السبت، 30 أغسطس 2025

(ياأيها الناس اعبدوا ربكم،)(ياأيها الناس اتقوا ربكم)

 [٣٠/‏٨, ١:٣٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى  : 

(بلاغة اللفظ القرآنى) 

قوله سبحانه فى سورة البقرة : (يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذى خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون)(21) نداء وحيد فى القرآن لم يتكرر فهو نداء للبشر جميعا : أن اعبدوا الله الذى رباكم بنعمه ، وخافوه ولاتخالفوا دينه ، فقد أوجدكم من العدم ، وأوجد الذين من قبلكم ؛ لتكونوا من المتقين الذين رضى الله عنهم ورضوا عنه . فهو وحده المستحق للعبادة ، فهو الذى جعل لكم الأرض بساطا ؛ لتسهل حياتكم عليها ، والسماء محكمة البناء ، وأنزل المطر من السحاب فأخرج لكم من أنواع الثمرات وأنواع النبات رزقا لكم ، فلا تجعلوا لله نظراء فى العبادة ، وأنتم تعلمون تفرده بالخلق والرزق ، واستحقاقه العبودية .

[٣٠/‏٨, ١:٣٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: وجاء النداء للناس وأمرهم بالتقوى فى ثلاث مواضع وإليك بيانها : قوله سبحانه فى سورة النساء : (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذى تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)(1)  وقوله سبحانه فى سورة الحج : (يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شئ عظيم)(1)  وقوله سبحانه فى سورة لقمان  (يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزى والد عن ولده ولامولود هو جاز عن والده شيئا إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولايغرنكم بالله الغرور)(33)

[٣٠/‏٨, ١:٣٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: والحكمة فى تكرر النداء -والله أعلم- أن التقوى تزيد وتنقص ؛ تزيد بالطاعة وتنقص بالمعصية ، فهى فى حاجة إلى تذكير فلذلك جاء الأمر بها لجميع الناس ثلاث مرات ، وهى : الخشية من الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه ؛ وهى : فعل الطاعات وترك المعاصى ، مع استحضار الخوف من الله، ومراقبته فى كل الأحوال ، وهى أساس القبول عند الله، وسبب الفلاح فى الدنيا والآخرة . وقد جاءت الآيات الثلاث بترتيب عجيب ، وإليك بيان ذلك من خلال استعراض تفسير الآيات .

[٣٠/‏٨, ١:٣٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: ففى الموضع الأول فى سورة النساء : ياأيها الناس خافوا ربكم والتزموا أوامره، واجتنبوا نواهيه ؛ فهو الذى خلقكم من نفس واحدة هى آدم عليه السلام ، وخلق منها زوجها وهى حواء ، ونشر منهما فى أنحاء الأرض رجالا كثيرا ونساء كثيرات، وراقبوا الله الذى يسأل به بعضكم بعضا ، واحذروا أن تقطعوا أرحامكم . إن الله مراقب أحوالكم . فأمرهم بالتقوى وذكرهم ببداية خلقهم ، وهى من نعم الله على عباده ، وهو سبحانه الذى يستحق العبادة وحده .

[٣٠/‏٨, ١:٣٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: ففى الموضع الأول فى سورة النساء : ياأيها الناس خافوا ربكم والتزموا أوامره، واجتنبوا نواهيه ؛ فهو الذى خلقكم من نفس واحدة هى آدم عليه السلام ، وخلق منها زوجها وهى حواء ، ونشر منهما فى أنحاء الأرض رجالا كثيرا ونساء كثيرات، وراقبوا الله الذى يسأل به بعضكم بعضا ، واحذروا أن تقطعوا أرحامكم . إن الله مراقب أحوالكم . فقد دعاهم الله إلى عبادته وحده لاشريك له  ، منبها لهم على قدرته ووحدانيته ، وذكرهم ببداية خلقهم من أصل واحد وهو نفس أبيهم آدم عليه السلام.

[٣٠/‏٨, ١:٣٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: ومن عجيب الجمع بين النداءات الثلاث : أنه فى سورة النساء بدأ بخلق آدم وحواء والذرية من الرجال والنساء ، وهذه بداية الحياة ، ثم ينتهى الأمر بموت الإنسان وهذا ماجاء فى نهاية السورة فى قوله سبحانه : (يستفتونك قل الله يفتيكم فى الكلالة إن امرؤا هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ماترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلها الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شئ عليم)(176) ، وبعد الموت ، إما جنة وإما نار وهذا يوم القيامة ، يوم لاينفع مال ولابنون إلا من أتى الله بقلب سليم ؛ وهذا ماجاء فى النداء الثانى والثالث .

[٣٠/‏٨, ١:٣٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: النداء الثانى : قوله سبحانه : (ياأيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيئ عظيم) ، والنداء الثالث : قوله تعالى : (ياأيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لايجزى والد عن ولده ولامولود هو جاز عن والده شيئا إن وعد الله حق فلاتغرنكم الحياة الدنيا ولايغرنكم بالله الغرور) ، فذكرهم بأن مايحدث عند قيام الساعة من أهوال وحركة شديدة للأرض، تتصدع منها كل جوانبها شئ عظيم ، لايقدر قدره ولا يعلم كيفيته إلا رب العالمين ، وفى هذا اليوم العصيب الشديد ، لايغنى فيه والد عن ولده ولامولود عن أبيه شيئا. فتناسب ترتيب النداءات الثلاث تناسب عجيب ، فسبحان من هذا كلامه .

[٣٠/‏٨, ١:٣٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: النداء الوحيد فى القرآن الذى جاء فى سورة البقرة : (ياأيها الناس اعبدوا ربكم الذى خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون)(21) . لماذا لم يتكرر هذا النداء ، وهو نداء من الله للبشر جميعا أن يعبدوه لأنه رباكم بنعمه ، وأوجدكم من العدم ، وأوجد الذين من قبلكم لعلكم تتقون ، وهو الذى جعل لكم الأرض بساطا ؛ لتسهل حياتكم عليها، والسماء محكمة البناء ، وأنزل المطر من السحاب فأخرج لكم به من ألوان الثمرات وأنواع النبات رزقا لكم ، فهو المستحق للعبادة وحده ، وأنتم تعلمون تفرده بالخلق والرزق واستحقاقه العبودية .

[٣٠/‏٨, ٧:٣٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: ومن تمام استغنائه سبحانه عن خلقه عدم تكرر هذا النداء فتكرره معناه أن الله عز وجل محتاج لعبادة خلقه ، وهو غنى عنهم ، (ياأيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغنى الحميد)(فاطر)(15)  ، فكل الناس محتاجون إلى الله فى كل شيئ ، لايستغنون عنه طرفة عين، وهو سبحانه الغنى عن الناس وعن كل شيئ من مخلوقاته ، الحميد فى ذاته وأسمائه وصفاته ، المحمود على نعمه ؛ فإن كل نعمة بالناس فمنه ، فله الحمد والشكر على كل حال،  لاتنفعه عبادة عباده،  ولاتضره معصيتهم .

[٣٠/‏٨, ٧:٣٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: جاء فى جزء من الحديث القدسى الذى رواه مسلم عن أبى ذر برقم 2577 : (ياعبادى،  إنكم لن تبلغوا ضرى فتضرونى، ولن تبلغوا نفعى فتنفعونى ، ياعبادى لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم ، كانوا على أتقى  قلب رجل واحد منكم ، مازاد ذلك فى ملكى شيئا ، يا عبادى ، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم ، كانوا على أفجر قلب رجل واحد ، مانقص ذلك من ملكى شيئا ، ياعبادى لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم ، قاموا فى صعيد واحد فسألونى ، فأعطيت كل إنسان مسألته، مانقص ذلك مما عندى إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر ، ياعبادى إنما هى أعمالكم أحصيها لكم ، ثم أوفيكم إياها ، فمن وجد خيرا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه)

الأحد، 24 أغسطس 2025

(وإن تعدوا نعمت الله لاتحصوها)

 [٢٤/‏٨, ٥:٥٣ ص] رقمى موبيلي: من روائع البيان القرآنى  : 

(بلاغة اللفظ القرآنى) 

سلسلة الآيات المتشابهات التى يخطأ فيها الحفاظ بالخلط بينها : قوله سبحانه فى سورة إبراهيم : (وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمت الله لاتحصوها إن الإنسان لظلوم كفار)(34) ، وقوله تعالى فى سورة النحل : (وإن تعدوا نعمة الله لاتحصوها إن الله لغفور رحيم)(18) ، نهاية الآية فى سورة إبراهيم جاءت مناسبة مع سياق الآيات فى السورة ، وذلك فى قوله تعالى : (ألم تر إلى الذين بدلوا نعمت الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار)(28) ؛ كما ناسب الآيات التى تحدثت عن الأمم المكذبة لرسلهم ، وذلك فى قوله تعالى : (ألم يأتكم نبؤا الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود من بعدهم لا يعلمهم إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم فى أفواههم وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفى شك مما تدعوننا إليه مريب)(9) .

[٢٤/‏٨, ٥:٥٣ ص] رقمى موبيلي: أما فى سورة النحل : فقد ناسب سياق السورة  ، فإن الإمام القرطبى سماها (سورة النعم) لكثرة ماعدد الله فيها من نعمه على عباده ، قال الشيخ السعدى فى تفسيره : هذه السورة تسمى سورة النعم ؛ فإن الله ذكر فى أولها أصول النعم وقواعدها ، وفى آخرها متمماتها ومكملاتها. فناسب قوله : (إن الله لغفور رحيم) سياق السورة ، وقد تكرر ذكر النعمة ومشتقاتها(9) مرات . قوله سبحانه :(ومابكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون)(53) ، وقوله تعالى: (والله فضل بعضكم على بعض فى الرزق فما الذين فضلوا برادى رزقهم على ماملكت أيمانهم فهم فيه سواء أفبنعمة الله يجحدون)(71)

[٢٤/‏٨, ٥:٥٣ ص] رقمى موبيلي: قوله سبحانه : (والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمت الله هم يكفرون )(72) ، وقوله تعالى : (والله جعل لكم مما خلق ظلالا وجعل لكم من الجبال أكنانا وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون)(81) ، وقوله تعالى : (يعرفون نعمت الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون)(83) ، وقوله سبحانه : ( فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واشكروا نعمت الله إن كنتم إياه تعبدون)(114)

السبت، 23 أغسطس 2025

(حول سورة الواقعة)

 [٢٣/‏٨, ٨:٠٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى :

(التقديم والتأخير) 

قوله سبحانه فى سورة الواقعة : (ثم إنكم أيها الضالون المكذبون)(51)  وقوله سبحانه فى نفس السورة : (وأما إن كان من المكذبين الضالين)(92) ؛ ففى الآية الأولى قدم (الضالون) على (المكذبون) ، وفى الآية الثانية  قدم (المكذبين) على (الضالين) . فما سبب ذلك ؟ وبالرجوع إلى سياق الآيات وتفسيرها يتبين الفرق بين الموضعين . ولاريب أن الضلال أعم من الكذب ، وهو الأصل فى تقديمه على الكذب وهذا فى الموضع الأول ، جاء فى تفسير اﻵية : ثم إنكم أيها الضالون عن طريق الهدى المكذبون بوعيد الله ووعده ، لآكلون من شجر من زقوم ، وهو من أقبح الشجر ، فمالئون منها بطونكم ؛ لشدة الجوع ، فشاربون عليه ماء متناهيا فى الحرارة لايروى ظمأ ، فشاربون منه بكثرة،  كشرب الإبل العطاش التى لاتروى لداء يصيبها.

[٢٣/‏٨, ٨:٠٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما الموضع الثاني قدم (المكذبين) على(الضالين) لسياق الآيات قبل الآية ، وذلك فى قوله : (أفبهذا الحديث أنتم مدهنون)(وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون)(82:81) ، وقوله تعالى : (فلولا إن كنتم غير مدينين)(ترجعونها إن كنتم صادقين)(87:86) ، جاء فى تفسير الآيات : أفبهاذا القرآن أنتم-أيها المشركون- مكذبون ؟ ؛ وتجعلون شكركم لنعم الله عليكم أنكم تكذبون بها وتكفرون؟ وفى هذا إنكار على من يتهاون بأمر القرآن ولايبالى بدعوته . وهل تستطيعون إن كنتم غير محاسبين ولامجزيين بأعمالكم أن تعيدوا الروح إلى الجسد،  بعد قبضها، إن كنتم صادقين ؟ لن ترجعوها لأنكم كاذبون . فسبحان من هذا كلامه

[٢٣/‏٨, ٨:٠٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: ومن روائع البيان القرآنى : فى التقديم والتأخير فى سورة الواقعة : أول السورة مع آخرها ، وذلك فى الآيات  : (وكنتم أزواجا ثلاثة)(فأصحاب الميمنة ماأصحاب الميمنة)(وأصحاب المشئمة ماأصحاب المشئمة)(والسابقون السابقون)(أولئك المقربون)(فى جنات النعيم)(ثلة من الأولين)(وقليل من الآخرين)(14:7) ؛ وفى آخر السورة ، وهو يصف جزاء كل صنف ، الذين ذكرهم فى أول السورة ، بدأ بالصنف الأخير وهم المقربون ؛ كما جاء فى قوله سبحانه : (فأما إن كان من المقربين)(فروح وريحان وجنت نعيم)(وأما إن كان من أصحاب اليمين)(فسلام لك من أصحاب اليمين)(وأما إن كان من المكذبين الضالين)(فنزل من حميم)( وتصلية جحيم)(إن هذا لهو حق اليقين)(فسبح باسم ربك العظيم)(96:88)

[٢٣/‏٨, ٨:٠٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: ولعل تأخيرهم فى أول السورة : إما لقلة عددهم ، فهم فى الناس قلة ، وذلك كما جاء فى قوله سبحانه فى سورة فاطر : (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير)(32) ، فبدأ بالظالم لنفسه ، لكثرة عدده ، فهذا مايسمى بتقديم الكثرة ، وختم بالسابق بالخيرات لقلة عدده . ولعل السبب الثانى : أنه سيبدأ ببيان جزاءهم فى الآخرة . ولعل السبب الثالث : أنه بدأ السورة  بقيام الساعة ، وأنها خافضة لأعداء الله فى النار ، رافعة لأوليائه فى الجنة . إذا حركت الأرض تحريكا شديدا ، وفتتت الجبال تفتيتا دقيقا ، فصارت غبارا متطايرا فى الجو قد ذرته الريح . فهم المقربون فى المنازل العالية فى الجنة . وهم جماعة كثيرة من صدر هذه الأمة ، وغيرهم من الأمم الأخرى،  وقليل من آخر هذه الأمة .

[٢٣/‏٨, ٨:٠٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: وأما تقديمهم فى آخر السورة فسبب ذلك ، أنه جاء بعد ذكر الموت فى قوله سبحانه : (فلولا إذا بلغت الحلقوم)(83)  وذلك عند بلوغ الروح الحلقوم عند النزع ، فأما إن كان الميت من السابقين المقربين ، فله عند موته الرحمة الواسعةوالفرح وماتطيب به نفسه ، وله جنت النعيم فى الآخرة . وأما إن كان من أصحاب اليمين ، فيقال له : سلامة لك وأمن  . وأما إن كان من المكذبين بالبعث ، الضالين عن الهدى، فله ضيافة من شراب جهنم المغلى المتناهى الحرارة  ، والنار يحرق بها ، ويقاسى عذابها الشديد . فتقديم السابقين المقربين : لأنهم يوم القيامة مقدمين على غيرهم ، فهم أصحاب المنازل العالية فى الجنة .لذلك قدمهم فى آخر السورة . 

فسبحان من هذا كلامه !!!

(كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين)(كذلك نطبع على قلوب المعتدين)

 [٢٠/‏٨, ٤:٤١ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى  : (سلسلة الآيات المتشابهات التى يخطأ فيها الحفاظ بالخلط بينها) 

قوله سبحانه : (تلك القرى نقص عليك من أنبائها ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين)(101)(الأعراف) 

وقوله سبحانه فى سورة يونس : (ثم بعثنا من بعده رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل كذلك نطبع على قلوب المعتدين)(74) الخلط يحصل بين: (قلوب الكافرين)(قلوب المعتدين) و (كذبوا من قبل)(كذبوا به من قبل)

[٢٢/‏٨, ١١:٢٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: موضع سورة الأعراف فيه عموم وكذلك الآيات قبله ، فناسب موضع سورة الأعراف لفظ :(قلوب الكافرين) سياق الآيات  وذلك فى الآيات  : (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون)(أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون)(أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون)(أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون)(أو لم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لايسمعون)(تلك القرى نقص عليك من أنبائها ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين)(وماوجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين)(102:96)

[٢٢/‏٨, ١١:٣٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: فلعموم الآيات جاء لفظ : (قلوب الكافرين) مناسب مع سياق الآيات  ، وكذلك عدم ذكر (به) (كذبوا من قبل) مناسب مع عموم الآيات ، وأنها تتحدث عن أهل القرى جميعا . 

أما موضع سورة يونس: فناسبه : (قلوب المعتدين) لأنه أخص من لفظ (الكافرين) وكذلك ذكر (به)مناسب لأنه أخص ، فقد جاءت الآية بعد ذكر قصة نوح عليه السلام وذلك فى الآيات : (وأتل عليهم نبأ نوح....الآية)(71) ومابعدها حتى قوله سبحانه: (فكذبوه فنجيناه ومن معه فى الفلك وجعلناهم خلائف وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا فانظر كيف كان عاقبة المنذرين) ثم جاءت اﻵية : (ثم بعثنا من بعده رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل كذلك نطبع على قلوب المعتدين)(74) . فسبحان من هذا كلامه !!!

الجمعة، 22 أغسطس 2025

(نفصل)(نصرف)(نبين)

 [٢٢/‏٨, ٥:٤٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى  : 

(بلاغة اللفظ القرآنى) 

(نفصل)(نصرف)(نبين)

باستقراء آيات القرآن ، فالفرق بين الأفعال الثلاثة : التفصيل يأتى فى المسائل الكثيرة ، والتصريف يأتى فى التحويل من حالة إلى حالة ، والتبيين لبيان موضوع واحد أو بيان حكم أو أحكام فى موضوع واحد  وإليك بيان ذلك من خلال استعراض آيات القرآن ، فى أكثر من موضع . أولا : (نصرف) ، قوله سبحانه فى سورة الأنعام : (قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم من إله غير الله يأتيكم به أنظر كيف نصرف الآيات ثم هم يصدفون)(46)

[٢٢/‏٨, ٥:٥٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: جاء فى تفسير اﻵية : قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين : أخبرونى إن أذهب الله سمعكم فأصمكم ، وذهب بأبصاركم فأعماكم ، وطبع على قلوبكم فأصبحتم لا تفقهون قولا أى إله غير الله جلا وعلا يقدر على رد ذلك  لكم . فكان يسمع فأصبح لايسمع فتحول من حالة إلى حالة ، وتحول من مبصر إلى أعمى ، وختم على قلبه فصار لايفقه قولا . فكان الفعل (نصرف) مناسب لسياق الآية .

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة الأنعام : (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون)(65) جاء فى تفسير اﻵية : قل -أيها الرسول- الله عز وجل هو القادر وحده على أن يرسل عليكم عذابا من فوقكم كالرجم أو الطوفان ، وماأشبه ذلك ، أو من تحت أرجلكم كالزلازل والخسف ، أو يخلط أمركم عليكم فتكونوا فرقا متناحرة يقتل بعضكم بعضا . فواضح من تفسير اﻵية تحولهم من حالة إلى حالة فناسب الفعل (نصرف) سياق الآية .

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه : (وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست ولنبينه لقوم يعلمون)(105)(الأنعام) جاء قبل الآية قوله سبحانه : (قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمى فعليها وماأنا عليكم بحفيظ)(104) أى : قل-أيها الرسول- لهؤلاء المشركين : قد جاءتكم براهين ظاهرة تبصرون بها الهدى من الضلال مما اشتمل عليها القرآن  ، وجاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم  ، فمن تبين هذه البراهين وآمن بمدلولها فنفع ذلك لنفسه ، فتحول من الكفر إلى الإيمان ، ونجا برحمة الله.  فناسب لفظ : (وكذلك نصرف الآيات) الآية التى قبلها .

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه : (والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذى خبث لا يخرج إلا نكدا كذلك نصرف الآيات لقوم يشكرون)(58)(الأعراف) جاء فى تفسير اﻵية : والأرض النقية إذا نزل عليها المطر تخرج نباتا-بإذن الله ومشيئته- طيبا ميسرا ، وكذلك المؤمن إذا نزلت عليه آيات الله انتفع بها ، وأثمرت فيه حياة صالحة ، أما الأرض السبخة الرديئة فإنها لا تخرج النبات إلا عسرا رديئا لانفع فيه ، ولاتخرج نباتا طيبا ، وكذلك الكافر لاينتفع بآيات الله . وضح من الآيات على التحول من حالة إلى حالة فناسب لفظ : (نصرف) سياق الآية .

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: ( نبين )  

قوله سبحانه : (ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون)(75)(المائدة)  بينت الآية الكريمة حال عيسى عليه السلام ، وحال أمه وأنهما بشر كغيرهما من البشر يحتاجان إلى الطعام ، ولايكون إلها من يحتاج إلى الطعام ليعيش . فناسب لفظ  :(نبين) سياق الآية .

قوله سبحانه فى سورة البقرة : (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ماكتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ولاتباشروهن وأنتم عاكفون فى المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون)(187)

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: بينت الآية الكريمة : بعضا من أحكام الصيام  : فقد أباح الله لكم جماع نسائكم ليالى شهر رمضان ، وكان فى أول الإسلام محرما ، وأباح الطعام والشراب حتى يتبين ضياء الصباح من سواد الليل ، بظهور الفجر ، ثم أتموا الصيام إلى دخول الليل بغروب الشمس . ولا تجامعوا نسائكم أو تتعاطوا مايفضى إلى جماعهن إذا كنتم معتكفين فى المساجد ، لأن هذا يفسد الاعتكاف ( وهو الإقامة فى المسجد مدة معلومة بنية التقرب إلى الله تعالى) تلك الأحكام التى شرعها الله لكم هى حدوده الفاصلة بين الحلال والحرام فلا تقربوها حتى لاتقعوا فى الحرام . تبين من استعراض تفسير الآية مناسبة لفظ (يبين) سياق الآية .

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة البقرة : (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون)(219) أى : يسألك المسلمون-أيها النبى- عن حكم تعاطى الخمر شربا وبيعا وشراء ، ويسألونك عن حكم القمار- وهو أخذ المال أو إعطاؤه بالمقامرة وهى المغالبات التى فيها عوض من الطرفين- قل لهم : فى ذلك أضرار ومفاسد كثيرة فى الدين والدنيا، والعقول والأموال،  وفيها منافع للناس من جهة كسب الأموال وغيرها، وإثمهما أكبر من نفعهما،  إذ يصدان عن ذكر الله وعن الصلاة ، ويوقعان العدواة والبغضاء بين الناس ، وكان هذا تمهيدا لتحريمها .

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: ويسألونك عن القدر الذى ينفقونه من أموالهم تبرعا وصدقة، قل لهم : أنفقوا القدر الذى يزيد على حاجتكم.  مثل ذلك البيان الواضح يبين الله لكم الآيات وأحكام الشريعة،  لكى تتفكروا فيما ينفعكم فى الدنيا والآخرة واتضح من سياق الآية  مناسبة لفظ  (يبين) لسياقها،  حيث بينت مضار الخمر والقمار  ، وذلك تمهيدا لتحريمها،  وكذلك قدر النفقة من المال تبرعا أو صدقة . والآيات فى هذا المعنى كثيرة وواضحة ، فإذا تكلمت عن أحكام أو بيان مسألة واحدة جاء اللفظ : (نبين)أو (يبين)أو(بينا) مناسب لسياق الآيات .

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: (فصلنا) : قوله سبحانه فى سورة الأنعام : (وهو الذى جعل لكم النجوم لتهتدوا بها فى ظلمات البر والبحر قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون)(وهو الذى أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون)(98:97)  ، وقد سبق الآيتين قوله سبحانه : (إن الله فالق الحب والنوى يخرج الحى من الميت ومخرج الميت من الحى ذلكم الله فأنى تؤفكون)(فالق الإصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم)(96:95) وواضح من سياق الآيات التفصيل : من أن الله يشق الحب ، فيخرج منه الزرع،  ويشق النوى،  فيخرج منه الشجر ، ويخرج الحى من الميت كالإنسان والحيوان مثلا من النطفة،  ويخرج الميت من الحى كالنطفة من الإنسان والحيوان .

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: وهو سبحانه شق ضياء الصباح من ظلام الليل ، وجعل الليل مستقرا ، يسكن فيه كل متحرك ويهدأ ، وجعل الشمس والقمر يجريان فى فلكيهما بحساب متقن مقدر ، لايتغير ولا يضطرب ، ذلك تقدير العزيز الذى عز سلطانه،  العليم بمصالح خلقه وتدبير شئونهم . والله سبحانه هو الذى جعل لكم النجوم علامات ، تعرفون بها الطرق ليلا إذا ضللتم بسبب الظلمة الشديدة فى البر والبحر . وهو سبحانه الذى ابتدأ خلقكم أيها الناس من آدم عليه السلام ، إذ خلقه من طين ، ثم كنتم سلالة ونسلا منه ، فجعل لكم مستقرا تستقرون فيه ، وهو أرحام النساء ، ومستودع تحفظون فيه وهو أصلاب الرجال. وواضح من سياق الآيات مناسبة (فصلنا) .

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: (نفصل) : قوله سبحانه فى سورة الأنعام :(وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين)(55) أى : ومثل هذا البيان الذى بيناه لك-أيها الرسول- نبين الحجج الواضحة على كل حق ينكره أهل الباطل ؛ ليتبين الحق وليظهر طريق أهل الباطل المخالفين للرسل . أما إنكار الحق من أهل الباطل فقد جاء فى الآيات قبل الآية فى قوله سبحانه :(ولاتطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه ماعليك من حسابهم من شئ ومامن حسابك عليهم من شئ فتطردهم فتكون من الظالمين)(وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين)(وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوء بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم)(54:52)

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: وذلك لما طلب بعض كبار قريش من النبى صلى الله عليه وسلم أن يطرد الفقراء من مجلسه كبلال وصهيب الرومى ، حتى يجلسوا معه ، فعاتبه الله بهذه الآية : (ولاتطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه...الآية) أى : لاتبعد هؤلاء المتصفين بهذه الصفة عنك ، بل اجعلهم جلسائك وأخصاءك ، وكذلك ابتلى الله تعالى بعض عباده ببعض بتباين حظوظهم من الأرزاق والأخلاق، فجعل بعضهم غنيا وبعضهم فقيرا ، وبعضهم قويا وبعضهم ضعيفا ، فأحوج بعضهم إلى بعض اختبارا منه لهم بذلك ، ليقول الكافرون الأغنياء: أهؤلاء الضعفاء من الله عليهم بالهداية إلى الإسلام من بيننا ؟ أليس الله بأعلم بمن يشكر نعمته فيوفقهم إلى الهداية لدينه؟

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: وإذا جاءك-أيها النبى- الذين صدقوا بآيات الله الشاهدة على صدقك من القرآن وغيره مستفتين عن التوبة من ذنوبهم السابقة، فأكرمهم برد السلام عليهم ، وبشرهم برحمة الله الواسعة ؛ فإنه جل وعلا قد كتب على نفسه الرحمة بعباده تفضلا أنه من اقترف ذنبا بجهالة منه لعاقبتها وإيجابها لسخط الله - فكل عاص لله مخطئا أو متعمدا فهو جاهل بهذا الاعتبار وإن كان عالما بالتحريم-ثم تاب من بعده ودوام على العمل الصالح ، فإنه تعالى يغفر ذنبه فهو غفور لعباده التائبين ، رحيم بهم . وبعد هذا التفصيل ناسب قوله سبحانه:(وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين) سياق الآيات . فسبحان من هذا كلامه !!!

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى سورة الأعراف : (قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هى للذين آمنوا فى الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون)(32) جاء فى تفسير اﻵية : قل-أيها الرسول- لهؤلاء الجهلة من المشركين : من الذى حرم عليكم اللباس الحسن الذى جعله الله تعالى زينة لكم ؟ ومن الذى حرم عليكم التمتع بالحلال الطيب من رزق الله تعالى؟ قل- أيها الرسول- لهؤلاء المشركين : إن ماأحله الله من الملابس والطيبات من المطاعم والمشارب حق للذين آمنوا فى الحياة الدنيا يشاركهم فيها غيرهم ، خالصة لهم يوم القيامة،  مثل ذلك التفصيل يفصل الله الآيات لقوم يعلمون مايبين لهم ويفقهون مايميز لهم .

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: فجاءت الآية ترد على المشركين الذين حرموا زينة الله ، والطيبات من المطاعم والمشارب ، فناسب قوله(نفصل) سياق الآية . كما ناسب الآية التى قبلها ، والتى بعدها وذلك فى قوله تعالى : (يابنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لايحب المسرفين)(31) ، وقوله تعالى : (قل إنما حرم ربى الفواحش ماظهر منها ومابطن والإثم والبغى بغير الحق وأن تشركوا بالله مالم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله مالاتعلمون)(33) ، ففى الآية الأولى: أمر الله عباده من بنى آدم عند أداء كل صلاة أن يكونوا على حالة من الزينة المشروعة من ثياب ساترة لعوراتكم ،ونظافة وطهارة ونحو ذلك .

[٢٢/‏٨, ٥:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: وكلوا واشربوا من طيبات مارزقكم الله،  ولاتتجاوزا حدود الاعتدال فى ذلك .إن الله لايحب المتجاوزين المسرفين فى الطعام والشراب وغير ذلك . وجاء فى تفسير اﻵية الثانية : قل-أيها الرسول- لهؤلاء المشركين : إنما حرم ربى القبائح من الأعمال، ماكان منها ظاهرا، وماكان منها خفيا، وحرم المعاصى كلها، ومن أعظمها الاعتداء على الناس، وحرم أن تعبدوا مع الله تعالى غيره ، وحرم أن تنسبوا إلى الله تعالى مالم يشرعه افتراء وكذبا ، كدعوى أن لله ولدا، وتحريم بعض الحلال من الملابس والمآكل.

الأربعاء، 20 أغسطس 2025

(ولئن قتلتم فى سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون)

 [٢٠/‏٨, ٢:٣٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى : من الآيات المتشابهات التى يحصل فيها الخلط بينها من الحفاظ : قوله سبحانه فى سورة آل عمران : (ولئن قتلتم فى سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون)(157) وقوله سبحانه فى الآية التى بعدها : (ولئن متم أو قتلتم لإلى الله تحشرون)(158) ، الخلط يحصل بين التقديم والتأخير فى الآيتين ، ففى الأولى قدم القتل على الموت ، وفى الثانية قدم الموت على القتل. فما سبب ذلك  ؟

[٢٠/‏٨, ٢:٣٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: جاءت الآيتان فى ثنايا آيات تتحدث عن غزوة أحد وماحدث فيها من أحداث ، وترك معظم الرماة مواقعهم ، طمعا فى حيازة الغنائم ، وخالفوا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ، بعد أن رأوا نصر أصحابهم على المشركين ، وذلك فى قوله سبحانه : (ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم فى الأمر وعصيتم من بعد ماأراكم ماتحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين)(152)

[٢٠/‏٨, ٢:٤٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: وكذلك قوله سبحانه : (  إذ تصعدون ولاتلوون على أحد والرسول يدعوكم فى أخراكم فأثابكم غما بغم لكيلا تحزنوا على مافاتكم ولاماأصابكم والله خبير بما تعملون)(ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم....الآية)(154:153)  وذلك عند قتال عدوكم فى غزوة (أحد) ، حين ذهبتم فى الأرض وأبعدتم فيها ، هائمين منطلقين،  منهزمين هاربين من أعدائكم فى كل اتجاه ، والرسول صلى الله عليه وسلم ثابت فى موقف البأس يناديكم فى آخر الجيش ومن ورائكم قائلا : إلى عباد الله .

[٢٠/‏٨, ٢:٤٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: ثم كان من رحمة الله بكم أن أنزل عليكم - يامعشر المؤمنين- من بعد الكرب الذى أصابكم أمنا كان مظهره نعاسا اطمأنت فيه النفوس ، واسترخت الأعضاء ، يغطى النعاس ويستر طائفة من المؤمنين ، فيصرف الأذهان عن التفكر فيما نزل بهم من مصيبة ، ويصرف النفوس عن الخوف والقلق والاضطراب . وعن الاهتمام بذواتهم وأهليهم . ومن الجدير بالذكر أن هذه الآية  :( ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم....)(154) والتى تحدثت عن الصحابة رضوان الله عليهم فى غزوة أحد (حوت جميع حروف اللغة) تسع وعشرون حرفا وكذلك الآية آخر سورة الفتح : (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم...الآية)(29)

[٢٠/‏٨, ٢:٤٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: والعجب فى آية سورة الفتح أن رقمها :( 29) وهو عدد حروف اللغة ، والأعجب من ذلك أن الآيتين حديثهما عن النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، سواءا فى غزوة أحد فى سورة آل عمران ، أو فى سورة الفتح ، وماجاء فى سورة الفتح متعلق بآل عمران ، حيث جاء وصف النبى صلى الله عليه : محمد رسول الله وأصحابه رضى الله عنهم ، أقوياء شجعان ، أهل بأس وجهاد ، مستعلون بقوتهم وبأسهم على الكفار الذين اختاروا لأنفسهم- بعد معرفة الحق- سبيل الكفر جحودا وعنادا، بعد اتخاذ مختلف الوسائل لتعريفهم بالحق ، وهدايتهم وإرشادهم .

[٢٠/‏٨, ٢:٤٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: وبسبب ذلك يقف المؤمنون أمام الكفار فى معاركهم الحربية أقوياء شجعان ، يقاتلونهم بكل بأس وتضحية وبسالة ، وهم رحماء متعاطفون متوادون فيما بينهم ، وهم كثيرو الصلة بربهم والخضوع له ، والتذلل بين يديه ، إذ تراهم - أيها الرائى المشاهد لهم- ركعا سجدا يطلبون بنياتهم وقلوبهم،  وبأدعيتهم بألسنتهم أن يمنحهم خالقهم ومربيهم زيادة من عطائه وكرمه فى العاجلة والأجلة،  وأن يشملهم برضوانه الذى هو أكبر من كل نعيم الجنة .

[٢٠/‏٨, ٢:٤٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: علامة طاعتهم لله عز وجل ظاهرة فى وجوههم من أثر السجود المتكرر الطويل ، ذلك الذى ذكر من نعوتهم الجليلة هو وصفهم العجيب الشأن الجارى مجرى الأمثال فى كتاب الله التوراة المنزل على موسى عليه السلام . ووصف أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فى الإنجيل المنزل على عيسى عليه السلام ، فى تناميهم واشتداد قوتهم ، وكثرة خيراتهم ، كزرع نبت نباتا حسنا فى أخصب أرض وأحسن شروط ، فأخرج أصله وفروعه من جوانبه ، فأعان أصله بالقوة والحماية ، فغلظ ذلك الزرع واشتد ، فاعتدل ، ووصل إلى درجة كماله وقوته مستويا على سوقه ، يعجب الذين زرعوا الزرع ، إذ يرون البهجة منه

[٢٠/‏٨, ٢:٤٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: ومظهر العطاء الوفير ، ليغيظ الله بأصحاب محمد الكفار الذين يغطون ويسترون أدلة التوحيد ، وماجاء به الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه بالإنكار والجحود . فجاءت الآيتين متناسبتين وبينهما ارتباط وثيق فى المعنى ، فاجتمعا فى أن فيهما كل حروف اللغة ، وحديثهما عن النبى وأصحابه.

[٢٠/‏٨, ٢:٤٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما التقديم والتأخير فى آياتى آل عمران راجع إلى سياق الآيتين ، فالأولى جاءت بعد الحديث عن غزوة أحد فناسب تقديم القتل على الموت ، كما ناسب نهاية الآية: (لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون) ، أما تقديم الموت على القتل فى الآية الثانية ، فقد ناسب نهاية الآية : (لإلى الله تحشرون) فكل من يموت وينقضى أجله فى الدنيا ، والذى يقتل فى سبيل الله ، فكلهم يحشرون إلى ربهم . 

فسبحان من هذا كلامه !!!

الأحد، 3 أغسطس 2025

(إن الله بصير بالعباد)

 [٢١‏/١٢‏/٢٠٢٤, ١٠:٣١ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى : (بلاغة اللفظ القرآنى)(التأكيد يأتى فى مكانه) قوله سبحانه  : (إن الله بصير بالعباد) جاء فى موضع وحيد فى القرآن فى سورة غافر فى قوله سبحانه :(فستذكرون ماأقول لكم وأفوض أمرى إلى الله إن الله بصير بالعباد)(44) ، وجاء قوله سبحانه : (والله بصير بالعباد) فى موضعين فى سورة آل عمران وذلك فى قوله تعالى : (قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجرى من تحتها اﻷنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد)(15)

[٢١‏/١٢‏/٢٠٢٤, ١٠:٣٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: وقوله سبحانه : (فإن حاجوك فقل أسلمت وجهى لله ومن اتبعن وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد)(20) . أما موضع غافر فكان كلام مؤمن آل فرعون الذى كان يكتم إيمانه وصدح بالحق دفاعا عن دين الله وعن نبى الله موسى وذلك حين عقد فرعون جلسة لاحقة جمع فيها وزراءه ومستشاريه يستشروهم فى قتل موسى وعندئذ قال رجل مؤمن من أعضاء مجلس المستشارين يخفى إيمانه منكرا عليهم : أتقتلون رجلا من أجل أن يقول ربى الله ؟

[٢١‏/١٢‏/٢٠٢٤, ١٠:٥٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: واستمر فى جهره بالدعوة ولم يخف فى الله لومة لائم وقيل أنه ابن عم فرعون ومضى فى دعوته وقد جاء فى السورة هذا الأمر واضح جلى ومن ذلك قوله سبحانه : (وقال الذى آمن ياقوم إنى أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب)(مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم وماالله يريد ظلما للعباد)(وياقوم إنى أخاف عليكم يوم التناد)(يوم تولون مدبرين مالكم من الله من عاصم ومن يضلل الله فما له من هاد)(33:30)

[٢١‏/١٢‏/٢٠٢٤, ١١:٠٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: ومن ذلك قوله سبحانه : (وقال الذى آمن ياقوم اتبعون أهدكم سبيل الرشاد)(ياقوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هى دار القرار)(من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب)(وياقوم مالى أدعوكم إلى النجاة وتدعوننى إلى النار)(تدعوننى لأكفر بالله وأشرك به ماليس به علم وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفار)(لاجرم أنما تدعوننى إليه ليس له دعوة فى الدنيا ولا فى الآخرة وأن مردنا إلى الله وأن المسرفين هم أصحاب النار)(43:38)

[٢٢‏/١٢‏/٢٠٢٤, ١١:٠٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: ثم جاءت الآية التى نحن بصددها : (فستذكرون ماأقول لكم...الآية) أى : فستذكرون فى الدنيا قبل الآخرة ، ماأقول لكم بتكرار ناصحا وهاديا وذلك حينما ينزل بكم عذاب من الله يستأصلكم به مهلكا لكم وأرد أمرى إلى الله وأسأله الحماية والحفظ من مكر الأعداء وكيدهم  ، إن الله بصير بالعباد لايغيب عنه تدبير أعدائه فهو قادر على أن يحبط تدابيرهم وهو الذى يحفظ أولياءه فناسب التأكيد سياق الآية ، فجعل الله بين مؤمن آل فرعون وبين السيئات التى مكروها ضده وقاية فلم يصبه منها شيئ وأحاط العذاب السوء نازلا بآل فرعون بالغرق فى الدنيا والنار فى البرزخ والآخرة

[٢٣‏/١٢‏/٢٠٢٤, ١٠:٥٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما موضع سورة آل عمران  الأول وهو قوله سبحانه : (قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات...الآية) فقوله : (والله بصير بالعباد) فهو سبحانه عليم بأحوال العباد علم من يبصر ويرى ، فهو يعلم دقائق أحوالهم وخفى أمورهم وخلجات قلوبهم . فالأمر لايحتاج إلى تأكيد . وجاءت الآيات بعدها تفسيرا لمعنى العباد المستحقون للجنة  وذلك فى الآيات : (الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار)(الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار)(17:16)

[٢٤‏/١٢‏/٢٠٢٤, ١٠:١٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: كذلك الموضع الثانى : (فإن حاجوك فقل أسلمت وجهى لله ومن اتبعن وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد)(20) فجاءت خطاب للنبى صلى الله عليه وسلم إن خاصمك أهل الكتاب فقل لهم : أخلصت عبادتى لله وحده وكذلك من اتبعنى من المؤمنين وقل لهم وللمشركى العرب : أسلموا فإن أسلموا فقد سلكوا طريق الحق وإن تولوا فما عليك إلا تبليغ الرسالة والله سبحانه وتعالى عالم علم من يبصر بمن يؤمن وبمن لايؤمن ، لايخفى عليه من أمر عباده شيئ . فالأمر لايحتاج إلى تأكيد . فجاءت كل كلمة مناسبة فى موضعها .فسبحان من هذا كلامه !!!