[٢٩/٨, ٧:٥٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى : لطائف وإشارات من الأسماء والصفات في الآيات المبينات من كلام رب البريات :
(العزيز الرحيم) : العزيز : هو سبحانه وتعالى صاحب العزة والغلبة والقوة المطلقة، وهو فى نفس الوقت واسع الرحمة بعباده، ينتقم من أعدائه بقوته ورحيم بالمؤمنين وينجيهم من عذابه. واقتران العزيز بالرحيم يدل على أن قدرة الله ورحمته مقترنتان ، فرحمته ليست ضعفا بل هى نابعة من قدرته وعزته المطلقة . وقد تكرر :(العزيز الرحيم) فى القرآن ثلاثة عشر مرة (13) ؛ وإذا تتبعت الآيات الذى جاء بها ، تجد أن فى سياق الآيات فريقان، فريق يخص صفة العزيز، وفريق يخص صفة الرحيم ،وإليك بيان ذلك من خلال استعراض الآيات .
[٢٩/٨, ٩:٥٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: جاء فى سورة الشعراء : (العزيز الرحيم) فى تسع آيات من السورة ، وجاء بعد الحديث عن قصص الأنبياء مع أقوامهم ، ودعوت الأنبياء لقومهم أن يعبدوا الله ، وانتهت كل قصة بإهلاك الكافرين ونجاة المؤمنين ، وانتهت كل قصة بالآيتين: (إن فى ذلك لآية وماكان أكثرهم مؤمنين)(وإن ربك لهو العزيز الرحيم) ، فهو عزيز فى انتقامه من الكافرين ، رحيم بنجاته للمؤمنين . وذلك فى أول السورة، وفى قصص الأنبياء : إبراهيم ونوح وهود وصالح ولوط وشعيب .
[٢٩/٨, ١٠:٠٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: وبعد سرد قصص الأنبياء فى السورة ، وجه الله خطابه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، وأمره بالتوكل عليه ، والإستعانة بمولاه على توفيقه للقيام بالمأمور ، فلذلك أمر الله تعالى بالتوكل عليه ، فقال : (وتوكل على العزيز الرحيم)(217) ، وجاءت الآية على نسق السورة (العزيز الرحيم) ، فهو بعزته قادر على تغلبه على عدوه الذى هو أقوى منه ، وأنه برحمته يعصمه منهم . ثم نبهه على الاستعانة باستحضار قرب الله والنزول فى منزل الإحسان ، فقال :(الذى يراك حين تقوم)(وتقلبك فى الساجدين)(إنه هو السميع العليم)(220:218)
[٢٩/٨, ١٠:٢٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: جاء فى تفسير الآيات : وفوض أمرك إلى الله العزيز الذى لايغالب ولايقهر ، الرحيم الذى لا يخذل أولياءه ، وهو الذى يراك حين تقوم للصلاة وحدك فى جوف الليل ، ويرى تقلبك مع الساجدين فى صلاتهم معك قائما وراكعا وساجدا وجالسا إنه-سبحانه- هو السميع لتلاوتك وذكرك ، العليم بنيتك وعملك ، وقد انفردت الآية : (إنه هو السميع العليم) فى القرآن أنها آية كاملة ، فدائما تأتى فى نهاية الآيات ، وكأن فيها زيادة اهتمام بالنبى صلى الله عليه وسلم ، وبيان فضله وشرفه ، وأنه أفضل الخلق ، وأتقاهم لله ، وأخشعهم فى صلاته وتلاوته وذكره وتضرعه ومناجاته .
[٢٩/٨, ١١:١٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: جاء فى سورة الروم : (الم)(غلبت الروم)(فى أدنى الأرض وهم من غلبهم سيغلبون)(فى بضع سنين)(لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون)(بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم)(5:1) . انتصرت الفرس على الروم ، وكانت الفرس مشركين يعبدون النار ، وكانت الروم أهل كتاب ينتسبون إلى التوراة والإنجيل ، وهم أقرب إلى المسلمين من الفرس ، فكان المؤمنون يحبون غلبتهم على الفرس ، وكان المشركون يحبون ظهور الفرس ، ففرح المشركون بنصر الفرس على الروم ، وحزن المسلمون ، فأخبرهم الله ووعدهم أن الروم ستغلب الفرس فى بضع سنين : (9:3) سنوات ، وقد انتصر الروم على الفرس كما وعد الله ، فهو العزيز الذى له العزة التى قهر بها الخلائق أجمعين ، الرحيم بعباده المؤمنين ؛ حيث قيض لهم من الأسباب التى تسعدهم وتنصرهم على أعدائهم .
[٣٠/٨, ٨:٠٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: جاء فى سورة السجدة : قوله سبحانه : (ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم)(6) جاء فى تفسير اﻵية : ذلك الخالق المدبر لشؤون العالمين ، عالم بكل مايغيب عن الأبصار ، مما تكنه الصدور وتخفيه النفوس ، وعالم بما شاهدته الأبصار ، وهو القوى الظاهر الذى لا يغالب ، الرحيم بعباده المؤمنين ، وقد ناسب هذا المعنى سياق الآيات فى السورة ، حيث تحدثت عن كل فريق ، فجاءت الآيات : ( ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رءوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون)(ولوشئنا لآتينا كل نفس هداها ولكن حق القول منى لأملأن جهنم من الجنة و الناس أجمعين)(فذوقوا بمانسيتم لقاء يومكم هذا إنا نسيناكم وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون)(14:12)
[٣٠/٨, ٩:٥٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: وقوله سبحانه : (وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذى كنتم به تكذبون)(ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون)(ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون)(22:20) ، فهذه الآيات تخص صفة (العزيز) .
وقوله سبحانه : (أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون)(19) ؛ فهذه الآية تخص صفة (الرحيم) . فناسب قوله سبحانه : (عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم) سياق الآيات فى السورة .
[٣٠/٨, ١٠:١٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة يس : (تنزيل العزيز الرحيم)(5) أى : هذا القرآن تنزيل العزيز فى انتقامه من أهل الكفر والمعاصى ، الرحيم بمن تاب من عباده وعمل صالحا . وقد ناسب قوله سبحانه : (العزيز الرحيم) مابعده من الآيات ، وذلك فى قوله تعالى : (لتنذر قوما ماأنذر آباؤهم فهم غافلون)(لقد حق القول على أكثرهم فهم لايؤمنون)(إنا جعلنا فى أعناقهم أغلالا فهى إلى الأذقان فهم مقمحون)(وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لايبصرون)(وسواء عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم لايؤمنون)(10:6) فهذه الآيات تخص صفة : (العزيز) ، وقوله سبحانه : (إنما تنذر من اتبع الذكر وخشى الرحمن بالغيب فبشره بمغفرة وأجر كريم)(11) وهذه الآية تخص صفة : (الرحيم) .
[٣٠/٨, ١٠:٣٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: الموضع الأخير فى سورة الدخان : قوله سبحانه : (إلا من رحم الله إنه هو العزيز الرحيم)(42) ، وقد سبق الآية قوله سبحانه : (إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين)(يوم لايغنى مولى عن مولى شيئا ولاهم ينصرون)(41:40) أى : يوم لايدفع صاحب عن صاحبه شيئا ، ولاينصر بعضهم بعضا ، إلا من رحم الله من المؤمنين ، فإنه قد يشفع له عند ربه بعد إذن الله له . إن الله هو العزيز فى انتقامه من أعدائه ، الرحيم بأوليائه وأهل طاعته . وقد ناسبت صفة : (العزيز الرحيم) مابعدها من الآيات .
[٥/٩, ٤:٤٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: ففى الآيات : (إن شجرت الزقوم)(طعام الأثيم)(كالمهل يغلى فى البطون)( كغلى الحميم)(خذوه فاعتلوه إلى سواء الجحيم)(ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم)(ذق إنك أنت العزيز الكريم)(إن هذا ماكنتم به تمترون)(50:43) ، فهذه الآيات تخص صفة : (العزيز) . وقوله سبحانه : (إن المتقين فى مقام أمين)(فى جنات وعيون)(يلبسون من سندس واستبرق متقابلين)(كذلك وزوجناهم بحور عين)(يدعون فيها بكل فاكهة آمنين)(لايذقون فيها الموت إلا الموتة الأولى ووقاهم عذاب الجحيم)(فضلا من ربك ذلك هو الفوز العظيم)(57:51) فهذه الآيات تخص صفة : (الرحيم) .
فسبحان من هذا كلامه !!!