[٤/١٠, ٥:٢٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى : (بلاغة اللفظ القرآنى) قوله سبحانه فى سورة غافر : (الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم)(7) ، وقوله سبحانه فى سورة الشورى : (تكاد السموات يتفطرن من فوقهن والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن فى الأرض ألا إن الله هو الغفور الرحيم)(5) زاد فى آية سورة الزمر : (ويؤمنون به) فما سبب هذه الزيادة ، ومعروف أن الملائكة يؤمنون بربهم ، فهم لايعصون الله ماأمرهم ويفعلون مايؤمرون ، فقد خلقهم الله على الطاعة .
[١٢/١٠, ١٠:٢٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: معنى : (ويؤمنون به) أى : يصدقون تصديقا جازما بأنه واحد لاشريك له ، وأنه لارب سواه ، وقد جاء ذلك من باب المقابلة ، للآيات التى جاءت قبل الآية فى السورة : (مايجادل فى آيات الله إلا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم فى البلاد)(كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب)(وكذلك حقت كلمت ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار)(6:4) . فلما ذكر مجادلة الكفار فى آيات الله ، وذكر الأمم المكذبة لرسلهم ، قابل ذلك بذكر إيمان حملة العرش، وهم أشرف الملائكة وأفضلهم لقربهم من الله عز وجل .
[١٢/١٠, ١٠:٣١ م] حسن أحمد حسن سليمان: فلا يضره عز وجل كفر من كفر ، ولاينفعه إيمان من آمن . فحملة العرش وهم من أشرف الملائكة وأفضلهم لقربهم من الله عز وجل، ومن حول العرش ممن يحف به من سادات الملائكة ، ينزهون الله عن كل نقص تنزيها مقترن بحمده ، ويصدقون بأنه واحد لاشريك له، ولامثل له ولانظير ، فإيمانهم بالله ، وتعظيمهم له راسخ لايتزعزع . وهم مع عبادتهم واستغراقهم فى تسبيح الله وتمجيده ، يطلبون من الله المغفرة للمؤمنين (ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم) وفى وصف الله تعالى بالرحمة والعلم-وهو ثناء قبل الدعاء- تعليم العباد أدب السؤال والدعاء .
[١٢/١٠, ١٠:٤٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: فناسب قوله : (ويؤمنون به) سياق الآيات فى السورة ، وقد جاءت آيات تؤكد على هذا المعنى ، ففى قوله سبحانه فى سورة النساء : (ولله مافى السموات ومافى اﻷرض ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله وإن تكفروا فإن لله مافي السموات ومافي اﻷرض وكان الله غنيا حميدا)(131) ، وقوله سبحانه فى نفس السورة : (ياأيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيرا لكم وإن تكفروا فإن لله مافي السموات والأرض وكان الله عليما حكيما)(170) ، وقوله سبحانه فى سورة إبراهيم : (وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن فى الأرض جميعا فإن الله لغنى حميد)(8) .
[١٢/١٠, ١١:١٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: وقوله سبحانه فى سورة الزمر : (إن تكفروا فإن الله غنى عنكم ولايرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم ولاتزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون إنه عليم بذات الصدور)(7) . فهو سبحانه غنى عن خلقه ، فلو كفر كل أهل الأرض، فلن يضروا الله شيئا ، فإن الله لغنى عن خلقه ، مستحق للحمد والثناء ، محمود فى كل حال . ولايرضى لعباده الكفر ، ولايأمرهم به ، لأنه يكون سبب شقائهم فى الدنيا والآخرة ، وإنما يرضى لهم شكر نعمه عليهم ، لأنه يكون سبب سعادتهم فى الدنيا والآخرة .
[١٣/١٠, ١٠:٤٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما آية سورة الشورى : (والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن فى الأرض) معناه : للمؤمنين الذين فى الأرض ، وهذا محكى عن ابن عباس رضي الله عنهما ، واللفظ عام أريد به الخاص ، وقال خلف بن هشام البزاز القارئ : كنت أقرأ على سليم بن عيسى فلما بلغت : (ويستغفرون للذين آمنوا) بكى ، ثم قال : ياخلف ماأكرم المؤمن على الله ، نائما على فراشه ، والملائكة يستغفرون له ! ) . وعن أبى هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( الملائكة تصلى على أحدكم مادام فى مصلاه الذى صلى فيه مالم يحدث ، تقول : اللهم اغفر له ، اللهم ارحمه ) أخرجه البخارى (445) ، ومسلم (649) مطولا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق