الأربعاء، 20 أغسطس 2025

(ولئن قتلتم فى سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون)

 [٢٠/‏٨, ٢:٣٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى : من الآيات المتشابهات التى يحصل فيها الخلط بينها من الحفاظ : قوله سبحانه فى سورة آل عمران : (ولئن قتلتم فى سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون)(157) وقوله سبحانه فى الآية التى بعدها : (ولئن متم أو قتلتم لإلى الله تحشرون)(158) ، الخلط يحصل بين التقديم والتأخير فى الآيتين ، ففى الأولى قدم القتل على الموت ، وفى الثانية قدم الموت على القتل. فما سبب ذلك  ؟

[٢٠/‏٨, ٢:٣٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: جاءت الآيتان فى ثنايا آيات تتحدث عن غزوة أحد وماحدث فيها من أحداث ، وترك معظم الرماة مواقعهم ، طمعا فى حيازة الغنائم ، وخالفوا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ، بعد أن رأوا نصر أصحابهم على المشركين ، وذلك فى قوله سبحانه : (ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم فى الأمر وعصيتم من بعد ماأراكم ماتحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين)(152)

[٢٠/‏٨, ٢:٤٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: وكذلك قوله سبحانه : (  إذ تصعدون ولاتلوون على أحد والرسول يدعوكم فى أخراكم فأثابكم غما بغم لكيلا تحزنوا على مافاتكم ولاماأصابكم والله خبير بما تعملون)(ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم....الآية)(154:153)  وذلك عند قتال عدوكم فى غزوة (أحد) ، حين ذهبتم فى الأرض وأبعدتم فيها ، هائمين منطلقين،  منهزمين هاربين من أعدائكم فى كل اتجاه ، والرسول صلى الله عليه وسلم ثابت فى موقف البأس يناديكم فى آخر الجيش ومن ورائكم قائلا : إلى عباد الله .

[٢٠/‏٨, ٢:٤٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: ثم كان من رحمة الله بكم أن أنزل عليكم - يامعشر المؤمنين- من بعد الكرب الذى أصابكم أمنا كان مظهره نعاسا اطمأنت فيه النفوس ، واسترخت الأعضاء ، يغطى النعاس ويستر طائفة من المؤمنين ، فيصرف الأذهان عن التفكر فيما نزل بهم من مصيبة ، ويصرف النفوس عن الخوف والقلق والاضطراب . وعن الاهتمام بذواتهم وأهليهم . ومن الجدير بالذكر أن هذه الآية  :( ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم....)(154) والتى تحدثت عن الصحابة رضوان الله عليهم فى غزوة أحد (حوت جميع حروف اللغة) تسع وعشرون حرفا وكذلك الآية آخر سورة الفتح : (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم...الآية)(29)

[٢٠/‏٨, ٢:٤٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: والعجب فى آية سورة الفتح أن رقمها :( 29) وهو عدد حروف اللغة ، والأعجب من ذلك أن الآيتين حديثهما عن النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، سواءا فى غزوة أحد فى سورة آل عمران ، أو فى سورة الفتح ، وماجاء فى سورة الفتح متعلق بآل عمران ، حيث جاء وصف النبى صلى الله عليه : محمد رسول الله وأصحابه رضى الله عنهم ، أقوياء شجعان ، أهل بأس وجهاد ، مستعلون بقوتهم وبأسهم على الكفار الذين اختاروا لأنفسهم- بعد معرفة الحق- سبيل الكفر جحودا وعنادا، بعد اتخاذ مختلف الوسائل لتعريفهم بالحق ، وهدايتهم وإرشادهم .

[٢٠/‏٨, ٢:٤٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: وبسبب ذلك يقف المؤمنون أمام الكفار فى معاركهم الحربية أقوياء شجعان ، يقاتلونهم بكل بأس وتضحية وبسالة ، وهم رحماء متعاطفون متوادون فيما بينهم ، وهم كثيرو الصلة بربهم والخضوع له ، والتذلل بين يديه ، إذ تراهم - أيها الرائى المشاهد لهم- ركعا سجدا يطلبون بنياتهم وقلوبهم،  وبأدعيتهم بألسنتهم أن يمنحهم خالقهم ومربيهم زيادة من عطائه وكرمه فى العاجلة والأجلة،  وأن يشملهم برضوانه الذى هو أكبر من كل نعيم الجنة .

[٢٠/‏٨, ٢:٤٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: علامة طاعتهم لله عز وجل ظاهرة فى وجوههم من أثر السجود المتكرر الطويل ، ذلك الذى ذكر من نعوتهم الجليلة هو وصفهم العجيب الشأن الجارى مجرى الأمثال فى كتاب الله التوراة المنزل على موسى عليه السلام . ووصف أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فى الإنجيل المنزل على عيسى عليه السلام ، فى تناميهم واشتداد قوتهم ، وكثرة خيراتهم ، كزرع نبت نباتا حسنا فى أخصب أرض وأحسن شروط ، فأخرج أصله وفروعه من جوانبه ، فأعان أصله بالقوة والحماية ، فغلظ ذلك الزرع واشتد ، فاعتدل ، ووصل إلى درجة كماله وقوته مستويا على سوقه ، يعجب الذين زرعوا الزرع ، إذ يرون البهجة منه

[٢٠/‏٨, ٢:٤٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: ومظهر العطاء الوفير ، ليغيظ الله بأصحاب محمد الكفار الذين يغطون ويسترون أدلة التوحيد ، وماجاء به الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه بالإنكار والجحود . فجاءت الآيتين متناسبتين وبينهما ارتباط وثيق فى المعنى ، فاجتمعا فى أن فيهما كل حروف اللغة ، وحديثهما عن النبى وأصحابه.

[٢٠/‏٨, ٢:٤٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما التقديم والتأخير فى آياتى آل عمران راجع إلى سياق الآيتين ، فالأولى جاءت بعد الحديث عن غزوة أحد فناسب تقديم القتل على الموت ، كما ناسب نهاية الآية: (لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون) ، أما تقديم الموت على القتل فى الآية الثانية ، فقد ناسب نهاية الآية : (لإلى الله تحشرون) فكل من يموت وينقضى أجله فى الدنيا ، والذى يقتل فى سبيل الله ، فكلهم يحشرون إلى ربهم . 

فسبحان من هذا كلامه !!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق