ألم تر إلى الذين بدلوا نعمت الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار)(28) ؛ كما ناسب الآيات التى تحدثت عن الأمم المكذبة لرسلهم ، وذلك فى قوله تعالى : (ألم يأتكم نبؤا الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود من بعدهم لا يعلمهم إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم فى أفواههم وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفى شك مما تدعوننا إليه مريب)(9) .

[٢٤/‏٨, ٥:٥٣ ص] رقمى موبيلي: أما فى سورة النحل : فقد ناسب سياق السورة  ، فإن الإمام القرطبى سماها (سورة النعم) لكثرة ماعدد الله فيها من نعمه على عباده ، قال الشيخ السعدى فى تفسيره : هذه السورة تسمى سورة النعم ؛ فإن الله ذكر فى أولها أصول النعم وقواعدها ، وفى آخرها متمماتها ومكملاتها. فناسب قوله : (إن الله لغفور رحيم) سياق السورة ، وقد تكرر ذكر النعمة ومشتقاتها(9) مرات . قوله سبحانه :(ومابكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون)(53) ، وقوله تعالى: (والله فضل بعضكم على بعض فى الرزق فما الذين فضلوا برادى رزقهم على ماملكت أيمانهم فهم فيه سواء أفبنعمة الله يجحدون)(71)

[٢٤/‏٨, ٥:٥٣ ص] رقمى موبيلي: قوله سبحانه : (والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمت الله هم يكفرون )(72) ، وقوله تعالى : (والله جعل لكم مما خلق ظلالا وجعل لكم من الجبال أكنانا وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون)(81) ، وقوله تعالى : (يعرفون نعمت الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون)(83) ، وقوله سبحانه : ( فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واشكروا نعمت الله إن كنتم إياه تعبدون)(114)

السبت، 23 أغسطس 2025

(حول سورة الواقعة)

 [٢٣/‏٨, ٨:٠٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى :

(التقديم والتأخير) 

قوله سبحانه فى سورة الواقعة : (ثم إنكم أيها الضالون المكذبون)(51)  وقوله سبحانه فى نفس السورة : (وأما إن كان من المكذبين الضالين)(92) ؛ ففى الآية الأولى قدم (الضالون) على (المكذبون) ، وفى الآية الثانية  قدم (المكذبين) على (الضالين) . فما سبب ذلك ؟ وبالرجوع إلى سياق الآيات وتفسيرها يتبين الفرق بين الموضعين . ولاريب أن الضلال أعم من الكذب ، وهو الأصل فى تقديمه على الكذب وهذا فى الموضع الأول ، جاء فى تفسير اﻵية : ثم إنكم أيها الضالون عن طريق الهدى المكذبون بوعيد الله ووعده ، لآكلون من شجر من زقوم ، وهو من أقبح الشجر ، فمالئون منها بطونكم ؛ لشدة الجوع ، فشاربون عليه ماء متناهيا فى الحرارة لايروى ظمأ ، فشاربون منه بكثرة،  كشرب الإبل العطاش التى لاتروى لداء يصيبها.

[٢٣/‏٨, ٨:٠٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما الموضع الثاني قدم (المكذبين) على(الضالين) لسياق الآيات قبل الآية ، وذلك فى قوله : (أفبهذا الحديث أنتم مدهنون)(وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون)(82:81) ، وقوله تعالى : (فلولا إن كنتم غير مدينين)(ترجعونها إن كنتم صادقين)(87:86) ، جاء فى تفسير الآيات : أفبهاذا القرآن أنتم-أيها المشركون- مكذبون ؟ ؛ وتجعلون شكركم لنعم الله عليكم أنكم تكذبون بها وتكفرون؟ وفى هذا إنكار على من يتهاون بأمر القرآن ولايبالى بدعوته . وهل تستطيعون إن كنتم غير محاسبين ولامجزيين بأعمالكم أن تعيدوا الروح إلى الجسد،  بعد قبضها، إن كنتم صادقين ؟ لن ترجعوها لأنكم كاذبون . فسبحان من هذا كلامه

[٢٣/‏٨, ٨:٠٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: ومن روائع البيان القرآنى : فى التقديم والتأخير فى سورة الواقعة : أول السورة مع آخرها ، وذلك فى الآيات  : (وكنتم أزواجا ثلاثة)(فأصحاب الميمنة ماأصحاب الميمنة)(وأصحاب المشئمة ماأصحاب المشئمة)(والسابقون السابقون)(أولئك المقربون)(فى جنات النعيم)(ثلة من الأولين)(وقليل من الآخرين)(14:7) ؛ وفى آخر السورة ، وهو يصف جزاء كل صنف ، الذين ذكرهم فى أول السورة ، بدأ بالصنف الأخير وهم المقربون ؛ كما جاء فى قوله سبحانه : (فأما إن كان من المقربين)(فروح وريحان وجنت نعيم)(وأما إن كان من أصحاب اليمين)(فسلام لك من أصحاب اليمين)(وأما إن كان من المكذبين الضالين)(فنزل من حميم)( وتصلية جحيم)(إن هذا لهو حق اليقين)(فسبح باسم ربك العظيم)(96:88)

[٢٣/‏٨, ٨:٠٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: ولعل تأخيرهم فى أول السورة : إما لقلة عددهم ، فهم فى الناس قلة ، وذلك كما جاء فى قوله سبحانه فى سورة فاطر : (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير)(32) ، فبدأ بالظالم لنفسه ، لكثرة عدده ، فهذا مايسمى بتقديم الكثرة ، وختم بالسابق بالخيرات لقلة عدده . ولعل السبب الثانى : أنه سيبدأ ببيان جزاءهم فى الآخرة . ولعل السبب الثالث : أنه بدأ السورة  بقيام الساعة ، وأنها خافضة لأعداء الله فى النار ، رافعة لأوليائه فى الجنة . إذا حركت الأرض تحريكا شديدا ، وفتتت الجبال تفتيتا دقيقا ، فصارت غبارا متطايرا فى الجو قد ذرته الريح . فهم المقربون فى المنازل العالية فى الجنة . وهم جماعة كثيرة من صدر هذه الأمة ، وغيرهم من الأمم الأخرى،  وقليل من آخر هذه الأمة .

[٢٣/‏٨, ٨:٠٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: وأما تقديمهم فى آخر السورة فسبب ذلك ، أنه جاء بعد ذكر الموت فى قوله سبحانه : (فلولا إذا بلغت الحلقوم)(83)  وذلك عند بلوغ الروح الحلقوم عند النزع ، فأما إن كان الميت من السابقين المقربين ، فله عند موته الرحمة الواسعةوالفرح وماتطيب به نفسه ، وله جنت النعيم فى الآخرة . وأما إن كان من أصحاب اليمين ، فيقال له : سلامة لك وأمن  . وأما إن كان من المكذبين بالبعث ، الضالين عن الهدى، فله ضيافة من شراب جهنم المغلى المتناهى الحرارة  ، والنار يحرق بها ، ويقاسى عذابها الشديد . فتقديم السابقين المقربين : لأنهم يوم القيامة مقدمين على غيرهم ، فهم أصحاب المنازل العالية فى الجنة .لذلك قدمهم فى آخر السورة . 

فسبحان من هذا كلامه !!!

(كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين)(كذلك نطبع على قلوب المعتدين)

 [٢٠/‏٨, ٤:٤١ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى  : (سلسلة الآيات المتشابهات التى يخطأ فيها الحفاظ بالخلط بينها) 

قوله سبحانه : (تلك القرى نقص عليك من أنبائها ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين)(101)(الأعراف) 

وقوله سبحانه فى سورة يونس : (ثم بعثنا من بعده رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل كذلك نطبع على قلوب المعتدين)(74) الخلط يحصل بين: (قلوب الكافرين)(قلوب المعتدين) و (كذبوا من قبل)(كذبوا به من قبل)

[٢٢/‏٨, ١١:٢٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: موضع سورة الأعراف فيه عموم وكذلك الآيات قبله ، فناسب موضع سورة الأعراف لفظ :(قلوب الكافرين) سياق الآيات  وذلك فى الآيات  : (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون)(أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون)(أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون)(أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون)(أو لم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لايسمعون)(تلك القرى نقص عليك من أنبائها ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين)(وماوجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين)(102:96)

[٢٢/‏٨, ١١:٣٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: فلعموم الآيات جاء لفظ : (قلوب الكافرين) مناسب مع سياق الآيات  ، وكذلك عدم ذكر (به) (كذبوا من قبل) مناسب مع عموم الآيات ، وأنها تتحدث عن أهل القرى جميعا . 

أما موضع سورة يونس: فناسبه : (قلوب المعتدين) لأنه أخص من لفظ (الكافرين) وكذلك ذكر (به)مناسب لأنه أخص ، فقد جاءت الآية بعد ذكر قصة نوح عليه السلام وذلك فى الآيات : (وأتل عليهم نبأ نوح....الآية)(71) ومابعدها حتى قوله سبحانه: (فكذبوه فنجيناه ومن معه فى الفلك وجعلناهم خلائف وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا فانظر كيف كان عاقبة المنذرين) ثم جاءت اﻵية : (ثم بعثنا من بعده رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل كذلك نطبع على قلوب المعتدين)(74) . فسبحان من هذا كلامه !!!

الجمعة، 22 أغسطس 2025

(نفصل)(نصرف)(نبين)

 [٢٢/‏٨, ٥:٤٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى  : 

(بلاغة اللفظ القرآنى) 

(نفصل)(نصرف)(نبين)

باستقراء آيات القرآن ، فالفرق بين الأفعال الثلاثة : التفصيل يأتى فى المسائل الكثيرة ، والتصريف يأتى فى التحويل من حالة إلى حالة ، والتبيين لبيان موضوع واحد أو بيان حكم أو أحكام فى موضوع واحد  وإليك بيان ذلك من خلال استعراض آيات القرآن ، فى أكثر من موضع . أولا : (نصرف) ، قوله سبحانه فى سورة الأنعام : (قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم من إله غير الله يأتيكم به أنظر كيف نصرف الآيات ثم هم يصدفون)(46)

[٢٢/‏٨, ٥:٥٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: جاء فى تفسير اﻵية : قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين : أخبرونى إن أذهب الله سمعكم فأصمكم ، وذهب بأبصاركم فأعماكم ، وطبع على قلوبكم فأصبحتم لا تفقهون قولا أى إله غير الله جلا وعلا يقدر على رد ذلك  لكم . فكان يسمع فأصبح لايسمع فتحول من حالة إلى حالة ، وتحول من مبصر إلى أعمى ، وختم على قلبه فصار لايفقه قولا . فكان الفعل (نصرف) مناسب لسياق الآية .

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة الأنعام : (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون)(65) جاء فى تفسير اﻵية : قل -أيها الرسول- الله عز وجل هو القادر وحده على أن يرسل عليكم عذابا من فوقكم كالرجم أو الطوفان ، وماأشبه ذلك ، أو من تحت أرجلكم كالزلازل والخسف ، أو يخلط أمركم عليكم فتكونوا فرقا متناحرة يقتل بعضكم بعضا . فواضح من تفسير اﻵية تحولهم من حالة إلى حالة فناسب الفعل (نصرف) سياق الآية .

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه : (وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست ولنبينه لقوم يعلمون)(105)(الأنعام) جاء قبل الآية قوله سبحانه : (قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمى فعليها وماأنا عليكم بحفيظ)(104) أى : قل-أيها الرسول- لهؤلاء المشركين : قد جاءتكم براهين ظاهرة تبصرون بها الهدى من الضلال مما اشتمل عليها القرآن  ، وجاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم  ، فمن تبين هذه البراهين وآمن بمدلولها فنفع ذلك لنفسه ، فتحول من الكفر إلى الإيمان ، ونجا برحمة الله.  فناسب لفظ : (وكذلك نصرف الآيات) الآية التى قبلها .

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه : (والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذى خبث لا يخرج إلا نكدا كذلك نصرف الآيات لقوم يشكرون)(58)(الأعراف) جاء فى تفسير اﻵية : والأرض النقية إذا نزل عليها المطر تخرج نباتا-بإذن الله ومشيئته- طيبا ميسرا ، وكذلك المؤمن إذا نزلت عليه آيات الله انتفع بها ، وأثمرت فيه حياة صالحة ، أما الأرض السبخة الرديئة فإنها لا تخرج النبات إلا عسرا رديئا لانفع فيه ، ولاتخرج نباتا طيبا ، وكذلك الكافر لاينتفع بآيات الله . وضح من الآيات على التحول من حالة إلى حالة فناسب لفظ : (نصرف) سياق الآية .

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: ( نبين )  

قوله سبحانه : (ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون)(75)(المائدة)  بينت الآية الكريمة حال عيسى عليه السلام ، وحال أمه وأنهما بشر كغيرهما من البشر يحتاجان إلى الطعام ، ولايكون إلها من يحتاج إلى الطعام ليعيش . فناسب لفظ  :(نبين) سياق الآية .

قوله سبحانه فى سورة البقرة : (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ماكتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ولاتباشروهن وأنتم عاكفون فى المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون)(187)

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: بينت الآية الكريمة : بعضا من أحكام الصيام  : فقد أباح الله لكم جماع نسائكم ليالى شهر رمضان ، وكان فى أول الإسلام محرما ، وأباح الطعام والشراب حتى يتبين ضياء الصباح من سواد الليل ، بظهور الفجر ، ثم أتموا الصيام إلى دخول الليل بغروب الشمس . ولا تجامعوا نسائكم أو تتعاطوا مايفضى إلى جماعهن إذا كنتم معتكفين فى المساجد ، لأن هذا يفسد الاعتكاف ( وهو الإقامة فى المسجد مدة معلومة بنية التقرب إلى الله تعالى) تلك الأحكام التى شرعها الله لكم هى حدوده الفاصلة بين الحلال والحرام فلا تقربوها حتى لاتقعوا فى الحرام . تبين من استعراض تفسير الآية مناسبة لفظ (يبين) سياق الآية .

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة البقرة : (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون)(219) أى : يسألك المسلمون-أيها النبى- عن حكم تعاطى الخمر شربا وبيعا وشراء ، ويسألونك عن حكم القمار- وهو أخذ المال أو إعطاؤه بالمقامرة وهى المغالبات التى فيها عوض من الطرفين- قل لهم : فى ذلك أضرار ومفاسد كثيرة فى الدين والدنيا، والعقول والأموال،  وفيها منافع للناس من جهة كسب الأموال وغيرها، وإثمهما أكبر من نفعهما،  إذ يصدان عن ذكر الله وعن الصلاة ، ويوقعان العدواة والبغضاء بين الناس ، وكان هذا تمهيدا لتحريمها .

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: ويسألونك عن القدر الذى ينفقونه من أموالهم تبرعا وصدقة، قل لهم : أنفقوا القدر الذى يزيد على حاجتكم.  مثل ذلك البيان الواضح يبين الله لكم الآيات وأحكام الشريعة،  لكى تتفكروا فيما ينفعكم فى الدنيا والآخرة واتضح من سياق الآية  مناسبة لفظ  (يبين) لسياقها،  حيث بينت مضار الخمر والقمار  ، وذلك تمهيدا لتحريمها،  وكذلك قدر النفقة من المال تبرعا أو صدقة . والآيات فى هذا المعنى كثيرة وواضحة ، فإذا تكلمت عن أحكام أو بيان مسألة واحدة جاء اللفظ : (نبين)أو (يبين)أو(بينا) مناسب لسياق الآيات .

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: (فصلنا) : قوله سبحانه فى سورة الأنعام : (وهو الذى جعل لكم النجوم لتهتدوا بها فى ظلمات البر والبحر قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون)(وهو الذى أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون)(98:97)  ، وقد سبق الآيتين قوله سبحانه : (إن الله فالق الحب والنوى يخرج الحى من الميت ومخرج الميت من الحى ذلكم الله فأنى تؤفكون)(فالق الإصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم)(96:95) وواضح من سياق الآيات التفصيل : من أن الله يشق الحب ، فيخرج منه الزرع،  ويشق النوى،  فيخرج منه الشجر ، ويخرج الحى من الميت كالإنسان والحيوان مثلا من النطفة،  ويخرج الميت من الحى كالنطفة من الإنسان والحيوان .

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: وهو سبحانه شق ضياء الصباح من ظلام الليل ، وجعل الليل مستقرا ، يسكن فيه كل متحرك ويهدأ ، وجعل الشمس والقمر يجريان فى فلكيهما بحساب متقن مقدر ، لايتغير ولا يضطرب ، ذلك تقدير العزيز الذى عز سلطانه،  العليم بمصالح خلقه وتدبير شئونهم . والله سبحانه هو الذى جعل لكم النجوم علامات ، تعرفون بها الطرق ليلا إذا ضللتم بسبب الظلمة الشديدة فى البر والبحر . وهو سبحانه الذى ابتدأ خلقكم أيها الناس من آدم عليه السلام ، إذ خلقه من طين ، ثم كنتم سلالة ونسلا منه ، فجعل لكم مستقرا تستقرون فيه ، وهو أرحام النساء ، ومستودع تحفظون فيه وهو أصلاب الرجال. وواضح من سياق الآيات مناسبة (فصلنا) .

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: (نفصل) : قوله سبحانه فى سورة الأنعام :(وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين)(55) أى : ومثل هذا البيان الذى بيناه لك-أيها الرسول- نبين الحجج الواضحة على كل حق ينكره أهل الباطل ؛ ليتبين الحق وليظهر طريق أهل الباطل المخالفين للرسل . أما إنكار الحق من أهل الباطل فقد جاء فى الآيات قبل الآية فى قوله سبحانه :(ولاتطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه ماعليك من حسابهم من شئ ومامن حسابك عليهم من شئ فتطردهم فتكون من الظالمين)(وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين)(وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوء بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم)(54:52)

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: وذلك لما طلب بعض كبار قريش من النبى صلى الله عليه وسلم أن يطرد الفقراء من مجلسه كبلال وصهيب الرومى ، حتى يجلسوا معه ، فعاتبه الله بهذه الآية : (ولاتطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه...الآية) أى : لاتبعد هؤلاء المتصفين بهذه الصفة عنك ، بل اجعلهم جلسائك وأخصاءك ، وكذلك ابتلى الله تعالى بعض عباده ببعض بتباين حظوظهم من الأرزاق والأخلاق، فجعل بعضهم غنيا وبعضهم فقيرا ، وبعضهم قويا وبعضهم ضعيفا ، فأحوج بعضهم إلى بعض اختبارا منه لهم بذلك ، ليقول الكافرون الأغنياء: أهؤلاء الضعفاء من الله عليهم بالهداية إلى الإسلام من بيننا ؟ أليس الله بأعلم بمن يشكر نعمته فيوفقهم إلى الهداية لدينه؟

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: وإذا جاءك-أيها النبى- الذين صدقوا بآيات الله الشاهدة على صدقك من القرآن وغيره مستفتين عن التوبة من ذنوبهم السابقة، فأكرمهم برد السلام عليهم ، وبشرهم برحمة الله الواسعة ؛ فإنه جل وعلا قد كتب على نفسه الرحمة بعباده تفضلا أنه من اقترف ذنبا بجهالة منه لعاقبتها وإيجابها لسخط الله - فكل عاص لله مخطئا أو متعمدا فهو جاهل بهذا الاعتبار وإن كان عالما بالتحريم-ثم تاب من بعده ودوام على العمل الصالح ، فإنه تعالى يغفر ذنبه فهو غفور لعباده التائبين ، رحيم بهم . وبعد هذا التفصيل ناسب قوله سبحانه:(وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين) سياق الآيات . فسبحان من هذا كلامه !!!

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة الأعراف : (قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هى للذين آمنوا فى الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون)(32) جاء فى تفسير اﻵية : قل-أيها الرسول- لهؤلاء الجهلة من المشركين : من الذى حرم عليكم اللباس الحسن الذى جعله الله تعالى زينة لكم ؟ ومن الذى حرم عليكم التمتع بالحلال الطيب من رزق الله تعالى؟ قل- أيها الرسول- لهؤلاء المشركين : إن ماأحله الله من الملابس والطيبات من المطاعم والمشارب حق للذين آمنوا فى الحياة الدنيا يشاركهم فيها غيرهم ، خالصة لهم يوم القيامة،  مثل ذلك التفصيل يفصل الله الآيات لقوم يعلمون مايبين لهم ويفقهون مايميز لهم .

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: فجاءت الآية ترد على المشركين الذين حرموا زينة الله ، والطيبات من المطاعم والمشارب ، فناسب قوله(نفصل) سياق الآية . كما ناسب الآية التى قبلها ، والتى بعدها وذلك فى قوله تعالى : (يابنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لايحب المسرفين)(31) ، وقوله تعالى : (قل إنما حرم ربى الفواحش ماظهر منها ومابطن والإثم والبغى بغير الحق وأن تشركوا بالله مالم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله مالاتعلمون)(33) ، ففى الآية الأولى: أمر الله عباده من بنى آدم عند أداء كل صلاة أن يكونوا على حالة من الزينة المشروعة من ثياب ساترة لعوراتكم ،ونظافة وطهارة ونحو ذلك .

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: وكلوا واشربوا من طيبات مارزقكم الله،  ولاتتجاوزا حدود الاعتدال فى ذلك .إن الله لايحب المتجاوزين المسرفين فى الطعام والشراب وغير ذلك . وجاء فى تفسير اﻵية الثانية : قل-أيها الرسول- لهؤلاء المشركين : إنما حرم ربى القبائح من الأعمال، ماكان منها ظاهرا، وماكان منها خفيا، وحرم المعاصى كلها، ومن أعظمها الاعتداء على الناس، وحرم أن تعبدوا مع الله تعالى غيره ، وحرم أن تنسبوا إلى الله تعالى مالم يشرعه افتراء وكذبا ، كدعوى أن لله ولدا، وتحريم بعض الحلال من الملابس والمآكل.

الأربعاء، 20 أغسطس 2025

(ولئن قتلتم فى سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون)

 [٢٠/‏٨, ٢:٣٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى : من الآيات المتشابهات التى يحصل فيها الخلط بينها من الحفاظ : قوله سبحانه فى سورة آل عمران : (ولئن قتلتم فى سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون)(157) وقوله سبحانه فى الآية التى بعدها : (ولئن متم أو قتلتم لإلى الله تحشرون)(158) ، الخلط يحصل بين التقديم والتأخير فى الآيتين ، ففى الأولى قدم القتل على الموت ، وفى الثانية قدم الموت على القتل. فما سبب ذلك  ؟

[٢٠/‏٨, ٢:٣٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: جاءت الآيتان فى ثنايا آيات تتحدث عن غزوة أحد وماحدث فيها من أحداث ، وترك معظم الرماة مواقعهم ، طمعا فى حيازة الغنائم ، وخالفوا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ، بعد أن رأوا نصر أصحابهم على المشركين ، وذلك فى قوله سبحانه : (ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم فى الأمر وعصيتم من بعد ماأراكم ماتحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين)(152)

[٢٠/‏٨, ٢:٤٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: وكذلك قوله سبحانه : (  إذ تصعدون ولاتلوون على أحد والرسول يدعوكم فى أخراكم فأثابكم غما بغم لكيلا تحزنوا على مافاتكم ولاماأصابكم والله خبير بما تعملون)(ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم....الآية)(154:153)  وذلك عند قتال عدوكم فى غزوة (أحد) ، حين ذهبتم فى الأرض وأبعدتم فيها ، هائمين منطلقين،  منهزمين هاربين من أعدائكم فى كل اتجاه ، والرسول صلى الله عليه وسلم ثابت فى موقف البأس يناديكم فى آخر الجيش ومن ورائكم قائلا : إلى عباد الله .

[٢٠/‏٨, ٢:٤٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: ثم كان من رحمة الله بكم أن أنزل عليكم - يامعشر المؤمنين- من بعد الكرب الذى أصابكم أمنا كان مظهره نعاسا اطمأنت فيه النفوس ، واسترخت الأعضاء ، يغطى النعاس ويستر طائفة من المؤمنين ، فيصرف الأذهان عن التفكر فيما نزل بهم من مصيبة ، ويصرف النفوس عن الخوف والقلق والاضطراب . وعن الاهتمام بذواتهم وأهليهم . ومن الجدير بالذكر أن هذه الآية  :( ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم....)(154) والتى تحدثت عن الصحابة رضوان الله عليهم فى غزوة أحد (حوت جميع حروف اللغة) تسع وعشرون حرفا وكذلك الآية آخر سورة الفتح : (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم...الآية)(29)

[٢٠/‏٨, ٢:٤٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: والعجب فى آية سورة الفتح أن رقمها :( 29) وهو عدد حروف اللغة ، والأعجب من ذلك أن الآيتين حديثهما عن النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، سواءا فى غزوة أحد فى سورة آل عمران ، أو فى سورة الفتح ، وماجاء فى سورة الفتح متعلق بآل عمران ، حيث جاء وصف النبى صلى الله عليه : محمد رسول الله وأصحابه رضى الله عنهم ، أقوياء شجعان ، أهل بأس وجهاد ، مستعلون بقوتهم وبأسهم على الكفار الذين اختاروا لأنفسهم- بعد معرفة الحق- سبيل الكفر جحودا وعنادا، بعد اتخاذ مختلف الوسائل لتعريفهم بالحق ، وهدايتهم وإرشادهم .

[٢٠/‏٨, ٢:٤٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: وبسبب ذلك يقف المؤمنون أمام الكفار فى معاركهم الحربية أقوياء شجعان ، يقاتلونهم بكل بأس وتضحية وبسالة ، وهم رحماء متعاطفون متوادون فيما بينهم ، وهم كثيرو الصلة بربهم والخضوع له ، والتذلل بين يديه ، إذ تراهم - أيها الرائى المشاهد لهم- ركعا سجدا يطلبون بنياتهم وقلوبهم،  وبأدعيتهم بألسنتهم أن يمنحهم خالقهم ومربيهم زيادة من عطائه وكرمه فى العاجلة والأجلة،  وأن يشملهم برضوانه الذى هو أكبر من كل نعيم الجنة .

[٢٠/‏٨, ٢:٤٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: علامة طاعتهم لله عز وجل ظاهرة فى وجوههم من أثر السجود المتكرر الطويل ، ذلك الذى ذكر من نعوتهم الجليلة هو وصفهم العجيب الشأن الجارى مجرى الأمثال فى كتاب الله التوراة المنزل على موسى عليه السلام . ووصف أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فى الإنجيل المنزل على عيسى عليه السلام ، فى تناميهم واشتداد قوتهم ، وكثرة خيراتهم ، كزرع نبت نباتا حسنا فى أخصب أرض وأحسن شروط ، فأخرج أصله وفروعه من جوانبه ، فأعان أصله بالقوة والحماية ، فغلظ ذلك الزرع واشتد ، فاعتدل ، ووصل إلى درجة كماله وقوته مستويا على سوقه ، يعجب الذين زرعوا الزرع ، إذ يرون البهجة منه

[٢٠/‏٨, ٢:٤٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: ومظهر العطاء الوفير ، ليغيظ الله بأصحاب محمد الكفار الذين يغطون ويسترون أدلة التوحيد ، وماجاء به الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه بالإنكار والجحود . فجاءت الآيتين متناسبتين وبينهما ارتباط وثيق فى المعنى ، فاجتمعا فى أن فيهما كل حروف اللغة ، وحديثهما عن النبى وأصحابه.

[٢٠/‏٨, ٢:٤٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما التقديم والتأخير فى آياتى آل عمران راجع إلى سياق الآيتين ، فالأولى جاءت بعد الحديث عن غزوة أحد فناسب تقديم القتل على الموت ، كما ناسب نهاية الآية: (لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون) ، أما تقديم الموت على القتل فى الآية الثانية ، فقد ناسب نهاية الآية : (لإلى الله تحشرون) فكل من يموت وينقضى أجله فى الدنيا ، والذى يقتل فى سبيل الله ، فكلهم يحشرون إلى ربهم . 

فسبحان من هذا كلامه !!!