[٣٠/٨, ٣:٠٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى : قوله سبحانه : (سبحانه وتعالى عما يشركون)
(سبحان الله وتعالى عما يشركون) ، جاء الأول فى أربع مواضع من القرآن العظيم ، وجاء الثانى فى موضع وحيد ، فى سورة القصص . وإليك بيان ذلك : قوله سبحانه فى سورة يونس : (ويعبدون من دون الله مالا يضرهم ولاينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لايعلم فى السموات ولا فى الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون)(18) فهؤلاء المشركون يعبدون من دون الله مالا يضرهم شيئا ولاينفعهم فى الدنيا والآخرة ، ويقولون : إنما نعبدهم ليشفعوا لنا عند الله ، فهذا من الشرك ، فناسب قوله سبحانه : (سبحانه وتعالى عما يشركون) سياق الآية .
[٣٠/٨, ٣:١١ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة النحل أول السورة : (أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون)(1) : قدر الله وقضى وحدد وقتا قريبا لعقابكم- أيها الكفار- على كفركم ومعاندتكم لرسول ربكم ، فلا تكذبوا به ، ولاتطلبوا تعجيله قبل أوانه، فإنه واقع لا محالة . وهذا دلالة الفعل الماضى : (أتى) . وقد ارتبط المعنى فى قوله : (سبحانه وتعالى عما يشركون) بما جاء فى آخر سورة الحجر فى قوله سبحانه : (فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين)(إنا كفيناك المستهزءين)(الذين يجعلون مع الله إلها آخر فسوف يعلمون)(96:94) فكان الحديث عن المشركين فناسب أول سورة النحل قوله سبحانه وتعالى عما يشركون مع آخر سورة الحجر .
[٣٠/٨, ٣:٢٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: كما ناسب قوله تعالى : (سبحانه وتعالى عما يشركون) الآيتين بعده وذلك فى قوله تعالى : (ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون)(خلق السموات والأرض بالحق تعالى عما يشركون)(3:2) ، فهو سبحانه ينزل الملائكة مصحوبة بجبريل عليه السلام بتعاليم الدين من أمره على من يصطفيه من عباده للنبوة والرسالة، ليأمروا قومهم بعبادة الله وحده ولايشركوا معه أحد فى عبادته ، ويأمروهم بأن يتقوا عذاب ربهم بطاعته . فهو الذى خلق السموات والأرض بالحق ولم يخلقهما باطلا ولاعبثا، فهو لا رب سواه .
[٣٠/٨, ٣:٤١ م] حسن أحمد حسن سليمان: الموضع الثالث جاء فى سورة الروم : قوله سبحانه : (الله الذى خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيئ سبحانه وتعالى عما يشركون)(40) ، فالله وحده هو الذى- أيها الناس- ثم رزقكم فى هذه الحياة ، ثم يميتكم بانتهاء آجالكم ، ثم يبعثكم من القبور أحياء للحساب والجزاء ، هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيئ ؟ تنزه الله وتقدس عن شرك هؤلاء المشركين به . وقد ناسب قوله( سبحانه وتعالى عما يشركون) ماجاء قبله من الآيات وذلك فى قوله تعالى : (منيبين إليه واتقوه ولاتكونوا من المشركين)(من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون)(32:31)
[٣٠/٨, ٤:٥٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: وقوله سبحانه : (وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه ثم إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بربهم يشركون)(ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون)(أم أنزلنا عليهم سلطانا فهو يتكلم بما كانوا به يشركون)(35:33) . وأيضا ناسب قوله تعالى : (قل سيروا فى الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان أكثرهم مشركون)(42) ، وهى دعوة لهؤلاء المشركين جميعا ، أن يسيروا فى نواحي الأرض سير اعتبار وتفكر ، فينظروا كيف كان عاقبة الأمم المكذبة لرسلهم ، ويتفكروا كيف أهلكهم الله إهلاكا جماعيا ، لأنهم كانوا مشركين فى ربوبية الله، وفى إلهيته، واتخذوا من دونه آلهة باطلة، وزعموا أنها تجلب لعابديها نفعا ، وتدفع عنهم ضرا .
[٣٠/٨, ٥:٢٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: الموضع الرابع : قوله سبحانه فى سورة الزمر : ( وماقدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون)(67) أى : وماعظم هؤلاء المشركين الله حق تعظيمه ؛ إذ عبدوا معه غيره مما لاينفع ولايضر ، فسووا المخلوق مع عجزه بالخالق العظيم ، الذى من عظيم قدرته أن جميع الأرض فى قبضته يوم القيامة ، والسموات مطويات بيمينه ، تنزه وتعاظم سبحانه وتعالى عما يشرك به هؤلاء المشركون ، وفى الآية دليل على إثبات القبضة، واليمين، والطى، لله كما يليق بجلاله وعظمته، من غير تكييف ولاتشبيه . فناسب قوله سبحانه : (سبحانه وتعالى عما يشركون) معنى الآية وتفسيرها .
[٣٠/٨, ٥:٣٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: كما ناسب ماجاء قبل الآية من الآيات وذلك فى قوله تعالى : (قل أفغير الله تأمرونى أعبد أيها الجاهلون)(ولقد أوحى إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين)(بل الله فاعبد وكن من الشاكرين)(66:64) ، جاء فى تفسير الآيات : قل-أيها الرسول- لمشركى قومك : أفغير الله أيها الجاهلون بالله تأمرونى أن أعبد ، ولاتصلح العبادة لشئ سواه ؟ ولقد أوحى إليك-أيها الرسول- وإلى الذين من قبلك من الرسل : لئن أشركت بالله غيره ليبطلن عملك ، ولتكونن من الهالكين الخاسرين دينك وآخرتك ، بل الله فاعبد- أيها النبى- وكن من الشاكرين لله نعمه . والخطاب هو للأمة .
[٣٠/٨, ٥:٤٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما موضع سورة القصص : ( سبحان الله وتعالى عما يشركون) أتى باللفظ الصريح :(سبحان الله) ولم يأتى بالضمير : (سبحانه) كما فى المواضع الأربع ، وذلك للمعنى العظيم للآية ، والملاحظ فى القرآن أنه إذا جاء لفظ الجلالة أو لفظ الرب فى سياق الآية ، أتى بالضمير (سبحانه) فعاد الضمير عليه . فإذا ذكر اللفظ فى نهاية الآية، فهو جاء لتأكيد معنى فى الآية .
قوله سبحانه : (وربك يخلق مايشاء ويختار ماكان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون) أى : وربك المالك المطلق ، يخلق مايشاء خلقه ، ويصطفى مايشاء لولايته من خلقه ، وليس لأحد من الأمر والاختيار من شيئ ، وإنما ذلك لله وحده سبحانه ، تعالى تنزه عن شركهم .
[٣٠/٨, ٦:٠٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: كما ناسب ماجاء بعده من الآيات وذلك فى قوله تعالى : (وربك يعلم ماتكن صدورهم وما يعلنون)(وهو الله لا إله إلا هو له الحمد فى الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون)(70:69) : وربك يعلم ماتخفى صدور خلقه وما يظهرونه ؛ وهو الله الذى لا معبود بحق سواه ، له الثناء الجميل ، والشكر فى الدنيا والآخرة ، وله الحكم بين خلقه ، وإليه تردون بعد مماتكم للحساب والجزاء . فكيف تشركون بهذا الإله العظيم ؟ ! .
فسبحان من هذا كلامه !!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق