السبت، 23 أغسطس 2025

(حول سورة الواقعة)

 [٢٣/‏٨, ٨:٠٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى :

(التقديم والتأخير) 

قوله سبحانه فى سورة الواقعة : (ثم إنكم أيها الضالون المكذبون)(51)  وقوله سبحانه فى نفس السورة : (وأما إن كان من المكذبين الضالين)(92) ؛ ففى الآية الأولى قدم (الضالون) على (المكذبون) ، وفى الآية الثانية  قدم (المكذبين) على (الضالين) . فما سبب ذلك ؟ وبالرجوع إلى سياق الآيات وتفسيرها يتبين الفرق بين الموضعين . ولاريب أن الضلال أعم من الكذب ، وهو الأصل فى تقديمه على الكذب وهذا فى الموضع الأول ، جاء فى تفسير اﻵية : ثم إنكم أيها الضالون عن طريق الهدى المكذبون بوعيد الله ووعده ، لآكلون من شجر من زقوم ، وهو من أقبح الشجر ، فمالئون منها بطونكم ؛ لشدة الجوع ، فشاربون عليه ماء متناهيا فى الحرارة لايروى ظمأ ، فشاربون منه بكثرة،  كشرب الإبل العطاش التى لاتروى لداء يصيبها.

[٢٣/‏٨, ٨:٠٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما الموضع الثاني قدم (المكذبين) على(الضالين) لسياق الآيات قبل الآية ، وذلك فى قوله : (أفبهذا الحديث أنتم مدهنون)(وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون)(82:81) ، وقوله تعالى : (فلولا إن كنتم غير مدينين)(ترجعونها إن كنتم صادقين)(87:86) ، جاء فى تفسير الآيات : أفبهاذا القرآن أنتم-أيها المشركون- مكذبون ؟ ؛ وتجعلون شكركم لنعم الله عليكم أنكم تكذبون بها وتكفرون؟ وفى هذا إنكار على من يتهاون بأمر القرآن ولايبالى بدعوته . وهل تستطيعون إن كنتم غير محاسبين ولامجزيين بأعمالكم أن تعيدوا الروح إلى الجسد،  بعد قبضها، إن كنتم صادقين ؟ لن ترجعوها لأنكم كاذبون . فسبحان من هذا كلامه

[٢٣/‏٨, ٨:٠٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: ومن روائع البيان القرآنى : فى التقديم والتأخير فى سورة الواقعة : أول السورة مع آخرها ، وذلك فى الآيات  : (وكنتم أزواجا ثلاثة)(فأصحاب الميمنة ماأصحاب الميمنة)(وأصحاب المشئمة ماأصحاب المشئمة)(والسابقون السابقون)(أولئك المقربون)(فى جنات النعيم)(ثلة من الأولين)(وقليل من الآخرين)(14:7) ؛ وفى آخر السورة ، وهو يصف جزاء كل صنف ، الذين ذكرهم فى أول السورة ، بدأ بالصنف الأخير وهم المقربون ؛ كما جاء فى قوله سبحانه : (فأما إن كان من المقربين)(فروح وريحان وجنت نعيم)(وأما إن كان من أصحاب اليمين)(فسلام لك من أصحاب اليمين)(وأما إن كان من المكذبين الضالين)(فنزل من حميم)( وتصلية جحيم)(إن هذا لهو حق اليقين)(فسبح باسم ربك العظيم)(96:88)

[٢٣/‏٨, ٨:٠٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: ولعل تأخيرهم فى أول السورة : إما لقلة عددهم ، فهم فى الناس قلة ، وذلك كما جاء فى قوله سبحانه فى سورة فاطر : (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير)(32) ، فبدأ بالظالم لنفسه ، لكثرة عدده ، فهذا مايسمى بتقديم الكثرة ، وختم بالسابق بالخيرات لقلة عدده . ولعل السبب الثانى : أنه سيبدأ ببيان جزاءهم فى الآخرة . ولعل السبب الثالث : أنه بدأ السورة  بقيام الساعة ، وأنها خافضة لأعداء الله فى النار ، رافعة لأوليائه فى الجنة . إذا حركت الأرض تحريكا شديدا ، وفتتت الجبال تفتيتا دقيقا ، فصارت غبارا متطايرا فى الجو قد ذرته الريح . فهم المقربون فى المنازل العالية فى الجنة . وهم جماعة كثيرة من صدر هذه الأمة ، وغيرهم من الأمم الأخرى،  وقليل من آخر هذه الأمة .

[٢٣/‏٨, ٨:٠٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: وأما تقديمهم فى آخر السورة فسبب ذلك ، أنه جاء بعد ذكر الموت فى قوله سبحانه : (فلولا إذا بلغت الحلقوم)(83)  وذلك عند بلوغ الروح الحلقوم عند النزع ، فأما إن كان الميت من السابقين المقربين ، فله عند موته الرحمة الواسعةوالفرح وماتطيب به نفسه ، وله جنت النعيم فى الآخرة . وأما إن كان من أصحاب اليمين ، فيقال له : سلامة لك وأمن  . وأما إن كان من المكذبين بالبعث ، الضالين عن الهدى، فله ضيافة من شراب جهنم المغلى المتناهى الحرارة  ، والنار يحرق بها ، ويقاسى عذابها الشديد . فتقديم السابقين المقربين : لأنهم يوم القيامة مقدمين على غيرهم ، فهم أصحاب المنازل العالية فى الجنة .لذلك قدمهم فى آخر السورة . 

فسبحان من هذا كلامه !!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق