الجمعة، 22 أغسطس 2025

(نفصل)(نصرف)(نبين)

 [٢٢/‏٨, ٥:٤٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى  : 

(بلاغة اللفظ القرآنى) 

(نفصل)(نصرف)(نبين)

باستقراء آيات القرآن ، فالفرق بين الأفعال الثلاثة : التفصيل يأتى فى المسائل الكثيرة ، والتصريف يأتى فى التحويل من حالة إلى حالة ، والتبيين لبيان موضوع واحد أو بيان حكم أو أحكام فى موضوع واحد  وإليك بيان ذلك من خلال استعراض آيات القرآن ، فى أكثر من موضع . أولا : (نصرف) ، قوله سبحانه فى سورة الأنعام : (قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم من إله غير الله يأتيكم به أنظر كيف نصرف الآيات ثم هم يصدفون)(46)

[٢٢/‏٨, ٥:٥٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: جاء فى تفسير اﻵية : قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين : أخبرونى إن أذهب الله سمعكم فأصمكم ، وذهب بأبصاركم فأعماكم ، وطبع على قلوبكم فأصبحتم لا تفقهون قولا أى إله غير الله جلا وعلا يقدر على رد ذلك  لكم . فكان يسمع فأصبح لايسمع فتحول من حالة إلى حالة ، وتحول من مبصر إلى أعمى ، وختم على قلبه فصار لايفقه قولا . فكان الفعل (نصرف) مناسب لسياق الآية .

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة الأنعام : (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون)(65) جاء فى تفسير اﻵية : قل -أيها الرسول- الله عز وجل هو القادر وحده على أن يرسل عليكم عذابا من فوقكم كالرجم أو الطوفان ، وماأشبه ذلك ، أو من تحت أرجلكم كالزلازل والخسف ، أو يخلط أمركم عليكم فتكونوا فرقا متناحرة يقتل بعضكم بعضا . فواضح من تفسير اﻵية تحولهم من حالة إلى حالة فناسب الفعل (نصرف) سياق الآية .

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه : (وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست ولنبينه لقوم يعلمون)(105)(الأنعام) جاء قبل الآية قوله سبحانه : (قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمى فعليها وماأنا عليكم بحفيظ)(104) أى : قل-أيها الرسول- لهؤلاء المشركين : قد جاءتكم براهين ظاهرة تبصرون بها الهدى من الضلال مما اشتمل عليها القرآن  ، وجاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم  ، فمن تبين هذه البراهين وآمن بمدلولها فنفع ذلك لنفسه ، فتحول من الكفر إلى الإيمان ، ونجا برحمة الله.  فناسب لفظ : (وكذلك نصرف الآيات) الآية التى قبلها .

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه : (والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذى خبث لا يخرج إلا نكدا كذلك نصرف الآيات لقوم يشكرون)(58)(الأعراف) جاء فى تفسير اﻵية : والأرض النقية إذا نزل عليها المطر تخرج نباتا-بإذن الله ومشيئته- طيبا ميسرا ، وكذلك المؤمن إذا نزلت عليه آيات الله انتفع بها ، وأثمرت فيه حياة صالحة ، أما الأرض السبخة الرديئة فإنها لا تخرج النبات إلا عسرا رديئا لانفع فيه ، ولاتخرج نباتا طيبا ، وكذلك الكافر لاينتفع بآيات الله . وضح من الآيات على التحول من حالة إلى حالة فناسب لفظ : (نصرف) سياق الآية .

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: ( نبين )  

قوله سبحانه : (ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون)(75)(المائدة)  بينت الآية الكريمة حال عيسى عليه السلام ، وحال أمه وأنهما بشر كغيرهما من البشر يحتاجان إلى الطعام ، ولايكون إلها من يحتاج إلى الطعام ليعيش . فناسب لفظ  :(نبين) سياق الآية .

قوله سبحانه فى سورة البقرة : (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ماكتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ولاتباشروهن وأنتم عاكفون فى المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون)(187)

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: بينت الآية الكريمة : بعضا من أحكام الصيام  : فقد أباح الله لكم جماع نسائكم ليالى شهر رمضان ، وكان فى أول الإسلام محرما ، وأباح الطعام والشراب حتى يتبين ضياء الصباح من سواد الليل ، بظهور الفجر ، ثم أتموا الصيام إلى دخول الليل بغروب الشمس . ولا تجامعوا نسائكم أو تتعاطوا مايفضى إلى جماعهن إذا كنتم معتكفين فى المساجد ، لأن هذا يفسد الاعتكاف ( وهو الإقامة فى المسجد مدة معلومة بنية التقرب إلى الله تعالى) تلك الأحكام التى شرعها الله لكم هى حدوده الفاصلة بين الحلال والحرام فلا تقربوها حتى لاتقعوا فى الحرام . تبين من استعراض تفسير الآية مناسبة لفظ (يبين) سياق الآية .

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة البقرة : (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون)(219) أى : يسألك المسلمون-أيها النبى- عن حكم تعاطى الخمر شربا وبيعا وشراء ، ويسألونك عن حكم القمار- وهو أخذ المال أو إعطاؤه بالمقامرة وهى المغالبات التى فيها عوض من الطرفين- قل لهم : فى ذلك أضرار ومفاسد كثيرة فى الدين والدنيا، والعقول والأموال،  وفيها منافع للناس من جهة كسب الأموال وغيرها، وإثمهما أكبر من نفعهما،  إذ يصدان عن ذكر الله وعن الصلاة ، ويوقعان العدواة والبغضاء بين الناس ، وكان هذا تمهيدا لتحريمها .

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: ويسألونك عن القدر الذى ينفقونه من أموالهم تبرعا وصدقة، قل لهم : أنفقوا القدر الذى يزيد على حاجتكم.  مثل ذلك البيان الواضح يبين الله لكم الآيات وأحكام الشريعة،  لكى تتفكروا فيما ينفعكم فى الدنيا والآخرة واتضح من سياق الآية  مناسبة لفظ  (يبين) لسياقها،  حيث بينت مضار الخمر والقمار  ، وذلك تمهيدا لتحريمها،  وكذلك قدر النفقة من المال تبرعا أو صدقة . والآيات فى هذا المعنى كثيرة وواضحة ، فإذا تكلمت عن أحكام أو بيان مسألة واحدة جاء اللفظ : (نبين)أو (يبين)أو(بينا) مناسب لسياق الآيات .

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: (فصلنا) : قوله سبحانه فى سورة الأنعام : (وهو الذى جعل لكم النجوم لتهتدوا بها فى ظلمات البر والبحر قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون)(وهو الذى أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون)(98:97)  ، وقد سبق الآيتين قوله سبحانه : (إن الله فالق الحب والنوى يخرج الحى من الميت ومخرج الميت من الحى ذلكم الله فأنى تؤفكون)(فالق الإصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم)(96:95) وواضح من سياق الآيات التفصيل : من أن الله يشق الحب ، فيخرج منه الزرع،  ويشق النوى،  فيخرج منه الشجر ، ويخرج الحى من الميت كالإنسان والحيوان مثلا من النطفة،  ويخرج الميت من الحى كالنطفة من الإنسان والحيوان .

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: وهو سبحانه شق ضياء الصباح من ظلام الليل ، وجعل الليل مستقرا ، يسكن فيه كل متحرك ويهدأ ، وجعل الشمس والقمر يجريان فى فلكيهما بحساب متقن مقدر ، لايتغير ولا يضطرب ، ذلك تقدير العزيز الذى عز سلطانه،  العليم بمصالح خلقه وتدبير شئونهم . والله سبحانه هو الذى جعل لكم النجوم علامات ، تعرفون بها الطرق ليلا إذا ضللتم بسبب الظلمة الشديدة فى البر والبحر . وهو سبحانه الذى ابتدأ خلقكم أيها الناس من آدم عليه السلام ، إذ خلقه من طين ، ثم كنتم سلالة ونسلا منه ، فجعل لكم مستقرا تستقرون فيه ، وهو أرحام النساء ، ومستودع تحفظون فيه وهو أصلاب الرجال. وواضح من سياق الآيات مناسبة (فصلنا) .

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: (نفصل) : قوله سبحانه فى سورة الأنعام :(وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين)(55) أى : ومثل هذا البيان الذى بيناه لك-أيها الرسول- نبين الحجج الواضحة على كل حق ينكره أهل الباطل ؛ ليتبين الحق وليظهر طريق أهل الباطل المخالفين للرسل . أما إنكار الحق من أهل الباطل فقد جاء فى الآيات قبل الآية فى قوله سبحانه :(ولاتطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه ماعليك من حسابهم من شئ ومامن حسابك عليهم من شئ فتطردهم فتكون من الظالمين)(وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين)(وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوء بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم)(54:52)

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: وذلك لما طلب بعض كبار قريش من النبى صلى الله عليه وسلم أن يطرد الفقراء من مجلسه كبلال وصهيب الرومى ، حتى يجلسوا معه ، فعاتبه الله بهذه الآية : (ولاتطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه...الآية) أى : لاتبعد هؤلاء المتصفين بهذه الصفة عنك ، بل اجعلهم جلسائك وأخصاءك ، وكذلك ابتلى الله تعالى بعض عباده ببعض بتباين حظوظهم من الأرزاق والأخلاق، فجعل بعضهم غنيا وبعضهم فقيرا ، وبعضهم قويا وبعضهم ضعيفا ، فأحوج بعضهم إلى بعض اختبارا منه لهم بذلك ، ليقول الكافرون الأغنياء: أهؤلاء الضعفاء من الله عليهم بالهداية إلى الإسلام من بيننا ؟ أليس الله بأعلم بمن يشكر نعمته فيوفقهم إلى الهداية لدينه؟

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: وإذا جاءك-أيها النبى- الذين صدقوا بآيات الله الشاهدة على صدقك من القرآن وغيره مستفتين عن التوبة من ذنوبهم السابقة، فأكرمهم برد السلام عليهم ، وبشرهم برحمة الله الواسعة ؛ فإنه جل وعلا قد كتب على نفسه الرحمة بعباده تفضلا أنه من اقترف ذنبا بجهالة منه لعاقبتها وإيجابها لسخط الله - فكل عاص لله مخطئا أو متعمدا فهو جاهل بهذا الاعتبار وإن كان عالما بالتحريم-ثم تاب من بعده ودوام على العمل الصالح ، فإنه تعالى يغفر ذنبه فهو غفور لعباده التائبين ، رحيم بهم . وبعد هذا التفصيل ناسب قوله سبحانه:(وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين) سياق الآيات . فسبحان من هذا كلامه !!!

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة الأعراف : (قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هى للذين آمنوا فى الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون)(32) جاء فى تفسير اﻵية : قل-أيها الرسول- لهؤلاء الجهلة من المشركين : من الذى حرم عليكم اللباس الحسن الذى جعله الله تعالى زينة لكم ؟ ومن الذى حرم عليكم التمتع بالحلال الطيب من رزق الله تعالى؟ قل- أيها الرسول- لهؤلاء المشركين : إن ماأحله الله من الملابس والطيبات من المطاعم والمشارب حق للذين آمنوا فى الحياة الدنيا يشاركهم فيها غيرهم ، خالصة لهم يوم القيامة،  مثل ذلك التفصيل يفصل الله الآيات لقوم يعلمون مايبين لهم ويفقهون مايميز لهم .

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: فجاءت الآية ترد على المشركين الذين حرموا زينة الله ، والطيبات من المطاعم والمشارب ، فناسب قوله(نفصل) سياق الآية . كما ناسب الآية التى قبلها ، والتى بعدها وذلك فى قوله تعالى : (يابنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لايحب المسرفين)(31) ، وقوله تعالى : (قل إنما حرم ربى الفواحش ماظهر منها ومابطن والإثم والبغى بغير الحق وأن تشركوا بالله مالم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله مالاتعلمون)(33) ، ففى الآية الأولى: أمر الله عباده من بنى آدم عند أداء كل صلاة أن يكونوا على حالة من الزينة المشروعة من ثياب ساترة لعوراتكم ،ونظافة وطهارة ونحو ذلك .

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: وكلوا واشربوا من طيبات مارزقكم الله،  ولاتتجاوزا حدود الاعتدال فى ذلك .إن الله لايحب المتجاوزين المسرفين فى الطعام والشراب وغير ذلك . وجاء فى تفسير اﻵية الثانية : قل-أيها الرسول- لهؤلاء المشركين : إنما حرم ربى القبائح من الأعمال، ماكان منها ظاهرا، وماكان منها خفيا، وحرم المعاصى كلها، ومن أعظمها الاعتداء على الناس، وحرم أن تعبدوا مع الله تعالى غيره ، وحرم أن تنسبوا إلى الله تعالى مالم يشرعه افتراء وكذبا ، كدعوى أن لله ولدا، وتحريم بعض الحلال من الملابس والمآكل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق