الثلاثاء، 25 يونيو 2024

(وإذا بشر أحدهم بالأنثى)(وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا)

 [٢٥/‏٦, ٤:٤٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى : من الآيات المتشابهات التى يحصل فيها الخلط بينها من الحفاظ : قوله سبحانه : (وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم)(58)(النحل) وقوله سبحانه : (وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا ظل وجهه مسودا وهو كظيم)(17)(الزخرف)  فى النحل : (بشر أحدهم بالأنثى)

وفى الزخرف : (بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا) فما سبب الاختلاف بين الموضعين ؟ !

[٢٥/‏٦, ٤:٥٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما فى موضع النحل فقد جاء قبل الآية قوله سبحانه : (ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم مايشتهون)(57) فجاء اسم البنات صريح فى الآية أى : ويجعل الكفار لله البنات فيقولون : الملائكة بنات الله تنزه الله عن قولهم ويجعلون لأنفسهم مايحبون من البنين وإذا جاء من يخبره بولادة أنثى اسود وجهه كراهية لما سمع وامتلأ غما وجاء قوله سبحانه بعد الآية مؤكدا للمعنى : (يتوارى من القوم من سوء مابشر به أيمسكه على هون أم يدسه فى التراب ألا ساء ما يحكمون)(59)

[٢٥/‏٦, ٤:٥٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: أى يستخفى من قومه كراهة أن يلقاهم متلبسا بما ساءه من الحزن والعار بسبب البنت التى ولدت له ومتحيرا فى أمر هذه المولودة : أيبقيها حية على ذل وهوان أم يدفنها حية فى التراب ؟ ألا بئس الحكم الذى حكموه من جعل البنات لله والذكور لهم فكان الخطاب كله فى سياق الآيات على الأنثى فناسب قوله تعالى : (وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم) سياق الآيات حيث كان الحديث فيها عن ولادة الأنثى وحال أبيها لما جاءه الخبر بولادتها

[٢٥/‏٦, ٥:٠٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما فى سورة الزخرف فكان الحديث عن الملائكة وإدعاء المشركين أن الملائكة بنات الله وذلك فى قوله سبحانه : (وجعلوا له من عباده جزءا إن الإنسان لكفور مبين)(15) أى : وجعل هؤلاء المشركون لله من خلقه نصيبا وذلك قولهم للملائكة : بنات الله.  إن الإنسان لجحود لنعم ربه التى أنعم بها عليه مظهر لجحوده وكفره يعدد المصائب وينسى النعم . وكذلك الآية بعدها : (أم اتخذ مما يخلق بنات وأصفاكم بالبنين) أى : بل أتزعمون -أيها الجاهلون- أن ربكم اتخذ مما يخلق بنات وأنتم لاترضون ذلك لأنفسكم وخصكم بالبنين فجعلهم لكم ؟ وفى هذا توبيخ لهم .

[٢٥/‏٦, ٥:١٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: وكذلك قوله سبحانه : (وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسئلون)(19)  أى : وجعل هؤلاء المشركون بالله الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا أحضروا حالة خلقهم حتى يحكموا بأنهم إناث  ؟ ستكتب شهادتهم ويسألون عنها فى الآخرة . وقد قرأ عاصم وحمزة والكسائي وخلف وأبو عمرو البصرى : (عباد الرحمن) وقرأ الباقون وهم : نافع وأبو جعفر المدنيان وابن كثير المكى وابن عامر الشامى ويعقوب البصرى : (عند الرحمن) . فلما كان الخطاب على الملائكة ناسب قوله : (بما ضرب للرحمن مثلا) سياق الآيات فجاء كل لفظ مناسب فى مكانه فسبحان من هذا كلامه !!!

الجمعة، 21 يونيو 2024

(حول سورة المائدة)

 [١٧/‏٥, ١:٣٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى : تأملات سور القرآن : (سورة المائدة) وسورة المائدة من السور المدنية الطويلة وقد تناولت كسائر السور المدنية جانب التشريع بإسهاب مثل سورة البقرة والنساء والأنفال إلى جانب موضوع العقيدة وقصص أهل الكتاب قال أبو ميسرة : المائدة من آخر مانزل من القرآن ليس فيها منسوخ وفيها ثمان عشرة فريضة 

(تفسير القرطبى ٣٠/٦)

نزلت السورة والرسول صلى الله عليه وسلم منصرف من الحديبية وجماعها يتناول الأحكام الشرعية

[١٧/‏٥, ١:٣٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: حيث كانت الدولة الإسلامية فى بداية تكوينها وهى بحاجة إلى  (المنهج الربانى) الذى يعصمها من الزلل ويرسم لها طريق البناء والاستقرار لذلك سورة المائدة أكثر سورة جاء فيها النداء للمؤمنين فقد تكرر النداء : (ياأيها الذين آمنوا) ست عشر مرة (16) وفى البقرة أكبر سورة فى القرآن أحد عشر مرة(11) وإليك بيان ذلك فقد بدأت السورة بالنداء للمؤمنين وذلك فى قوله سبحانه :(ياأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود...الآية)(1)

[١٧/‏٥, ١:٣٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: والخطاب بلفظ الإيمان للتكريم والتعظيم أى يامعشر المؤمنين أوفوا بالعقود وهو لفظ يشمل كل عقد وعهد بين الإنسان وربه وبين الإنسان والإنسان قال ابن عباس : العقود العهود وهى ماأحل الله وماحرم ومافرض فى القرآن كله من التكاليف والأحكام وهذا القول اختاره الطبرى وهذا النداء مناسب مع ماجاء فى سورة النساء فسورة النساء كلها عقود إذا الوفاء بالعقود التى جاءت فى سورة النساء والتى تأتى فى سورة المائدة

[١٧/‏٥, ١:٣٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه : (ياأيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام...الآية)(2)

النداء الثالث قوله سبحانه : (ياأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين...الآية)(6) 

النداء الرابع : (ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط...الآية)(8) 

النداء الخامس : (ياأيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم...الآية(11)

النداء السادس :( ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا فى سبيله لعلكم تفلحون)(35)

[١٧/‏٥, ١:٣٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: النداء السابع :(ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لايهدى القوم الظالمين)(51)

النداء الثامن(ياأيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتى الله بقوم يحبهم ويحبونه....الآية)(54)

النداء التاسع (ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين)(57)

النداء العاشر :(ياأيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ماأحل الله لكم ولاتعتدوا إن الله لايحب المعتدين)(87)

[١٧/‏٥, ١:٣٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: النداء الحادى عشر :(ياأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون)(90) وهو التحريم النهائى للخمر 

النداء الثانى عشر :( ياأيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشئ من الصيد تناله أيديكم ورماحكم ليعلم الله من يخافه بالغيب فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم)(94)

النداء الثالث عشر وهو مرتبط بما قبله : (ياأيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم....الآية )( 95) وفيهما نهى المحرم بالحج أو العمرة عن صيد البر .

[١٧/‏٥, ١:٣٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: النداء الرابع عشر : (ياأيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم...الآية)(101) النداء الخامس عشر : (ياأيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بماكنتم تعملون)(105)

النداء السادس عشر والأخير : (ياأيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم...الآية)( 106)

فهؤلاء ست عشر نداء من جملة (89) نداء للمؤمنين جاء فى القرآن

[١٧/‏٥, ١:٣٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: كما ذكرنا نزلت السورة والرسول صلى الله عليه وسلم منصرف من الحديبية وجماعها يتناول الأحكام الشرعية لأن الدولة الإسلامية فى المدينة المنورة كانت فى بداية تكوينها وهى بحاجة إلى(المنهج الربانى) الذى يعصمها من الزلل ويرسم لها طريق البناء والاستقرار وهذا جلى فى النداءات الستة عشر وباستقراء النداءات يتضح الأمر جلى فالنداء الأول أمر عظيم من رب العالمين وهو يضمن استقرار الدولة وثباتها وبقائها قوية وهو الوفاء بالعقود وهو لفظ يشمل كل عقد وعهد بين الإنسان وربه وبين الإنسان والإنسان قال ابن عباس : العقود العهود وهى ماأحل الله وحرم ومافرض فى القرآن كله من التكاليف والأحكام .

[١٧/‏٥, ١:٣٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: جاء النداء الثالث لأهم شعيرة فى العبادات وهى الصلاة التى هى عمود الإسلام كما أخبر النبى صلى الله عليه وسلم فجاء النداء الثالث بالأمر بالوضوء إذا أراد العبد القيام للصلاة فى قوله سبحانه  : (ياأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين...الآية)(6) وناسب النداء الثالث بعد الندائين الأول والثانى الذى جاء فيهما الأمر بالوفاء بالعقود وعدم تعدى الحدود التى حدها الله لعباده ومن أهم مايعين على ذلك هى الصلاة

[١٧/‏٥, ١:٣٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: كذلك جاء النداء الثانى فى أمر عظيم : (ياأيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله..الآية) أى لاتستحلوا حرمات الله ولاتتعدوا حدوده قال الحسن : يعنى شرائعه التى حدها لعباده ولاتستحلوا الشهر الحرام بالقتال فيه ولا ماأهدى إلى الكعبة ولاتستحلوا قتال القاصدين إلى بيت الله الحرام لحج أو عمرة والنداء الأول والثانى من أهم أركان بناء الدولة وهو الوفاء بالعقود وعدم تعدى الحدود التى حدها الله لعباده .

[١٧/‏٥, ١:٣٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: وجاء النداء الرابع أيضا بأمر عظيم وهو من أعظم ماجاء فى القرآن وهو الشهادة بالعدل حتى مع الكفار فضلا عن المؤمنين وهذا من أعظم ماجاء به الإسلام وذلك فى قوله سبحانه :(ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولايجرمنكم شنئان قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون) : أى كونوا مبالغين فى الاستقامة بشهادتكم لله وصيغة( قوام) بتشديد الواو للمبالغة تشهدون بالعدل ولايحملنكم شدة بغضكم للأعداء على ترك العدل فيهم والاعتداء عليهم فالعدل مع من تبغضونهم أقرب لتقواكم لله(ماأعظم هذا الدين) فهل رأيت أعظم من ذلك

[١٧/‏٥, ١:٣٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: وجاء فى تفسير الكشاف(1/476) : وفى هذا تنبيه عظيم على أن العدل إذا كان واجبا مع الكفار الذين هم أعداء الله وكان بهذه الصفة من القوة حيث جاء بصيغة المبالغة : (قوامين) فما الظن بوجوبه مع المؤمنين الذين هم أولياؤه وأحباؤه وهذا الحال فى الدنيا مع أهل الكفر من العدل معهم أما فى الآخرة فهم أصحاب النار وهذا ماجاء فى الآيتين بعد هذا النداء فى قوله سبحانه :(وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم)(والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم)(9 :10)

[١٧/‏٥, ١:٣٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: وجاء النداء الخامس : يذكر المؤمنين بنعمته عليهم بالهداية إلى الإسلام ونجاته إياهم من عدوهم اليهود لما أرادوا البطش بهم وقتلهم وسبب نزول الآية : أراد يهود بنى النضير أن يلقوا الرحى على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن يغدروا به وبأصحابه فأنزل الله : (ياأيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون)(11)

[١٧/‏٥, ١:٤٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: وجاء النداء السادس : مناسب مع النداء الخامس ففى الخامس ذكر الله تعالى المؤمنين بنعمته عليهم بالهداية إلى الإسلام وفى النداء السادس دعاهم إلى تقواه والتقرب إليه بطاعته والعمل بما يرضيه والجهاد فى سبيله ليفوزوا بجنته :(ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا فى سبيله لعلكم تفلحون)(35)

فناسب النداء السادس ترتيبه بعد النداء الخامس

وجاء النداء السابع والثامن والتاسع بترتيب عجيب حيث كان موضوعهم واحد وإليك بيان ذلك

[١٧/‏٥, ٢:٠٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: (ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لايهدى القوم الظالمين)(51)

(ياأيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتى الله بقوم يحبهم ويحبونه...الآية)(54)

(ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين)(57)

[١٧/‏٥, ٨:١٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: النداء السابع : نهى المؤمنين عن اتخاذ اليهود والنصارى حلفاء وأنصارا على أهل الإيمان ومن يتولهم من المؤمنين فإنه يصير من جملتهم وحكمه حكمهم كذلك النداء التاسع : نهى المؤمنين اتخاذ الذين يستهزئون ويتلاعبون بدين الإسلام من أهل الكتاب والكفار أولياء والنداء الثامن قد وافق الندائين فمن يتخذ اليهود والنصارى أولياء قد يرجع عن دين الإسلام ويستبدل به اليهودية أو النصرانية أو غير ذلك فانظر إلى الترتيب الرائع لهذه النداءت الثلاث فسبحان من هذا كلامه !!!

[١٧/‏٥, ١٠:١٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: وجاء النداء العاشر والحادى عشر مكمل أحدهما للأخر فالأول فيه أمر والثانى فيه نهى وإليك بيان ذلك : (ياأيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولاتعتدوا إن الله لا يحب المعتدين)(87) أى : ياأيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات أحلها الله لكم من المطاعم والمشارب ونكاح النساء فتيضقوا ماوسع الله عليكم ولاتتجاوزا حدود ماحرم الله إن الله لا يحب المعتدين وجاءت الآية بعدها متممة للمعنى :(وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واتقوا الله الذى أنتم به مؤمنون)(88)

[١٧/‏٥, ١٠:٢٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: وجاء النداء الحادى عشر بالتحريم النهائى للخمر : (ياأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون)(90) أى : ياأيها الذين صدقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه إنما الخمر : وهو كل مسكر يغطى العقل والميسر : وهو القمار وذلك يشمل المراهنات ونحوها والأنصاب : وهى الحجارة التى كان المشركون يذبحون عندها تعظيما لها وما ينصب للعبادة تقربا إليه والأزلام : وهى القداح التى يستقسم بها الكفار قبل الإقدام على الشئ أو الإحجام عنه

[١٧/‏٥, ١٠:٣١ م] حسن أحمد حسن سليمان: وجاء النداء الثانى عشر والثالث عشر عن نهى المحرم بالحج أو العمرة عن الصيد والنداء الرابع عشر عن نهى المؤمنين عن السؤال عن أشياء من أمور الدين لم يؤمروا فيها بشئ كالسؤال عن الأمور غير الواقعة أو التى يترتب عليها تشديدات فى الشرع لو كلفوا بها لشقت عليهم وجاء النداء الخامس عشر بأمر المؤمنين أن يلزموا أنفسهم بالطاعة واجتناب المعصية وإن لم يستجب الناس لكم فإذا فعلتم ذلك فلا يضركم ضلال من ضل إذا لزمتم طريق الاستقامة وأمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر

[١٧/‏٥, ١٠:٤٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: وكأن النداء الخامس عشر متمم للنداء الرابع عشر حيث أمر المؤمنين بعدم السؤال عن أشياء من أمور الدين لم يؤمروا فيها بشئ وجاء النداء الخامس عشر بأمر المؤمنين أن يلزموا أنفسهم بالطاعة واجتناب المعصية وجاء النداء السادس عشر والأخير مناسب أن يكون آخر نداء حيث أمر المؤمنين إذا قرب الموت من أحدهم أن يشهد على وصيته اثنين أمينين من المسلمين أو آخرين من غير المسلمين عند الحاجة

[١٧/‏٥, ١١:٢٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه : (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولايجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون)(8) وقوله سبحانه : (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين أو الأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا)(135)(النساء) 

فما سبب التقديم والتأخير فى الآيتين ؟ 

وبالرجوع إلى تفسير الآيتين يتضح الفرق بين الموضعين .

[١٨/‏٥, ٤:٤٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: جاء فى تفسير آية النساء : ياأيها الذين صدقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه كونوا قائمين بالعدل مؤدين للشهادة لوجه الله تعالى ولو كانت على أنفسكم أو على آباءكم وأمهاتكم أو على أقاربكم مهما كان شأن المشهود عليهم غنيا أو فقيرا فإن الله تعالى أولى بهما منكم وأعلم بما فيه صلاحهما فلا يحملنكم الهوى والتعصب على ترك العدل وأن تحرفوا الشهادة بألسنتكم فتأتوا بها على غير حقيقتها أو تعرضوا عنها بترك أدائها أو بكتمانها فلما كانت شهادة على النفس أو الآباء والأمهات والأقارب لابد فيها العدل والقسط فناسب تقديم : (كونوا قوامين بالقسط) على : (شهداء لله)

[١٨/‏٥, ٤:٥٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: جاء فى تفسير آية المائدة : ياأيها الذين آمنوا بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم كونوا قوامين بالحق ابتغاء وجه الله شهداء بالعدل ولايحملنكم بغض قوم على ألا تعدلوا اعدلوا بين الأعداء والأحباب على درجة سواء فهى شهادة لله ولو لصالح الأعداء فذلك العدل أقرب لخشية الله واحذروا أن تجوروا فلما كانت شهادة لله ولو لصالح الأعداء فناسب تقديم  : (شهداء لله) سياق الآية كما ناسبت الآية التى قبلها نفس المعنى

[١٨/‏٥, ٥:٠٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: وذلك فى قوله سبحانه : (واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذى واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا واتقوا الله إن الله عليم بذات الصدور)(7) أى واذكروا نعمة الله عليكم فيما شرعه لكم واذكروا عهده الذى أخذه تعالى عليكم من الإيمان بالله ورسوله والسمع والطاعة لهما واتقوا الله فيما أمركم به ونهاكم عنه فناسبت الآية نفس المعنى بتقديم  : (شهداء لله) فجاءت كل كلمة مناسبة فى موضعها فسبحان من هذا كلامه   !!!

[١٨/‏٥, ٥:٢٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه : (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولاهم يحزنون)(69) 

وقوله سبحانه فى سورة البقرة : (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولاخوف عليهم ولاهم يحزنون)(62) زاد فى البقرة : (فلهم أجرهم عند ربهم) وقدم النصارى على الصابئين وجاءت : (الصابئون) بالرفع  فما سبب ذلك ؟

[١٨/‏٥, ٥:٣٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: فى آية المائدة ذكر قبلها مايدل على أن لهم أجرهم فى الدنيا قبل الآخرة وذلك فى قوله سبحانه : (ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم منهم أمة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون)(66)  أى قاموا بأوامر التوراة والإنجيل ونواهيهما ومن إقامتهما الإيمان بما دعيا إليه من الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن لأدر الله عليهم الرزق ولأمطر عليهم السماء وأنبت لهم الأرض كما قال تعالى : (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض...الآية)(96)(الأعراف)

[١٨/‏٥, ٥:٤٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: فلما ذكر أن لهم أجرهم فى الدنيا ناسب عدم ذكر : (فلهم أجرهم عند ربهم) وتقديم النصارى على الصابئين هو تقديم أصحاب الكتب فالذين آمنوا نزل إليهم القرآن والذين هادوا نزل إليهم التوراة والنصارى نزل إليهم الإنجيل أما الصابئون هم قوم بقوا على الفطرة لادين لهم وهم قبل النصارى زمنا فتقديمهم فى المائدة وكذلك فى سورة الحج فى قوله سبحانه : (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس...الآية)(17) تقديم زمن. والرفع فى :(الصابئون) تقديره والصابئون كذلك فهى مبتدأ لخبر محذوف ولأنهم أقل رتبة من المؤمنين واليهود والنصارى جاء مرفوعا

(حول سورة آل عمران)

 [١٨/‏٥, ٧:٤٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى : (تأملات سور القرآن)(سورة آل عمران) : هى من السور المدنية الطويلة وقد اشتملت هذه السورة الكريمة على ركنين هامين من أركان الدين  هما : الأول: ركن العقيدة وإقامة الأدلة والبراهين على وحدانية الله جل فى علاه . الثانى : التشريع وبخاصة فيما يتعلق بالمغازى والجهاد فى سبيل الله خاصة غزوة بدر وغزوة أحد وإذا كانت سورة البقرة قد تناولت الحديث عن(الزمرة الأولى) من أهل الكتاب وهم (اليهود) وأظهرت حقيقتهم وكشفت عن نواياهم وخباياهم وخبثهم ومكرهم

[١٨/‏٥, ٧:٥٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: فإن سورة آل عمران قد تناولت(الزمرة الثانية) من أهل الكتاب وهم (النصارى) الذين جادلوا فى شأن المسيح وزعموا ألوهيته وكذبوا برسالة محمد صلى الله عليه وسلم وأنكروا القرآن وقد تناول الحديث عنهم مايقرب من نصف السورة الكريمة وكان فيها الرد على الشبهات التى أثاروها بالحجج الساطعة والبراهين القاطعة وبخاصة فيما يتعلق بشأن مريم وعيسى عليه السلام وجاء ضمن هذا الرد بعض الإشارات والتقريعات لليهود والتحذير للمسلمين من كيد ودسائس أهل الكتاب

[١٨/‏٥, ٨:٠٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: لذلك جاء الحديث : عن النواس بن سمعان قال سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول : (يؤتى يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به تقدمهم سورة البقرة وآل عمران) أخرجه مسلم رقم 805 باب فضل قراءة القرآن وسورة البقرة وأيضا سميت السورة بآل عمران لورود ذكر تلك الأسرة الفاضلة (آل عمران) وعمران هو والد مريم (أم عيسى) وماتجلى فيها من مظاهر القدرة الإلهية بولادة مريم البتول وابنها عيسى عليهما السلام بقول الله (كن فيكون) 

(إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون)(59)

[١٨/‏٥, ٨:١٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: وسبب نزول آيات السورة : نزلت فى وفد نصارى نجران وكانوا ستين راكبا فيهم أربعة عشر من أشرافهم ثلاثة منهم أكابرهم قدموا على النبى صلى الله عليه وسلم فتكلم منهم أولئك الثلاثة معه فقالوا تارة عيسى هو (الله) لأنه كان يحيى الموتى وتارة هو (ابن الله) إذ لم يكن له أب وتارة إنه(ثالث ثلاثة) لقوله تعالى (فعلنا وقلنا) ولو كان واحدا لقال : (فعلت وقلت) فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألستم تعلمون أن ربنا حي لايموت و أن عيسى يموت!! قالوا بلى 

قال : ألستم تعلمون أنه لايكون ولد إلا ويشبه أباه!! قالوا بلى

[١٨/‏٥, ٨:٢٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: قال ألستم تعلمون أن ربنا قائم على كل شئ يكلؤه ويحفظه ويرزقه فهل يملك عيسى شيئا من ذلك قالوا : لا .

قال ألستم تعلمون أن ربنا لايأكل الطعام ولايشرب الشراب ولايحدث الحدث وأن عيسى كان يطعم الطعام ويشرب الشراب ويحدث الحدث!! قالوا: بلى فقال صلى الله عليه وسلم : فكيف يكون كما زعمتم؟ فسكتوا وأبوا إلا الجحود فأنزل الله تعالى أول السورة إلى نيف وثمانين آية رد عليهم 

(النيف 3:1)

[٢٤/‏٥, ١٠:٠٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: ولذلك أكثر ذكر لأهل الكتاب جاء فى السورة وأول ذكر للتوراة والإنجيل جاء فى السورة وتكرر أكثر من مرة وذلك فى قوله سبحانه : (نزل عليكم الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل)(3) وقوله سبحانه : (ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل)(48) وقوله تعالى : (ومصدقا لما بين يدى من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم...الآية)(50) وقوله سبحانه : (ياأهل الكتاب لم تحاجون فى إبراهيم وماأنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون)(93)

[٢٤/‏٥, ١٠:٢٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: وقوله سبحانه : (كل الطعام كان حلا لبنى إسرائيل إلا ماحرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين)(93)  

وكما ذكرنا أنها أكثر سورة تعرضت لذكر أهل الكتاب وإليك بيان ذلك : قوله سبحانه : (قل ياأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولانشرك به شيئًا ولايتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون)(64) وهى دعوة لأهل الكتاب من اليهود والنصارى إلى كلمة عدل وحق أن نخص الله وحده بالعبادة ولانتخذ أى شريك معه من وثن أو صنم أو صليب أو طاغوت وناسب هذا أن يكون أول نداء لأهل الكتاب فى السورة

[٢٤/‏٥, ١٠:٣٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: وقوله سبحانه : (ياأهل الكتاب لم تحاجون فى إبراهيم وماأنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون)(65) أى : ياأصحاب الكتب المنزلة من اليهود والنصارى كيف يجادل كل منكم فى أن إبراهيم عليه السلام كان على ملته وماأنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تفقهون خطأ قولكم : إن إبراهيم كان يهوديا أو نصرانيا وقد علمتم أن اليهودية والنصرانية حدثت بعد وفاته بحين ؟

[٢٤/‏٥, ١٠:٤٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: وقوله سبحانه : (ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم ومايضلون إلا أنفسهم وما يشعرون)(69) أى : تمنت جماعة من اليهود والنصارى لو يضلونكم- أيها المسلمون- عن الإسلام ومايضلون إلا أنفسهم وأتباعهم ومايدرون ذلك ولايعلمونه . وقوله سبحانه : (ياأهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون)(ياأهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون)(71:70) أى : ياأهل الكتاب لم تجحدون آيات الله التى أنزلها على رسله فى كتبكم والتى فيها أن محمد صلى الله عليه وسلم هو الرسول المنتظر وأن ماجاءكم به هو الحق وأنتم تشهدون بذلك ولكنكم تنكرونه

[٢٤/‏٥, ١٠:٥٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: ياأهل الكتاب لم تخلطون الحق فى كتبكم بما حرفتموه وكتبتموه من الباطل بأيديكم وتخفون مافيهما من صفة محمد صلى الله عليه وسلم وأن دينه هو الحق وأنتم تعلمون ذلك . وقوله سبحانه : (وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذى أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون)(72) أى : وقالت جماعة من اليهود : صدقوا بالذى أنزل على آمنوا أول النهار واكفروا آخره لعلهم يتشككون فى دينهم ويرجعون عنه .

[٢٥/‏٥, ١:٢١ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه : (قل ياأهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ماتعملون)(قل ياأهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله...الآية)(99:98) وهذان الآيتين تشبهان الآيتين السابقتين ولكن الآيتين السابقتين كان خطاب من الله لأهل الكتاب لذلك انتهت الآية الأولى  بقوله : (وأنتم تشهدون) لأن الخطاب من الله لأهل الكتاب وانتهت الآية الثانية بقوله : (والله شهيد على ماتعملون) لأن الخطاب من الله لنبيه أن يقول لأهل الكتاب لم تجحدون حجج الله التى دلت على أن دين الله هو الإسلام وذلك فى قوله سبحانه : (قل ياأهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ماتعملون)

[٢٥/‏٥, ١:٢٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: وكذلك الآية الثانية خطاب من الله لنبيه : (قل ياأهل الكتاب لم تصدون عن سبيل من آمن به وتبغونها عوجا وانتم شهداء وما الله بغافل عما تعملون)(99) أى : قل -ياأيها الرسول-لليهود والنصارى  : لم تمنعون من الإسلام من يريد الدخول فيه تطلبون له زيغا وميلا عن القصد والاستقامة وأنتم تعلمون أن ماجئت به هو الحق ؟ وما الله بغافل عما تعملون وسوف يجازيكم على ذلك ووافقت الآية خطاب الله لنبيه فالنبى يدعوا الناس إلى الإسلام واليهود والنصارى يصدون الناس عن الدخول فى الدين مع علمهم التام بأنه دين الحق

[٢٥/‏٥, ١:٤٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه : (ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لايؤده إليك إلا مادمت عليه قائما ذلك بأنهم قالوا ليس علينا فى الأميين سبيل ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون)(75) أى : ومن أهل الكتاب من اليهود من إن تأمنه على كثير من المال يؤده إليك من غير خيانة ومنهم من إن تأمنه على دينار واحد لايؤده إليك إلا إذا بذلت غاية الجهد فى مطالبته وسبب ذلك عقيدة فاسدة تجعلهم يستحلون أموال العرب بالباطل ويقولون : ليس علينا فى أكل أموالهم إثم ولاحرج لأن الله أحلها لنا وهذا كذب على الله يقولونه بألسنتهم وهم يعلمون أنهم كاذبون

[٢٥/‏٥, ١:٥٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه : (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خير لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون)(110) أى : ولو آمن أهل الكتاب من اليهود والنصارى بمحمد صلى الله عليه وسلم وماجاءهم به من عند الله كما آمنتم لكان خير لهم فى الدنيا والآخرة منهم المؤمنون المصدقون برسالة محمد صلى الله عليه وسلم العاملون بها وهم قليل وأكثرهم الخارجون عن دين الله وطاعته وقد جاء ذكر المؤمنين منهم فى الآية التى بعدها .

[٢٥/‏٥, ٢:٠٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: وذلك فى قوله سبحانه : (ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون)(يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون فى الخيرات وأولئك من الصالحين)(ومايفعلوا من خير فلن يكفروه والله عليم بالمتقين)(115:113) فمن أهل الكتاب أمة مؤمنة يقومون الليل مرتلين آيات القرآن مقبلين على مناجاة الله يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالخير كله وينهون عن الشر كله ويبادرون إلى فعل الخيرات وأولئك من عباد الله الصالحين وأى عمل من أعمال الخير تعمله هذه الطائفة المؤمنة فلن يضيع عند الله.

[٢٥/‏٥, ٥:٣٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: ومن الجدير بالذكر المقارنة بين الآيتين فى التقديم والتأخير لبيان البلاغة والروعة القرآنية ففى الآية الأولى قدم الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر على الإيمان بالله وذلك فى قوله سبحانه : (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خير لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون)(110) وفى الآية الثانية قدم الإيمان بالله على الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وذلك فى قوله سبحانه : (ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون)(يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون فى الخيرات وأولئك من الصالحين)(114:113)

[٢٥/‏٥, ٥:٤٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: ويمكن القول أن التقديم فى الآية الأولى تقديم أهمية وميزة خاصة بأمة الإسلام فإن خيرية هذه الأمة تكمن فى صفة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فأمة محمد صلى الله عليه وسلم خير الأمم وأنفع الناس للناس يأمرون بالمعروف وهو ماعرف حسنه شرعا وعقلا وينهون عن المنكر وهو ماعرف قبحه شرعا وعقلا ومن قبل هم مؤمنون فسبب التقديم هو خيرية أمة محمد صلى الله عليه وسلم بهذا الأمر

[٢٥/‏٥, ٥:٤٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما الآية الثانية فجاءت فى وصف فئة من أهل الكتاب آمنوا بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم ومن قبل كانوا كافرين فتقديم الإيمان بالله واليوم الآخر هو الأهم لأنهم كانوا على الكفر ثم يأتى بعد إيمانهم بالله واليوم الآخر أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر  وهو أمرهم بالخير كله ونهيهم عن الشر كله ويبادرون إلى فعل الخيرات وأولئك من عباد الله الصالحين . فجاء الترتيب مناسب مع سياق كل آية. فسبحان من هذا كلامه !!!

[٢٦/‏٥, ٢:٢٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه : (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون)(59)  من العجب فى الآية : (إن مثل عيسى...الآية) أن اسم(عيسى) واسم (آدم) من أول القرآن إلى هذه الآية تكرر كل منهما (سبع مرات) وفى القرآن كله تكرر كل منهما (خمس وعشرون مرة) 

سبب نزول الآية : لما قدم وفد نصارى نجران وجادلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أمر عيسى قالوا للرسول صلى الله عليه وسلم : مالك تشتم صاحبنا ؟ قال : وماأقول ؟ قالوا : تقول أنه عبد قال : أجل إنه عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى العذراء البتول فغضبوا وقالوا : هل رأيت إنسانا قط من غير أب ؟ فإن كنت صادقا فأرنا مثله فأنزل الله :(إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم...الآية)

[٢٦/‏٥, ٢:٤٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: جاء فى تفسير الآية : إن شأن عيسى إذ خلقه بلا أب- وهو فى بابه غريب- كشأن آدم خلقه من غير أب ولاأم ثم قال له (كن) فكان فليس أمر عيسى بأعجب من أمر آدم . وقد روى أن النبى صلى الله عليه وسلم لما دعا وفد نصارى نجران إلى الإسلام قالوا : قد كنا مسلمين قبلك فقال : كذبتم يمنعكم من الإسلام ثلاث : قولكم اتخذ الله ولدا وأكلكم الخنزير وسجودكم للصليب فقالوا فمن أبوه إذا فأنزل الله : (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون)

[١/‏٦, ٧:٥٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: وانتهى الأمر بالمباهلة فلما أقام عليهم النبى صلى الله عليه وسلم الحجة فأبوا إلا الجحود دعاهم إلى المباهلة فقال بعضهم لبعض : إن فعلتم اضطرم الوادى عليكم نارا !! فقالوا : أما تعرض علينا سوى هذا ؟ فقال : الإسلام أو الجزية أو الحرب فأقروا بالجزية( القرطبى 4 /103) وأسباب النزول للواحدى ص 58 . وذلك فى قوله سبحانه : (فمن حاجك فيه من بعد ماجاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين)(61)

[١/‏٦, ٨:٠٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: جاء فى تفسير الآية : أى فمن جادلك فى أمر عيسى بعدما وضح لك الحق واستبان فقل هلموا نجتمع ويدعوا كل منا ومنكم أبناءه ونساءه ونفسه إلى (المباهلة) !! وفى سنن الترمذى لما نزلت هذه الآية دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة وحسنا وحسينا فقال : اللهم هؤﻻء أهلى (ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين) أى نتضرع إلى الله فنقول : اللهم العن الكاذب منا فى شأن عيسى فلما دعاهم إلى المباهلة امتنعوا وقبلوا بالجزية

[١/‏٦, ٨:٢٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: قال ابن عباس رضي الله عنهما : (لو خرج الذين يباهلون رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجعوا لايجدون أهلا ولا مالا) (طرف من حديث رواه البخارى والترمذى والنسائى .

وفى ترك النصارى الملاعنة لعلمهم بصدق النبى صلى الله عليه وسلم وهو شاهد عظيم على صحة نبوته وكما قال سبحانه فى شأن فرعون وقومه : (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين)(14)(النمل) وكقوله سبحانه : (قد نعلم إنه ليحزنك الذى يقولون فإنهم لايكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون)( 33)(الأنعام) قال الحسن : كانوا يقولون إنه ساحر وشاعر وكاهن ومجنون

[١/‏٦, ٨:٢٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: (فإنهم لايكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون) فإنهم فى دخيلة نفوسهم لايكذبونك بل يعتقدون صدقك ولكنهم يجحدون عن عناد فلاتحزن لتكذيبهم قال ابن عباس : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمى (الأمين) فعرفوا أنه لايكذب فى شئ ولكنهم كان يجحدون فكان أبو جهل يقول : مانكذبك يامحمد وإنك عندنا لمصدق وإنما نكذب ماجئتنا به والعجب كيف يصف النبى بالصدق ثم يكذب ماجاء به النبى صلى الله عليه وسلم فالصادق الأمين لايأتى إلا بالصدق ففى كلام أبى جهل تناقد دليل على كبره وعناده .

[١/‏٦, ١٠:٣٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه : (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما  بالقسط لاإله إلا هو العزيز الحكيم)(18) أى بين ووضح لعباده انفراده بالوحدانية وشهدت الملائكة وأهل العلم بوحدانيته بدلائل خلقه وبديع صنعه (قائما بالقسط) أى مقيما للعدل فيما يقسم من الآجال والأرزاق (لاإله إلا هو) لامعبود بحق إلا هو العزيز فى ملكه الحكيم فى صنعه وجاءت الآية بعد هذه الآية مناسبة معها فى قوله سبحانه : (إن الدين عند الله الإسلام) أى الدين المقبول عند الله هو الإسلام وهو دين جميع الأنبياء ولادين يرضاه الله سوى الإسلام

[١/‏٦, ١٠:٤٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: جاء فى تفسير السعدى : هذه أجل الشهادات الصادرة من الملك العظيم ومن الملائكة وأهل العلم على أجل مشهود عليه وهو توحيد الله وقيامه بالقسط وذلك يتضمن الشهادة على جميع الشرع وجميع أحكام الجزاء فإن الشرع والدين أصله وقاعدته توحيد الله وإفراده بالعبودية والاعتراف بانفراده بصفات العظمة والكبرياء والمجد والعز والقدرة والجلال وبنعوت الجود والبر والرحمة والإحسان والجمال وبكماله المطلق الذى لايحصى أحد من الخلق أن يحيطوا بشئ منه أو يبلغوه أو يصلوا إلى الثناء عليه

[١/‏٦, ١١:٠١ م] حسن أحمد حسن سليمان: والعبادات الشرعية والمعاملات وتوابعها والأمر والنهى كله عدل وقسط لاظلم فيه ولاجور بوجوه من الوجوه بل هو فى غاية الحكمة والإحكام والجزاء على الأعمال الصالحة والسيئة كله قسط وعدل (قل أى شئ أكبر شهادة قل الله شهيد بينى وبينكم) فتوحيد الله ودينه وجزاؤه قد ثبت ثبوتا لاريب فيه وهو أعظم الحقائق وأوضحها .وفى هذه الآية فضيلة العلم والعلماء لأن الله خصهم بالذكر من دون البشر وقرن شهادتهم بشهادته وشهادة ملائكته وجعل شهادتهم من أكبر الأدلة والبراهين على توحيده وجزائه

[١/‏٦, ١١:١٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه : (إن الدين عند الله الإسلام ومااختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب)(19) جاء فى تفسير السعدى : يخبر تعالى أن الدين الذى لا دين لله سواه ولامقبول غيره هو (الإسلام) وهو الانقياد لله وحده ظاهرا وباطنا بما شرعه على ألسنة رسله قال تعالى : (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو فى الآخرة من الخاسرين) فمن دان بغير دين الإسلام فهو لم يدن لله حقيقة لأنه لم يسلك الطريق الذى شرعه على ألسنة رسله وأهل الكتاب يعلمون ذلك وإنما اختلفوا فانحرفوا عنه عنادا وبغيا ثم لما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم عرفوه حق المعرفة ولكن الحسد والكفر صدهم عن اتباعه .

[١/‏٦, ١١:٣٦ م] رقمى موبيلي: من روائع البيان القرآنى : قوله سبحانه : (ياأيها الذين امنوا لاتأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون)(واتقوا النار التى أعدت للكافرين)(وأطعيوا الله والرسول لعلكم ترحمون)(آل عمران)(132:130)والآيات فيها وعيد شديد للذى يأكل الربا قال ابن كثير : كانوا فى الجاهلية إذا حل أجل الدين يقول الدائن: إما أن تقضى وإما أن تربى فإن قضاه وإلا زاده فى المدة وزاده فى قدر الدين وهكذا كل عام فربما تضاعف القليل حتى يصير كثيرامضاعفا(تفسير ابن كثير)(412/1)وترك الربا فيه فلاح الأمة فناسب قوله سبحانه: (لعلكم تفلحون) نهاية الآية

[١/‏٦, ١١:٣٦ م] رقمى موبيلي: وجاء بعدها التحذير من نار جهنم التى أعدت للكافرين وكذلك الأمر بطاعة الله ورسوله مناسب مع النهى عن ترك الربا فإن من يأكل الربا فمصيره مع الكافرين فى نار جهنم ومن يطع الله ورسوله يكون مع الأبرار الذين تنالهم رحمة الله وهى الجنة فناسب قوله سبحانه : (لعلكم ترحمون) نهاية الآية

والعجيب فى الآية أنها جاءت بين الآيات التى تحدثت عن غزوة أحد وغزوة بدر وهى إشارة أن أكل الربا مثل الحرب بل هو أشد من الحرب وإليك بيان ذلك فى الآيات

[١/‏٦, ١١:٣٦ م] رقمى موبيلي: فلما جاءت اﻵية التى تنهى المؤمنين عن أكل الربا وسط الآيات التى تحدثت عن الغزوات أحد تفصيلا وغزوة بدر إجمالا فى قوله سبحانه : (ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون)(123) وجاءت الآية اعتراضا بين الحديث عن غزوة أحد ليذكرهم الله بنعمته عليهم لما نصرهم ببدر وهم قليلون فى العدد والعدة ففيها إشارة أن أكل الربا هى كالحرب لذلك جاء الجزاء لمن لم يترك أكل الربا فى قوله سبحانه : (ياأيها الذين امنوا اتقوا الله وذروا مابقى من الربا إن كنتم مؤمنين)(فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لاتظلمون ولاتظلمون)(279:278)(البقرة)

[١/‏٦, ١١:٣٦ م] رقمى موبيلي: بدأ الحديث عن الغزوات من قوله سبحانه : (وإذا غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم)(121) إلى الآية:(ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون)(128) ثم جاءت اﻵية التى تتحدث عن الربا ثم جاءت الآيات من الآية(139) تتحدث عن باقى أحداث غزوة أحد : (ولاتهنوا ولاتحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين)(إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لايحب الظالمين)(وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين) وتوالت الآيات تتحدث عن غزوة أحد وماحدث فيها فى نحو ستين آية

[١/‏٦, ١١:٣٦ م] رقمى موبيلي: وهى قوله تعالى : (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ماكسبت وهم لايظلمون)(281) فقد حذر الله عباده من ذلك اليوم الرهيب الذى لا ينفع فيه إلا العمل الصالح فقال احذروا يوما سترجعون فيه إلى ربكم ثم توفى كل نفس حسابها وأنتم لاتظلمون وبنزول الآية انقطع الوحى وفيها تذكير العباد بذلك اليوم العصيب الشديد قال ابن كثير : هذه الآية آخر مانزل من القرآن العظيم وقد عاش النبى صلى الله عليه وسلم بعد نزولها تسع ليال ثم انتقل الى الرفيق الأعلى والآيات قبلها هى آخر مانزل من الأحكام وهى التى تحدثت عن الربا. فسبحان من هذا كلامه !!!

[١/‏٦, ١١:٣٦ م] رقمى موبيلي: ومعنى الآيتين : أى اخشوا ربكم وراقبوه فيما تفعلون واتركوا مالكم من الربا عند الناس إن كنتم مؤمنين بالله حقا وإن لم تتركوا التعامل بالربا فأيقنوا بحرب الله ورسوله لكم قال ابن عباس : يقال لآكل الربا يوم القيامة خذ سلاحك للحرب.  وإن رجعتم عن الربا وتركتموه فلكم أصل المال الذى دفعتموه من غير زيادة ولانقصان فتبين من خلال استعراض الآيات أن الربا أشد من الحرب لأن الربا مدمر للمجتمع كله وقد انتهت الآيات فى سورة البقرة التى تحذر من أكل الربا بهذه الآية الجامعة والتى هى آخر آية نزلت من القرآن وبعدها انقطع الوحى

[٢/‏٦, ٢:٣٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى : قوله سبحانه : (كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم والله شديد العقاب)(11)(آل عمران) وقوله سبحانه : (كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كفروا بآيات الله فأخذهم الله بذنوبهم إن الله قوى شديد العقاب)(52)(الأنفال) وقوله سبحانه فى نفس السورة : (كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات ربهم فأهلكناهم بذنوبهم وأغرقنا آل فرعون وكل كانوا ظالمين)(54) 

فما الفرق بين المواضع الثلاث ؟

[٢/‏٦, ٢:٣٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: باستقراء آيات القرآن العظيم  فقد لاحظت أن  قوله : (كفروا وكذبوا) تأتى إما مقترنة أو متفرقة ولو جاءت متفرقة تأتى الأولى : (كفروا) ثم يعقبها فى السياق بالثانية وإليك بيان ذلك : وقد جاءت مقترنة فى عدة مواضع  قوله سبحانه : (والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون)(39)(البقرة) وقوله سبحانه فى موضعين من سورة المائدة : (والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم)( الآية 10 و 86) وقوله سبحانه : (والذين كفروا وكذبوا بآياتنا فأولئك لهم عذاب مهين)(57)(الحج) وقوله سبحانه : (وقال الملأ الذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة...الآية)(33)(المؤمنون)

[٢/‏٦, ٢:٣٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: وقوله سبحانه : (وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة فأولئك فى العذاب محضرون)(16)(الروم) وقوله سبحانه : (والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم)(نهاية الآية 19)(الحديد) وقوله سبحانه  : (والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار خالدين فيها وبئس المصير)(10)(التغابن) فهذه ثمان مواضع اقترنت فيها : (كفروا وكذبوا) ولا ريب أن الكافر إذا كفر بالله أعقب ذلك التكذيب بآياته فالأمر مرتب الكفر ثم التكذيب.

[٢/‏٦, ٢:٣٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: والمواضع التى جاءت فى أول الرسالة هى التى جاءت متفرقة فالموضع الأول : (كداب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم والله شديد العقاب)(11) فقد جاء فى أول السورة قوله سبحانه : (إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام)(نهاية الآية 4) فلما قال: (كفروا بآيات الله) جاء فى الثانية : (كذبوا بآياتنا) كذلك فى موضعى الأنفال : (كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كفروا بآيات الله) والموضع الثانى : (كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات ربهم)  فبدأ (كفروا بآيات الله) ثم (كذبوا بآيات ربهم)

[٢/‏٦, ٢:٣٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: فالمنعم بالنعم وهو رب العالمين فهو الخالق الرازق المنعم بالنعم مدبر أمور خلقه فله القدرة المطلقة فناسب قوله سبحانه : (كذبوا بآيات ربهم) سياق الآية التى قبلها وكذلك ناسب نهاية كل آية سياقها فلما كفروا بآيات الله أخذهم بذنوبهم ولما كذبوا بآيات ربهم أهلكهم بسلب النعم منهم فبعضهم أهلك بالرجفة وبعضهم بالخسف وبعضهم بالحجارة ولما ذكر آل فرعون ذكر عذابهم صريح  فقال : (وأغرقنا آل فرعون) فجاءت كل كلمة مناسبة فى موضعها فسبحان من هذا كلامه !!!

[٢/‏٦, ٢:٣٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: المسألة الأخيرة : قال فى الأولى : (كفروا بآيات الله) وفى الثانية : (كذبوا بآيات ربهم) وبالرجوع إلى سياق الآيات قبلها يتضح الفرق فقد جاء قبل الآية الأولى قوله سبحانه : (ولوترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق)(ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد)(51:50) فناسب قوله : (كفروا بآيات الله) سياق الآيات قبلها  والموضع الثانى ناسب الآية قبله وهو قوله تعالى : (ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا مابأنفسهم وأن الله سميع عليم)

[٢/‏٦, ٢:٣٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآني : قوله تعالى  : 

( فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصارى إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون ) سورة آل عمران (52 ) 

وقوله تعالى : 

( وإذ أوحيت إلى الحوارين أن آمنوا بى وبرسولى قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون ) سورة المائدة  ( 111 )

فى آل عمران قالوا : ( آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون ) ، وفى المائدة قالوا : ( آمنا واشهد بأننا مسلمون ) 

فما سبب ذلك ؟

[٢/‏٦, ٢:٣٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: لو تأملت الموضعين وجدت عجبا ، فإن الذى دعاهم إلى اﻹيمان فى آل عمران هو عيسى عليه السلام لذلك قالوا : ( آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون ) 

أما فى المائدة فالذي دعاهم إلى اﻹيمان هو رب العالمين ، فقد ألهمهم وألقى فى قلوبهم ( وهذا معنى الوحى لغير الأنبياء فهو إلهام من الله ) أن آمنوا بى وصدقوا بواحدنيتى  ، وبنبوة رسولى عيسى قالوا : صدقنا ياربنا واشهد بأننا منقادون لأمرك وخاضعون لك

[٢/‏٦, ٢:٣٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: فلما كان الأمر وحى من الله  قالوا  : 

( آمنا واشهد بأننا مسلمون ) 

وأى شرف هذا وأى تكريم هذا أن يوحى رب العالمين إلى الحوارين وهم أصفياء عيسى وخاصته  

والوحى لغير الأنبياء هو الإلهام وذلك كقوله تعالى : 

( وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه ) سورة القصص( 7 )

ومثل قوله تعالى : 

( وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذى من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون ) سورة النحل( 68 )  .

[٢/‏٦, ١١:٢٩ م] رقمى موبيلي: قوله سبحانه : (لايتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله فى شئ إلا أن تتقوا منهم تقاتة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير)(28) وقوله سبحانه : (يوم تجد كل نفس ماعملت من خير محضرا وماعملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه والله رءوف بالعباد)(30) 

قال فى الأولى:(وإلى الله المصير)

وقال فى الثانية :(والله رءوف بالعباد) فما سبب ذلك ؟ وبالرجوع إلى تفسير الآيات يتبين السبب وكذلك سياق الآيات .

[٣/‏٦, ١:٤٠ م] رقمى موبيلي: جاء فى تفسير اﻵية الأولى : أى لاتوالوا أعداء الله تحبونهم وتنصرونهم وتتركوا أولياءه فكيف يجمع الإنسان بين محبة الله وبين محبة أعدائه ومن يوالى الكفرة فليس من دين الله فى شئ إلا أن تخافوا منهم محذورا أو تخافوا أذاهم وشرهم فأظهروا موالتهم باللسان دون القلب لأنه نوع من مداراة السفهاء وفى الحديث :(إنا لنبش فى وجوه أقوام وقلوبنا تلعنهم)(أخرجه البخارى فى كتاب الأدب 527/10) (ويحذركم الله نفسه) أى : ويخوفكم الله عقابه (وإلى الله المصير ) أى المنقلب والمرجع إليه سبحانه وتعالى فيجازى كل عامل بعمله

[٣/‏٦, ١:٥٠ م] رقمى موبيلي: من خلال استعراض تفسير الآية يتضح أنها فى الحياة الدنيا فمن يوالى الكفرة ويتخذهم أنصارا وأحبابا فهذا فى الدنيا فجاءت نهاية الآية(وإلى الله المصير) مناسب معها ففيها تذكير لكل من يفعل ذلك أن يرجع عن موالته للكافرين وفيها تحذير له لعله يتوب قبل رجوعه إلى ربه وجاءت الآية بعدها تؤكد هذا المعنى وهو قوله تعالى : (قل إن تخفوا مافى صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ويعلم مافى السموات ومافى اﻷرض والله على كل شيء قدير)(29)

[٣/‏٦, ٢:٠٠ م] رقمى موبيلي: جاء فى تفسير اﻵية : أى إن أخفيتم مافى قلوبكم من موالاة الكفار أو أظهرتموه فإن الله مطلع عليه لاتخفى عليه خافية وهو عالم بجميع الأمور يعلم كل ماهو حادث فى السموات والأرض وهو سبحانه قادر على الانتقام ممن خالف حكمه وعصى أمره وهو تهديد عظيم وسياق الآية مناسب مع الآية قبلها فهو أيضا فى الحياة الدنيا . أما الآية الثانية فكانت فى سياق يوم القيامة : (يوم تجد كل نفس ماعملت من خير محضرا وماعملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه والله رءوف بالعباد)

[٣/‏٦, ٢:٠٩ م] رقمى موبيلي: جاء فى تفسير اﻵية : أى يوم القيامة يجد كل إنسان جزاء عمله حاضرا لايغيب عنه إن خيرا فخير وإن شرا فشر فإن كان عمله حسنا سره وأفرحه وإن كان سيئا تمنى أن لايرى عمله وأحب أن يكون بينه وبين عمله القبيح غاية فى نهاية البعد أى مكانا بعيدا كما بين المشرق والمغرب(ويحذركم الله نفسه) أى يخوفكم عقابه  (والله رءوف بالعباد) أى رحيم بعباده يحب لهم أن يستقيموا على صراطه المستقيم والرأفة شدة الرحمة والرءوف أبلغ فى الرحمة فناسبت سياق الآية ففى يوم القيامة هو سبحانه رءوف بعباده . فجاءت كل كلمة مناسبة فى موضعها فسبحان من هذا كلامه  !!!

[١٦/‏٦, ٦:١٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه : (يامريم اقنتى لربك واسجدى واركعى مع الراكعين)(43) ماسبب تقديم السجود على الركوع فى الآية التقديم تقديم فضل وشرف فلا ريب أن السجود أشرف من الركوع وأقرب مايكون العبد من ربه وهو ساجد وأيضا قد ناسب تقديم السجود مع القنوت وهو الخضوع لله ولزوم الطاعة والعبادة والشكر وأيضا مع طاعة مريم لربها فقد وصفها الله فى سورة التحريم بقوله سبحانه : (ومريم ابنت عمران التى أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين)(12)

[١٦/‏٦, ٦:١٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: ومريم التى حفظت فرجها وصانته عن مقارفة الفواحش فهى عفيفة شريفة طاهرة لا كما يزعم اليهود عليهم لعنة الله أنها زنت وأن عيسى ابن زنى (وصدقت بكلمات ربها وكتبه) أى وآمنت بشرائع الله القدسية وكتبه السماوية (وكانت من القانتين) أى وكانت من القوم المطيعين العابدين لله عز وجل وهو ثناء عليها بكثرة العبادة والطاعة والخشوع وقوله : (من القانتين) ولم يقل من القانتات أى أنها بلغت مبلغ الرجال فى طاعتها لله وجاء فى الحديث : (كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا آسية امراة فرعون ومريم ابنت عمران وخديجة بنت خويلد وفضل عائشة على سائر النساء كفضل الثريد على سائر الطعام)(البخارى ومسلم)

[١٨/‏٦, ٥:٥٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه : (قال رب أنى يكون لى غلام وقد بلغنى الكبر وامرأتى عاقر قال كذلك الله يفعل مايشاء)(40) 

وقوله سبحانه : (قالت رب أنى يكون لى ولد ولم يمسسنى بشر قال كذلك الله يخلق مايشاء إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون)(47) والقول الأول فى حق زكريا عليه السلام والثانى فى حق مريم البتول قال فى الأولى : (أنى يكون لى غلام) وفى الثانية : (أنى يكون لى ولد) وقال فى الأولى : (قال كذلك الله يفعل مايشاء) وقال فى الثانية : (قال كذلك الله يخلق مايشاء إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن  فيكون) فما سبب الاختلاف بين الموضعين

[١٨/‏٦, ٩:٤٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما قول زكريا عليه السلام : (أنى يكون لى غلام) بسبب ماجاء فى الآية التى قبلها : (فنادته الملائكة وهو قائم يصلى فى المحراب أن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين)(39) فلما سمته الملائكة باسمه :(يحيى) ناسب قوله : (غلام) فإن الغلام هو الذكر المولود إلى أن يشب وكذلك جاء فى سورة مريم فى قوله سبحانه : (يازكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا)(قال رب أنى يكون لى غلام وكانت امرأتى عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا)(8:7)

[١٨/‏٦, ١٠:٠٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما قوله سبحانه : (قال كذلك الله يفعل مايشاء) أى أن الله لايعجزه شئ ولايتعاظمه أمر  وقوله يفعل مايشاء مناسب مع حال زكريا وزوجه فالاسباب موجودة ولكن المرأة عقيم لاتلد وكبر سنها فكانت بنت تسع وتسعين سنة وإذا أراد الله أمرا فإنما يقول له كن فيكون فلا راد لأمره . 

أما حال مريم غير حال زكريا وزوجه فإن عيسى خلق جديد فقد ولد بلا أب لذلك ناسب قوله : (قال كذلك الله يخلق مايشاء إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون)

[١٨/‏٦, ١٠:٠٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: وبمولد عيسى عليه السلام اكتملت قاعدة الخلق فخلق الله آدم بلا أب ولاأم وخلق حواء بلا أم وخلق كل البشر من أب وأم وخلق عيسى بلا أب فجاء خلق عيسى متمم لقاعدة الخلق الدالة على قدرة الله العظيمة : (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون)(59) 

فناسب قوله : (قال كذلك الله يخلق مايشاء) خلق عيسى . أما قوله سبحانه :(قالت رب أنى يكون لى ولد ولم يمسسنى بشر) فقد ناسب الآية التى قبلها : (إذ قالت الملائكة يامريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها فى الدنيا ومن المقربين)(ويكلم الناس فى المهد وكهلا ومن الصالحين)(46:45)

[١٨/‏٦, ١٠:٢٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: فقوله : (إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم) فإن الكلمة عامة وهى مناسبة مع لفظ الولد فهى أيضا عامة فالولد هو كل مولود فيشمل الذكر والأنثى وأيضا ناسب سياق الآيات :(ويكلم الناس فى المهد وكهلا) وقوله :(ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل)(ورسولا إلى بنى إسرائيل أنى قد جئتكم بآية من ربكم أنى أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله....الآية)(49:47)

[١٨/‏٦, ١١:١٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما فى سورة مريم جاء لفظ الغلام مع مريم مناسبا لسياق الآيات فى قوله سبحانه :(قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا)(قالت أنى يكون لى غلام ولم يمسسنى بشر ولم أك بغيا)(20:19) ولأهب ليس جبريل ولكنه مكلف بالأمر من الله أما الواهب هو الله ويوضح المعنى القراءة الأخرى فقد قرأ ورش وقالون بخلفه وأبو عمرو ويعقوب البصريان : (ليهب)

وفى آل عمران : (قالت رب أنى يكون لى ولد ولم يمسسنى بشر) وفى مريم :(قالت أنى يكون لى غلام ولم يمسسنى بشر ولم أك بغيا) ففى آل عمران (قالت رب) لأن الملائكة قالت لها (إن الله يبشرك) وفى مريم كان الخطاب من جبريل : (قال إنما أنا رسول ربك)

[١٨/‏٦, ١١:٢٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: فى آل عمران : (قال رب أنى يكون لى غلام وقد بلغنى الكبر وامرأتى عاقر)(40) وفى سورة مريم :(قال رب أنى يكون لى غلام وكانت امرأتى عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا)(8)  فى آل عمران قدم كبر سنه وأخر عقر امرأته وفى مريم قدم عقر امرأته على كبر سنه فما سبب ذلك ؟! فى آل عمران دعا زكريا ربه دعاءا مجملا دون تفصيل أمره فى قوله سبحانه : (هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لى من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء) فلما بشر بيحيى بدأ بنفسه فقال أنى يكون لى غلام وقد بلغنى الكبر وامرأتى عاقر فلم يكن هنا ذكر لامرأته

[١٨/‏٦, ١١:٤٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما فى سورة مريم فدعا زكريا ربه مع تفصيل حاله : (ذكر رحمت ربك عبده زكريا)(إذ نادى ربه نداء خفيا)(قال رب إنى وهن العظم منى واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا)(وإنى خفت الموالى من وراءى وكانت امرأتى عاقرا فهب لى من لدنك وليا)(يرثنى ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا)(6:1) فلما فصل فى أمره وفصل كبر سنه  وذكر عقر امرأته فلما بشر بيحيى قدم الأمر الأعجب وهو عقر امرأته فهى لاتلد وكبر سنها فكانت بنت تسع وتسعين سنة فناسب التفصيل تقديم الأمر الأعجب وهو عقر امرأته فناسب كل قول مكانه المناسب به . فسبحان من هذا كلامه !!!

[٢٠/‏٦, ١٠:١٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: بدأ الله سبحانه وتعالى سورة آل عمران بذكر أدلة التوحيد والألوهية والنبوة وذلك فى الآيات  : (الله لا إله إلا هو الحى القيوم)(نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل)(من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام)(إن الله لايخفى عليه شئ فى الأرض ولافى السماء)(هو الذى يصوركم فى الأرحام كيف يشاء لاإله إلا هو العزيز الحكيم)(هو الذى أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين فى قلوبهم زيغ فيتبعون ماتشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ومايعلم تأويله إلا الله والراسخون فى العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا ومايذكر إلا أولوا الألباب)(7:1)

[٢٠/‏٦, ١٠:٣٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: ( ربنا لاتزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب)(ربنا إنك جامع الناس ليوم لاريب فيه إنك لاتخلف الميعاد)(9:7) وقوله سبحانه : (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لاإله إلا هو العزيز الحكيم)(إن الدين عند الله الإسلام ومااختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب)(19:18) وهكذا بدأت السورة بذكر أدلة التوحيد والألوهية والنبوة وختمت السورة بذكر دلائل الوحدانية والقدرة فكان ختام مسك

[٢٠/‏٦, ١٠:٤٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: وذلك فى الآيات : (إن فى خلق السموات واﻷرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولى الألباب)(الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون فى خلق السموات واﻷرض ربنا ماخلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار)(191:190) ولما كان المقصود جذب القلوب إلى معرفة الإله الحق جاءت الآيات الكريمة تنير القلوب بأدلة التوحيد والألوهية والتدبر فى ملكوت السموات والأرض ليخلص الإنسان إلى الإقرار بوحدانية الله وباهر قدرته جل وعلا

[٢٠/‏٦, ١٠:٥٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: وقد ختمت السورة بأروع ختام فى آخر آيتين فآخر آيتين أجملت موضوع السورة فإن السورة قريب من نصف آياتها ردت على النصارى فى شأن عيسى عليه السلام كما أنها صنفت أصناف أهل الكتاب فى أكثر من موضع والنصف الثانى كان فى شأن الجهاد فى سبيل الله وذكر غزوة بدر وغزوة أحد . ومن أروع البيان القرآنى وجمال الكلام بعد ذكر مساوئ أهل الكتاب أنهم يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق وينقضون العهود ختم بهذه الآية العظيم :( وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وماأنزل إليكم وماأنزل إليهم خاشعين لله لايشترون بآيات الله ثمنا قليلا أولئك لهم أجرهم عند ربهم إن الله سريع الحساب)(199)

[٢٠/‏٦, ١١:٠٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: أى إن من اليهود والنصارى فريق يؤمنون بالله حق الإيمان ويؤمنون بما أنزل إليكم وهو القرآن وبما أنزل إليهم وهو التوراة والإنجيل كعبد الله بن سلام وأصحابه والنجاشى وأتباعه خاضعين لله متذللين له لايحرفون نعت محمد صلى الله عليه وسلم ولاأحكام الشريعة الموجودة فى كتبهم لعرض من الدنيا خسيس كما فعل الأحبار والرهبان . قال ابن عباس والحسن : نزلت فى النجاشى وذلك أنه لما مات نعاه جبريل لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبى صلى الله عليه وسلم لأصحابه : (قوموا فصلوا على أخيكم النجاشى)

[٢١/‏٦, ١٢:٢٦ ص] حسن أحمد حسن سليمان: وجاءت الآية الأخيرة تلخص الموضوع الثانى فى السورة وهو الجهاد فى سبيل وذلك فى قوله سبحانه : (ياأيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون)(200) وبهذه الوصية الجامعة لسعادة الدارين أى : اصبروا على مشاق الطاعات ومايصيبكم من الشدائد : (وصابروا) أى : غالبوا أعداء الله بالصبر على أهوال القتال وشدائد الحروب (ورابطوا) أى لازموا ثغوركم مستعدين للقتال والغزو : (واتقوا الله لعلكم تفلحون) أى خافوا ربكم لتفوزوا بسعادة الدارين . فكان خير ختام للسورة . فسبحان من هذا كلامه !!!

الثلاثاء، 18 يونيو 2024

(أصناف الناس فى الحج)

 [١٧/‏٦, ١٠:٢٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى : (بل من أروع البيان القرآنى)  فى سياق الآيات التى تحدثت  عن (الحج) فى سورة البقرة ذكرت الآيات أصناف من الناس وكذلك سورة الحج ذكرت فى سياقها أصناف من الناس وإليك بيان ذلك من بداية قوله تعالى : (وأتموا الحج والعمرة لله...الآية)(196) والآية : (الحج أشهر معلومات...الآية)(197) حتى قوله سبحانه : (فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا فمن الناس من يقول ربنا آتنا فى الدنيا وماله فى الآخرة من خلاق)(200)

[١٧/‏٦, ١٠:٢٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: (ومنهم من يقول ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار)(أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب)(202:201) الصنف الأول : أى من الناس من تكون الدنيا همه فيقول  : اللهم اجعل عطائى ومنحتى فى الدنيا خاصة وماله فى الآخرة من حظ ولانصيب . والصنف الثانى : أى ومنهم من يطلب خيرى الدنيا والآخرة وهو المؤمن العاقل وقد جمعت هذه الدعوة كل خير وصرفت عنه كل شر فالحسنة فى الدنيا تشمل الصحة والعافية والدار الرحبة والزوجة الحسنة والرزق الواسع والحسنة فى الآخرة تشمل الأمن من الفزع الأكبر وتيسير الحساب ودخول الجنة والنظر إلى وجه الله الكريم

[١٧/‏٦, ١٠:٢٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: الصنف الثالث : جاء فى قوله سبحانه : (ومن الناس من يعجبك قوله فى الحياة الدنيا ويشهد الله على مافى قلبه وهو ألد الخصام)(204) أى : ومن الناس فريق يروقك كلامه يامحمد ويثير إعجابك بحلاوة لسانه وقوة بيانه ولكنه منافق كذاب ويعجبك قوله فى الحياة الدنيا أما فى الآخرة فالحاكم فيها علام الغيوب فهو سبحانه مطلع على القلوب والسرائر لاتخفى عليه خافية وهذا المنافق شديد الخصومة يجادل بالباطل ويتظاهر بالدين والصلاح وكلامه المعسول

[١٧/‏٦, ١٠:٢٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: الصنف الرابع : جاء فى قوله سبحانه : (ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله والله رءوف بالعباد)(207) أى ومن الناس فريق من أهل الخير والصلاح باع نفسه لله طلبا لمرضاته ورغبة فى ثوابه لايريد بعمله إلا وجه الله وقد نزلت الآية فى صهيب الرومى رضى الله عنه لما أراد الهجرة إلى المدينة المنورة ولحقه نفر من قريش من المشركين ليردوه فقالوا : جئتنا صعلوكا لاتملك شيئا وأنت الآن ذو مال كثير فدلهم على ماله حتى يتركوه فلما قدم المدينة دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له النبى صلى الله عليه وسلم : (ربح البيع صهيب ربح البيع صهيب) وأنزل الله عز وجل : (ومن الناس من يشرى نفسه...الآية)

[١٧/‏٦, ١٠:٢٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما فى سورة الحج : جاء وصف الصنف الأول فى قوله سبحانه : (ومن الناس من يجادل فى الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد)(3) أى : وطائفة من الناس يخاصم وينازع فى قدرة الله وصفاته بغير دليل ولابرهان ويقول مالا خير فيه من الأباطيل وهى نزلت فى النضر بن الحارث كان مجادلا والآية عامة له ولأضرابه من العتاة المتمردين (ويتبع كل شيطان مريد) أى : ويطيع ويقتدى بكل عات متمرد صاد عن الحق وحكم الله وقضى أنه من تولى الشيطان واتخذه وليا فإن الشيطان يغويه ويسوقه إلى عذاب جهنم

[١٧/‏٦, ١٠:٢٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: الصنف الثانى : جاء وصفه فى قوله سبحانه : (ومن الناس من يجادل فى الله بغير علم ولاهدى ولاكتاب منير)(8) أى يجادل فى شأنه تعالى بغير تمسك بعلم صحيح يهدى إلى المعرفة ولاكتاب منير قوى الحجة بل بمجرد الرأى والهوى . وجاءت الآية التى بعدها مؤكدة لمعنى الآية : (ثانى عطفه ليضل عن سبيل الله له فى الدنيا خزى ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق)(ذلك بما قدمت يداك وأن الله ليس بظلام للعبيد) فهو معرض عن الحق لاويا عنقه كفرا قال ابن عباس رضي الله عنهما : مستكبرا عن الحق إذا دعى إليه وثنى العطف عبارة عن الكبر والخيلاء فهو كتصعير الخد .

[١٧/‏٦, ١٠:٢٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: الصنف الثالث : جاء وصفه فى قوله سبحانه : ( ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا واﻵخرة ذلك هو الخسران المبين)(11) أى : ومن الناس من يعبد الله على جانب وطرف من الدين وهذا تمثيل للمذبذبين الذين لايعبدون الله عن ثقة ويقين بل عن قلق واضطراب كالذى يكون على طرف الجيش فإن أحس بظفر أو غنيمة استقر وإلا فر . قال الحسن : هو المنافق يعبد الله بلسانه دون قلبه وقال ابن عباس : كان الرجل يقدم المدينة فإن ولدت امرأته غلاما وانتجت خيله قال : هذا دين صالح وإن لم تلد امرأته ولم تنتج خيله قال : هذا دين سوء

[١٧/‏٦, ١٠:٢٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: الصنف الرابع : جاء وصفه فى قوله سبحانه : (إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجرى من تحتها الأنهار إن الله يفعل مايريد)(14) فلما ذكر حال المشركين وحال المنافقين المذبذبين ذكر حال المؤمنين الصادقين أن لهم جنات تجرى من تحت قصورها أنهار اللبن والخمر والعسل وهم فى روضات الجنات ينعمون . وبعد استعراض الأصناف الثمانية السؤال الذى يطرح نفسه لماذا ذكرت هذه الأصناف الأربع الأولى فى سورة البقرة فى ثنايا آيات الحج والأربع الثانية فى سورة الحج ؟! ويمكن القول والله أعلم بمراده أنهم جميعا موجودين فى الحج

[١٧/‏٦, ١٠:٢٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: وإذا كان ابن عمر لما قيل له : ما أكثر الحاج ! قال : ما أقلهم ! ثم أجاب : الركب كثير والحاج قليل . أى أن عدد الحجاج كبير لكن من يقف على معنى الحج ويحج بقلبه قبل بدنه ويكون على منهج القران الكريم والسنة وعلى مذهب السلف الصالح من الصحابة والتابعين لهم بإحسان قليل العدد فى هذا الجمع الكبير من الحجاج وقد قال ذلك ابن عمر رضى الله عنه عن حجاج زمانه مع قرب عهدهم بالنبى صلى الله عليه وسلم فماذا نقول عن زماننا هذا نسأل الله الثبات على الحق . 

فجاءت الأصناف الثمانية مناسبة مع سياق الآيات . 

فسبحان من هذا كلامه  !!!

الأحد، 16 يونيو 2024

(قصة أصحاب الأخدود)

 [١٦/‏٦, ١١:١٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى : قوله سبحانه : (إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق)( 10)(البروج) انفردت الآية بقوله : (ولهم عذاب الحريق) فيكفى من كفر عذاب جهنم فما سبب زيادة : (ولهم عذاب الحريق) وبالرجوع إلى الآيات يتبين الأمر فقد نزلت الآيات فى قصة  (أصحاب الأخدود) وخلاصتها : (أن ملكا ظالما كافرا أسلم أهل بلده فأمر بالأخدود فشق فى أفواه السكك وأضرم فيها النار ثم أمر جنوده أن يأتو بكل مؤمن ومؤمنة ويعرضوه على النار فمن لم يرجع عن دينه فليلقوه فيها ففعلوا حتى جاءت امرأة ومعها صبى لها فتقاعست أن تقع فيها فقال لها الغلام : ياأماه اصبرى فإنك على الحق)

[١٦/‏٦, ١١:١٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: فجاءت الزيادة مناسبة مع القصة فالجزاء من جنس العمل فكما عذبوا وأحرقوا المؤمنين والمؤمنات بالنار ليفتنونهم عن دينهم فكان لهم عذاب جهنم المخزى بكفرهم ولهم العذاب المحرق بإحراقهم المؤمنين والمؤمنات ويمكن القول أنهم أحرقوا بالنار أو ماتوا بها فى الدنيا قبل عذاب الآخرة فكما عذبوا وأحرقوا المؤمنين والمؤمنات بالنار سلط الله عليهم من أحرقهم فى الدنيا قبل الآخرة فهذا عدل الله فى خلقه وقد جاءت الآيات فى السورة تدل على هذا المعنى

[١٦/‏٦, ١١:١٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: (والسماء ذات البروج)(واليوم الموعود)(وشاهد ومشهود)(قتل أصحاب الأخدود)(النار ذات الوقود)(إذ هم عليها قعود)(وهم على مايفعلون بالمؤمنين شهود)(7:1) فقد أقسم الله بالسماء ذات النجوم الهائلة ومداراتها الضخمة التى تدور فيها تلك الأفلاك وباليوم العظيم المشهود وهو (يوم القيامة) وبالرسل والخلائق على هلاك ودمار المجرمين الذين طرحوا المؤمنين والمؤمنات فى النار ليفتنونهم عن دينهم ثم تلاها الوعيد والإنذار لأولئك الفجار على فعلتهم القبيحة الشنيعة بنار جهنم وعذاب الحريق

[١٦/‏٦, ١١:١٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: ولاحظ القسم فى الآيات بأشياء عظيمة لأن فعل الكفار مع المؤمنين والمؤمنات كان عظيما ثم الآيات بعد ذلك فى السورة تحدثت عن قدرة الله على الانتقام من أعدائه الكفرة الذين فتنوا عباده وأولياءه :(إن بطش ربك لشديد)(إنه هو يبدئ ويعيد)(وهو الغفور الودود)(ذو العرش المجيد)(فعال لما يريد) وختمت السورة بقصة الطاغية الجبار( فرعون ) وماأصابه وقومه من الهلاك والدمار بسبب البغى والطغيان (فتناسب البدء مع الختام)

فسبحان من هذا كلامه !!!

الجمعة، 7 يونيو 2024

(كذلك حقت كلمة ربك)(وكذلك حقت كلمة ربك)

 [٧/‏٦, ٥:٢٠ م] الشيخ حسن: من روائع البيان القرآنى :

(من الآيات المتشابهات التى يحصل فيها الخلط بينها) قوله سبحانه : (كذلك حقت كلمة ربك على فسقوا أنهم لايؤمنون)(33)(يونس) وقوله سبحانه : (وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار)(6)(غافر) الخلط يحصل بين : (كذلك) و (وكذلك) وبين (فسقوا)و(كفروا) والفسق معناها الخروج عن طاعة وأمره فهم أقروا لما سئلواعن رازقهم وخالقهم ومدبر أمورهم وهو الذى يملك السمع والأبصار أقروا بأنه الله ومع ذلك خرجوا عن طاعته فهم فاسقون وذلك فى قوله سبحانه : (قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحى من الميت ويخرج الميت من الحى ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون)(31)

[٧/‏٦, ٥:٢٠ م] الشيخ حسن: أما موضع سورة غافر فقد جاء قبل الآية قوله سبحانه : (مايجادل فى آيات الله إلا الذين كفروا فلايغررك تقلبهم فى البلاد)(4) فجاء لفظ الكفر صريحا فى الآية فناسب قوله تعالى : (وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار) سياق الآية قبلها وجاءت بالواو : (وكذلك) لأنه جاء قبلها جزاء الكافرين فى قوله  :(كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب)(5)

[٧/‏٦, ٥:٢٠ م] الشيخ حسن: قوله سبحانه :(مايجادل فى آيات الله إلا الذين كفروا فلايغررك تقلبهم فى البلاد)(كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب)(5:4) وقوله سبحانه : (الذين يجادلون فى آيات الله بغير سلطان أتاهم كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار)(35)

[٧/‏٦, ٥:٢٠ م] الشيخ حسن: فناسبت الواو سياق الآيتين أما موضع سورة يونس فلا علاقة بين الآية والتى قبلها : (قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار...الآية) فجاءت (كذلك) بدون الواو مناسبة مع سياق الآيتين ومما تميزت به سورة غافر حوار موسى عليه السلام مع فرعون وملائه وحوار مؤمن آل فرعون مع قومه حتى هموا بقتله فوقاه الله شر مكرهم وكان حوارهم مع موسى عليه السلام ومؤمن آل فرعون مبنى على الباطل والجدال وإليك بيان ذلك من خلال استعراض آيات السورة

[٧/‏٦, ٥:٢٠ م] الشيخ حسن: وقوله سبحانه : (إن الذين يجادلون فى آيات الله بغير سلطان أتاهم إن فى صدورهم إلا كبر ماهم ببالغيه فاستعذ بالله إنه هو السميع البصير)(56) 

وقوله سبحانه : (ألم تر إلى الذين يجادلون فى آيات الله أنى يصرفون)(69) فجاءت الآيات مناسبة مع حوار أهل الحق من الأنبياء والمؤمنين مع أهل الباطل الذين يجادلون فى آيات الله بالباطل ليدحضوا به الحق فجاءت كل كلمة مناسبة فى موضعها فسبحان من هذا كلامه  !!!

السبت، 1 يونيو 2024

(ولاتك)(ولاتكن)

 [١/‏٦, ٥:١٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى : قوله سبحانه : (واصبر وما صبرك إلابالله ولاتحزن عليهم ولاتك فى ضيق مما يمكرون)(127)(النحل) وقوله سبحانه : (ولاتحزن عليهم ولاتكن فى ضيق مما يمكرون)(70)(النمل) 

قال فى النحل :(ولاتك)

وقال فى النمل :(ولاتكن) فما سبب ذلك ؟ أما فى سورة النحل فجاءت الآية فى سياق الآيات التى تذكر مقتل (حمزة بن عبدالمطلب ) رضى الله عنه وذلك فى قوله سبحانه : (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ماعوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين)(126) قال المفسرون : نزلت فى شأن (حمزة بن عبدالمطلب ) لما بقر المشركون بطنه يوم أحد

[١/‏٦, ٥:٢٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: وسبب نزول الآية : لما قتل حمزة ومثل به المشركون فى غزوة أحد قال النبى صلى الله عليه وسلم حين رآه : (والله لأمثلن بسبعين منهم مكانك) فنزلت الآية : (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ماعوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين) والحديث أخرجه الحاكم والبيهقى فى الدلائل وفيه أن النبى صلى الله عليه وسلم كفر عن يمنيه وأمسك عن الذى أراد فجاء حذف التاء من تكن مناسبة مع سياق الآيات حيث أمر الله نبيه بالصبر فهو خير للصابرين وحذف أقل الضيق من صدره لمقتل حمزة

[١/‏٦, ٥:٤٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما آية النمل : (ولاتحزن عليهم ولاتكن فى ضيق مما يمكرون) فهى تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم أى لاتحزن يامحمد ولاتأسف على هؤلاء المكذبين إن لم يؤمنوا ولايضيق صدرك من مكرهم فإن الله يعصمك منهم فالكلام عام على كل من يكذب بدين الله وجاءت الآية التى بعدها مؤكدة لمعنى الآية : (ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين) أى يقولون استهزاء : متى يجيئنا العذاب إن كنتم صادقين فيما تقولون ؟ والخطاب للنبى صلى الله عليه وسلم والمؤمنين

[١/‏٦, ٥:٤٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: فجاء الرد فى الآية التى بعدها : (قل عسى أن يكون ردف لكم بعض الذى تستعجلون) أى لعل الذى تستعجلون به من العذاب قد دنا وقرب منكم بعضه !! قال المفسرون : هو ماأصابهم من القتل والأسر يوم بدر فلما كان الخطاب عاما فى الآيات  جاءت اﻵية : (ولا تحزن عليهم ولاتكن فى ضيق مما يمكرون)  (تكن) بالنون مناسبة مع عموم الآيات . فجاءت كل كلمة مناسبة فى موضعها فسبحان من هذا كلامه !!!

(من الآيات المتشابهات)

 [٣١/‏٥, ١:٤٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى : قوله سبحانه حكاية عن فرعون وقومه : (فأخرجناهم من جنات وعيون)(وكنوز ومقام كريم)(كذلك وأورثناها بنى إسرائيل)(59:57)(الشعراء) وفى سورة الدخان : قوله سبحانه : (كم تركوا من جنات وعيون)(وزروع ومقام كريم)(كذلك وأورثناها قوما آخرين)(28:25) فى سورة الشعراء : (وكنوز ومقام كريم) وفى الدخان : (وزروع ومقام كريم) وأيضا فى الشعراء : (كذلك وأورثناها بنى إسرائيل) وفى الدخان :(كذلك وأورثناها قوما آخرين) فما سبب ذلك ؟

[١/‏٦, ٢:٣٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: جاء فى تفسير الآيات : أى فخرجوا من هذا النعيم إلى الجحيم وتركوا تلك المنازل العالية والبساتين والأنهار والأموال والأرزاق والملك والجاه الوافر فى الدنيا والكنوز التى كنوزها من الذهب والفضة ومن المنازل الحسنة والمجالس البهية ولفظ الإخراج فيه شدة وفيه معنى النزع لذلك مناسب مع لفظ الكنوز وقد جاءت الآيات بعد قوله سبحانه : ( وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادى إنكم متبعون)(فأرسل فرعون فى المدائن حاشرين)(إن هؤلاء لشرذمة قليلون)(وإنهم لنا لغائظون)(وإنا لجميع حاذرون)(56:52) فأمر فرعون أن يجمع له الجيش من كل المدن للقضاء على موسى ومن معه

[١/‏٦, ٢:٥٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: قائلا : إن هؤلاء طائفة قليلة حقيرة قال الطبرى : كان بنوا إسرائيل ستمائة وسبعين ألفا ولكنه قللهم بالنسبة لجيشه فعاقبه الله وقومه بالغرق ونجى الله موسى ومن معه من المؤمنين وأورثهم الديار والأموال والكنوز بعد إغراق فرعون وقومه كما قال تعالى : (وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التى باركنا فيها وتمت كلمت ربك الحسنى على بنى إسرائيل بما صبروا ودمرنا ماكان يصنع فرعون وقومه وماكانوا يعرشون)(137)(الأعراف)

[١/‏٦, ٣:٠٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: ولما قال فرعون : (إن هؤلاء لشرذمة قليلون) جاء قوله : (كذلك وأورثناها بنى إسرائيل) بالتصريح باسم بنى إسرائيل مناسب مع ماقال فرعون وأن هذه الشرذمة القليلة هى التى سترث أموالك وكنوزك وبساتنيك وأنهارك والعجيب أن قوله سبحانه : (كذلك وأورثناها بنى إسرائيل) جاء قبل غرق فرعون وقومه وقبل أن يتبع فرعون وقومه موسى ومن معه من المؤمنين ليقضى عليهم وقد ناسب التصريح باسم بنى إسرائيل فى الآية سياق السورة فقد جاء ذكر بنى إسرائيل أكثر من مرة : (أن أرسل معنا بنى إسرائيل)(17) (وتلك نعمة تمنها على أن عبدت بنى إسرائيل)(22) (كذلك وأورثناها بنى إسرائيل)(59)

[١/‏٦, ٣:٢٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما فى سورة الدخان : قوله سبحانه : (كم تركوا من جنات وعيون)(وزروع ومقام كريم)(ونعمة كانوا فيها فاكهين) أى : كم ترك فرعون وقومه من القبط بعد مهلكهم وغرقهم من بساتين وأشجار وهى الجنات وعيون يعنى : و منابع ماكان ينفجر فى جنانهم وزورع قائمة فى مزارعهم وموضع كانوا يقومونه شريف كريم وهو مقام الملوك والأمراء وقيل أريد به المنابر وتنعم بالعيش مع الحسن والنضارة كانوا فيها ناعمين بالرفاهية وكمال السرور

[١/‏٦, ٣:٣٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: وكم للتكثير فناسبت سياق الآيات حيث ذكرت البساتين والحدائق والأنهار والعيون الجارية والمزارع الكثيرة والمجالس والمنازل الحسنة ولم يذكر الكنوز لأنها قليلة وقوله سبحانه : (كذلك وأورثناها قوما آخرين) وهم بنوا إسرائيل فقد صرح بهم فى سورة الأعراف والشعراء فدل ذلك على أنهم بنوا إسرائيل لاغيرهم وقد جاء قوله سبحانه :( ولقد نجينا بنى إسرائيل من العذاب المهين)(من فرعون إنه كان عاليا من المسرفين)(31:30) بعد الآية أن القوم الآخرين هم بنوا إسرائيل لاغيرهم . فجاءت كل كلمة مناسبة فى موضعها فسبحان من هذا كلامه !!!