السبت، 18 أكتوبر 2025

(الجن والإنس)(الإنس والجن)

 [١٧/‏١٠, ٨:٥١ م] رقمى موبيلي: من روائع البيان القرآنى :

(بلاغة اللفظ القرآنى)

(التقديم والتأخير) : (الجن والإنس)(الإنس والجن) ، جاء الأول فى تسع مواضع من القرآن الكريم (9 مواضع) ، وجاء الثانى فى ثلاث مواضع من القرآن العظيم . والأصل تقديم الجن على الإنس ، لأنهم خلقوا قبل الإنس ، فهو تقديم زمن ، وهو من أنواع التقديم فى القرآن ، وذلك مثل قوله تعالى فى سورة آل عمران : (إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبى والذين آمنوا والله ولى المؤمنين)(68) فتقديم أتباع إبراهيم على النبى صلى الله عليه وسلم تقديم زمن .

[١٧/‏١٠, ٩:١٩ م] رقمى موبيلي: ومثل قوله سبحانه فى سورة التوبة : (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون فى سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا فى التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذين بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم)(111) فتقديم التوراة والإنجيل على القرآن الكريم تقديم زمن . والمواضع الثلاث الذى تقدم فيها الإنس على الجن ، من خلال استعراض تفسير الآيات يمكن معرفة سبب التقديم . وإليك بيان المواضع التسع : قوله سبحانه فى سورة الأنعام : (يامعشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتى...الآية)(130) .

[١٨/‏١٠, ٦:٤٠ م] رقمى موبيلي: قوله سبحانه فى سورة الأعراف : (قال ادخلوا فى أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس فى النار...الآية)(38) ، وقوله سبحانه فى نفس السورة : (ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس...الآية)(179) ، وقوله سبحانه فى سورة النمل : (وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون)(17) ، وقوله سبحانه فى سورة فصلت : (وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم مابين أيديهم وماخلفهم وحق عليهم القول فى أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين)(25) ، وقوله سبحانه فى نفس السورة : ( وقال الذين كفروا ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين)(29) .

[١٨/‏١٠, ٦:٤٧ م] رقمى موبيلي: وقوله سبحانه فى سورة الأحقاف : ( أولئك الذين حق عليهم القول فى أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين)(18) ، وقوله سبحانه فى سورة الذاريات : (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)(56) ، وقوله سبحانه فى سورة الرحمن : (يامعشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لاتنفذون إلا بسلطان)(33) . فهذه تسع مواضع ( 9 مواضع) ، تقدم فيها ذكر الجن على الإنس . أما المواضع الثلاث الذى تقدم فيها الإنس على الجن فهى قوله سبحانه فى سورة الأنعام : ( وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا شياطين الإنس والجن يوحى بعضهم زخرف القول غرورا ولو شاء ربك مافعلوه فذرهم ومايفترون)(112) .

[١٨/‏١٠, ٨:٥٩ م] رقمى موبيلي: وقوله سبحانه فى سورة الإسراء : (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لايأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا)(88) ، وقوله سبحانه فى سورة الجن : ( وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على كذبا)(5) . جاء فى تفسير آية الأنعام : أى كما جعلنا هؤلاء المشركين أعداءك ، يعادونك ويخالفونك ، كذلك جعلنا لمن قبلك من الأنبياء أعداء من شياطين الإنس والجن ، فاصبر على الأذى كما صبروا ، قال ابن الجوزى : أى كما ابتليناك بالأعداء، ابتلينا من قبلك من الأنبياء، ليعظم الثواب عند الصبر على الأذى . (زاد المسير 3 / 108)

[١٨/‏١٠, ٩:٠٥ م] رقمى موبيلي: قال مقاتل : وكل إبليس بالإنس شياطين يضلونهم ، فإذا التقى شيطان الإنس بشيطان الجن ، قال أحدهما لصاحبه : إنى أضللت صاحبى بكذا وكذا ، فأضلل أنت صاحبك بكذا وكذا ، فذلك وحى بعضهم إلى بعض . ( تفسير ابن الجوزى 3 / 109) . ولاريب أن مكر شيطان الإنس كمكر وعدواة المشركين للنبى صلى الله عليه وسلم كعدواة ومكر أبى جهل وأبى لهب ، أشد من مكر شيطان الجن فإنه مهما مكر فهو ضعيف : (إن كيد الشيطان كان ضعيفا)(76)(النساء) . فكان هذا سبب تقديم الإنس على الجن  فى هذا الموضع ، (وهو شدة المكر) .

[١٨/‏١٠, ٩:٣٠ م] رقمى موبيلي: موضع سورة الإسراء : (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لايأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا) أى : قل- يارسول الله- لأئمة المشركين الذين توهموا أن القرآن من صنعك . كما جاء فى سورة يونس : (وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لايرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله قل مايكون لى أن أبدله من تلقائ نفسى إن أتبع إلا مايوحى إلى إنى أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم)(قل لو شاء الله ماتلوته عليكم ولاأدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون)(16:15) .

[١٨/‏١٠, ٩:٥٦ م] رقمى موبيلي: قل لهم : لئن اجتمعت الإنس والجن ، واتفقوا على أن يأتوا بمثل هذا القرآن فى إعجازه البيانى ، والعلمي ، والتشريعى، وفى سائر وجوه إعجازه ، لايقدرون على  ذلك ، ولو كان بعضهم لبعض معينا . ومن خلال تفسير اﻵية تبين أن التحدى ابتداءا هو للإنس ، لأنهم هم الذين ادعوا أن القرآن من عند النبى صلى الله عليه وسلم ، أما الجن لما سمعوا القرآن قالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا ، وذلك فى قوله تعالى فى سورة الجن : ( قل أوحى إلى أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا)(يهدى إلى الرشد فأمنا به ولن نشرك بربنا أحدا)(2:1)

[١٨/‏١٠, ١٠:٠٥ م] رقمى موبيلي: وكما جاء فى سورة الأحقاف : (وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضى ولوا إلى قومهم منذرين)(قالوا ياقومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدى إلى الحق وإلى طريق مستقيم)(ياقومنا أجيبوا داعى الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم)(ومن لا يجب داعى الله فليس بمعجز فى الأرض وليس له من دونه أولياء أولئك فى ضلالا مبين)(32:29) . فهذا حال الجن لما استمعوا القرآن ، سارعوا إلى الإيمان به ودعوا قومهم إلى الإيمان به .

[١٨/‏١٠, ١٠:١٩ م] رقمى موبيلي: فلذلك قدم الإنس على الجن ، لأنهم هم الذين ادعوا أن القرآن من عند النبى صلى الله عليه وسلم ، فكان التحدى لهم ابتداءا ، فضلا أنهم من فصحاء اللغة ، وفيهم أهل الشعر ، وهم أفهم لما جاء فى القرآن من غيرهم من العجم ، وهذا قول الوليد بن المغيرة لما سمع القرآن من النبى صلى الله عليه وسلم : (والله إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر،  وإن أسفله لمغدق ومايقول هذا بشر) ، وقال لقومه : والله مافيكم رجل أعلم بالأشعار منى ، ولاأعلم برجزه ولابقصيدته منى ، ولابأشعار الجن ، والله مايشبه هذا الذى يقول شيئا من هذا .

[١٨/‏١٠, ١٠:٥٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: موضع سورة الجن : (وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا) أى : وأنا كنا نظن ظنا توهميا أن الإنس والجن صادقون فى قولهم : أن لله صاحبة وولدا ، وأنهم لايكذبون على الله فى ذلك ، فلما سمعنا القرآن علمنا أنا كنا مخدوعين بأقوالهم الكفرية الكاذبة الباطلة . فإنه تعالى جلال ربنا وعظم قدره ، عن أن يتخذ زوجة أو ولدا ، والإنس ادعوا أن لله ولدا ، على عيسى عليه السلام ، لأن الله خلقه بلا أب ، كما ادعى المشركون أن الملائكة بنات الله ، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا . فكان الكلام ابتداءا من الإنس، وهذا سبب تقديم الإنس على الجن فى الآية . فسبحان من هذا كلامه!!!

الجمعة، 17 أكتوبر 2025

الذين يحملون العرش ومن حوله)

 [٤/‏١٠, ٥:٢٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى : (بلاغة اللفظ القرآنى) قوله سبحانه فى سورة غافر : (الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم)(7) ، وقوله سبحانه فى سورة الشورى : (تكاد السموات يتفطرن من فوقهن والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن فى الأرض ألا إن الله هو الغفور الرحيم)(5) زاد فى آية سورة الزمر : (ويؤمنون به) فما سبب هذه الزيادة ، ومعروف أن الملائكة يؤمنون بربهم ، فهم لايعصون الله ماأمرهم ويفعلون مايؤمرون ، فقد خلقهم الله على الطاعة .

[١٢/‏١٠, ١٠:٢٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: معنى : (ويؤمنون به) أى : يصدقون تصديقا جازما بأنه واحد لاشريك له ، وأنه لارب سواه ، وقد جاء ذلك من باب المقابلة ، للآيات التى جاءت قبل الآية فى السورة : (مايجادل فى آيات الله إلا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم فى البلاد)(كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب)(وكذلك حقت كلمت ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار)(6:4) . فلما ذكر مجادلة الكفار فى آيات الله ، وذكر الأمم المكذبة لرسلهم ، قابل ذلك بذكر إيمان حملة العرش،  وهم أشرف الملائكة وأفضلهم لقربهم من الله عز وجل .

[١٢/‏١٠, ١٠:٣١ م] حسن أحمد حسن سليمان: فلا يضره عز وجل كفر من كفر ، ولاينفعه إيمان من آمن . فحملة العرش وهم من أشرف الملائكة وأفضلهم لقربهم من الله عز وجل،  ومن حول العرش ممن يحف به من سادات الملائكة ، ينزهون الله عن كل نقص تنزيها مقترن بحمده ، ويصدقون بأنه واحد لاشريك له، ولامثل له ولانظير ، فإيمانهم بالله ، وتعظيمهم له راسخ لايتزعزع . وهم مع عبادتهم واستغراقهم فى تسبيح الله وتمجيده ، يطلبون من الله المغفرة للمؤمنين (ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم) وفى وصف الله تعالى بالرحمة والعلم-وهو ثناء قبل الدعاء- تعليم العباد أدب السؤال والدعاء .

[١٢/‏١٠, ١٠:٤٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: فناسب قوله : (ويؤمنون به) سياق الآيات فى السورة ، وقد جاءت آيات تؤكد على هذا المعنى ، ففى قوله سبحانه فى سورة النساء : (ولله مافى السموات ومافى اﻷرض ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله وإن تكفروا فإن لله مافي السموات ومافي اﻷرض وكان الله غنيا حميدا)(131) ، وقوله سبحانه فى نفس السورة : (ياأيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيرا لكم وإن تكفروا فإن لله مافي السموات والأرض وكان الله عليما حكيما)(170) ، وقوله سبحانه فى سورة إبراهيم : (وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن فى الأرض جميعا فإن الله لغنى حميد)(8) .

[١٢/‏١٠, ١١:١٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: وقوله سبحانه فى سورة الزمر : (إن تكفروا فإن الله غنى عنكم ولايرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم ولاتزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون إنه عليم بذات الصدور)(7) . فهو سبحانه غنى عن خلقه ، فلو كفر كل أهل الأرض، فلن يضروا الله شيئا ، فإن الله لغنى عن خلقه ، مستحق للحمد والثناء ، محمود فى كل حال . ولايرضى لعباده الكفر ، ولايأمرهم به ، لأنه يكون سبب شقائهم فى الدنيا والآخرة ، وإنما يرضى لهم شكر نعمه عليهم ، لأنه يكون سبب سعادتهم فى الدنيا والآخرة .

[١٣/‏١٠, ١٠:٤٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما آية سورة الشورى : (والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن فى الأرض)  معناه : للمؤمنين الذين فى الأرض ، وهذا محكى عن ابن عباس رضي الله عنهما  ، واللفظ عام أريد به الخاص ، وقال خلف بن هشام البزاز القارئ : كنت أقرأ على سليم بن عيسى فلما بلغت : (ويستغفرون للذين آمنوا) بكى ، ثم قال : ياخلف ماأكرم المؤمن على الله ، نائما على فراشه ، والملائكة يستغفرون له ! ) . وعن أبى هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( الملائكة تصلى على أحدكم مادام فى مصلاه الذى صلى فيه مالم يحدث ، تقول : اللهم اغفر له ، اللهم ارحمه ) أخرجه البخارى  (445) ، ومسلم (649) مطولا .

السبت، 11 أكتوبر 2025

(رضوان الله)(مرضات الله)

 [٢٧/‏٩, ١:٣٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى : 

(بلاغة اللفظ القرآنى) ، (رضوان الله)(مرضاة الله) ، رضوان الله : مختص بالله تعالى وحده ، وهو أعلى مراتب الرضا وأكبره ، جاء فى الحديث الذى رواه البخاري ومسلم : عن أبى سعيد الخدرى عن النبي صلى الله عليه وسلم : (إن الله تبارك وتعالى يقول لأهل الجنة : ياأهل الجنة فيقولون : لبيك ربنا وسعديك ، فيقول هل رضيتم ؟ فيقولون ومالنا لانرضى ، وقد أعطيتنا مالم تعط أحدا من خلقك ؟ فيقول أنا أعطيكم أفضل من ذلك ، قالوا يارب وأى شيئ أفضل من ذلك ؟ فيقول : فيقول أحل عليكم رضوانى ، فلا أسخط بعده أبدا ) رواه البخاري (7518) ، ورواه مسلم (2829) .

[٢٧/‏٩, ١:٤٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: فى القرآن الكريم : رضوان الله جاء للدلالة على رضا الله وحده ، ولم يأتى للمخلوقين ، أما المرضاة تأتي للدلالة على طلب الرضا من الله  ومن غيره : (ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء  قوله سبحانه مرضات الله)(البقرة 207) أى بعض الناس يبيع نفسه طلبا لرضا الله عنه، بالجهاد فى سبيل الله . قوله سبحانه : (ياأيها النبى لم تحرم ماأحل الله لك تبتغى مرضات أزواجك والله غفور رحيم)(1)(التحريم) أى : ياأيها النبى لم تمنع نفسك عن الحلال الذى أحله الله لك ، تبتغى إرضاء زوجاتك ؟ والله غفور لك ، رحيم بك .

[٢٧/‏٩, ٢:١٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: وإليك بيان ذلك من خلال استعراض الآيات : قوله سبحانه فى سورة آل عمران : (قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها اﻷنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد)(15) ، وفى نفس السورة قوله سبحانه : (أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط الله ومأواه جهنم وبئس المصير)(162) أى : لايستوى من قصده رضوان الله ومن هو مكب على المعاصى ، مسخط لربه، فاستحق بذلك سكن جهنم وبئس المصير .وقوله سبحانه فى نفس السورة : (فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم)(174) .

[٢٧/‏٩, ٢:٢١ م] حسن أحمد حسن سليمان: وذلك فى غزوة أحد : فرجعوا من 《حمراء الأسد》 إلى 《المدينة》 بنعمة من الله بالثواب الجزيل وبفضل منه بالمنزلة العالية ، وقد ازدادوا إيمانا ويقينا ، وأذلوا أعداء الله ، وفازوا بالسلامة من القتل والقتال ، واتبعوا رضوان الله بطاعتهم له ولرسوله .والله ذو فضل عظيم عليهم وعلى غيرهم . قوله سبحانه فى سورة المائدة الآية الثانية (يا أيها الذين آمنوا لاتحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدى  ولا القلائد ولاآمين البيت الحرام يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا...الآية) أى : لاتستحلوا قتال قاصدى البيت الحرام الذين يبتغون من فضل الله مايصلح معايشهم ويرضى ربهم .

[٢٧/‏٩, ٥:٢٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة المائدة : (يهدى به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم)(16) والآية متممة لما قبلها وذلك فى قوله سبحانه : (ياأهل الكتاب قدجاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفوا عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين)(15) أى ياأيها اليهود والنصارى قد جاءكم رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ، يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفونه عن الناس مما فى التوراة والإنجيل ، قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين وهو القرآن الكريم ، يهدى به الله من اتبع رضا الله تعالى، طرق الأمن والسلامة ، ويخرجهم بإذنه من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان ، ويوفقهم إلى دينه القويم .

[٢٧/‏٩, ٥:٣٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة التوبة : (يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم)(خالدين فيها أبدا إن الله عنده أجر عظيم)(22:21) أى : إن هؤلاء المؤمنين لهم البشرى من ربهم بالرحمة الواسعة والرضوان الذى لاسخط بعده ، ومصيرهم إلى جنات الخلد والنعيم الدائم ، ماكثين فيها لانهاية لإقامتهم وتنعمهم ، وذلك ثواب ماقدموه من الطاعات والعمل الصالح فى حياتهم الدنيا .إن الله عنده أجر عظيم لمن آمن وعمل صالحا بامتثال أوامره واجتناب نواهيه .

[٢٧/‏٩, ٧:٠٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة التوبة : (وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها اﻷنهار خالدين فيها ومساكن طيبة فى جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم)(72) فأكبر مافي الجنة ، بعد النعيم الدائم والمساكن الحسنة البناء ، الطيبة القرار ، رضوان الله عز وجل فلا يسخط بعده أبدا .ذلك الوعد بثواب الأخرة هو الفلاح العظيم . وقد تناسب لفظ : (ورضوان من الله أكبر) مع أول الآية : (وعد الله المؤمنين والمؤمنات)  فالوعد من ملك الملوك ، فكان الرضوان أكبر ، فما أعطى أهل الجنة بعد دخولهم الجنة أعلى وأكبر من رضوان الله عليهم .

[١٠/‏١٠, ٧:٠٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: وجاءت الآيات التى تحدثت عن نفس المعنى : (رضوان الله) فى سورة التوبة أيضا  فى الآية : (أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به فى نار جهنم والله لايهدى القوم الظالمين)(109) ، وفى سورة محمد : (ذلك بأنهم اتبعوا ماأسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم)(28) ، وفى سورة الفتح فى آخر آية  :( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم فى وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم فى التوراة...الآية)(29) ، وهى الآية الثانية فى القرآن التى حوت كل حروف اللغة العربية ، على قصرها ، فهى تتحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والمؤمنين ، وصفاتهم فى التوراة والإنجيل . ورقمها :(29) هو عدد حروف اللغة.

[١٠/‏١٠, ٧:١١ م] حسن أحمد حسن سليمان: وفى سورة الحديد فى قوله سبحانه : ( اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر فى الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفى الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور)(20) ، وقوله سبحانه فى نفس السورة : (ثم قفينا على آثارهم برسلنا  وقفينا بعيسى ابن مريم وآتيناه الإنجيل وجعلنا فى قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم وكثير منهم فاسقون)(27)

[١٠/‏١٠, ٧:٢١ م] حسن أحمد حسن سليمان: وقوله سبحانه فى سورة الحشر : ( للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون)( 8) . خلاصة القول : أن رضوان الله : مختص بالله تعالى وحده ، وهو أعلى مراتب الرضا وأكبره ، وبعد سرد آيات القرآن التى تتحدث عنه  ، وضح أنه جاء للدلالة على رضا الله وحده ، ولم يأتى للمخلوقين ، أما : (المرضاة) تأتى للدلالة على  طلب الرضا من الله ومن غيره . كما سنوضح فى الآيات التى تحدثت عن : (المرضاة ) ، فى الآيات ، فى الرسائل القادمة .

[١٠/‏١٠, ٨:٤٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة البقرة : ( ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله والله رءوف بالعباد)(207) أى  : وبعض الناس يبيع نفسه طلبا لرضا الله عنه ، بالجهاد فى سبيله ، والتزام طاعته . والله رءوف بالعباد ، يرحم  عباده المؤمنين رحمة واسعة فى عاجلهم وآجلهم ، فيجازيهم أحسن الجزاء . قوله سبحانه فى نفس السورة : (ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله وتثبيتا من أنفسهم....الآية)(265) ومثل الذين ينفقون أموالهم طلبا لرضا الله واعتقادا راسخا بصدق وعده ، كمثل بستان عظيم بأرض عالية طيبة ، هطلت عليها أمطارا غزيرة، فتضاعفت ثمراته، وإن لم تسقط عليه الأمطار الغزيرة فيكفيه رذاذ المطر ليعطى الثمرة المضاعفة ، وكذلك نفقات المخلصين تقبل عند الله وتتضاعف قلت أم كثرت .

[١٠/‏١٠, ٩:٠٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة النساء : (لاخير فى كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما)(114) أى : لا نفع فى كثير من كلام الناس سرا فيما بينهم ، إلا إذا كان حديثا داعيا إلى بذل المعروف من الصدقة، أو الكلمة الطيبة ، أو التوفيق بين الناس ، ومن يفعل تلك الأمور طلبا لرضا الله تعالى راجيا ثوابه ، فسوف نؤتيه ثوابا جزيلا واسعا . وقوله سبحانه فى سورة الممتحنة فى أول آية : (ياأيها الذين آمنوا لاتتخذوا عدوى وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بماجاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادا فى سبيلى وابتغاء مرضاتى....الآية)(1) .

[١٠/‏١٠, ٩:١٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة التحريم فى أول آية : (ياأيها النبى لم تحرم ماأحل الله لك تبتغى مرضات أزواجك والله غفور رحيم)(1) أى : ياأيها النبى لم تمنع نفسك عن الحلال الذى أحله الله لك ، تبتغى مرضات زوجاتك ؟ والله غفور لك ، رحيم بك . وجاءت : 

(والله غفور رحيم) غير مؤكدة بأن لعدم الذنب فقد غفر الله لنبيه ماتقدم من ذنبه وماتأخر  . خلاصة القول : أن مرضات الله تأتى فى القرآن طلبا لرضا الله ، وكذلك للمخلوقين ، كما جاء فى آية التحريم . 

فسبحان من هذا كلامه !!!

(ألم يروا)(أولم يروا)(ألم تروا)

 [٢٣/‏٩, ١٠:٠٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى :

(بلاغة اللفظ القرآنى) 

(ألم يروا)(أو لم يروا)(ألم تروا) . تكرر الأول فى أربع مواضع من القرآن العظيم فى صدر الآية ، وموضع خامس جاء وسط الآية ، وتكرر الثانى فى اثنى عشرا موضعا ،  وتكرر الثالث فى موضعين من القرآن  ، وإليك بيانها : قوله سبحانه فى سورة الأنعام : (ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم فى الأرض مالم نمكن لهم وأرسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا الأنهار تجرى من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا أخرين)(6) ، وقوله سبحانه فى سورة الأعراف : (واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنه لايكلمهم ولايهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين)(148)

[٢٣/‏٩, ١٠:١٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: وقوله سبحانه فى سورة النحل : (ألم يروا إلى الطير مسخرات فى جو السماء مايمسكهن إلا الله إن فى ذلك لآيات لقوم يؤمنون)(79) ، وقوله سبحانه فى سورة النمل : (ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصرا إن فى ذلك لآيات لقوم يؤمنون)(86) ، وقوله سبحانه فى سورة يس : ( ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لايرجعون)(31) . وباستقراء الآيات فى المواضع الخمس ، نجد أنها تتحدث عن شئ معنوى ، أو خبر الله لنا بإهلاك الأمم المكذبة لرسلهم . وسوف يتضح هذا المعنى من خلال استعراض تفسير الآيات .

[٢٤/‏٩, ٢:٤٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: موضع سورة الأنعام : (ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم فى الأرض...الآية) أى : ألم يعلم هؤلاء الذين يجحدون وحدانية الله تعالى واستحقاقه وحده العبادة ، ويكذبون رسوله صلى الله عليه وسلم ماحل بالأمم المكذبة قبلهم من هلاك وتدمير ، وقد مكناهم الله فى الأرض مالم نمكن لكم أيها الكافرون، وأنعمنا عليهم بإنزال الأمطار وجريان الأنهار من تحت مساكنهم ؛ استدراجا وإملاء لهم ، فكفروا بنعم الله وكذبوا الرسل ، فأهلكناهم بسبب ذنوبهم ، وأنشأنا من بعدهم أمما أخرى خلفوهم فى عمارة الأرض . والتعبير بالرؤيا البصرية مكان العلم لأن الخبر من الله ، كأنه رؤية بصرية لتحقق وقوعه ، وهذا كقوله تعالى :(ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل)(1)(سورة الفيل) .

[٢٤/‏٩, ٣:٠٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: موضع سورة الأعراف :( واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنه لايكلمهم ولايهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين)(148) أى : واتخذ قوم موسى من بعد مافارقهم ماضيا لمناجاة ربه معبودا من ذهبهم ، عجلا جسدا بلا روح ، له صوت ، ألم يعلموا أنه لايكلمهم ، ولايرشدهم إلى خير ؟ أقدموا على ماأقدموا من هذا الأمر الشنيع ، وكانوا ظالمين لأنفسهم واضعين الشيئ فى غير موضعه . وهو عجلا جسدا بلاروح ، فهذا أمر معنوى وليس حسى ، فلذلك استعمل القرآن لفظ : ( ألم يروا ) .

[٢٦/‏٩, ٧:١٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: موضع سورة النحل : قوله سبحانه : (ألم يروا إلى الطير مسخرات فى جو السماء مايمسكهن إلا الله إن فى ذلك لآيات لقوم يؤمنون)(79) . وجاء موضع آخر فى سورة الملك بنفس المعنى مع اختلاف الألفاظ قوله سبحانه : (أو لم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن مايمسكهن إلا الرحمن إنه بكل شيئ بصير)(19) . فى الموضع الأول استعمل (ألم يروا) ، وفى الموضع الثانى استعمل (أو لم يروا) . والموضوع واحد . فما سبب ذلك ؟ ، جاء فى تفسير اﻵية الأولى : ألم يشاهدوا الطيور مذللات للطيران ، فى ذلك الفضاء الواسع بين السماء والأرض ؟ مايمسكهن عن السقوط عند قبض أجنحتهن وبسطها إلا هو سبحانه وتعالى .

[٢٦/‏٩, ٩:٠٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: استعمال لفظ : (ألم يروا) فى الآية الأولى ، فلفظ مسخرات أو مذللات للطيران لايعلم كيفيتها إلا الله وحده ، فهو الذى خلقها بخلقة تصلح للطيران ثم سخر لها هذا الهواء اللطيف ، ثم أودع فيها من قوة الحركة ماقدرت به على ذلك . فناسب سياق الآية لفظ(ألم يروا). أما موضع سورة الملك استعمل لفظ : (أولم يروا) ، فهذا اللفظ أتى فى مواضعه للشيئ المشاهد ، كما سيأتى . وفى الآية ذكر  لفظ (فوقهم) ، ولفظ : (صافات ويقبضن) ، وهذه يراها الإنسان ، لما ينظر فوقه للطير وهم صافات أجنحتهن ويقبضن . جاء فى تفسير اﻵية : أى : أو لم ينظروا نظر اعتبار إلى الطيور فوقهم ، باسطات أجنحتهن فى الجو ، عند طيرانها وتحليقها ، ويضممنها إذا ضربن بها جنوبهن ، وقتا بعد وقت ؟

[٢٦/‏٩, ٩:٠٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: ولما كان الغالب هو فتح الجناحين ، فكأنه هو الثابت عبر عنه بالإسم : (صافات) فالإسم يدل على الثبات ، وكان القبض متجددا عبر عنه بالفعل (ويقبضن) . قال فى التسهيل : فإن قيل : لم لم يقل (قابضات) على طريقة (صافات) ؟ فالجواب : أن بسط الجناحين هو الأصل فى الطيران ، كما أن مد الأطراف فى السباحة هو الأصل ، فذكره بصيغة اسم الفاعل (صافات) لدوامه وكثرته ، أما قبض الجناحين فإنما يفعله الطائر قليلا ، للاستراحة والاستعانة ، فلذلك ذكره بلفظ الفعل لقلته .(التسهيل لعلوم التنزيل)(4 / 136) . ومعلوم أن الفعل يدل على التجدد .

[٢٦/‏٩, ٩:١٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: وقد ناسبت نهاية كل آية سياق الآية ومعناها ، وإليك بيان ذلك : نهاية الآية الأولى : (إن فى ذلك لآيات لقوم يؤمنون) أى : إن فيما ذكر ، وهو تسخير الطير فى جو السماء مايمسكهن إلا الله ، لآيات ظاهرة وعلامات باهرة على وحدانيته تعالى ، وأنه المستحق للعبادة وحده سبحانه وتعالى عما يشركون ، وهذه الآيات لقوم يصدقون بوجوده ، وبما جاءت به رسله ، وقد ناسب لفظ الجلالة : (الله ) معنى الآية ، كما ناسب سياق السورة فقد تكرر فى السورة خمس وسبعون مرة (75) .

[٢٦/‏٩, ٩:٣٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: وفى سورة الملك كانت نهاية الآية : (إنه بكل شيء بصير) ناسبت مشاهدة الناس للطير فوقهم صافات ويقبضن ، وأيضا هو سبحانه يعلم كيف يخلق ، وكيف يبدع العجائب ، بمقتضى علمه وحكمته . وناسب لفظ : (الرحمن ) سياق الآية ، فهو سبحانه يمسكهن فى الجو عن السقوط فى حال البسط والقبض ، وهو من رحمته بخلقه ، قال الرازى فى تفسيره : وذلك أنها مع ثقلها وضخامة أجسامها ، لم يكن بقاؤها فى جو الهواء ، إلا بإمساك الله وحفظه ، وإلهامها كيفية البسط والقبض ، المطابق للمنفعة من رحمة الرحمن . وقد ناسب أيضا سياق السورة فقد تكرر لفظ (الرحمن ) أربع مرات (4) .

[٢٦/‏٩, ١٠:٣٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: موضع سورة النمل : قوله سبحانه : (ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصرا إن فى ذلك لآيات لقوم يؤمنون)(79) أى : ألم ير هؤلاء المكذبون بآياتنا أنا جعلنا الليل يستقرون فيه وينامون ، والنهار يبصرون فيه للسعى فى معاشهم ؟ إن  فى تصريفهما لدلالة لقوم يؤمنون بكمال قدرة الله ووحدانيته وعظيم نعمه على عباده  ، وواضح أن الآية تتحدث عن أمر معنوى ، فناسب لفظ : (ألم يروا) سياق الآية ، وذلك كقوله تعالى فى سورة النبأ : (وجعلنا الليل لباسا)(وجعلنا النهار معاشا)(11:10) أى : وجعلنا الليل لباسا تلبسكم ظلمته ، وتغطيكم ؛ كما يستر الثوب لابسه ؟ . وجعلنا النهار سببا للمعاش والتصرف فى المصالح .

[٢٦/‏٩, ١٠:٣٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: موضع سورة يس : (ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لايرجعون)(31) أى : ألم ير هؤلاء المستهزئون المكذبون ويعتبروا بمن قبلهم من القرون التى أهلكناها ، كقوم نوح وعاد وثمود ومدين وغيرهم ممن كذب برسلنا ، أنهم لايرجعون إلى هذه الدنيا ؟ وواضح أنهم لم يروا إهلاك هؤلاء ، وإنما كما بينا من قبل أن التعبير بلفظ الرؤيا البصرية ، من إخبار الله ، لأنه أمر وقع لامحالة .ولما كان الأمر إخبار الله عن إهلاك الأمم المكذبة لرسلهم ، وهو شيئ لم يشاهدوه ، عبر بلفظ : (ألم يروا ) فجاء مناسبا مع سياق الآية .

[٢٦/‏٩, ١١:٠٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: وجاء فى سورة يس فى آخرها موضع آخر باستعمال لفظ :

(أو لم يروا ) وذلك فى قوله تعالى : (أو لم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون)(وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون)(ولهم فيها منافع ومشارب أفلا يشكرون)(73:71) وواضح من الآية أنها تتحدث عن شيئ مشاهد فناسب لفظ :

( أو لم يروا ) سياق الآية .جاء في تفسير اﻵيات : الهمزة للإنكار والتعجيب أى أو لم ينظروا نظر اعتبار ، ويتفكروا فيما أبدعته أيدينا - من غير واسطة، وبلا شريك ولامعين- مما خلقنا لهم ولأجلهم من الأنعام ، وهى (الإبل والبقر والغنم) ، فيستدلوا بذلك على وحدانيتنا وكمال قدرتنا؟! .

[٢٦/‏٩, ١١:١٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: (فهم لها مالكون) أى : فهم متصرفون فيها كيف يشاءون تصرف المالك بماله(وذللناه لهم) قال ابن كثير : المعنى جعلهم يقهرونها، وهى ذليلة لهم لاتمتنع منهم ، بل لو جاء صغير إلى بعير لأناخه ، ولو شاء لأقامه وساقه،  وهو ذليل منقاد معه ، وكذا لو كان القطار مائة بعير، لسير الجميع بسير الصغير ، فسبحان من سخر هذا لعباده . فناسب لفظ : 

(أو لم يروا ) سياق الآية.(مختصر ابن كثير)(136/2) . ومن هذه الأنعام مايركبونه فى الأسفار، ويحملون عليه الأثقال، كالإبل التى هى سفن البر ،ومنها مايأكلون لحمه كالبقر والغنم . ولهم منافع أخرى - غير الأكل والركوب-كالجلود والأصواف والأوبار، ولهم فيها مشارب أيضا يشربون من ألبانها.

[٢٧/‏٩, ١٠:٠٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: ( أو لم يروا) تكررت اثنى عشر مرة( 12) ، وقد ذكرنا موضعين منهم فى سورة النحل مع موضع سورة الملك ، وفى سورة يس . وإليك باقى المواضع : قوله سبحانه فى سورة الرعد  : (أو لم يروا أنا نأتى الأرض ننقصها من أطرافها والله يحكم لامعقب لحكمه وهو سريع الحساب)(41) أى أو لم يبصر هؤلاء الكفار أنا نأتى الأرض ننقصها من أطرافها ، وذلك بفتح المسلمين بلاد المشركين وإلحاقها ببلاد المسلمين ؟ والله سبحانه يحكم لامعقب لحكمه وقضائه ، وهو سريع الحساب ، فلا يستعجلوا بالعذاب ؛ فإن كل آت قريب . فلما كان الحديث عن أمر مشاهد ناسب قوله  : (أو لم يروا) سياق الآية .

[٢٧/‏٩, ١٠:٣٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة النحل : (أو لم يروا إلى ماخلق الله من شيء يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون)(48) أى أعمى هؤلاء الكفار ، فلم ينظروا إلى ماخلق الله من شيء له ظل ، كالجبال والأشجار ، تميل ظلالها تارة يمينا وتارة شمالا تبعا لحركة الشمس نهارا والقمر ليلا كلها خاضعة لعظمة ربها وجلاله ، وهى تحت تسخيره وتدبيره وقهره ؟ فحرى بك أيها الإنسان أن تكون ساجدا لله مع الساجدين ، فهذه الكائنات الشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب مع عظم حجمها ، كلها خاضعة لربها .

[٢٧/‏٩, ١٠:٥٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة الإسراء : (أو لم يروا أن الله الذى خلق السموات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم وجعل لهم أجل لاريب فيه فأبى الظالمون إلا كفورا)(99) أغفل هؤلاء المشركون ، فلم يتبصروا ويعلموا أن الله الذى خلق السموات والأرض ومافيهن من المخلوقات على غير مثال سابق ، قادر على أن يخلق أمثالهم بعد فنائهم ؟ وقد جعل الله لهؤلاء المشركين وقتا محددا لموتهم وعذابهم ، لاشك أنه آتيهم ، ومع وضوح الحق ودلائله أبى الكافرون إلا جحودا لدين الله عز وجل . وكان هذا ردا على قولهم : (أءذا كنا عظاما ورفاتا أءنا لمبعوثون خلقا جديدا) .ولما كان خلق السموات والأرض وخلق الإنسان كله مشاهد أمامهم ناسب قوله : (أو لم يروا) سياق الآية .

[٢٨/‏٩, ١:٥٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة الشعراء : (أو لم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم)(7) أى : أكذبوا ولم ينظروا إلى الأرض التى أنبتنا فيها من كل نوع حسن من النبات ، لايقدر على إنباته إلا رب العالمين ؟ إن فى إخراج النبات من الأرض لدلالة واضحة على كمال قدرة الله ، وماكان أكثر القوم مؤمنين . وإن ربك لهو العزيز على كل مخلوق، الرحيم الذى وسعت رحمته كل شيء . وواضح تناسب قوله سبحانه : (أو لم يروا) مع سياق الآية . قوله سبحانه فى سورة العنكبوت : (أو لم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير)(19)أى : أو لم يعلم هؤلاء كيف ينشئ الله الخلق من العدم ، ثم يعيده من بعد فنائه ، كما بدأه أول مرة خلقا جديدا .

[٢٨/‏٩, ٢:١٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة العنكبوت : (أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون)(67) أى : أولم يشاهد كفار مكة أن الله جعل 《مكة 》 لهم حرما آمنا يأمن فيه أهله على أنفسهم وأموالهم ، والناس من حولهم خارج الحرم ، يتخطفون غير آمنين ، وكذلك أهل مكة فى أسفارهم آمنين  ، لايستطيع أحد أذاهم ، إذا علموا أنهم من أهل مكة ؟ وبعد ذلك يشركون بالله ، أفبالشرك يؤمنون ، وبنعمة الله التى خصهم بها يكفرون ، فلا يعبدونه وحده دون سواه ؟ (لإيلاف قريش)(إيلافهم رحلة الشتاء والصيف)(فليعبدوا رب هذا البيت)(الذى أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف)(4:1)(سورة الفيل) .

[٢٨/‏٩, ١٠:٣٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة الروم : (أو لم يروا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن فى ذلك لآيات لقوم يؤمنون)(37) أى : أو لم يعلموا أن الله يوسع الرزق لمن يشاء امتحانا ، هل يشكر أو يكفر ؟ ويضيقه على من يشاء اختبارا ، هل يصبر أو يجزع  ؟ إن فى ذلك التوسيع والتضييق لآيات لقوم يؤمنون بالله  ويعرفون حكمة الله ورحمته . وبسط الرزق لبعض الناس ، وتضييقه على بعضهم ، من الأمور المشاهدة لكل أحد ، فناسب قوله سبحانه : 

(أو لم يروا ) سياق الآية  .

[٤/‏١٠, ٢:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة السجدة : (أو لم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون)(27) أى : أو لم ير المكذبون بالبعث بعد الموت أننا نسوق الماء إلى الأرض اليابسة الغليظة التى لانبات فيها،  فنخرج به زرعا مختلفا ألوانه تأكل منه أنعامهم ، وتتغذى به أبدانهم فيعيشون به ؟ أفلا يرون هذه النعم بأعينهم ، فيعلموا أن الله الذى فعل ذلك قادر على إحياء الأموات ونشرهم من قبورهم ؟ . وقد ناسبت نهاية الآية التى قبلها سياقها وذلك فى قوله تعالى : (أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون فى مساكنهم إن فى ذلك لآيات أفلا يسمعون)(26) فإهلاك القرى المكذبة لرسلهم لم يراه المشركون

[٤/‏١٠, ٣:١٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة فصلت : (فأما عاد فاستكبروا فى الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أو لم يروا أن الله الذى خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون)(فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا فى أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزى فى الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لاينصرون)(16:15) فغر قوم عاد قوتهم وتجبروا واستعلوا فى الأرض بغير حق ، وقد رأوا أن الله هو أشد منهم قوة ، فأرسل عليهم ريحا شديدة البرودة عالية الصوت فى أيام مشؤومات عليهم ؛ ليذيقهم عذاب الذل والهوان فى الحياة الدنيا ، ولعذاب الآخرة أشد ذلا وهوانا ، وهم لاينصرون بمنع العذاب عنهم .

[٤/‏١٠, ٣:٢١ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة الأحقاف : (أو لم يروا أن الله الذى خلق السموات والأرض ولم يعى بخلقهن بقادر على أن يحيى الموتى بلى إنه على شيئ قدير)(33) أى : أغفلوا ولم يعلموا أن الله الذى خلق السموات والأرض على غير مثال سبق ، ولم يعجز عن خلقهن ، قادر على إحياء الموتى الذين خلقهم أولا ؟ بلى ، إنه على كل شيء قدير . فهم مقرون بهذا : (ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون)(61)(العنكبوت) ، فناسب قوله تعالى : (أولم يروا) سياق الآية . فجاءت كل كلمة مناسبة فى موضعها . فسبحان من هذا كلامه !!!

[٤/‏١٠, ٩:٠٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: ( ألم تروا) جاء فى موضعين: قوله سبحانه فى سورة لقمان : (ألم تروا أن الله سخر لكم مافى السموات ومافى اﻷرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ومن الناس من يجادل فى الله بغير علم ولاهدى ولاكتاب منير)(20) جاءت اﻵية لما حذر الله من الشرك ، وأكده بوصايا لقمان الحكيم فى الإيمان ومكارم الأخلاق ، ذكر فى هذه الآية الأدلة الساطعة ، والبراهين القاطعة على وحدانيته سبحانه وتعالى ، ونبه بالصنعة على الصانع ، وبالنعمة على المنعم ، وماله من نعم لاتحصى ،  من تسخير السموات بما فيها من (الشمس والقمر والنجوم والسحاب) وتسخير الأرض ومافيها من ( الحيوان والنبات والمعادن والبحار ) وغير ذلك من الأدلة الشاهدة على وحدانيته . ودعا الإنسان إلى النظر إلى هذه الآيات العظيمة،  نظر تأمل واعتبار .

[٤/‏١٠, ٩:٢١ م] حسن أحمد حسن سليمان: وعمكم بنعمه الظاهرة على الأبدان و الجوارح كالسمع والبصر ، والصحة والإسلام ، والباطنة كالقلب والعقل ، والفهم والمعرفة ، وماادخره لكم مما لاتعلمونه ؟ ومن الناس من يجادل فى توحيد الله وإخلاص العبادة له بغير حجة ولابيان ، ولاكتاب مبين يبين حقيقة دعواه ، فهم أناس جاحدون ، يخاصمون ويجادلون فى توحيد الله وصفاته بغير علم ولافهم ، ولاحجة ولابرهان ، ولاكتاب منزل من عند الله .

الموضع الثانى جاء فى سورة نوح : فى قوله سبحانه : (ألم تروا كيف خلق الله سبع سموات طباقا)(وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا)(16:15)

[٤/‏١٠, ٩:٣٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: أى : ألم تشاهدوا يامعشر القوم عظمة الله وقدرته ؟ وتنظروا نظر اعتبار ، وتفكر وتدبر ، كيف أن الله العظيم الجليل ، خلق سبع سموات سماء فوق سماء ، متطابقة بعضها فوق بعض ، وهى فى غاية فى الإبداع والإتقان !! (وجعل القمر فيهن نورا) أي وجعل القمر فى السماء الدنيا ، منورا لوجه الأرض فى ظلمة الليل ، والقمر فى السماء الدنيا فقط ، وهو كقولك زيد فى المدينة وهو فى جزء منها . (وجعل الشمس سراجا) أى وجعل الشمس مصباحا مضيئا يستضئ به أهل الدنيا كما يستضئ الناس بالسراج فى بيوتهم ، ولما كان نور الشمس أشد وأتم وأكمل،  فى الانتفاع من نور القمر عبر عن الشمس بالسراج لأنه يضئ بنفسه ، وعبر عن القمر بالنور لأنه يستمد نوره من نور الشمس .

(حقا على المتقين)(حقا على المحسنين)

 [٢٣/‏٩, ٤:٥٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى : (سلسلة الآيات المتشابهات التى يخطأ فيها الحفاظ بالخلط بينها)(حقا على المتقين)(حقا على المحسنين) .  جاء الأول فى موضعين من سورة البقرة ، وجاء الثانى فى موضع وحيد فى القرآن من سورة البقرة أيضا .وإليك بيانها : قوله سبحانه : (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين)(180) ، وقوله سبحانه : (وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين)(241) ، وقوله سبحانه (لاجناح عليكم إن طلقتم النساء مالم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاع بالمعروف حقا على المحسنين)(236) .

[٢٣/‏٩, ٥:٢٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما الموضع الأول جاء فى تفسيره : فرض الله عليكم أيها المؤمنون ؛ إذا قرب أحدكم من الموت وظهرت عليه آثاره - إن ترك مالا حلالا كثيرا - الوصية بجزء من ماله للوالدين والأقربين الذين تدنوا قرابتهم أكثر من غيرهم  ، بالمعروف الذى لاتستنكره العقول، ولايستنكر فى العرف والعادات ، ولايزيد على الثلث ، وهو حق ثابت على المؤمنين الذين يتقون الشرك والمعاصى ، وكان فرض الإيصاء فى بدء الإسلام للوالدين والأقربين ، ثم نسخ بآيات المواريث . وهو مذهب جمهور الأئمة.

[٢٣/‏٩, ٧:٣٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: جاء فى تفسير الموضع الثانى : (وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين) أى : للمطلقات عموما المدخول بهن وغير المدخول بهن حقا ثابتا على المؤمنين الذين يخافون الله ؛ من كسوة ونفقة على الوجه المعروف المستحسن شرعا وعقلا . وذلك من خصال التقوى الواجبة أو المستحبة ، فإن كانت المرأة مسمى لها صداق فمتاعها نصف المسمى ، وإن كانت مدخول بها صارت المتعة مستحبة فى قول جمهور العلماء ، ومن العلماء من أوجب ذلك استدلالا بقوله سبحانه : (حقا على المتقين)

[٢٣/‏٩, ٩:٢١ م] حسن أحمد حسن سليمان: الموضع الثالث : قوله سبحانه : (لاجناح عليكم إن طلقتم النساء مالم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاع بالمعروف حقا على المحسنين) أى: ليس عليكم - يامعشر الأزواج - جناح وإثم بتطليق النساء قبل المسيس وفرض المهر ، وإن كان فى ذلك كسر لها فإنه ينجبر بالمتعة فعليكم أن تمتعون؛ بأن تعطوهن شيئا من المال جبرا لخواطرهن ، كل بحسب قدرته ، على الغنى قدره ، وعلى الفقير قدره ، كل بحسب حاله . وذلك جبرا لهن ، ودفعا لوحشة الطلاق ، وازالة للأحقاد .

[٢٣/‏٩, ٩:٣٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: وذلك التمتع حق واجب ثابت على المحسنين إلى أنفسهم بطاعة الله ، فكما أحسن إلى نفسه بطاعة الله ، يحسن إلى المرأة بإعطائها ماتطيب به نفسها ، من مال ، وفى لفظ : (المحسنين) إشارة جلية للرجل بإعطاء المطلقة على قدر الإحسان ، الذى هو أعلى الدرجات ، كما جاء فى قوله سبحانه : (إن المتقين فى جنات وعيون)(آخذين ماآتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين)(16:15)(الذاريات) . وقد وصف الله عز وجل نبيه يوسف فى سورة يوسف ، خمس مرات بأنه من : (المحسنين) . فجاءت كل كلمة مناسبة فى موضعها . فسبحان من هذا كلامه !!!

(القوم الكافرين)(القوم الظالمين)(القوم الفاسقين)

 [١٩/‏٩, ٤:٤٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى: 

(بلاغة اللفظ القرآنى) : (القوم الكافرين)(القوم الظالمين)(القوم الفاسقين) ، تكرر فى القرآن  فى مواضع مختلفة ، كل موضع جاء فى سياقه المناسب به ، وإليك بيانها من خلال استعراض الآيات التى جاء بها ، (والله لا يهدى القوم الكافرين) ، تكرر فى موضعين : قوله سبحانه فى سورة البقرة : (ياأيها الذين آمنوا لاتبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذى ينفق ماله رئاء الناس ولايؤمن بالله واليوم الآخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدا لايقدرون على شيئ مما كسبوا والله لايهدى القوم الكافرين)(264) .قوله سبحانه فى سورة التوبة : (إنما النسيئ زيادة فى الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ماحرم الله فيحلوا ماحرم الله زين لهم سوء عملهم والله لايهدى القوم الكافرين)(37) .

[١٩/‏٩, ٤:٥٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: (إن الله لايهدى القوم الكافرين) ، جاء فى موضع وحيد فى القرآن فى سورة المائدة : قوله سبحانه : (ياأيها الرسول بلغ ماأنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لايهدى القوم الكافرين)(67) . وجاء فى سورة النحل قوله سبحانه : (ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لايهدى القوم الكافرين)(107) ، موضع وحيد فى القرآن بهمزة مفتوحة . وبالرجوع إلى تفسير الآيات يتبين مناسبة لفظ (الكافرين) لسياق الآيات .

[١٩/‏٩, ٥:٣٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: جاء فى تفسير اﻵية الأولى : (ياأيها الذين آمنوا لاتبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى...الآية) : يامن آمنتم بالله واليوم الآخر لاتذهبوا ثواب ماتتصدقون به بالمن والأذى كالذى ينفق ماله ليراه الناس ، فيثنوا عليه ، وهو لايؤمن بالله ولايوقن باليوم الآخر ، فمثل ذلك مثل حجر أملس عليه تراب هطل عليه مطر غزير فأزاح عنه التراب ، فتركه أملس لاشئ عليه ، فكذلك هؤلاء المراؤون تضمحل أعمالهم عند الله ، ولايجدون شيئا من الثواب على ماأنفقوه . والله لايوفق الكافرين لإصابة الحق فى نفقاتهم وغيرها . ومن خلال استعراض تفسير الآية تبين مناسبة لفظ : (الكافرين) لسياق الآية .

[١٩/‏٩, ٧:٣٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: الموضع الثانى : قوله سبحانه : (إنما النسئ زيادة فى الكفر...الآية) أى : إن الذى كانت تفعله العرب فى الجاهلية من تحريم أربعة أشهر من السنة عددا لا تحديدا بأسماء الأشهر التى حرمها الله ، فيؤخرون بعضها أو يقدمونه ويجعلون مكانه من أشهر الحل ماأرادوا حسب حاجتهم للقتال ، إن ذلك زيادة فى الكفر ، يضل الشيطان به الذين كفروا ، يحلون الذى أخروا تحريمه من الأشهر الأربعة عاما ، ويحرمونه عاما ؛ ليوافقوا عدد الشهور الأربعة ، فيحلوا ماحرم الله منها . زين لهم الشيطان الأعمال السيئة.  والله لايوفق القوم الكافرين إلى الحق والصواب . وتبين بعد استعراض تفسير الآية مناسبة لفظ : (القوم الكافرين) لسياق الآية .

[١٩/‏٩, ١٠:٣٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: الموضع الثالث : قوله سبحانه : (ياأيها الرسول بلغ ماأنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لايهدى القوم الكافرين)(67)  أى : ياأيها الرسول بلغ وحى الله الذى أنزل إليك من ربك ، وإن قصرت فى البلاغ فكتمت منه شيئا، فإنك لم تبلغ رسالة ربك ، وقد بلغ صلى الله عليه وسلم رسالة ربه كاملة ، فمن زعم أنه كتم شيئا مما أنزل عليه ، فقد أعظم على الله ورسوله الفرية. والله تعالى حافظك وناصرك على أعدائك ، فليس عليك إلا البلاغ . إن الله لا يوفق للرشد من حاد عن سبيل الحق ، وجحد ماجئت به من عند الله .

[١٩/‏٩, ١٠:٤٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: وهذه الآية سماها المفسرون : آية رفع الحرس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم  ، فقد تكفل الله وحده بحفظه : ( والله يعصمك من الناس) ، وبتبلغيه رسالات ربه تعرض للأذى من المشركين ، فحفظه ربه من كيدهم ومكرهم . لذلك جاء التأكيد بأن ، كما ناسب لفظ : ( الكافرين ) سياق الآية . وكما ذكرنا من قبل :(إن الله لايهدى القوم الكافرين) هو موضع وحيد فى القرآن . فناسب التأكيد ولفظ الكافرين سياق الآية .

[١٩/‏٩, ١١:٣٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: الموضع الأخير فى سورة النحل : ( ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لايهدى القوم الكافرين)(107) ، وهو موضع وحيد فى القرآن بهمزة مفتوحة : (وأن الله لايهدى القوم الكافرين) ، جاءت الآية مفسرة للآية التى قبلها فى قوله تعالى : (من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم)(ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لايهدى القوم الكافرين)(107:106) .

[١٩/‏٩, ١١:٤٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: جاء فى تفسير الآيتين : إنما يفترى الكذب من نطق بكلمة الكفر وارتد بعد إيمانه ، فعليهم غضب من الله ، إلا من أرغم على النطق بالكفر ،  فنطق به خوفا من الهلاك وقلبه ثابت على الإيمان ، فلا لوم عليه ، لكن من نطق بالكفر واطمأن قلبه إليه ، فعليهم غضب شديد من الله ، ولهم عذاب عظيم  ؛ وذلك بسبب إيثارهم الدنيا وزينتها ، وتفضيلهم إياها على الآخرة وثوابها ، وأن الله لايهدى الكافرين ، ولايوفقهم للحق والصواب ، ووضح من خلال استعراض تفسير الآيتين مناسبة قوله سبحانه : ( وأن الله لايهدى القوم الكافرين) لسياق الآية  .

[٢٠/‏٩, ٢:٣٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: (والله لايهدى القوم الظالمين)(إن الله لايهدى القوم الظالمين) ، تكرر الأول : ست مرات (6) ، وتكرر الثانى : أربع مرات( 4) . وهو أكثر ماتكرر فى القرآن ، وذلك لأن معنى الظلم  : تجاوز الحد فهو عام ، يدخل فيه الكفر :(والكافرون هم الظالمون) ، ويدخل فيه الشرك (يابنى لاتشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم) ، ويدخل فيه ظلم النفس ، وظلم الغير . وهذا سبب تكرره فى القرآن ، وإليك بيان المواضع الذى جاء فيها ، قوله سبحانه فى سورة البقرة : (ألم تر إلى حاج إبراهيم فى ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربى الذى يحيى ويميت قال أنا أحى وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتى بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذى كفر والله لايهدى القوم الظالمين)(258) .

[٢٠/‏٩, ٢:٤٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: فهذه ملك تجبر لما آتاه الملك ، وسأل إبراهيم من ربك ؟ فقال عليه السلام : ربى الذى يحيى الخلائق فتحيا ، ويسلبها الحياة فتموت ، فهو المتفرد بالإحياء والإماتة ، قال : أنا أحيى وأميت ، أى أقتل من أردت قتله ، واستبقى من أردت استبقاءه ، فلما وجده إبراهيم غبى لايفهم ، نقله إلى آية أكبر ، فقال له إبراهيم : إن الله الذى أعبده يأتى بالشمس من المشرق ، فهل تستطيع تغيير هذه السنة الإلهية بأن تجعلها تأتى من المغرب ؛ فتحير هذا الكافر وانقطعت حجته ، شأنه شأن الظالمين لايهديهم الله إلى الحق والصواب ، وهو بادعائه الألوهية تجاوز الحد فى الكفر ، فناسب قوله : (والله لايهدى القوم الظالمين) سياق الآية.

[٢٠/‏٩, ٣:٠٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: الموضع الثانى : قوله سبحانه فى سورة آل عمران : (كيف يهدى الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لايهدى القوم الظالمين)(86) أى : كيف يوفق الله للإيمان به وبرسوله قوما جحدوا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم  بعد إيمانهم به ، وشهدوا أن محمدا صلى الله عليه وسلم حق وماجاء به هو الحق ، وجاءهم الحجج من عند الله والدلائل بصحة ذلك ؟ فهو بذلك قد تجاوز الحد ، فقد كان مومنا ، ثم كفر وارتد . فناسب قوله : (والله لايهدى القوم الظالمين) سياق الآية .

[٢٠/‏٩, ٣:٥٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: الموضع الثالث فى سورة التوبة : قوله سبحانه : (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد فى سبيل الله لايستوون عند الله والله لايهدى القوم الظالمين)(19) أى : أجعلتم - أيها القوم - ماتقومون به من سقى الحجيج وعمارة المسجد الحرام  كإيمان من آمن بالله واليوم الآخر وجاهد فى سبيل الله ؟ لا تتساوى حال المؤمنين وحال الكافرين عند الله ، لأن الله لايقبل عملا بغير الإيمان . فهذه المساوة من الظلم وتجاوز الحد ، والله سبحانه لايوفق لأعمال الخير القوم الظالمين لأنفسهم بالكفر . فناسب قوله : (والله لايهدى القوم الظالمين) سياق الآية .

[٢٠/‏٩, ٥:١٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: الموضع الرابع فى سورة التوبة : (أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم  من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به فى نار جهنم والله لايهدى القوم الظالمين)(109) الآية خاصة بمسجد الضرار الذى بناه المنافقون ، مضارة للمؤمنين ، وكفرا بالله وتفريقا بين المؤمنين ، ليصلى فيه بعضهم ويترك مسجد (قباء) الذى يصلى فيه المسلمون ، فيختلف المسلمون ويتفرقوا بسبب ذلك ، وانتظارا لمن حارب الله ورسوله من قبل - وهو أبو عامر الراهب الفاسق - ليكون مكانا للكيد للمسلمين . وهذا من أبشع الظلم ، وتجاوز الحد . وتبين مناسبة قوله : (والله لايهدى القوم الظالمين)  لسياق الآية .

[٢٠/‏٩, ٥:٣١ م] حسن أحمد حسن سليمان: الموضع الخامس فى سورة الصف قوله سبحانه : ( ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام والله لايهدى القوم الظالمين)(7) أى : ولا أحد أشد ظلما وعدوانا ممن اختلق على الله الكذب ، وجعل له شركاء فى عبادته ، وهو يدعى إلى الدخول فى الإسلام وإخلاص العبادة لله وحده . والله لايوفق الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والشرك ، إلى مافيه فلاحهم . ووضح من سياق الآية مناسبة قوله تعالى : (والله لايهدى القوم الظالمين)  لسياق الآية ، وأوضح مافى الآية قوله سبحانه : (ومن أظلم) .

[٢٠/‏٩, ٦:٠٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: الموضع السادس والأخير فى سورة الجمعة قوله سبحانه : (مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لايهدى القوم الظالمين)( 5 ) شبه اليهود الذين كلفوا العمل بالتوراة ثم لم يعملوا بها ، كشبه الحمار الذى يحمل كتبا لايدري مافيها ، قبح مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله ، ولم ينتفعوا بها ، وهذا من الظلم الواضح ، وتجاوز الحد ، والله لا يوفق القوم الظالمين الذين يتجاوزون حدوده ، ويخرجون عن طاعته . والأمر جلى فى مناسبة قوله تعالى : (والله لايهدى القوم الظالمين) لسياق الآية .

[٢٠/‏٩, ٨:٥٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: ( إن الله لايهدى القوم الظالمين) : جاء الموضع الأول فى سورة المائدة فى قوله سبحانه : (ياأيها الذين آمنوا لاتتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لايهدى القوم الظالمين)(51) أى ياأيها الذين آمنوا لاتتخذوا اليهود والنصارى حلفاء وأنصارا على أهل الإيمان ؛ ذلك أنهم لايوادون المؤمنين ، فاليهود يوالى بعضهم بعضا ، وكذلك النصارى ، وكلا الفريقين يجتمع على عدواتكم  . ومن يتولهم منكم فإنه يصير من جملتهم . وليس اتخاذهم أولياء مرتبة واحدة بين الناس ، ولكنه درجات متفاوتة ، فكل بحسب اتخاذه ، لذلك : (القوم الظالمين ) شملت الجميع كل بحسب اتخاذه . ولما كان الأمر خطير ، جاء التأكيد بأن مناسب مع معنى الآية .

[٢٠/‏٩, ٩:١٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: الموضع الثانى فى سورة الأنعام فى قوله سبحانه : (ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أم اشتملت عليه أرحام الأنثيين أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدى القوم الظالمين)(144) وحديث الآية يدور حول تحريم المشركين للإبل ، لايأكلها إلا لمن يأذنون له - حسب ادعاءهم - من سدنة الأوثان وغيرهم ، وهذه إبل حرمت ظهورها ، فلا يحل ركوبها والحمل عليها بحال من الاحوال . وهذه إبل لايذكرون اسم الله عليها فى أى شأن من شئونها. فعلوا ذلك كذبا منهم على الله . فلا أحد أشد ظلما ممن اختلق على الله الكذب ؛ ليصرف الناس بجهله عن طريق الهدى. إن الله لايوفق للرشد من تجاوز حده ، فكذب على ربه ، وأضل الناس . والأمر جلى لتناسب نهاية الآية مع معنى الآية، وكذلك التأكيد (بأن ) .

[٢٠/‏٩, ١٠:٠٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: الموضع الثالث فى سورة القصص فى قوله سبحانه : (فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لايهدى القوم الظالمين)(50) ارتبطت الآية بما قبلها وذلك فى قوله تعالى : (فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتى مثل ماأوتى موسى أو لم يكفروا بماأوتى موسى من قبل قالوا سحران تظاهرا وقالوا إنا بكل كافرون)(قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين)(49:48) ولأنهم كاذبون لن يستطيعوا ذلك ولم يستجيبوا لك - أيها الرسول- بالإتيان بالكتاب ، ولم يبق لهم حجة ، فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ، ولاأحد أكثر ضلالا ممن اتبع هواه بغير هدى من الله . إن الله لايوفق لإصابة الحق القوم الظالمين الذين خالفوا أمر الله ، وتجاوزوا حدوده .

[٢٠/‏٩, ١٠:١٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: الموضع الرابع والأخير فى سورة الأحقاف فى قوله تعالى : (قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بنى إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم إن الله لايهدى القوم الظالمين)(10) أى : قل - أيها الرسول- لمشركى قومك : أخبرونى إن كان هذا القرآن من عند الله وكفرتم به ، وشهد شاهد من بنى إسرائيل كعبدالله بن سلام على مثل هذا القرآن ، وهو مافى التوراة من التصديق بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، فصدق وعمل بما جاء فى القرآن ، وجحدتم ذلك استكبارا ، فهل هذا إلا أعظم الظلم وأشد الكفر ؟ إن الله لايوفق إلى الإسلام وإصابة الحق القوم الذين ظلموا أنفسهم بكفرهم بالله . والأمر جلى فى مناسبة نهاية الآية مع معناها ، وكذلك التأكيد( بأن) .

[٢٠/‏٩, ١١:٠٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: ( والله لايهدى القوم الفاسقين) ( أربع مواضع ) ، الموضع الأول فى سورة المائدة فى قوله سبحانه : (ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم واتقوا الله واسمعوا والله لايهدى القوم الفاسقين)(108) والآية مفسرة لما قبلها التى تتحدث عن إذا قرب الموت من أحد المؤمنين ، فليشهد على وصيته اثنين أمينين من المسلمين أو آخرين من غير المسلمين عند الحاجة . فإن اطلع أولياء الميت على أن الشاهدين المذكورين قد أثما بالخيانة فى الشهادة ، فليقم مقامهما فى الشهادة اثنان من أولياء الميت ، ذلك الحكم عند الارتياب فى الشاهدين من الحلف بعد الصلاة وعدم قبول شهادتهما ، أقرب إلى أن يأتوا بالشهادة على حقيقتها خوفا من عذاب الآخرة .

[٢٠/‏٩, ١١:٢٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: أو خشية من أن ترد اليمين الكاذبة من قبل أصحاب الحق بعد حلفهم ، فيفتضح الكاذب الذى ردت يمينه فى الدنيا وقت ظهور خيانته . وخافوا الله - أيها الناس - وراقبوه أن تحلفوا كذبا ، وأن تقتطعوا بأيمانكم مالا حراما ، واسمعوا ماتوعظون به . والله لايهدى القوم الفاسقين الخارجين عن طاعته . واتضح من تفسير الآيات أن الفسق فسق معصية وليس خروج من الملة . فمعنى الفسق : الخروج عن الطاعة ، من قولهم فسقت الرطبة إذا خرجت عن قشرها . فيحكم على المعنى من سياق الآية ومعناها ، وعن من تتحدث .

[٢٠/‏٩, ١١:٤٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: الموضع الثانى فى سورة التوبة فى قوله سبحانه : (قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد فى سبيله فتربصوا حتى يأتى الله بأمره والله لايهدى القوم الفاسقين)(24) والآية تتحدث عن المؤمنين ، أى : قل -ياأيها الرسول - للمؤمنين  : إن فضلتم الآباء والأبناء والإخوان والزوجات والقرابات والأموال التى جمعتموها والتجارة التى تخافون عدم رواجها والبيوت الفارهة التى أقمتم فيها ، إن فضلتم ذلك على حب الله ورسوله والجهاد فى سبيله فانتظروا عقاب الله ونكاله بكم . والله لايوفق الخارجين عن طاعته . إذا الفسق فسق معصية .

[٢٢/‏٩, ٢:٤٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: الموضع الثالث فى سورة التوبة فى قوله سبحانه  : (استغفر لهم أو لاتستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله والله لايهدى القوم الفاسقين)  نزلت الآية فى شأن المنافقين ، استغفر - ايها الرسول- للمنافقين أو لاتستغفر لهم ، فلن يغفر الله لهم ، مهما كثر استغفارك لهم ، والعدد يراد به المبالغة ، فهو لامفهوم له ، فهم كفروا بالله ورسوله . قال الضحاك : لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله قد رخص لى فلأزيدن على السبعين لعل الله أن يغفر لهم ، فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم : (سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم إن الله لايهدى القوم الفاسقين) ، ويؤخذ من الآية الكريمة شدة شفقته صلى الله عليه وسلم بأمته.

[٢٢/‏٩, ٢:٥٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: الموضع الرابع والأخير فى سورة الصف قوله سبحانه : (وإذ قال موسى لقومه ياقوم لم تؤذوننى وقد تعلمون أنى رسول الله إليكم فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لايهدى القوم الفاسقين)(5) أى : واذكر لقومك- أيها الرسول- حين قال نبى الله موسى عليه السلام لقومه : لم تؤذوننى بالقول والفعل ، ومن الأذى قولهم : اجعل لنا إلها كما لهم آلهة ، وقولهم فاذهب أنت وربك فقاتلا ، وقولهم : إنك قتلت هارون . وقد تعلمون أنى رسول الله إليكم ، فلما مالوا عن الحق ، أمال الله قلوبهم عن الهدى وصرفها عن قبول الهداية . والله لايهدى القوم الخارجين عن طاعته ومنهاج الحق .

[٢٢/‏٩, ٣:٠٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: (إن الله لايهدى القوم الفاسقين) موضع وحيد فى القرآن جاء فى سورة المنافقون قوله سبحانه : (سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم إن الله لايهدى القوم الفاسقين)( 6) ، ذكرنا من قبل قول الضحاك : لما قال النبى صلى الله عليه وسلم : إن الله قد رخص لى فلأزيدن على السبعين لعل الله أن يغفر لهم ، فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم هذه الآية . فإن الله لن يصفح عن ذنوبهم أبدا ؛ لإصرارهم على الفسق ورسوخهم فى الكفر . إن الله لايوفق للإيمان القوم الكافرين به ، الخارجين عن طاعته . فناسب التأكيد سياق الآية (إن الله لايهدى القوم الفاسقين) .

فسبحان من هذا كلامه !!!