السبت، 14 يونيو 2025

(ولا تك فى ضيق)(ولاتكن فى ضيق)

 [١٤/‏٦, ٦:٢٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى : قوله سبحانه : (واصبر وما صبرك إلابالله ولاتحزن عليهم ولاتك فى ضيق مما يمكرون)(127)(النحل) وقوله سبحانه : (ولاتحزن عليهم ولاتكن فى ضيق مما يمكرون)(70)(النمل) 

قال فى النحل :(ولاتك)

وقال فى النمل :(ولاتكن) فما سبب ذلك ؟ أما فى سورة النحل فجاءت الآية فى سياق الآيات التى تذكر مقتل (حمزة بن عبدالمطلب ) رضى الله عنه وذلك فى قوله سبحانه : (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ماعوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين)(126) قال المفسرون : نزلت فى شأن (حمزة بن عبدالمطلب ) لما بقر المشركون بطنه يوم أحد

[١٤/‏٦, ٦:٢٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: وسبب نزول الآية : لما قتل حمزة ومثل به المشركون فى غزوة أحد قال النبى صلى الله عليه وسلم حين رآه : (والله لأمثلن بسبعين منهم مكانك) فنزلت الآية : (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ماعوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين) والحديث أخرجه الحاكم والبيهقى فى الدلائل وفيه أن النبى صلى الله عليه وسلم كفر عن يمنيه وأمسك عن الذى أراد فجاء حذف التاء من تكن مناسبة مع سياق الآيات حيث أمر الله نبيه بالصبر فهو خير للصابرين وحذف أقل الضيق من صدره لمقتل حمزة

[١٤/‏٦, ٦:٢٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما آية النمل : (ولاتحزن عليهم ولاتكن فى ضيق مما يمكرون) فهى تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم أى لاتحزن يامحمد ولاتأسف على هؤلاء المكذبين إن لم يؤمنوا ولايضيق صدرك من مكرهم فإن الله يعصمك منهم فالكلام عام على كل من يكذب بدين الله وجاءت الآية التى بعدها مؤكدة لمعنى الآية : (ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين) أى يقولون استهزاء : متى يجيئنا العذاب إن كنتم صادقين فيما تقولون ؟ والخطاب للنبى صلى الله عليه وسلم والمؤمنين

[١٤/‏٦, ٦:٢٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: فجاء الرد فى الآية التى بعدها : (قل عسى أن يكون ردف لكم بعض الذى تستعجلون) أى لعل الذى تستعجلون به من العذاب قد دنا وقرب منكم بعضه !! قال المفسرون : هو ماأصابهم من القتل والأسر يوم بدر فلما كان الخطاب عاما فى الآيات  جاءت اﻵية : (ولا تحزن عليهم ولاتكن فى ضيق مما يمكرون)  (تكن) بالنون مناسبة مع عموم الآيات . فجاءت كل كلمة مناسبة فى موضعها فسبحان من هذا كلامه !!!

( سورة البروج)(إن الدين فتنوا المؤمنين والمؤمنات)

 [١٤/‏٦, ٦:٢٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى : قوله سبحانه : (إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق)( 10)(البروج) انفردت الآية بقوله : (ولهم عذاب الحريق) فيكفى من كفر عذاب جهنم فما سبب زيادة : (ولهم عذاب الحريق) وبالرجوع إلى الآيات يتبين الأمر فقد نزلت الآيات فى قصة  (أصحاب الأخدود) وخلاصتها : (أن ملكا ظالما كافرا أسلم أهل بلده فأمر بالأخدود فشق فى أفواه السكك وأضرم فيها النار ثم أمر جنوده أن يأتو بكل مؤمن ومؤمنة ويعرضوه على النار فمن لم يرجع عن دينه فليلقوه فيها ففعلوا حتى جاءت امرأة ومعها صبى لها فتقاعست أن تقع فيها فقال لها الغلام : ياأماه اصبرى فإنك على الحق)

[١٤/‏٦, ٦:٢٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: فجاءت الزيادة مناسبة مع القصة فالجزاء من جنس العمل فكما عذبوا وأحرقوا المؤمنين والمؤمنات بالنار ليفتنونهم عن دينهم فكان لهم عذاب جهنم المخزى بكفرهم ولهم العذاب المحرق بإحراقهم المؤمنين والمؤمنات ويمكن القول أنهم أحرقوا بالنار أو ماتوا بها فى الدنيا قبل عذاب الآخرة فكما عذبوا وأحرقوا المؤمنين والمؤمنات بالنار سلط الله عليهم من أحرقهم فى الدنيا قبل الآخرة فهذا عدل الله فى خلقه وقد جاءت الآيات فى السورة تدل على هذا المعنى

[١٤/‏٦, ٦:٢٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: (والسماء ذات البروج)(واليوم الموعود)(وشاهد ومشهود)(قتل أصحاب الأخدود)(النار ذات الوقود)(إذ هم عليها قعود)(وهم على مايفعلون بالمؤمنين شهود)(7:1) فقد أقسم الله بالسماء ذات النجوم الهائلة ومداراتها الضخمة التى تدور فيها تلك الأفلاك وباليوم العظيم المشهود وهو (يوم القيامة) وبالرسل والخلائق على هلاك ودمار المجرمين الذين طرحوا المؤمنين والمؤمنات فى النار ليفتنونهم عن دينهم ثم تلاها الوعيد والإنذار لأولئك الفجار على فعلتهم القبيحة الشنيعة بنار جهنم وعذاب الحريق

[١٤/‏٦, ٦:٢٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: ولاحظ القسم فى الآيات بأشياء عظيمة لأن فعل الكفار مع المؤمنين والمؤمنات كان عظيما ثم الآيات بعد ذلك فى السورة تحدثت عن قدرة الله على الانتقام من أعدائه الكفرة الذين فتنوا عباده وأولياءه :(إن بطش ربك لشديد)(إنه هو يبدئ ويعيد)(وهو الغفور الودود)(ذو العرش المجيد)(فعال لما يريد) وختمت السورة بقصة الطاغية الجبار( فرعون ) وماأصابه وقومه من الهلاك والدمار بسبب البغى والطغيان (فتناسب البدء مع الختام)

فسبحان من هذا كلامه !!!

السبت، 31 مايو 2025

( لعلكم تشكرون)(ولعلكم تشكرون)

 [١٢/‏٤, ٤:٥٥ م] رقمى موبيلي: من روائع البيان القرآنى: (بلاغة اللفظ القرآنى) . قوله سبحانه : 

(ولعلكم تشكرون) بزيادة الواو جاء فى ستة مواضع من القرآن العظيم : وإليك بيانها : قوله سبحانه فى سورة البقرة : (شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ماهداكم ولعلكم تشكرون)(185) والآية تتحدث عن عبادة عظيمة ، وهى عبادة الصيام فى شهر رمضان ، وهو شهر عظيم اختص بنزول القرآن،  فى ليلة القدر التى هى خير من ألف شهر

[١٢/‏٤, ٥:٢٥ م] رقمى موبيلي: والقرآن هداية للناس إلى الحق ، فيه أوضح الدلائل على هدى الله ، وعلى الفارق بين الحق والباطل . ولتكملوا عدة الصيام شهرا ، ولتختموا الصيام بتكبير الله فى عيد الفطر ، ولتعظموه على هدايته لكم ، بالصيام والقيام والذكر ، ولكى تشكروا له ماأنعم به عليكم من الهداية والتوفيق والتيسير . فجاءت زيادة : (الواو) مناسبة مع كل هذه النعم العظيمة ، ويمكن القول بأنها واو : (العنايةوالاهتمام) لزيادة الشكر لله على هذه النعم العظيمة .

[١٢/‏٤, ٧:٢٦ م] رقمى موبيلي: أما المواضع الخمس : فانتهت كلها نهاية واحدة فإما تنتهى : (ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون) وذلك فى سور : النحل و القصص و الروم و الجاثية ، والموضع الخامس فى سورة فاطر  : (لتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون) بدون زيادة الواو : (لتبتغوا) والمواضع  الخمس : كان موضوعها تقريبا واحدا عن نعم الله على عباده من تسخير البحر فى سير الفلك فيه بأمره سبحانه وتعالى ، وكذلك أكل اللحم الطرى من السمك وغيره واستخراج الحلى للزينة واللبس كاللؤلؤ  والمرجان ، وسير السفن العظيمة تشق وجه الماء تذهب وتجئ ، وركوبها ، لطلب الرزق بالتجارة والربح .

[١٢/‏٤, ٧:٤٣ م] رقمى موبيلي: كذلك نعمة الليل والنهار للسكن والراحة فى الليل فجعل الليل ظلاما ، لتستقروا فيه ، وترتاح أبدانكم ، وجعل النهار ضياء ، لتطلبوا فيه معايشكم . وكذلك من آيات الله الدالة على أنه الإله الحق وحده لا شريك له وعلى عظيم قدرته إرسال الرياح أمام المطر مبشرات بإثارتها للسحاب ، فتستبشر بذلك النفوس ، وليذيقكم من رحمته بإنزاله المطر الذى تحيا به البلاد والعباد . وكذلك وقوله ومايستوى البحران : هذا عذب شديد العذوبة ، سهل مروره فى الحلق يزيل العطش ، وهذا ملح شديد الملوحة ، ومن كل من البحرين تأكلون سمكا طريا شهى الطعم .

[١٢/‏٤, ٧:٥٦ م] رقمى موبيلي: ووضح من خلال استعراض الآيات أنها تتحدث عن نعم هى من أعظم نعم الله على عباده ، لذلك ناسبت زيادة الواو فى قوله سبحانه : (ولعلكم تشكرون) سياق الآيات وكما ذكرنا من قبل يمكن أن نقول هى واو 

(العناية والاهتمام) وإليك بيان هذه المواضع الخمس لتنظر إلى بلاغة اللفظ القرآنى : قوله سبحانه فى سورة النحل : (وهو الذى سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون)(14) ، وقوله سبحانه : (ومايستوى البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه لتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون)( فاطر )(12)

[١٩/‏٤, ١١:٣٩ م] رقمى موبيلي: قوله سبحانه فى سورة الجاثية : (الله الذى سخر لكم البحر لتجرى الفلك فيه بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون)(12)  وقوله سبحانه فى سورة الروم : (ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات وليذيقكم من رحمته ولتجرى الفلك بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون)(46) وقوله سبحانه فى سورة القصص: (ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون)(73) وباستقراء الآيات نجدها تحدثت عن نعم هى من أعظم نعم الله على عباده ، والتى تحتاج إلى مزيد من الشكر بل الشكر الدائم ، لذلك جاءت زيادة الواو فى مكانها . فسبحان من هذا كلامه !!!

الاثنين، 14 أبريل 2025

(ويأبى الله إلا أن يتم نوره)(والله متم نوره)

 [٤/‏٤, ٧:٤٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى : (من الآيات المتشابهات التى يحصل فيها الخلط بينها من الحفاظ) قوله سبحانه فى سورة التوبة : (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون)(هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون)(33:32) وقوله سبحانه فى سورة الصف : (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون)(هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون)(8:7)

[٤/‏٤, ٩:٥٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: الخلط يحصل بين : (ولو كره الكافرون) و (ولو كره المشركون) ، وبين :( أن يطفئوا)و(ليطفئوا) ، وبين : (ويأبى الله إلا أن يتم نوره) و (والله متم نوره) . ومن خلال استعراض تفسير الآيات وسياقها يتبين الفرق بين الموضعين . أما آية سورة التوبة جاءت بعد الآيات : (وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون)(اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وماأمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون)(31:30)

[٤/‏٤, ١٠:١٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: وجاءت الآيتين بعد أمر الله بقتال أهل الكتاب وذلك فى قوله سبحانه : (قاتلوا الذين لايؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولايحرمون ماحرم الله ورسوله حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) فذكر فى الآيتين سبب الأمر بقتالهم بأن فرقة منهم قالوا عزير ابن الله ، وقول النصارى المسيح ابن الله ، وكذلك اتخاذهم علمائهم وعبادهم أربابا من دون الله ، يحلون لهم ماحرم الله فيحلونه ، ويحرمون لهم ماأحل الله فيحرمونه ويشرعون لهم من الشرائع والأقوال الباطلة المنافية لدين الرسل .

[٤/‏٤, ١٠:٢٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: وهم بأقوالهم الباطلة فى عزير وعيسى واتخاذهم أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ، أرادوا بذلك أن يطفئوا نور الله ، ونور الله دينه الذى أرسل به الرسل وأنزل به الكتب ، وسماه الله نورا لأنه يستنار به فى ظلمات الجهل  ، فإنه علم بالحق وعمل بالحق . وهذا الأمر عام فى كل أهل الكفر والضلال من اليهود والنصارى والمشركين ، فناسبت نهاية الآية : (ولو كره الكافرون) أما الآية الثانية : (هو الذى أرسل رسوله بالهدى...الآية) فهى تتحدث عن إرسال النبى صلى الله عليه وسلم فهو ابتداءا أرسله الله إلى مشركى العرب من أهل مكة ، وهو النبى الخاتم أرسله الله للناس كافة ، فلما كان الحديث عن إرساله ناسبت نهاية الآية : (ولو كره المشركون) حيث كانت بداية دعوته لمشركى العرب من أهل مكة .

[٤/‏٤, ١١:١٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما قوله سبحانه : (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون) فقد ناسب سياق الآيات التى تحدثت عن أقوال اليهود والنصارى الباطلة فى عزير وعيسى واتخاذهم أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ، أرادوا بذلك إبطال دين الله الذى جاء به محمد صلى الله عليه وسلم . فإن (أن يطفئوا) تفيد الاستقبال ، ويأبى الله إلا أن يحبط مخططاتهم وتدبيراتهم ويعلى دينه ، ويظهر كلمته ، ويتم الحق الذى بعث به رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، ويكره الكافرون أن يمتد نور الإسلام ويعم .

[٥/‏٤, ١١:٠٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: فى سورة الصف جاءت اﻵيتين بعد قوله سبحانه :( وإذ قال عيسى ابن مريم يابنى إسرائيل إنى رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدى من التوراة ومبشرا برسول يأتى من بعدى اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين)(ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام والله لايهدى القوم الظالمين)(7:6) والآية تتحدث عن بشارة عيسى عليه السلام بالنبى الخاتم وهو محمد صلى الله عليه وسلم ، فهو أحمد لكثرة حمده لله ، وجمعه للفضائل والمحاسن والأخلاق التى يحمد بها ، فلما جاءهم قالوا : هذا سحر مبين

[٥/‏٤, ١١:١٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: وهذا من أعجب العجائب ، الرسول الذى وضحت رسالته وصارت أبين من شمس النهار ، يرمى بالسحر ، وتكذبيهم به إنما كان حقدا وعنادا أنه جاء من ولد إسماعيل ، وكان يأملون أن يكون من بنى إسرائيل ، فكان تكذبيهم بأصل الرسالة ومحاولة هدمها قبل أن تولد ، فالأمر أشد مما جاء فى سورة التوبة ، فجاء قوله تعالى : (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون) مناسب مع سياق الآيتين ، حيث جاءت اللام فى : (ليطفئوا)مؤكدة ، وكذلك : (والله متم نوره) بالاسم مناسب ، لأن الإسم أثبت وأقوى من الفعل .

[٥/‏٤, ١١:٢٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: وقد اختلف القراء العشرة فى قوله سبحانه:(والله متم نوره) فقد قرأ حفص عن عاصم  وحمزة والكسائي وخلف الكوفيون وابن كثير المكي  بضم الميم وكسر الراء ، وقرأ الباقون وهم شعبة عن عاصم الكوفى ونافع وأبو جعفر المدنيان وابن عامر الشامي وابو عمرو ويعقوب البصريان  بالتنوين فى الميم وفتح الراء فجاءت بالتأكيد فناسبت سياق الآيات . وجاءت الآية فى سورة البقرة تبين هذا الأمر جلى :(ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ماعرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين)(89) فكان اليهود قبل مبعث النبى صلى الله عليه وسلم يطلبون من الله النصر على مشركى العرب بالنبى العربى المبعوث فى آخر الزمان

[٥/‏٤, ١١:٣٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: فلما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم الذى عرفوا صفته معرفة تامة ، كفروا برسالته صلى الله عليه وسلم ، وأعرضوا عن دعوته بغيا وحسدا ، لأنه لم يأتى من بنى إسرائيل ، بل جاء من العرب أولاد عمهم إسماعيل، وهم يعلمون صدق رسالته ، فبئس مافعلوه ، فرجعوا بغضب على غضب . كما جاء فى قوله سبحانه : (بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده فباءو بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين)(90) . فجاءت كل كلمة مناسبة فى موضعها فسبحان من هذا كلامه !!!

الخميس، 3 أبريل 2025

(ومن أحسن دينا)(ومن أحسن قولا)

 [٣/‏٤, ٦:٣٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى  : (من الآيات المتشابهات التى يحصل فيها الخلط بينها من الحفاظ) قوله سبحانه فى سورة النساء : (ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا)(125) وقوله سبحانه فى سورة فصلت : (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إننى من المسلمين)(33) الخلط يحصل بين (ومن أحسن دينا) و (ومن أحسن قولا) وبالرجوع إلى سياق الآيات وتفسير الآيتين يتضح الفرق بين الموضعين .

[٣/‏٤, ٦:٣٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما موضع سورة النساء فقد جاء فى ثنايا الحديث عن العمل الصالح والإيمان وثواب العمل الصالح مع الإيمان وهو دخول الجنة وهذا هو الدين ، وهو انقياد العبد لأمر الله وشرعه وإخلاصه العبادة لله ، وذلك فى قوله سبحانه : (والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا وعد الله حقا ومن أصدق من الله قيلا)(122) ، وقوله سبحانه : ( ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا)(124) ثم جاءت اﻵية موضع الرسالة : ( ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا)

[٣/‏٤, ٦:٣٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: أى : لا أحد أحسن دينا ممن انقاد لأمر الله وشرعه ، وأخلص عمله لله وهو مطيع لله مجتنب لنواهيه ، واتبع الدين الذى كان عليه (إبراهيم) خليل الرحمن ، مستقيما على منهاجه وسبيله ، وهو دين الإسلام(واتخذ الله إبراهيم خليلا) أى : صفيا اصطفاه لمحبته وخلته . قال ابن كثير : فإنه انتهى إلى درجة الخلة التى هى أرفع مقامات المحبة ، وماذاك إلا لكثرة طاعة ربه . وبعد عرض تفسير اﻵية ، والسياق التى جاءت فيه تبين مناسبة الآية فى سياقها  .

[٣/‏٤, ٦:٣٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما آية سورة فصلت : (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إننى من المسلمين) أى : دعا إلى توحيد الله وطاعته ، بقوله وفعله وحاله ، وفعل الصالحات ، وجعل الإسلام دينه ومذهبه ، قال ابن كثير : وهذه الآية عامة فى كل من دعا إلى خير وهو فى نفسه مهتد . وقد ناسبت الآية السياق الذى جاءت فيه ، فقد جاءت فى ثنايا آيات تتحدث عن أقوال الكافرين المتكبرين كقوم عاد ، وعن أقوال أهل النار ، وكذلك قول  المؤمنين عند موتهم ، وإليك بيان ذلك من خلال استعراض الآيات فى السورة .

[٣/‏٤, ٦:٣٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه : (وقالوا قلوبنا فى أكنة مما تدعونا إليه وفى آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فاعمل إننا عاملون)(5)  أى : وقال المشركون للرسول صلى الله عليه وسلم حين دعاهم إلى الإيمان : قلوبنا فى أغطية متكاثفة ، لايصل إليها شئ مما تدعونا إليه من التوحيد والإيمان ، وفى آذاننا صمم وثقل ، يمنعنا من فهم ماتقول ، وبيننا وبينك يا محمد حاجز يمنع أن يصل إلينا شيئ مما تقول ، فنحن معذرون فى عدم اتباعك ، لوجود المانع من جهتنا وجهتك ، فاعمل أنت على طريقتك ، ونحن على طريقتنا ، استمر على دينك فإنا مستمرون على ديننا .

[٣/‏٤, ٦:٣٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: وجاء عن قوم عاد فى بيان كبرهم وعنادهم قوله سبحانه : (فأما عاد فاستكبروا فى الأرض بغير الحق  وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذى خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون)(15) فهم بغوا وعتوا وعصوا ، وتكبروا على نبى الله( هود) ومن آمن معه ، بغير استحقاق للتعظم والاستعلاء ، وقالوا اغترارا بقوتهم لما خوفهم بالعذاب : لاأحد أقوى منا فنحن نستطيع أن ندفع العذاب عن أنفسنا بفضل قوتنا ، فاستحقوا العذاب فأرسل الله عليهم ريحا باردة شديدة البرد ، وشديدة الصوت والهبوب فأهلكتهم .

[٣/‏٤, ٦:٣٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: وجاءت الآيات فى السورة كثيرة ومنها : (وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذى أنطق كل شيئ وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون)(21)  وقوله سبحانه : (وقال الذين كفروا لاتسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون)(26)  وقوله سبحانه : (وقال الذين كفروا ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين)(إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولاتحزنوا وأبشروا بالجنة التى كنتم توعدون)(30:29)

[٣/‏٤, ٦:٣٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: وهذه الآية : هى بشرى الملائكة للمؤمن عند حضور أجله ، فتنزل عليه ملائكة الرحمة تبشره بالجنة ، وأن لا يخاف مما يقدم عليه من أحوال القيامة ، وأن لايحزن على ماخلفه فى الدنيا من أهل ومال وولد ، فنحن (أى الملائكة) نخلفكم فيه . قال المفسرون : إن الملائكة تتنزل حين الاحتضار على المؤمنين بهذه البشارة ، أن لا تخافوا هول الموت ، ولا من هول القبر ، وشدائد يوم القيامة . فجاءت كل آية مناسبة فى موضعها . فسبحان من هذا كلامه !!!

الأربعاء، 2 أبريل 2025

(أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم)

 [١٩/‏٢, ١٢:١٩ ص] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى : 

(بلاغة اللفظ القرآنى) قوله سبحانه فى سورة يونس : (أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم قال الكافرون إن هذا لساحر مبين)(2)  انفرد هذا الموضع بعدم ذكر : (وعملوا الصالحات ) فقد جاء فى  القرآن الكريم  : (الذين آمنوا وعملوا الصالحات) فى حوالى اثنين وخمسين موضعا 

من ذلك قوله سبحانه فى سورة البقرة : (وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار....الآية)(25) وقوله سبحانه فى نفس السورة : (والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون)(82)

[١٩/‏٢, ١١:٢٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: فما سبب انفراد موضع سورة يونس بعدم ذكر : (وعملوا الصالحات) وبالرجوع إلى تفسير اﻵية وسياق الآيات يتبين الأمر : جاء فى تفسير الآية : أكان عجبا لأهل مكة وحينا إلى رجل منهم هو (محمد) صلى الله عليه وسلم ؟ والهمزة للإنكار أى لاعجب فى ذلك فهى عادة الله فى الأمم السالفة ، أوحى إلى رسلهم ليبلغوهم رسالة الله (أن أنذر الناس) أى أوحينا إليه بأن خوف الكفار عذاب النار (وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم) أى وأن بشر المؤمنين بأن لهم سابقة ومنزلة رفيعة عند ربهم بما قدموا من صالح الأعمال.

[١٩/‏٢, ١١:٣٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: فمعنى (قدم صدق عند ربهم ) أى سابقة ومنزلة رفيعة عند ربهم بما قدموا من صالح الأعمال ، فمعنى الآية متضمن الأعمال الصالحة ، فناسب ذلك عدم ذكر (وعملوا الصالحات) ، الأمر الآخر قوله سبحانه : (أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم) فالآية متضمنة معنى بدء الوحى إلى النبى صلى الله عليه وسلم وبدء الرسالة ، وذلك قبل الأمر بالتكاليف الشرعية من صلاة وزكاة وصيام وحج وغيرها من العبادات ، وذلك فى المرحلة المكية ، فلا مجال للأعمال الصالحة ، فكانت مرحلة الإيمان بالله ورسوله ، فناسب ذلك عدم ذكر ( وعملوا الصالحات) .

[١٩/‏٢, ١١:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: وسورة يونس من السور المكية التى تعنى بأصول العقيدة الإسلامية (الإيمان بالله تعالى ، والإيمان بالكتب ، والرسل ، والبعث والجزاء) وهى تتميز بطابع التوجيه إلى الإيمان بالرسالات السماوية ، وبوجه أخص إلى (القرآن العظيم) خاتمة الكتب المنزلة ، والمعجزة الخالدة على مدى العصور والدهور لسيد الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم . وجاءت الآيات تبين حقيقة(الألوهية) و (العبودية) ، وأساس الصلة بين الخالق والمخلوق ، وعرفت الناس بربهم الحق الذى ينبغى أن يعبدوه .

[٢٠/‏٢, ١٢:١٢ ص] حسن أحمد حسن سليمان: وجاءت الآية : (إن ربكم الله الذى خلق السموات واﻷرض فى ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون)(3) جاءت الآية تعرف الناس بربهم الحق الذى ينبغى أن يعبدوه ، وأن يسلموا وجوههم إليه ، فهو الخالق الرازق ، المحيى المميت ، المدبر الحكيم ، فهو الذى ينبغى أن تفردوه بالعبادة ، هو الذى أوجد السموات والأرض ، وأنشأ خلقهما على غير مثال سابق . فناسبت الآية ، الآية السابقة بعدم ذكر (وعملوا الصالحات) لأن الله فى هذه الآية ذكر أنه خالق الناس ومالكهم ، ومصلح أمورهم ومدبرها ، وقد دعاهم لعبادته ، لأنه المستحق للعبادة بما أنعم عليهم من النعم العظيمة .

[٢٠/‏٢, ١١:٠٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: وانتقلت السورة لتعريف الناس بصفات الإله الحق ، بذكر آثار قدرته ورحمته ، الدالة على التدبير الحكيم ، ومافى هذا الكون المنظور من آثار القدرة الباهرة ، التى هى أوضح البراهين على عظمة الله وجلاله وسلطانه . وذلك فى الآيات : (قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحى من الميت ويخرج الميت من الحى ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون)(فذالكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون)(32:31)

[٢٠/‏٢, ١١:١٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: ثم مضت السورة تقيم على المشركين الحجة بعد الحجة ، لعلهم يؤمنون بربهم ويعبدوه ، ويتركوا عبادة الأصنام والأوثان وذلك فى الآيات : (قل هل من شركائكم من يبدؤا الخلق ثم يعيده قل الله يبدؤا الخلق ثم يعيده فأنى تؤفكون)(قل هل من شركائكم من يهدى إلى الحق قل الله يهدى إلى الحق أفمن يهدى إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدى إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون)(35:34) أى : قل لهم يامحمد على جهة التوبيخ والتقريع : هل من الأوثان والأصنام من ينشئ الخلق من العدم ثم يفنيه ، ثم يعيده ويحييه ؟

[٢٠/‏٢, ١١:٢٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: قال الطبرى : ولما كانوا لايقدرون على دعوى ذلك ، وفيه الحجة القاطعة ، والدلالة الواضحة على أنهم فى دعوى الأرباب كاذبون مفترون ، أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بالجواب (قل الله يبدأ الخلق ثم يعيده) أى : قل لهم يامحمد : الله وحده هو الذى يحيى ويميت ، ويبدأ الخلق ويعيده ( فأنى تؤفكون) اى : فكيف تنقلبون وتنصرفون عن الحق إلى الباطل . كذلك فى الآية الثانية : توبيخ آخر فى صورة الاستفهام أى : قل لهؤلاء المشركين: هل من هذه الآلهة من يرشد الضال ؟ أو يهدى الحائر .

[٢٢/‏٢, ١٠:٥٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: وبعد استعراض تفسير الآيات وسياقها يتبين أن عدم ذكر : (وعملوا الصالحات) فى الآية : (وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم ) تناسب مع سياق الآيات ، حيث أن معنى قدم صدق : سابقة ومنزلة رفيعة عند ربهم بما قدموا من صالح الأعمال ، فمعنى الآية متضمن الأعمال الصالحة ، وكذلك فى ثنايا الآية معنى بدء الوحى فى قوله سبحانه : (أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم) ، والآية التى بعدها فى تعريف الناس بربهم وأنه خالقهم ومالكهم ومدبر أمورهم ، فهو المستحق للعبادة وحده ، فناسب ذلك عدم ذكر : (وعملوا الصالحات) سياق الآيات .

فسبحان من هذا كلامه !!!

الخميس، 6 فبراير 2025

الفرق بين :(العبيد)(العباد)

 [٥/‏٢, ١١:٣٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى : 

(بلاغة اللفظ القرآنى) : 

(عبيد) (عباد) : لفظ العبيد يشمل البر والفاجر ، فكل الناس مؤمنهم وكافرهم عبيد لله ، لذلك جاء استعمال لفظ فى القرآن فى نفى الظلم ، كقوله تعالى : (وماربك بظلام للعبيد) ، وقد جاء اللفظ فى خمس مواضع من القرآن : قوله سبحانه :(ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد)(182)(آل عمران) وأيضا نفس الآية فى سورة الأنفال : (51) وقوله سبحانه فى سورة الحج : (ذلك بما قدمت يداك وأن الله ليس بظلام للعبيد)(10)

[٥/‏٢, ١١:٥٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: وقوله سبحانه فى سورة فصلت : (من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وماربك بظلام للعبيد)(46) وقوله سبحانه فى سورة ق : (مايبدل القول لدى وما أنا بظلام للعبيد)(29) . ومن أهم المسائل توضيح أن : (بظلام ) ليست صيغة مبالغة ، بل لنفى أصل الظلم فهو ليس منسوبا إلى الله ، قال المفسرون  : ليست صيغة (ظلام) فى الآيات للمبالغة ، وإنما هى صيغة نسبة مثل عطار ، تمار ، نجار ، ولو كانت للمبالغة ، لأوهم أنه سبحانه وتعالى ليس كثير الظلم ولكنه يظلم أحيانا ، وهذا المعنى فاسد ، لأنه يستحيل عليه الظلم جل فى علاه .

[٦/‏٢, ١٠:٢٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما لفظ : (العباد ) فى القرآن الكريم لفظ له كرامة الصلة بالله فيضاف إلى الله تعالى : ( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا...الآية)(الفرقان)(63) وقوله سبحانه : (عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا)(الإنسان)(6) ، والعبد هو الذى عرف ربه وأقبل عليه وخضع لمولاه . أما كلمة : (العبيد) فهى تطلق على عبيد الناس وعبيد الله معا ، وعادة تضاف إلى الناس ، والعبيد تشمل الكل محسنهم ومسيئهم . لذلك جاءت فى الآيات بنفى الظلم من أصله عن الله جل فى علاه بأى أحد من الناس ، سواء كان مؤمنا أو كافرا .

فانظر يرحمك الله إلى بلاغة اللفظ القرآنى . فسبحان من هذا كلامه !!!

الأربعاء، 5 فبراير 2025

من الآيات المتشابهات التى يخطأ فيها الحفاظ بالخلط بينها

(سورة المائدة) 

[٤/‏٢, ١١:١٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى : (سلسلة الآيات المتشابهات التى يخطأ فيها الحفاظ بالخلط بينها) قوله سبحانه فى سورة المائدة : (لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن فى الأرض جميعا ولله ملك السموات والأرض وما بينهما والله على كل شيء قدير)(وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السموات والأرض وما بينهما وإليه المصير)( 18:17)الخلط يحصل بين نهاية الآيتين : (والله على كل شيء قدير) و(وإليه المصير)

[٤/‏٢, ١١:٣٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: ومن خلال تفسير الآيتين يتبين الفرق بين الموضعين : الآية الأولى جاءت فى شأن عيسى عليه السلام حيث جعلت النصارى المسيح إلها وهم فرقة من النصارى ، زعموا أن الله حل فى عيسى ، ولهذا نجد فى كتبهم : 

(وجاء الرب يسوع) ويسوع عندهم هو عيسى ، فبينت الآية أن عيسى عبد لله ، فمن الذى يستطيع أن يدفع عذاب الله عن أهل الأرض ، لو أراد الله أن يهلك المسيح وأمه ومن فى الأرض جميعا ، ولله ملك السموات والأرض وما بينهما يخلق مايشاء  ، فهو قادر على أن يخلق مايريد ، ولذلك خلق عيسى بلا أب فهو سبحانه لايعجزه شيئ ، وهو على كل شيء قدير ، فناسبت نهاية الآية سياقها .

[٥/‏٢, ١٠:٠٦ ص] حسن أحمد حسن سليمان: الآية الثانية جاء فيها ادعاء اليهود والنصارى أنهم أبناء الله وأحباؤه وأنهم شعب الله المختار قال ابن كثير : أى نحن منتسبون إلى أنبيائه، وهم بنوه ، وله بهم عناية خاصة وهو يحبنا  (قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق) أى أنتم كسائر البشر ، وهو سبحانه الحاكم فى جميع عباده ، وكل خلقه مرجعهم إليه ، وسيحكم بينهم ، وسوف يتبين لكم يا معشر اليهود والنصارى من هم أحباء الله فناسبت نهاية الآية سياقها . فجاءت كل كلمة مناسبة فى موضعها . فسبحان من هذا كلامه !!!

(يحاجوكم به عند ربكم)(يحاجوكم عند ربكم)

 [١/‏٢, ١٠:٢٣ م] رقمى موبيلي: من روائع البيان القرآنى : (سلسلة الآيات المتشابهات التى يخطأ فيها الحفاظ بالخلط بينها) قوله سبحانه فى سورة البقرة : (وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم أفلا تعقلون)(76) وقوله سبحانه فى سورة آل عمران : (ولاتؤمنوا إلا لمن تبع دينكم قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ماأوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم)(73) الخطأ الذى يقع فيه الحفاظ بزيادة : ( به) فى موضع آل عمران . وبالرجوع إلى تفسير الآيات يتبين الفرق بين الموضعين .

[١/‏٢, ١٠:٢٣ م] رقمى موبيلي: جاءت اﻵية الأولى فى سياق الحديث عن اليهود أنهم إذا لقوا الذين آمنوا ، قالوا بلسانهم : آمنا بالذى آمنتم به ، وإن صاحبكم صادق ، وإنا نجد نعته فى التوراة ، وإذا اجتمع منافقوا اليهود إلى رؤسائهم منفردين بهم ، مائلين إليهم ، لامهم رؤسائهم على ذلك ، وقالوا : أتحدثون المؤمنين بما فتح الله عليكم من فهم معانى نصوص توراتكم فى صفة محمد صلى الله عليه وسلم وأنه حق وصدق ، ليخاصمكم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ويحتجوا عليكم بقولكم وتكون لهم الحجة عليكم عند ربكم يوم القيامة ، أليست لكم عقول تمنعكم من أن تحدثوهم بما يكون لهم فيه حجة عليكم .

[١/‏٢, ١٠:٢٣ م] رقمى موبيلي: وتبين من تفسير اﻵية مناسبة : (به) لسياق آية البقرة ، وقد رد الله على سفه عقولهم فى الآية التى بعدها وذلك فى قوله تعالى : ( أو لايعلمون أن الله يعلم مايسرون ومايعلنون)(77) ، جاء فى تفسير اﻵية : أيلومونهم على تحديث المؤمنين بما فى التوراة مخافة المحاجة ، ولايعلم اليهود أن الله يعلم مايخفون ومايظهرون ، فيظهر للمؤمنين مايخفونه بواسطة الوحى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم فتحصل المحاجة ويقع التبكيت  ،  فأى فائدة لهم فى اللوم والعتاب  ؟ !

[١/‏٢, ١٠:٢٣ م] رقمى موبيلي: وجاء الموضع الثانى فى آل عمران بعد قوله سبحانه : (وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذى أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون)(72) أى : وقالت جماعة من اليهود  : ادخلوا فى دين محمد وأظهروا الإسلام أول النهار باللسان دون اعتقاد بالقلب ، حتى تتم الثقة بكم والاطمئنان إليكم ، ثم اكفروا آخر النهار ، بعد أمد قصير ، وإنا إذا ألقينا هذه الشبهة لعل أصحاب محمد يشكون فى دينهم ، ويقولوا : إنما ردهم إلى دينهم اطلاعهم على نقيصة وعيب فى دين الإسلام ، فيرجعوا إلى الكفر بعد الإيمان .

[١/‏٢, ١٠:٢٣ م] رقمى موبيلي: ثم جاءت الآية : (ولاتؤمنوا إلا لمن تبع دينكم قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ماأوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم)(يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم)(74:73) : جاء فى تفسير اﻵية : أى : قال قادتهم من أحبارهم وعلمائهم لمن وجهوهم للقيام بمكيدة النفاق : ولاتصدقوا منقادين حقا ، مسلمين صدقا إلا لمن وافق ملتكم التى أنتم عليها ، وهى اليهودية متبعا لكم . قل لهم - يارسول الله- إن الهدى هدى الله ، فليس هدى موسى أو أحد من بنى إسرائيل.

[١/‏٢, ١٠:٢٣ م] رقمى موبيلي: والله يصطفى لتبليغ هداه من يشاء ، أترفضون هدى الله الذى أنزله على رسوله محمد حسدا من عند أنفسكم ، وكراهية أن يؤتى أحد من خلق الله مثلما أوتيتم من اصطفاء رسل منكم ، وإنزال هدى الله عليهم ؟ أتكتمون الحق الذى عندكم عن المسلمين وأنتم تعلمونه ، خشية أن يحاجوكم عند ربكم ، أليس الله عليما بكل ماتعلنون وما تسرون؟ فناسب سياق الآية عدم ذكر  : (به) ، كما ناسب ذكرها فى آية البقرة فى قوله سبحانه: (وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم أفلا تعقلون)(76) . فجاء كل لفظ مكانه المناسب به . فسبحان من هذا كلامه !!!

السبت، 1 فبراير 2025

(لانفرق بين أحد من رسله)(ولم يفرقوا بين أحد منهم)

 [١/‏٢, ١٠:٣٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى : (سلسلة الآيات المتشابهات التى يخطأ فيها الحفاظ بالخلط بينها) قوله سبحانه فى سورة البقرة : ( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير)(285) وقوله سبحانه فى سورة النساء : (والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورا رحيما)(152) الخطأ يحدث بين قوله سبحانه :(لانفرق بين أحد من رسله) وبين قوله سبحانه : (ولم يفرقوا بين أحد منهم)

[١/‏٢, ١٠:٤٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: وباستقراء الآيتين يتبين  السبب ففى موضع البقرة لو قال بين أحد منهم تعود (منهم) على من ؟ فإنه قال : (كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله) ، فقد تعود على الملائكة أو الكتب أو الرسل ، فلما كان المقصود العود على الرسل فقط فجاء اللفظ واضح (رسله) حيث أن المؤمن يؤمن بجميع الأنبياء والمرسلين لايفرق بين أحد من الرسل . أما فى موضع النساء فجاء لفظ الرسل فقط فعاد الضمير فى منهم على الرسل ، فناسب لفظ : (منهم)  سياق الآية . فجاءت كل كلمة مناسبة فى موضعها. فسبحان من هذا كلامه !!!

الاثنين، 27 يناير 2025

(الربط بين سور القرآن)(الطور والنجم)

 [١٨/‏١, ٦:٥٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى  : (الربط بين سور القرآن) (سورة الطور وسورة النجم) قوله سبحانه : (فذكر فما أنت بنعمت ربك بكاهن ولامجنون)(أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون)(قل تربصوا فإنى معكم من المتربصين)(أم تأمرهم أحلامهم بهذا أم هم قوم طاغون)(أم يقولون تقوله بل لايؤمنون)(فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين)(أم خلقوا من غير شيئ أم هم الخالقون)(35:29)(الطور) وفى سورة النجم : (والنجم إذا هوى)(ماضل صاحبكم وماغوى)(وماينطق عن الهوى)(إن هو إلا وحى يوحى)(علمه شديد القوى)(ذو مرة فاستوى)(وهو بالأفق الأعلى)(ثم دنا فتدلى)(فكان قاب قوسين أو أدنى)(فأوحى إلى عبده ماأوحى)(10:1)

[١٨/‏١, ٨:٣٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: باستقراء آيات السورتين نجد ربط عجيب بين السورتين ففى سورة الطور يتهمون النبى صلى الله عليه وسلم بأن له رئى من الجن يأتيه بخبر بعض الغيوب التى يضم إليها مائة كذبة وذلك فى قوله سبحانه : (فما أنت بنعمت ربك بكاهن) أى بمنه ولطفه وكذلك قولهم ( بمجنون) بل أنت أكمل الناس عقلا وأبعدهم عن الشياطين وأعظمهم صدقا وأكملهم ، وتارة يقولون شاعر وتارة يقولون تقوله : أى تقول القرآن وجاء به من تلقاء نفسه وكيف يكون ذلك وهو أمى لايقرأ ولايكتب ، فلو كان قولكم حق وأنتم العرب الفصحاء والفحول البلغاء فأتوا بمثله .

[١٨/‏١, ٨:٤٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: وجاء فى سورة النجم رد على أباطيل المشركين ببيان شرف الوحى على النبى محمد صلى الله عليه وسلم وأنه لاينطق عن الهوى إنما هو وحى يوحى إليه صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل عليه افضل الملائكة الكرام وأقواهم وأكملهم قوة وخلق حسن وجمال ، فأوحى الله بواسطة جبريل عليه السلام إلى عبده محمد صلى الله عليه وسلم الذى أوحاه إليه من الشرع العظيم والنبأ المستقيم . (ماكذب الفؤاد مارأى) : أى اتفق فؤاد الرسول صلى الله عليه وسلم  ورؤيته على الوحى الذى أوحاه الله إليه وأنه تلقاه منه تلقيا لاشك فيه ولاشبهة ولاريب فلم يكذب فؤاده مارأى بصره .

[١٨/‏١, ١١:٤٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: ومن روعة البيان القرآنى فى سورة النجم التوافق بين القسم والمقسم عليه : جاء فى تفسير الشيخ السعدى رحمه الله : يقسم تعالى بالنجم عند سقوطه فى الأفق فى آخر الليل عند إدبار الليل وإقبال النهار ، لأن فى ذلك من الآيات العظيمة ماأوجب أن أقسم به والصحيح أن النجم اسم جنس شامل للنجوم كلها . وأقسم بالنجوم على صحة ماجاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الوحى الإلهى ، لأن فى ذلك مناسبة عجيبة فإن الله تعالى جعل النجوم زينة للسماء ، فكذلك الوحى وآثاره زينة للأرض ، فلولا العلم الموروث عن الأنبياء ، لكان الناس فى ظلمة أشد من ظلمة الليل .

[١٨/‏١, ١١:٥٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: والمقسم عليه تنزيه الرسول صلى الله عليه وسلم عن الضلال فى علمه والغنى فى قصده ويلزم من ذلك أن يكون مهتديا فى علمه هاديا حسن القصد ناصحا للخلق بعكس ما عليه أهل الضلال من فساد العلم وسوء القصد وقال : (صاحبكم) ، لينبههم على مايعرفونه منه من الصدق والهداية وأنه لايخفى عليهم أمره وكانوا يلقبونه بالصادق الأمين . وليس نطقه صادرا عن هوى نفسه بل هو يتبع مايوحى إليه من ربه من الهدى والتقوى فى نفسه وفى غيره ودل هذا على أن السنة وحى من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم .

[٢٥/‏١, ١١:١٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة الطور : (واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا وسبح بحمد ربك حين تقوم)(ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم)(49:48)  أى : اصبر يامحمد على قضاء ربك مستسلما لحكمه ، صابرا على أذى المشركين إلى أن يقع بهم العذاب الذى حكمنا عليهم به ، فإنك بمرأى منا وحفظنا ، فلا يصلون إليك بمكروه ، وسبح ربك تسبيحا مقترنا ومتلبسا بحمده ، ومصاحبا له حين تقوم من مجلسك ، أو من منامك ، أو حين تقوم إلى الصلاة ، ومن الليل فسبحه ، وعند السحر فى وقت إدبار النجوم ، فالتسبيح هو الذى يساعد على التحلى بالصبر ، ويعالج ضيق النفس والكرب الذى يضغط عليها .

[٢٦/‏١, ١١:٣٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: وقد اشتد الأذى بالنبى صلى الله عليه وسلم بعد وفاة عمه أبا طالب وزوجه خديجة رضى الله عنها وقد سمى هذا العام عام الحزن ، وفى رحلته إلى الطائف لاقى أشد الأذى من المشركين   ، فجاء الإسراء به صلى الله عليه وسلم من مكة إلى بيت المقدس ، ثم المعراج به صلى الله عليه وسلم إلى السماء ، حتى وصل إلى سدرة المنتهى ، التى عندها جنة المأوى . فكانت الرحلة تسرية له صلى الله عليه وسلم ، وقد رأى من آيات ربه الكبرى ، ورأى جبريل فى صورته الحقيقية مرتين وهذا ماجاء فى سورة النجم .

[٢٧/‏١, ١٠:٥٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: وقد جاء الحديث عن موضوع المعراج الذى كان معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فى سورة النجم، والذى رأى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم عجائب فى ملكوت الله الواسع ، وقد رأى الرسول صلى الله عليه وسلم جبريل فى السماء عند سدرة المنتهى قال ابن مسعود : رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل فى صورته وله ستمائة جناح ، كل جناح منهما قد سد الأفق ، يسقط من جناحه التهاويل والدر والياقوت ماالله به عليم . (أخرجه الإمام أحمد)

[٢٧/‏١, ١١:٠٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: فجاء الربط بين أذى المشركين للرسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر الله له بالصبر على ذلك ، وذلك فى قوله سبحانه فى سورة الطور : (واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا وسبح بحمد ربك حين تقوم) ، ثم جاءت الآيات فى سورة النجم بالحديث عن معراج النبى صلى الله عليه وسلم إلى السماء حتى وصل إلى سدرة المنتهى فى السماء السابعة والتى عندها جنة المأوى ، وجاءت الرحلة بعد أن اشتد الأذى بالنبى صلى الله عليه وسلم ومالاقيه من أهل الطائف ، وقد رأى من آيات ربه الكبرى فى هذه الرحلة ، فقد رأى سدرة المنتهى، والبيت المعمور ، والجنة والنار، ورأى جبريل فى صورته التى يكون عليها فى السماء له ستمائة جناح ، ورأى رفرفا أخضر من الجنة قد سد الأفق .

السبت، 25 يناير 2025

( حول سورة ص)

 [١٤‏/١٢‏/٢٠٢٤, ٣:٠٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى : (حول سورة ص) : مكية وآياتها ثمان وثمانون آية وهدفها نفس هدف السور المكية التى تعالج أصول العقيدة الإسلامية ، وهى سورة الذكر بدأت السورة بالذكر وذلك فى قوله سبحانه : (ص والقرآن ذى الذكر)(1) وانتهت بالذكر وذلك فى قوله سبحانه : (إن هو إلا ذكر للعالمين)(ولتعلمن نبأه بعد حين)(88:87) وتكرر فيها (الذكر) أكثر من عشر مرات فيمكن أن نسميها (سورة الذكر) وإليك بيان ذلك : قوله سبحانه : (أءنزل عليه الذكر من بيننا بل هم فى شك من ذكرى بل لما يذوقوا عذاب)(8)

[١٤‏/١٢‏/٢٠٢٤, ٣:٢٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه : (اصبر على مايقولون واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب)(إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشى والإشراق)(والطير محشورة كل له أواب)(19:17) وقوله سبحانه فى نهاية الآية 24 : (وظن دواد أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب) وقوله سبحانه : (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب)(29) وقوله سبحانه على لسان سليمان عليه السلام : (فقال إنى أحببت حب الخير عن ذكر ربى حتى توارت بالحجاب)(32)

[١٤‏/١٢‏/٢٠٢٤, ٤:٢٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: وقوله سبحانه : (قال رب اغفر لى وهب لى ملكا لاينبغى لأحد من بعدى إنك أنت الوهاب)(35) وقوله سبحانه : (واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أنى مسنى الشيطان بنصب وعذاب)(41) وقوله سبحانه : (ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى لأولى الألباب)(43) وقوله سبحانه : (واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولى الأيدى والأبصار)(إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار)(46:45) وقوله سبحانه : (واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفل وكل من الأخيار)(هذا ذكر وإن للمتقين لحسن مئاب)(49:48)

[١٤‏/١٢‏/٢٠٢٤, ٤:٣٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآني  : قوله تعالى  : ( أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب ) سورة ص ( 9 ) 

وقوله تعالى : ( أم عندهم خزائن ربك أم هم المصيطرون ) سورة الطور ( 37 ) 

فى سورة ص : 

( خزائن رحمة ربك ) 

فى سورة الطور  : 

( خزائن ربك ) 

فما سبب ذلك ؟

[١٤‏/١٢‏/٢٠٢٤, ٤:٣٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: فى سورة ( ص ) ، جاء قبل الآية قوله تعالى  : 

( أءنزل عليه الذكر من بيننا بل هم في شك من ذكري بل لما يذوقوا عذاب  ) 

ومعنى الآية  : أى هل تنزل القرآن على محمد دوننا ، والإستفهام للإنكار ، مع أن فينا من هو أكثر منه مالا وأعلى رياسة . 

قال الزمخشرى : أنكروا أن يختص صلى الله عليه وسلم بالشرف من بين أشرافهم ورؤسائهم ، وهذا الإنكار ترجمة عما كانت تغلى به صدورهم ، من الحسد على ما أوتى من شرف النبوة من بينهم .

[١٤‏/١٢‏/٢٠٢٤, ٤:٤٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: ونفس المعنى جاء فى سورة الزخرف فى الآية ( 31 )  : 

( وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ) ، فرد الله عليهم بقوله تعالى  : 

( أهم يقسمون رحمت ربك...الآية) 

فسمى الله النبوة رحمة ، وهذا سبب زيادة ( رحمة ) فى سورة ( ص ) عما فى سورة الطور ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : 

( خزائن ربك ) المطر والرزق .

[١٤‏/١٢‏/٢٠٢٤, ٤:٤٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: لذلك ختمت الآية فى سورة (ص)  : 

( العزيز الوهاب ) ، وهى مناسبة مع النبوة ، فالعزيز : هو الغالب الذى لا يغلب ، والوهاب : هو الذى له أن يهب ما يشاء لمن يشاء ، قال البيضاوى فى تفسيره : يريد أن النبوة عطية من الله يتفضل بها على من يشاء من عباده . 

وختم سورة الطور : 

( أم هم المصيطرون ) أى هم الغالبون القاهرون ؟ حتى يتصرفوا فى الخلق كما يشاؤون ؟ لا بل هو الله المالك المتصرف .

فكل كلمة جاءت في مكانها المناسب بها. 

فسبحان من هذا كلامه  !!!

[١٤‏/١٢‏/٢٠٢٤, ٥:١٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه : (أءنزل عليه الذكر من بيننا)(8) وقوله سبحانه فى سورة القمر : (أءلقى الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر)(25)   قال فى الأولى : (أءنزل عليه الذكر من بيننا) وقال فى الثانية : (أءلقى الذكر عليه من بيننا)  فما الفرق بين الموضعين ومن خلال استعراض تفسير الآيتين يتضح الفرق بين الموضعين . الموضع الأول جاء فى حق النبى صلى الله عليه وسلم وجاء الموضع الثانى فى حق نبى الله صالح عليه السلام يعنى الأول فى نزول القرآن على النبى محمد صلى الله عليه وسلم والثانى فى نزول الوحى على نبى الله صالح عليه السلام

[١٥‏/١٢‏/٢٠٢٤, ٩:٣٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: لفظ الإنزال : جاء للكتب المنزلة على الأنبياء وذلك مثل قوله تعالى فى سورة آل عمران : (نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل)(من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان...الآية)(4:3) والآيات فى ذلك المعنى كثيرة فى كتاب الله . أما الإلقاء:فهو أعم من الإنزال فهو خاص بالوحى والرسالة على جميع الأنبياء والمرسلين . جاء فى تفسير الآية الأولى : (أءنزل عليه الذكر من بيننا...الآية) الاستفهام للإنكار أى : هل تنزل القرآن على محمد من دوننا مع أن فينا من هو أكثر منه مالا وأعلى رياسة ؟

[١٥‏/١٢‏/٢٠٢٤, ٩:٤٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: فلما تحدثت اﻵية عن القرآن ناسب قوله سبحانه : (أءنزل عليه الذكر) وتقدمت : (عليه) للحصر فإن القرآن لم ينزل إلا على النبى محمد صلى الله عليه وسلم . وجاء فى تفسير الآية الثانية : (أءلقى الذكر عليه من بيننا) الاستفهام للإنكار أى : هل خص بالوحى والرسالة وحده دوننا ؟ وفينا من هو أكثر مالا وأحسن حالا ؟ فلما تحدثت الآية عن الوحى والرسالة ناسب قوله تعالى : (أءلقى الذكر عليه من بيننا) سياق الآية وتقدم : (الذكر) على : (عليه) للعموم وعدم الحصر فإن الوحى ينزل على جميع الأنبياء والمرسلين .

[١٥‏/١٢‏/٢٠٢٤, ١٠:٢٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه : (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب)(29) الآية تبين الهدف الأغلى من نزول القرآن وهو التدبر والتذكر والتدبر لغة : مأخوذ من مادة(دب ر) وهى آخر الشيئ وخلفه وجاء على صيغة التفعل ليدل على تكلف الفعل وحصوله بعد جهد قال العلامة الآلوسى : (وأصل التدبر : التأمل فى أدبار الأمور وعواقبها ثم استعمل فى كل تأمل سواء كان نظرا فى حقيقة الشيئ وأجزائه أو سوابقه وأسبابه أو لواحقه وأعقابه)(روح المعانى92:5)

[١٥‏/١٢‏/٢٠٢٤, ١٠:٣٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: والتدبر اصطلاحا : هو التفكر الشامل الواصل إلى أواخر الألفاظ والكلمات والآيات والسور القرأنية ومراميها البعيدة . جاء فى تفسير الآية : أى هذا الكتاب الذى أنزلناه عليك يامحمد كتاب عظيم جليل كثير الخيرات والمنافع الدينية والدنيوية ، أنزلناه ليتدبروا آياته ويتفكروا بما فيها من الأسرار العجيبة والحكم الجليلة ، ويتعظ بهذا القرآن أصحاب العقول السليمة .

[١٥‏/١٢‏/٢٠٢٤, ١٠:٣٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: قال الحسن البصرى : والله ماتدبره بحفظ حروفه وإضاعة حدوده حتى إن أحدهم ليقول : والله لقد قرأت القرآن فما أسقطت منه حرفا ، وقد أسقطه والله كله مايرى للقرآن عليه أثر فى خلق ولاعمل . وقد أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم فى المدينة قوله سبحانه فى سورة النساء : (أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا)(82) وقد جاءت اﻵية فى ثنايا آيات تتحدث عن المنافقين وهم الذين يتظاهرون بالإسلام ويعلنون الطاعة ويحضرون مجالس النبى صلى الله عليه وسلم فدعاهم الله فى هذه الآية إلى تدبر القرآن لعلهم يرجعون عن نفاقهم ويؤمنون بالله.

[١٩‏/١٢‏/٢٠٢٤, ١٠:٢٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه : (واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أنى مسنى الشيطان بنصب وعذاب)(اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب)(ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى لأولى الألباب)(43:41)  وقوله سبحانه فى سورة الأنبياء : (وأيوب إذ نادى ربه أنى مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين)(فاستجبنا له فكشفنا مابه من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين)(84:83) 

فما الفرق بين الموضعين ؟ ومن خلال استعراض تفسير الآيات وسياقها يتبين الفرق .

[٧/‏١, ١٠:١٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: من خلال استقراء الآيات تبين أن موضع سورة ص فيه تفصيل فى دعاء أيوب ولذلك جاء تفصيل علاج البلاء ، أما موضع سورة الأنبياء جاء مجملا فجاء العلاج مجملا دون تفصيل : (فكشفنا مابه من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين) جاء فى تفسير آية سورة ص : وضع فى ذاكرتك قصة عبدنا أيوب حين دعا ربه يسأله الشفاء فقال : أنى أصابنى الشيطان بمشقة وضر ومؤلمات جسدية ونفسية وقد زادت وساوس الشيطان بسبب طول المرض وضاعفت هذه الوساوس من متاعبى وآلامى فقلنا له فور ندائه اضرب برجلك الأرض تتفجر لك عين ماء عذب بارد فاغتسل بهذا الماء واشرب منه يذهب عنك كل داء .

[٧/‏١, ١٠:٣٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: وجاء فى تفسير آية الأنبياء : وضع فى ذاكرتك- أيها المتلقى لبياننا- مادعا به أيوب ربه ليرفع عنه الضر الذى مسه وطال أمده فيه حين قال فى دعائه لربه متوجها إليه بقلبه ونفسه : أنى مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين ، فأجبنا دعائه فأزلنا مابه من سوء الحال فى جسده ورفعنا عنه البلاء . فلما كان الدعاء مجملا دون تفصيل جاء الرد مجملا بكشف الضر من أرحم الراحمين . فناسب كل موضع مكانه المناسب به .

[٧/‏١, ١٠:٥٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه : (فاستجبنا له فكشفنا مابه من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين)(84)(الانبياء) وفى سورة ص :( ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى لأولى الألباب)(43)  قال فى الأنبياء : (وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى للعابدين) وفى سورة ص : (ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى لأولى الألباب) فما سبب الاختلاف بين الموضعين : آية الأنبياء فيها عموم وآية ص فيه خصوص ،  ففى الأنبياء الإتيان عام فناسب قوله تعالى : (رحمه من عندنا) وأيضا ناسب قوله سبحانه : (وذكرى للعابدين) ، وفى ص   : (ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا)

[٧/‏١, ١١:٠١ م] حسن أحمد حسن سليمان: لفظ : ( الوهب) أخص من لفظ : (الإتيان) فناسب قوله : (رحمة منا) وناسب أيضا  قوله سبحانه : (وذكرى لأولى الألباب) فأصحاب العقول والبصائر هم فى الناس قليلون والعابدون كثيرون فجاء كل لفظ مناسب مع سياق الآيات فى كل موضع فموضع الأنبياء فيه عموم فجاءت ألفاظه فيها عموم : (فاستجبنا له فكشفنا مابه من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين) وجاء موضع (ص)  فيه خصوص فجاءت ألفاظه فيها خصوص : (ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى لأولى الألباب) .

[٢٤/‏١, ٨:٣٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة الأعراف : (قال ادخلوا فى أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس فى النار كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا اداركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤﻻء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لاتعلمون)(38) وقوله سبحانه فى سورة ص : (قالوا ربنا من قدم لنا هذا فزده عذابا ضعف فى النار)(61)  قال فى الأولى (عذابا ضعف من النار) وقال فى الثانية : 

(عذابا ضعف فى النار) فما سبب ذلك ؟

[٢٥/‏١, ٣:١٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: معنى حرف الجر(من) : يفيد التبعيض ، ومعنى حرف الجر (فى) : يفيد الظرفية الزمانية والمكانية ، وواضح من سياق اﻵيات أن الأمر فى سورة ( ص) أشد من الأمر فى سورة ( الأعراف) ، جاء فى تفسير آية الأعراف : قال الله سبحانه وتعالى يوم القيامة لمن افترى عليه الكذب وجعل له شريك فى خلقه : ادخلوا فى جملة جماعة قد مضت من قبلكم من الجن والإنس فى النار هى مستقركم ومأواكم كلما دخلت أمة لعنت أختها من أهل ملتها فى الدين ، حتى إذا تلاحقوا واجتمعوا فى النار جميعا .

[٢٥/‏١, ٣:٢١ م] حسن أحمد حسن سليمان: ولحق آخرهم أولهم  ، قالت آخر الأمم دخولا النار - وهم الأتباع - عن أولهم دخولا النار - وهم القادة - ربنا هؤلاء القادة والرؤساء أضلونا عن الهدى بدعوتهم إيانا إلى الضلال ، فآتهم عذابا مضاعفا من عذاب النار  ، قال الله تعالى : للتابع والمتبوع مثل جرمه ، ولكن لاتعلمون ما أعد الله لكل فريق من العذاب . وقال القادة لأتباعهم : قد ضللتم كما ضللنا ، وكفرتم كما كفرنا نحن وأنتم متساوون فى العذاب ، ليس لكم علينا أى فضل يخفف عنكم العذاب .

[٢٥/‏١, ٣:٣٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: سياق الآيات فى سورة (ص) يدل على أن الأمر أشد مما جاء فى سورة (الأعراف) ، جاء فى سورة (ص) : قوله سبحانه : (هذا وإن للطاغين لشر مئاب)(جهنم يصلونها فبئس المهاد)(هذا فليذوقوه حميم وغساق)(وآخر من شكله أزواج)(هذا فوج مقتحم معكم لامرحبا بهم إنهم صالوا النار)(قالوا بل أنتم لامرحبا بكم أنتم قدمتوه لنا فبئس القرار)(قالوا ربنا من قدم لنا هذا فزده عذابا ضعفا فى النار)(61:55)

[٢٥/‏١, ٤:٤٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: بدأت الآيات بأن المتجاوزون الحد فى الكفر والمعاصى فلهم شر مرجع يرجعون إليه جهنم يدخلونها ، ويقاسون حرها ، فبئس الفراش فراشهم ، (فبئس المهاد) جاءت بالفاء التى تدل على السرعة وهى موضع وحيد فى القرآن  وباقى المواضع : (وبئس المهاد) ، وهذا العذاب ماء حار ، وصديد يسيل من جلود أهل النار ، فليذوقوه مجبورين مكرهين ، وآخر من مثل هذا العذاب فى الشدة والفظاعة : أصناف وأجناس .

[٢٥/‏١, ٤:٤٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: تقول خزنة جهنم : هذا جمع كثير من أتباعكم فى الضلال داخل معكم النار كما دخلتموها أيها القادة ، فيجيب القادة : لانريد أن يكونوا شركاءنا فى مستقرات عذابنا ، إنهم معذبون بعذاب الحريق فى النار بأسباب من أنفسهم . قال فوج الأتباع للقادة : بل أنتم لامرحبا بكم ، لأنكم بدأتم بالكفر قبلنا ، وشرعتموه لنا ، فأنتم بإغوئكم وإضلالكم قدمتم هذا العذاب لنا ، فبئس القرار قراركم فى قاع الجحيم . قال فوج الأتباع : ربنا من قدم لنا هذا العذاب بإغوائه وإضلاله وتحريضه ، فزده عذابا مضاعفا فى النار ، عذابا لغوايتهم ، وعذابا لإغوائهم لنا ، ولاريب أن سياق الآيات فى سورة ص أشد منه فى سورة الأعراف

[٢٥/‏١, ٥:٠٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: قالوا فى سورة ص :(فزده عذابا ضعفا فى النار) وفى الأعراف : (فآتهم عذابا ضعفا من النار) والزيادة يمكن أن تكون أكثر من الضعف وجاءت الألفاظ : (فبئس المهاد) (فبئس القرار) تدل على السرعة وقوله سبحانه: (هذا وإن للطاغين لشر مئاب) بلفظ الطاغين ولشر مئاب مؤكدة باللام وقوله : (لامرحبا بهم) و (بل أنتم لامرحبا بكم) كلها ألفاظ تدل على شدة الأمر فناسب قوله تعالى:(عذابا ضعفا فى النار) سورة ص ، كما ناسب قوله سبحانه : (فآتهم عذابا ضعفا من النار) سورة الأعراف.  فجاء كل لفظ مناسب فى مكانه. فسبحان من هذا كلامه!!!

السبت، 4 يناير 2025

(ثم انظروا)(فانظروا)

 [٦‏/١٢‏/٢٠٢٤, ١٠:٥٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى :

(بلاغة اللفظ القرآنى) 

(فانظروا) (ثم انظروا)

جاء الأول فى خمس مواضع من القرآن وجاء الثانى فى موضع وحيد فى القرآن وإليك بيان ذلك : قوله سبحانه : (قد خلت من قبلكم سنن فسيروا فى الأرض فانظروا كيف كان المكذبين)(137)(آل عمران) وقوله سبحانه : (فسيروا فى الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين)(نهاية الآية36)(النحل) وقوله سبحانه فى سورة النمل  : (قل سيروا فى الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين)(69) وقوله سبحانه فى سورة العنكبوت : (قل سيروا فى الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق...الآية)(20) وقوله سبحانه فى سورة الروم : (قل سيروا فى الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان أكثرهم مشركين)(42)

[٧‏/١٢‏/٢٠٢٤, ١١:١١ م] حسن أحمد حسن سليمان: وأما الموضع الثانى : قوله سبحانه فى سورة الأنعام : (قل سيروا فى الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين)(11) . فما سبب الاختلاف بين المواضع الخمس وبين موضع الأنعام ؟! وقبل الإجابة لابد من معرفة الفرق بين الفاء وثم  : الفاء تفيد الترتيب والتعقيب تدل على السرعة ، وثم : تدل على الترتيب والتراخى تفيد التأخير وذلك مثل قوله تعالى : (قتل الإنسان ماأكفره)(من أى شيئ خلقه)(من نطفة خلقه فقدره)(ثم السبيل يسره)(ثم أماته فأقبره)(ثم إذا شاء أنشره)(22:17)(عبس) (خلقه فقدره) تدل على السرعة(ثم أماته فأقبره) فأقبره : تدل على سرعة دفن من الميت وهذا من السنة

[٢٤‏/١٢‏/٢٠٢٤, ١٠:٣٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: وجاء موضع الأنعام موافق لنسق السورة حيث تكررت :( ثم ) فى السورة قريب من عشرين مرة :(20) وإليك بيان ذلك فى قوله سبحانه : (الحمد لله الذى خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون)(هو الذى خلقكم من طين ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده ثم أنتم تمترون)(2:1) وقوله سبحانه : (وقالوا لولا أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكا لقضى الأمر ثم لاينظرون)(8) والآية التى نحن بصددها : (قل سيروا فى الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين)(11)

[٢٤‏/١٢‏/٢٠٢٤, ١٠:٤٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: وقوله سبحانه : ( ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون)(ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ماكنا مشركين)(23:22) وقوله سبحانه (إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون)(36) وقوله سبحانه : ( ومامن دابة فى الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم مافرطنا فى الكتاب من شيئ ثم إلى ربهم يحشرون)(38) وقوله سبحانه : (وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوء بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم)(54)

[٢٥‏/١٢‏/٢٠٢٤, ١١:٣٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: وقوله سبحانه : (وهو الذى يتوفاكم بالليل ويعلم ماجرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضى أجل ثم إليه مرجعكم ثم ينبئكم بما كنتم تعملون)(60)  وقوله سبحانه : (ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين)(62)  وقوله سبحانه : (ثم ذرهم فى خوضهم يلعبون)(نهاية الآية 91) وقوله سبحانه : (ولاتسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون)(108) وقوله سبحانه : (ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذى أحسن وتفصيلا لكل شيئ وهدى ورحمة لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون)(154)

[٢٨‏/١٢‏/٢٠٢٤, ٤:٢٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: وقوله سبحانه : (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم فى شيئ إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون)(159) وقوله سبحانه : (قل أغير الله أبغى ربا وهو رب كل شيئ ولاتكسب كل نفس إلا عليها  ولاتزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون)(164) وهى الآية قبل الأخيرة فى السورة ، فبدأت السورة بذكر (ثم) وذلك فى قوله تعالى : (الحمد لله الذى خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون)(1) وانتهت فى الآية قبل الأخيرة بها .

[٢/‏١, ١٠:٤٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: وباستقراء آيات السورة نجد جو السورة هو جو الاستقبال وقد ناسب تكرر : (ثم ) قريب من عشرين مرة ، وأكثر آيات السورة تعرضت للكلام عن مشركى العرب وماكانوا يحرموه من أنواع الأنعام والرد عليهم وتفنيد وإبطال ماكانوا يحرمونه وقد طلبوا نزول العذاب وهو عذاب الإستئصال فرفع عنهم كرامة لوجود النبى صلى الله عليه وسلم بينهم وذلك فى قوله تعالى فى سورة الأنفال : (وماكان الله ليعذبهم وأنت فيهم وماكان معذبهم وهم يستغفرون)(33)

[٢/‏١, ١١:٠٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: وكما جاء فى السورة قوله سبحانه : (قل إنى على بينة من ربى وكذبتم به ماعندى ماتستعجلون به إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين)(قل لو أن عندى ماتستعجلون به لقضى الأمر بينى وبينكم والله أعلم بالظالمين)(58:57)  ولم تتعرض السورة لسرد قصص الأنبياء كسور الأعراف ويونس وهود وغيرها من السور . فناسب تكرار : (ثم) سياق السورة وجوها العام  . 

فجاءت كل كلمة مناسبة فى موضعها .فسبحان من هذا كلامه