[٢٣/٩, ١٠:٠٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى :
(بلاغة اللفظ القرآنى)
(ألم يروا)(أو لم يروا)(ألم تروا) . تكرر الأول فى أربع مواضع من القرآن العظيم فى صدر الآية ، وموضع خامس جاء وسط الآية ، وتكرر الثانى فى اثنى عشرا موضعا ، وتكرر الثالث فى موضعين من القرآن ، وإليك بيانها : قوله سبحانه فى سورة الأنعام : (ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم فى الأرض مالم نمكن لهم وأرسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا الأنهار تجرى من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا أخرين)(6) ، وقوله سبحانه فى سورة الأعراف : (واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنه لايكلمهم ولايهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين)(148)
[٢٣/٩, ١٠:١٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: وقوله سبحانه فى سورة النحل : (ألم يروا إلى الطير مسخرات فى جو السماء مايمسكهن إلا الله إن فى ذلك لآيات لقوم يؤمنون)(79) ، وقوله سبحانه فى سورة النمل : (ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصرا إن فى ذلك لآيات لقوم يؤمنون)(86) ، وقوله سبحانه فى سورة يس : ( ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لايرجعون)(31) . وباستقراء الآيات فى المواضع الخمس ، نجد أنها تتحدث عن شئ معنوى ، أو خبر الله لنا بإهلاك الأمم المكذبة لرسلهم . وسوف يتضح هذا المعنى من خلال استعراض تفسير الآيات .
[٢٤/٩, ٢:٤٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: موضع سورة الأنعام : (ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم فى الأرض...الآية) أى : ألم يعلم هؤلاء الذين يجحدون وحدانية الله تعالى واستحقاقه وحده العبادة ، ويكذبون رسوله صلى الله عليه وسلم ماحل بالأمم المكذبة قبلهم من هلاك وتدمير ، وقد مكناهم الله فى الأرض مالم نمكن لكم أيها الكافرون، وأنعمنا عليهم بإنزال الأمطار وجريان الأنهار من تحت مساكنهم ؛ استدراجا وإملاء لهم ، فكفروا بنعم الله وكذبوا الرسل ، فأهلكناهم بسبب ذنوبهم ، وأنشأنا من بعدهم أمما أخرى خلفوهم فى عمارة الأرض . والتعبير بالرؤيا البصرية مكان العلم لأن الخبر من الله ، كأنه رؤية بصرية لتحقق وقوعه ، وهذا كقوله تعالى :(ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل)(1)(سورة الفيل) .
[٢٤/٩, ٣:٠٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: موضع سورة الأعراف :( واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنه لايكلمهم ولايهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين)(148) أى : واتخذ قوم موسى من بعد مافارقهم ماضيا لمناجاة ربه معبودا من ذهبهم ، عجلا جسدا بلا روح ، له صوت ، ألم يعلموا أنه لايكلمهم ، ولايرشدهم إلى خير ؟ أقدموا على ماأقدموا من هذا الأمر الشنيع ، وكانوا ظالمين لأنفسهم واضعين الشيئ فى غير موضعه . وهو عجلا جسدا بلاروح ، فهذا أمر معنوى وليس حسى ، فلذلك استعمل القرآن لفظ : ( ألم يروا ) .
[٢٦/٩, ٧:١٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: موضع سورة النحل : قوله سبحانه : (ألم يروا إلى الطير مسخرات فى جو السماء مايمسكهن إلا الله إن فى ذلك لآيات لقوم يؤمنون)(79) . وجاء موضع آخر فى سورة الملك بنفس المعنى مع اختلاف الألفاظ قوله سبحانه : (أو لم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن مايمسكهن إلا الرحمن إنه بكل شيئ بصير)(19) . فى الموضع الأول استعمل (ألم يروا) ، وفى الموضع الثانى استعمل (أو لم يروا) . والموضوع واحد . فما سبب ذلك ؟ ، جاء فى تفسير اﻵية الأولى : ألم يشاهدوا الطيور مذللات للطيران ، فى ذلك الفضاء الواسع بين السماء والأرض ؟ مايمسكهن عن السقوط عند قبض أجنحتهن وبسطها إلا هو سبحانه وتعالى .
[٢٦/٩, ٩:٠٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: استعمال لفظ : (ألم يروا) فى الآية الأولى ، فلفظ مسخرات أو مذللات للطيران لايعلم كيفيتها إلا الله وحده ، فهو الذى خلقها بخلقة تصلح للطيران ثم سخر لها هذا الهواء اللطيف ، ثم أودع فيها من قوة الحركة ماقدرت به على ذلك . فناسب سياق الآية لفظ(ألم يروا). أما موضع سورة الملك استعمل لفظ : (أولم يروا) ، فهذا اللفظ أتى فى مواضعه للشيئ المشاهد ، كما سيأتى . وفى الآية ذكر لفظ (فوقهم) ، ولفظ : (صافات ويقبضن) ، وهذه يراها الإنسان ، لما ينظر فوقه للطير وهم صافات أجنحتهن ويقبضن . جاء فى تفسير اﻵية : أى : أو لم ينظروا نظر اعتبار إلى الطيور فوقهم ، باسطات أجنحتهن فى الجو ، عند طيرانها وتحليقها ، ويضممنها إذا ضربن بها جنوبهن ، وقتا بعد وقت ؟
[٢٦/٩, ٩:٠٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: ولما كان الغالب هو فتح الجناحين ، فكأنه هو الثابت عبر عنه بالإسم : (صافات) فالإسم يدل على الثبات ، وكان القبض متجددا عبر عنه بالفعل (ويقبضن) . قال فى التسهيل : فإن قيل : لم لم يقل (قابضات) على طريقة (صافات) ؟ فالجواب : أن بسط الجناحين هو الأصل فى الطيران ، كما أن مد الأطراف فى السباحة هو الأصل ، فذكره بصيغة اسم الفاعل (صافات) لدوامه وكثرته ، أما قبض الجناحين فإنما يفعله الطائر قليلا ، للاستراحة والاستعانة ، فلذلك ذكره بلفظ الفعل لقلته .(التسهيل لعلوم التنزيل)(4 / 136) . ومعلوم أن الفعل يدل على التجدد .
[٢٦/٩, ٩:١٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: وقد ناسبت نهاية كل آية سياق الآية ومعناها ، وإليك بيان ذلك : نهاية الآية الأولى : (إن فى ذلك لآيات لقوم يؤمنون) أى : إن فيما ذكر ، وهو تسخير الطير فى جو السماء مايمسكهن إلا الله ، لآيات ظاهرة وعلامات باهرة على وحدانيته تعالى ، وأنه المستحق للعبادة وحده سبحانه وتعالى عما يشركون ، وهذه الآيات لقوم يصدقون بوجوده ، وبما جاءت به رسله ، وقد ناسب لفظ الجلالة : (الله ) معنى الآية ، كما ناسب سياق السورة فقد تكرر فى السورة خمس وسبعون مرة (75) .
[٢٦/٩, ٩:٣٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: وفى سورة الملك كانت نهاية الآية : (إنه بكل شيء بصير) ناسبت مشاهدة الناس للطير فوقهم صافات ويقبضن ، وأيضا هو سبحانه يعلم كيف يخلق ، وكيف يبدع العجائب ، بمقتضى علمه وحكمته . وناسب لفظ : (الرحمن ) سياق الآية ، فهو سبحانه يمسكهن فى الجو عن السقوط فى حال البسط والقبض ، وهو من رحمته بخلقه ، قال الرازى فى تفسيره : وذلك أنها مع ثقلها وضخامة أجسامها ، لم يكن بقاؤها فى جو الهواء ، إلا بإمساك الله وحفظه ، وإلهامها كيفية البسط والقبض ، المطابق للمنفعة من رحمة الرحمن . وقد ناسب أيضا سياق السورة فقد تكرر لفظ (الرحمن ) أربع مرات (4) .
[٢٦/٩, ١٠:٣٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: موضع سورة النمل : قوله سبحانه : (ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصرا إن فى ذلك لآيات لقوم يؤمنون)(79) أى : ألم ير هؤلاء المكذبون بآياتنا أنا جعلنا الليل يستقرون فيه وينامون ، والنهار يبصرون فيه للسعى فى معاشهم ؟ إن فى تصريفهما لدلالة لقوم يؤمنون بكمال قدرة الله ووحدانيته وعظيم نعمه على عباده ، وواضح أن الآية تتحدث عن أمر معنوى ، فناسب لفظ : (ألم يروا) سياق الآية ، وذلك كقوله تعالى فى سورة النبأ : (وجعلنا الليل لباسا)(وجعلنا النهار معاشا)(11:10) أى : وجعلنا الليل لباسا تلبسكم ظلمته ، وتغطيكم ؛ كما يستر الثوب لابسه ؟ . وجعلنا النهار سببا للمعاش والتصرف فى المصالح .
[٢٦/٩, ١٠:٣٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: موضع سورة يس : (ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لايرجعون)(31) أى : ألم ير هؤلاء المستهزئون المكذبون ويعتبروا بمن قبلهم من القرون التى أهلكناها ، كقوم نوح وعاد وثمود ومدين وغيرهم ممن كذب برسلنا ، أنهم لايرجعون إلى هذه الدنيا ؟ وواضح أنهم لم يروا إهلاك هؤلاء ، وإنما كما بينا من قبل أن التعبير بلفظ الرؤيا البصرية ، من إخبار الله ، لأنه أمر وقع لامحالة .ولما كان الأمر إخبار الله عن إهلاك الأمم المكذبة لرسلهم ، وهو شيئ لم يشاهدوه ، عبر بلفظ : (ألم يروا ) فجاء مناسبا مع سياق الآية .
[٢٦/٩, ١١:٠٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: وجاء فى سورة يس فى آخرها موضع آخر باستعمال لفظ :
(أو لم يروا ) وذلك فى قوله تعالى : (أو لم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون)(وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون)(ولهم فيها منافع ومشارب أفلا يشكرون)(73:71) وواضح من الآية أنها تتحدث عن شيئ مشاهد فناسب لفظ :
( أو لم يروا ) سياق الآية .جاء في تفسير اﻵيات : الهمزة للإنكار والتعجيب أى أو لم ينظروا نظر اعتبار ، ويتفكروا فيما أبدعته أيدينا - من غير واسطة، وبلا شريك ولامعين- مما خلقنا لهم ولأجلهم من الأنعام ، وهى (الإبل والبقر والغنم) ، فيستدلوا بذلك على وحدانيتنا وكمال قدرتنا؟! .
[٢٦/٩, ١١:١٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: (فهم لها مالكون) أى : فهم متصرفون فيها كيف يشاءون تصرف المالك بماله(وذللناه لهم) قال ابن كثير : المعنى جعلهم يقهرونها، وهى ذليلة لهم لاتمتنع منهم ، بل لو جاء صغير إلى بعير لأناخه ، ولو شاء لأقامه وساقه، وهو ذليل منقاد معه ، وكذا لو كان القطار مائة بعير، لسير الجميع بسير الصغير ، فسبحان من سخر هذا لعباده . فناسب لفظ :
(أو لم يروا ) سياق الآية.(مختصر ابن كثير)(136/2) . ومن هذه الأنعام مايركبونه فى الأسفار، ويحملون عليه الأثقال، كالإبل التى هى سفن البر ،ومنها مايأكلون لحمه كالبقر والغنم . ولهم منافع أخرى - غير الأكل والركوب-كالجلود والأصواف والأوبار، ولهم فيها مشارب أيضا يشربون من ألبانها.
[٢٧/٩, ١٠:٠٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: ( أو لم يروا) تكررت اثنى عشر مرة( 12) ، وقد ذكرنا موضعين منهم فى سورة النحل مع موضع سورة الملك ، وفى سورة يس . وإليك باقى المواضع : قوله سبحانه فى سورة الرعد : (أو لم يروا أنا نأتى الأرض ننقصها من أطرافها والله يحكم لامعقب لحكمه وهو سريع الحساب)(41) أى أو لم يبصر هؤلاء الكفار أنا نأتى الأرض ننقصها من أطرافها ، وذلك بفتح المسلمين بلاد المشركين وإلحاقها ببلاد المسلمين ؟ والله سبحانه يحكم لامعقب لحكمه وقضائه ، وهو سريع الحساب ، فلا يستعجلوا بالعذاب ؛ فإن كل آت قريب . فلما كان الحديث عن أمر مشاهد ناسب قوله : (أو لم يروا) سياق الآية .
[٢٧/٩, ١٠:٣٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة النحل : (أو لم يروا إلى ماخلق الله من شيء يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون)(48) أى أعمى هؤلاء الكفار ، فلم ينظروا إلى ماخلق الله من شيء له ظل ، كالجبال والأشجار ، تميل ظلالها تارة يمينا وتارة شمالا تبعا لحركة الشمس نهارا والقمر ليلا كلها خاضعة لعظمة ربها وجلاله ، وهى تحت تسخيره وتدبيره وقهره ؟ فحرى بك أيها الإنسان أن تكون ساجدا لله مع الساجدين ، فهذه الكائنات الشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب مع عظم حجمها ، كلها خاضعة لربها .
[٢٧/٩, ١٠:٥٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة الإسراء : (أو لم يروا أن الله الذى خلق السموات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم وجعل لهم أجل لاريب فيه فأبى الظالمون إلا كفورا)(99) أغفل هؤلاء المشركون ، فلم يتبصروا ويعلموا أن الله الذى خلق السموات والأرض ومافيهن من المخلوقات على غير مثال سابق ، قادر على أن يخلق أمثالهم بعد فنائهم ؟ وقد جعل الله لهؤلاء المشركين وقتا محددا لموتهم وعذابهم ، لاشك أنه آتيهم ، ومع وضوح الحق ودلائله أبى الكافرون إلا جحودا لدين الله عز وجل . وكان هذا ردا على قولهم : (أءذا كنا عظاما ورفاتا أءنا لمبعوثون خلقا جديدا) .ولما كان خلق السموات والأرض وخلق الإنسان كله مشاهد أمامهم ناسب قوله : (أو لم يروا) سياق الآية .
[٢٨/٩, ١:٥٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة الشعراء : (أو لم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم)(7) أى : أكذبوا ولم ينظروا إلى الأرض التى أنبتنا فيها من كل نوع حسن من النبات ، لايقدر على إنباته إلا رب العالمين ؟ إن فى إخراج النبات من الأرض لدلالة واضحة على كمال قدرة الله ، وماكان أكثر القوم مؤمنين . وإن ربك لهو العزيز على كل مخلوق، الرحيم الذى وسعت رحمته كل شيء . وواضح تناسب قوله سبحانه : (أو لم يروا) مع سياق الآية . قوله سبحانه فى سورة العنكبوت : (أو لم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير)(19)أى : أو لم يعلم هؤلاء كيف ينشئ الله الخلق من العدم ، ثم يعيده من بعد فنائه ، كما بدأه أول مرة خلقا جديدا .
[٢٨/٩, ٢:١٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة العنكبوت : (أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون)(67) أى : أولم يشاهد كفار مكة أن الله جعل 《مكة 》 لهم حرما آمنا يأمن فيه أهله على أنفسهم وأموالهم ، والناس من حولهم خارج الحرم ، يتخطفون غير آمنين ، وكذلك أهل مكة فى أسفارهم آمنين ، لايستطيع أحد أذاهم ، إذا علموا أنهم من أهل مكة ؟ وبعد ذلك يشركون بالله ، أفبالشرك يؤمنون ، وبنعمة الله التى خصهم بها يكفرون ، فلا يعبدونه وحده دون سواه ؟ (لإيلاف قريش)(إيلافهم رحلة الشتاء والصيف)(فليعبدوا رب هذا البيت)(الذى أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف)(4:1)(سورة الفيل) .
[٢٨/٩, ١٠:٣٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة الروم : (أو لم يروا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن فى ذلك لآيات لقوم يؤمنون)(37) أى : أو لم يعلموا أن الله يوسع الرزق لمن يشاء امتحانا ، هل يشكر أو يكفر ؟ ويضيقه على من يشاء اختبارا ، هل يصبر أو يجزع ؟ إن فى ذلك التوسيع والتضييق لآيات لقوم يؤمنون بالله ويعرفون حكمة الله ورحمته . وبسط الرزق لبعض الناس ، وتضييقه على بعضهم ، من الأمور المشاهدة لكل أحد ، فناسب قوله سبحانه :
(أو لم يروا ) سياق الآية .
[٤/١٠, ٢:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة السجدة : (أو لم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون)(27) أى : أو لم ير المكذبون بالبعث بعد الموت أننا نسوق الماء إلى الأرض اليابسة الغليظة التى لانبات فيها، فنخرج به زرعا مختلفا ألوانه تأكل منه أنعامهم ، وتتغذى به أبدانهم فيعيشون به ؟ أفلا يرون هذه النعم بأعينهم ، فيعلموا أن الله الذى فعل ذلك قادر على إحياء الأموات ونشرهم من قبورهم ؟ . وقد ناسبت نهاية الآية التى قبلها سياقها وذلك فى قوله تعالى : (أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون فى مساكنهم إن فى ذلك لآيات أفلا يسمعون)(26) فإهلاك القرى المكذبة لرسلهم لم يراه المشركون
[٤/١٠, ٣:١٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة فصلت : (فأما عاد فاستكبروا فى الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أو لم يروا أن الله الذى خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون)(فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا فى أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزى فى الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لاينصرون)(16:15) فغر قوم عاد قوتهم وتجبروا واستعلوا فى الأرض بغير حق ، وقد رأوا أن الله هو أشد منهم قوة ، فأرسل عليهم ريحا شديدة البرودة عالية الصوت فى أيام مشؤومات عليهم ؛ ليذيقهم عذاب الذل والهوان فى الحياة الدنيا ، ولعذاب الآخرة أشد ذلا وهوانا ، وهم لاينصرون بمنع العذاب عنهم .
[٤/١٠, ٣:٢١ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة الأحقاف : (أو لم يروا أن الله الذى خلق السموات والأرض ولم يعى بخلقهن بقادر على أن يحيى الموتى بلى إنه على شيئ قدير)(33) أى : أغفلوا ولم يعلموا أن الله الذى خلق السموات والأرض على غير مثال سبق ، ولم يعجز عن خلقهن ، قادر على إحياء الموتى الذين خلقهم أولا ؟ بلى ، إنه على كل شيء قدير . فهم مقرون بهذا : (ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون)(61)(العنكبوت) ، فناسب قوله تعالى : (أولم يروا) سياق الآية . فجاءت كل كلمة مناسبة فى موضعها . فسبحان من هذا كلامه !!!
[٤/١٠, ٩:٠٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: ( ألم تروا) جاء فى موضعين: قوله سبحانه فى سورة لقمان : (ألم تروا أن الله سخر لكم مافى السموات ومافى اﻷرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ومن الناس من يجادل فى الله بغير علم ولاهدى ولاكتاب منير)(20) جاءت اﻵية لما حذر الله من الشرك ، وأكده بوصايا لقمان الحكيم فى الإيمان ومكارم الأخلاق ، ذكر فى هذه الآية الأدلة الساطعة ، والبراهين القاطعة على وحدانيته سبحانه وتعالى ، ونبه بالصنعة على الصانع ، وبالنعمة على المنعم ، وماله من نعم لاتحصى ، من تسخير السموات بما فيها من (الشمس والقمر والنجوم والسحاب) وتسخير الأرض ومافيها من ( الحيوان والنبات والمعادن والبحار ) وغير ذلك من الأدلة الشاهدة على وحدانيته . ودعا الإنسان إلى النظر إلى هذه الآيات العظيمة، نظر تأمل واعتبار .
[٤/١٠, ٩:٢١ م] حسن أحمد حسن سليمان: وعمكم بنعمه الظاهرة على الأبدان و الجوارح كالسمع والبصر ، والصحة والإسلام ، والباطنة كالقلب والعقل ، والفهم والمعرفة ، وماادخره لكم مما لاتعلمونه ؟ ومن الناس من يجادل فى توحيد الله وإخلاص العبادة له بغير حجة ولابيان ، ولاكتاب مبين يبين حقيقة دعواه ، فهم أناس جاحدون ، يخاصمون ويجادلون فى توحيد الله وصفاته بغير علم ولافهم ، ولاحجة ولابرهان ، ولاكتاب منزل من عند الله .
الموضع الثانى جاء فى سورة نوح : فى قوله سبحانه : (ألم تروا كيف خلق الله سبع سموات طباقا)(وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا)(16:15)
[٤/١٠, ٩:٣٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: أى : ألم تشاهدوا يامعشر القوم عظمة الله وقدرته ؟ وتنظروا نظر اعتبار ، وتفكر وتدبر ، كيف أن الله العظيم الجليل ، خلق سبع سموات سماء فوق سماء ، متطابقة بعضها فوق بعض ، وهى فى غاية فى الإبداع والإتقان !! (وجعل القمر فيهن نورا) أي وجعل القمر فى السماء الدنيا ، منورا لوجه الأرض فى ظلمة الليل ، والقمر فى السماء الدنيا فقط ، وهو كقولك زيد فى المدينة وهو فى جزء منها . (وجعل الشمس سراجا) أى وجعل الشمس مصباحا مضيئا يستضئ به أهل الدنيا كما يستضئ الناس بالسراج فى بيوتهم ، ولما كان نور الشمس أشد وأتم وأكمل، فى الانتفاع من نور القمر عبر عن الشمس بالسراج لأنه يضئ بنفسه ، وعبر عن القمر بالنور لأنه يستمد نوره من نور الشمس .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق