[٦/١٢, ٩:٣٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى :
(بلاغة اللفظ القرآنى)
(قليلا ماتشكرون)
(لعلكم تشكرون) جاء الأول فى ثلاث مواضع من القرآن الكريم ، وجاء الثانى فى موضع وحيد فى القرآن الكريم وإليك بيان ذلك : قوله سبحانه : (وهو الذى أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ماتشكرون)(78)(المؤمنون) وقوله سبحانه فى سورة السجدة : (ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ماتشكرون)(9) ، وقوله سبحانه فى سورة الملك : (قل هو الذى أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ماتشكرون)(23)
[٦/١٢, ٩:٣٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما الموضع الثانى جاء فى سورة النحل فى قوله سبحانه : (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لاتعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون)(78) فما سبب الاختلاف بين الموضعين ؟ ! جاء فى تفسير آية النحل : أى أخرجكم من أرحام الأمهات لاتعلمون شيئا أصلا وخلق لكم الحواس التى بها تسمعون وتبصرون وتعقلون لتشكروه على نعمه ، إذا (لعل) للتعليل ولم يبين هنا هل شكروا أو لم يشكروا ولكنه بين فى المواضع الأخرى أن أكثرهم لم يشكروا كما جاء فى المواضع الثلاثة وكما فى غيرها من القرآن .
مامناسبة كل كلمة فى موضعها ؟ ! وبالرجوع إلى سياق الآيات تتبين المناسبة .
[٦/١٢, ٩:٣٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: فى الآيات الثلاث التى جاء فيها قوله سبحانه : (قليلا ماتشكرون) جاء فى سياقها عن قوم لم يشكروا بل كفروا وأنكروا ففى موضع سورة المؤمنون جاء قوله سبحانه : (ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم ومايتضرعون)(حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون)(77:76) فهؤلاء لم يشكروا ولم يعبدوا فناسب قوله تعالى : (قليلا ماتشكرون) سياق الآيات . كذلك فى سورة السجدة جاء بعد الآية قوله سبحانه : (وقالوا أئذا ضللنا فى الأرض أئنا لفى خلق جديد بل هم بلقاء ربهم كافرون)(10)
[٦/١٢, ٩:٣٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: فإن المشركين منكرون للبعث بعد الموت وهم بلقاء ربهم كافرون فكيف يشكرون نعم ربهم عليهم فناسبت الآية قوله سبحانه : (قليلا ماتشكرون) ، كذلك فى سورة الملك جاء قوله سبحانه : (ولقد كذب الذين من قبلهم فكيف كان نكير)(18) وقوله سبحانه : (أمن هذا الذى يرزقكم إن أمسك رزقه بل لجوا فى عتو ونفور)(21) فهؤلاء قوم كذبوا ولم يشكروا وتمادوا فى كبرهم ونفورهم من الحق فناسب قوله تعالى : (قليلا ماتشكرون) سياق الآيات
[٦/١٢, ٩:٣٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما موضع سورة النحل : فقد جاءت اﻵية فى ثنايا آيات تتحدث عن نعم الله على عباده بل السورة كلها من أولها إلى آخرها تتحدث عن نعم الله على عباده ولذلك سماها القرطبى : ( سورة النعم) وقد جاء قوله تعالى : (وإن تعدوا نعمة الله لاتحصوها إن الله لغفور رحيم)(18) مناسب مع سياق الآيات فى السورة ، وقد جاء بعد الآية قوله سبحانه : ( والله جعل لكم من بيوتكم سكنا وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين)(والله جعل لكم مما خلق ظلالا وجعل لكم من الجبال أكنانا وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون)(81:80)
[٦/١٢, ٩:٣٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: وجاء فى أول السورة قوله تعالى : (خلق السموات واﻷرض بالحق تعالى عما يشركون)(خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين)(والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون)(ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون)(وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرءوف رحيم)(والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق مالاتعلمون)(8:3) . فناسب قوله تعالى : (لعلكم تشكرون) سياق الآيات فى السورة
[٦/١٢, ٩:٣٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: ومع كثرة ذكر نعم الله فى السورة تكرر : (لعلكم) خمس مرات وإليك بيانها : قوله سبحانه : (وهو الذى سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون)(وألقى فى الأرض رواسى أن تميد بكم وأنهارا وسبلا لعلكم تهتدون)(15:14)
والآية موضوع الرسالة : (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لاتعلمون شيئا....الآية) والآية التى ذكرناها من قبل : (والله جعل لكم مما خلق ظلالا وجعل لكم من الجبال أكنانا وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر...الآية)، وقوله سبحانه :(يعظكم لعلكم تذكرون) نهاية الآية :(90) فناسب قوله تعالى : (لعلكم تشكرون) سياق الآيات فى السورة . فجاءت كل كلمة مناسبة فى موضعها . فسبحان من هذا كلامه!!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق