الأحد، 11 نوفمبر 2018

إن من أهل الكتاب

من روائع البيان القرآني : قوله تعالى في سورة آل عمران آية 199
(وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وماأنزل إليكم وماأنزل إليهم خاشعين لله ﻻيشترون بآيات الله ثمنا قليلا أؤلئك لهم أجرهم عند ربهم إن الله سريع الحساب ) . 
وقوله تعالى : ( وإن من أهل الكتاب إﻻ ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا )  سورة النساء آية 159 
جاءت إن في آل عمران مؤكدة ، وفي النساء جاءت مخففة دون تأكيد ، فما الفرق بين الموضعين ؟
بالرجوع إلى اﻵيتين يتبين الفرق . 
في آل عمران جاء في تفسير اﻵية : أي ومن اليهود والنصارى فريق يؤمنون بالله حق اﻹيمان ، ويؤمنون بما أنزل إليكم وهو القرآن وبما أنزل إليهم وهو التوراة واﻹنجيل كعبدالله بن سلام وأصحابه ، والنجاشي وأتباعه ، (خاشعين لله) أي خاضعين متذللين لله (لا يشترون بأيات ثمنا قليلا) أي لايحرفون نعت محمد وﻻأحكام الشريعة، الموجودة في كتبهم لعرض من الدنيا خسيس ، كما فعل اﻷحبار والرهبان . 
فمن أجل كل هذه الصفات جاءت إن مؤكدة. 
أما آية النساء فجاءت في اليهود والنصارى الذين يؤمنون بعيسى قبل موته ، وقد اختلف  المفسرون في عود الضمير (قبل موته) ، هل يعود على عيسى ، أو على الذي يموت  من أهل الكتاب .اختار الطبري في تفسيره أن الضمير في (قبل موته) يعود على عيسى عليه السلام ويصبح المعنى : ﻻيبقى أحد من أهل الكتاب إﻻ ويؤمن بعيسى قبل موت عيسى ،لما ينزل قرب الساعة .
القول الثاني أن الضمير يعود على الذي يموت من أهل الكتاب من اليهود والنصارى ، أنه يؤمن بعيسى أنه عبد الله ورسوله ولكن ﻻينفعه هذا اﻹيمان ، قال ابن عباس : ﻻيموت يهودي حتى يؤمن بعيسى ، وهذا القول اختيار أبي السعود في تفسيره ، والكشاف ، والجلالين . 
ولذلك جاءت (إن) مخففة دون تأكيد .
فكل حرف جاء مناسبا في مكانه . فسبحان من هذا كلامه !!!!!

الأحد، 30 سبتمبر 2018

فما كان الله - وماكان الله

من روائع البيان القرآني : 
قوله تعالى (ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ) آية 70 سورة التوبة .
وقوله تعالى : (أولم يسيروا في اﻷرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وأثاروا اﻷرض وعمروها أكثر مما عمروها وجاءتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ) آية 9 سورة الروم .
وقوله تعالى :( فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به اﻷرض ومنهم من أغرقنا وماكان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ) آية 40 العنكبوت 
سورتي التوبة والروم (فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) 
وانفردت سورة العنكبوت (وماكان الله ليظلمهم ) .
فما الفرق بين الموضعين ؟
معنى الفاء : تفيد الترتيب والتعقيب فمعناها واحد. 
معنى الواو: تفيد مطلق الجمع ،فتأتي بمعنى الواو ، وتأتي بمعنى الفاء ، وتأتي بمعنى ثم ، فهى أوسع في المعنى من الفاء وثم .
في آية التوبة  خاطب الله المنافقين عن خبر اﻷمم السابقة ، حين عصوا الرسل ماذا حل بهم من العقوبة ؟ دون تفصيل للعقاب الذي حل بهم ، فكانت الفاء مناسبة (فما كان ليظلمهم) .
وكذلك آية الروم خاطبت المشركين : أولم يسافروا فينظروا مصارع اﻷمم قبلهم ، كيف أهلكوا بتكذبيهم رسلهم فيعتبروا ، دون تفصيل للعقاب ، فكانت الفاء مناسبة (فما كان الله ليظلمهم) .
أما في سورة العنكبوت ، فقدجاء تفصيل العذاب (فمنهم من أرسلنا  عليه حاصبا كقوم لوط ، (ومنهم من أخذته الصيحة) كثمود ، 
(ومنهم من خسفنا به اﻷرض) كقارون ، (ومنهم من أغرقنا) كقوم نوح وفرعون وجنده. 
فلما فصل أنواع العذاب كانت الواو مناسبة (وماكان الله ليظلمهم) ، ﻷن الواو معناها أوسع من الفاء فهي تفيد مطلق الجمع ، فكان كل حرف مناسب في مكانه .
فسبحان من هذا كلامه !!!!!

استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا - استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم ويزدكم قوة

من روائع البيان القرآني  : 
قوله تعالى ( وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله وإن تولوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير) سورة هود آية 3 .
وقوله تعالى في نفس السورة آية 52 
(ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم ويزدكم قوة إلى قوتكم وﻻ تتولوا مجرمين ). 
فقد اختلف جزاء اﻹستغفار في اﻵية اﻷولى عن الثانية فما سبب ذلك؟
أما اﻵية اﻷولى فقد كانت دعوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم لقومه ، وقد أرسل إلى الناس كافة ، فجاء جزاء اﻹستغفار عام لكل البشر ، فكل من يستغفر ويتوب إلى الله ويؤمن بالله ونبيه يكون هذا جزاؤه ، يبسط عليهم الدنيا ، وأسباب الرزق ما يعيشون به في أمن وسعة وخير إلى حين الموت وإنقضاء اﻵجال ، ويعطي كل ذي زيادة من إيمان وعمل صالح في الدنيا أجره ، وفي اﻵخرة ثوابه .وقد جاء قبل هذه اﻵية قوله تعالى : 
(الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن خبير )
(أﻻ تعبدوا إﻻ الله  إنني لكم منه نذير وبشير) آية 2/1 . واﻵيتين تدل على العموم فهي تتحدث عن القرأن أنه كتاب جليل القدر ، نظمت آياته نظما محكما ، ﻻ يلحقه تناقض ، ثم بينت فيه أمور الحﻻل والحرام ، من عند الله الخبير العالم بكيفيات اﻷمور ، لئلا تعبدوا إﻻ الله . 
أما اﻵية الثانية : فكانت دعوة هود لقومه ، وهي خاصة لقومه ، لذا جاء جزاء اﻹستغفار مختلف عن اﻵية اﻷولى ، فقد روي أن عادا كان حبس عنهم المطر (ثلاث سنوات) ، حتى كادوا يهلكون ، فأمرهم هود بالتوبة واﻹستغفار ، ووعدهم على ذلك بنزول الغيث والمطر .
وكان قوم هود عتاة متكبرين ، اغتروا بقوة أجسامهم وقالوا :من أشد منا قوة ؟ فجاء قوله تعالى (ويزدكم قوة إلى قوتكم ) مناسب لحالهم أي يزدكم عزا وفخارا فوق عزكم وفخركم ، قال مجاهد : شدة إلى شدتكم ، فإنهم كانوا في غاية البطش . (الطبري 58/12) .
فجاء كل جزاء مناسب في مكانه .

من روائع البيان القرآني :
قوله تعالى في سورة نوح :
(فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا) 
(يرسل السماء عليكم مدرارا)
(ويمددكم بأموال وبنين وبجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهار) 12/10
جاءت هذه في دعوة نوح لقومه ، أن يتركوا عبادة اﻷصنام ، ويعبدوا الله وحده ، وﻻيشركوا به شيئا ، فقد أطمعهم نوح عليه السلام بالحصول على بركات السماء وبركات اﻷرض ، إن هم آمنوا بالله الذي بيده مفاتيح هذه الخزائن ، وأتاهم من طريق القلب لتحريك العواطف ،  ولبيان أن ماهم فيه من انحباس اﻷمطار ، وماحرموه من الرزق والذرية ، إنما بسبب كفرهم بالله الذي بيده إرسال المطر ، وإغداق الرزق ، واﻹمداد باﻷموال والبنين . 
فجاء جزاء اﻹستغفار مناسب لحالهم كقوم هود . 
وفي سورة هود جاء في دعوة نوح قوله تعالى آية 29
(وياقوم ﻻأسئلكم عليه ماﻻ إن أجري إﻻ على الله وماأنا بطارد الذين آمنوا إنهم مﻻقوا ربهم ولكني أراكم قوما تجهلون ) .
في حين أن غيره من الرسل قالوا لقومهم (ﻻأسئلكم عليه أجرا)
أما نوح قال (ﻻأسئلكم عليه ماﻻ) ، فكان مناسبا مع حالهم .
فسبحان من هذا كلامه !!!!!

الجمعة، 27 يوليو 2018

خزائن رحمة ربك - خزائن ربك

مع روائع البيان القرآني : 
قوله تعالى ( أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب) ص آية 9
وقوله تعالى (أم عندهم خزائن ربك أم هم المصيطرون ) الطور 37
زاد في سورة ص ( خزائن رحمة ربك) ، فزاد كلمة (رحمة) ، عن ما في سورة الطور ، فما السبب في ذلك ؟
في سورة (ص) ، جاء قبلها قوله تعالى : 
(أءنزل عليه الذكر من بيننا بل هم في شك من ذكري بل لما يذوقوا عذاب ) آية 8 
ومعنى اﻵية : اﻻستفهام للإنكار أي هل تنزل القرآن على محمد دوننا ، مع أن فينا من هو أكثر منه ماﻻ ، وأعلى رياسة .
قال الزمخشري : أنكروا أن يختص صلى الله عليه وسلم بالشرف من بين أشرافهم ورؤسائهم ، وهذا اﻹنكار ترجمة عما كانت تغلي به صدوروهم ، من الحسد على ماأوتي من شرف النبوة من بينهم . (تفسير الكشاف 4/56) .
ونفس المعنى جاء في سورة الزخرف في اﻵية 31 في قوله تعالى (وقالوا لوﻻ نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم) 
فرد الله عليهم بقوله تعالى : 
(أهم يقسمون رحمت ربك ..... اﻵية 32 . 
فسمى الله عز وجل النبوة رحمة ،  وهذا سبب زيادة (رحمة )  في سورة (ص) ، عما في سورة الطور ، قال ابن عباس :  (خزائن ربك ) المطر والرزق . لذلك ختمت اﻵية في سورة ص ( العزيز الوهاب) ، وهي مناسبة مع النبوة ، فالعزيز هو الغالب الذي ﻻيغلب ، والوهاب هو الذي له أن يهب ما يشاء لمن يشاء ، قال البيضاوي :  يريد أن النبوة عطية من الله يتفضل بها على من يشاء من عباده . 
(تفسير البيضاوي 2/146) . 
وختم اﻵية في سورة الطور ( أم هم المصيطرون ) ، أي هم الغالبون القاهرون ؟ حتى يتصرفوا في الخلق كما يشاؤون ؟ ﻻ بل هو الله الخالق المالك المتصرف . 
فكل كلمة جاءت في مكانها المناسب لها .
فسبحان من هذا كلامه !!!!

فنفخنا فيها - فنفخنا فيه

من روائع البيان القرآني :
 قوله تعالى : ( والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين) آية 91 سورة اﻷنبياء .
وقوله تعالى : (ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين)التحريم12 
قال في اﻷنبياء (فنفخنا فيها)، وقال في التحريم (فنفخنا فيه) ، 
فما الفرق بينهما ؟
 أوﻻ :معنى النفخ واحد كما جاء في التفسير قال ابن كثير : إن الله بعث جبريل ، فتمثل لها في صورة بشر ، وأمره أن ينفخ بفيه في جيب درعها - أي ثوبها- فنزلت النفخة ، 
فولجت في فرجها فكان منه الحمل بعيسى عليه السلام (مختصر تفسير ابن كثير 3/525) .
أما خلاف اللفظين بين اﻷنبياء والتحريم ، فهو راجع إلى السياق ، 
فإن لفظ (فنفخنا فيها ) أعم وأشمل من لفظ (فنفخنا فيه) ، فإن اﻷول يقصد مريم ، والثاني يقصد مكان النفخ ، في سورة اﻷنبياء جاء ذكر مريم بعد ذكر عدد من اﻷنبياء موسى وهارون وإبراهيم ولوط ونوح ودواد وسليمان وأيوب وإسماعيل وإدريس وذي الكفل ويونس ، وختم ذكرهم بزكريا ، وهو أقربهم حاﻻ بحال مريم ،  وهذا يفيد العموم ، فكان مناسبا (فنفخنا فيها) في سورة اﻷنبياء ، 
كما أنها ذكرت مع ابنها ( وجعلناها وابنها آية للعالمين) ، وهذا أيضا يفيد العموم ، كما أنها لم تذكر باسمها فهذا أيضا يفيد العموم 
أما في سورة التحريم فقد ذكرت مع عدد من النساء ، وقد ذكرت باسمها ولم يذكر معها ابنها ، فالكلام كله عليها فهذا أخص مما في أﻷنبياء فكان لفظ (فنفخنا فيه) مناسب مع سورة التحريم .
وﻻحظ سورة اﻷنبياء (فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين )  واﻷلفاظ كلها تدل على العموم .
فسبحان من هذا كلامه !!!!!!

الاثنين، 7 مايو 2018

وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا - إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا

من روائع البيان القرآني :
قوله تعالى (وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) [سورة اﻷنعام 29]
وقوله تعالى (إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) [سورة المؤمنون 37]
وقوله تعالى (وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ ۚ وَمَا لَهُمْ بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) [سورة الجاثية 24]
انفردت سورة اﻷنعام بعدم ذكر (نَمُوتُ وَنَحْيَا) ، و جاءت في موضعي المؤمنون والجاثية فما سبب ذلك ؟
في سورة اﻷنعام جاءت اﻵية في ثنايا الحديث عن مشهد  من مشاهد يوم القيامة ،  وذلك في قوله تعالى : (وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ ۖ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) [سورة اﻷنعام 27 - 28]
ومعنى اﻵيتين :  أي لو ترى يا محمد هؤﻻء المشركين ، حين عرضوا على النار ،  لرأيت أمرا عظيما تشيب لهوله الرءوس ،  تمنوا الرجوع إلى الدنيا ليعملوا عملا صالحا ، وﻻيكذبون بآيات الله ، ويكونوا من المؤمنين ،
فرد الله عليهم ذلك التمني (بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ) أي ظهر لهم يوم القيامة ماكانوا يخفون من عيوبهم وقبائحهم فتمنوا ذلك ،  ولو ردوا - على سبيل الفرض ﻷنه ﻻرجعة إلى الدنيا بعد الموت - لعادوا إلى الكفر والضلال ، وإنهم لكاذبون في وعدهم باﻹيمان .
ثم جاءت بعد اﻵيتين اﻵية (وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ)
وبعدها جاء قوله تعالى
(وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُوا عَلَىٰ رَبِّهِمْ ۚ قَالَ أَلَيْسَ هَٰذَا بِالْحَقِّ ۚ قَالُوا بَلَىٰ وَرَبِّنَا ۚ قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) وهي أيضا تتحدث عن مشهد من مشاهد يوم القيامة ، ومعنى اﻵية : أي لو ترى حالهم إذ حبسوا للحساب أمام رب العالمين ، كما يوقف العبد الجاني بين يدي سيده للعقاب .
فجاءت اﻵية في ثنايا آيات تتحدث عن مشهد من مشاهد يوم القيامة ، وﻻمجال هنا لنموت ونحيا ، فجاءت اﻵية دون ذكر (نَمُوتُ وَنَحْيَا) .
أما في  سورة المؤمنون والجاثية ، فجاءت اﻵيتان في سياق الدنيا ، فجاءت (نَمُوتُ وَنَحْيَا) في مكانها . فما زلنا في الدنيا.
فسبحان من هذا كلامه !!!!!!

إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا - إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا

من روائع البيان القرآني :
قوله تعالى (وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) [سورة اﻷنعام 29]
وقوله تعالى (إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) [سورة المؤمنون 37]
وقوله تعالى (وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ ۚ وَمَا لَهُمْ بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) [سورة الجاثية 24]
انفردت سورة اﻷنعام بعدم ذكر (نَمُوتُ وَنَحْيَا) ، و جاءت في موضعي المؤمنون والجاثية فما سبب ذلك ؟
في سورة اﻷنعام جاءت اﻵية في ثنايا الحديث عن مشهد  من مشاهد يوم القيامة ،  وذلك في قوله تعالى : (وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ ۖ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) [سورة اﻷنعام 27 - 28]
ومعنى اﻵيتين :  أي لو ترى يا محمد هؤﻻء المشركين ، حين عرضوا على النار ،  لرأيت أمرا عظيما تشيب لهوله الرءوس ،  تمنوا الرجوع إلى الدنيا ليعملوا عملا صالحا ، وﻻيكذبون بآيات الله ، ويكونوا من المؤمنين ،
فرد الله عليهم ذلك التمني (بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ) أي ظهر لهم يوم القيامة ماكانوا يخفون من عيوبهم وقبائحهم فتمنوا ذلك ،  ولو ردوا - على سبيل الفرض ﻷنه ﻻرجعة إلى الدنيا بعد الموت - لعادوا إلى الكفر والضلال ، وإنهم لكاذبون في وعدهم باﻹيمان .
ثم جاءت بعد اﻵيتين اﻵية (وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ)
وبعدها جاء قوله تعالى
(وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُوا عَلَىٰ رَبِّهِمْ ۚ قَالَ أَلَيْسَ هَٰذَا بِالْحَقِّ ۚ قَالُوا بَلَىٰ وَرَبِّنَا ۚ قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) وهي أيضا تتحدث عن مشهد من مشاهد يوم القيامة ، ومعنى اﻵية : أي لو ترى حالهم إذ حبسوا للحساب أمام رب العالمين ، كما يوقف العبد الجاني بين يدي سيده للعقاب .
فجاءت اﻵية في ثنايا آيات تتحدث عن مشهد من مشاهد يوم القيامة ، وﻻمجال هنا لنموت ونحيا ، فجاءت اﻵية دون ذكر (نَمُوتُ وَنَحْيَا) .
أما في  سورة المؤمنون والجاثية ، فجاءت اﻵيتان في سياق الدنيا ، فجاءت (نَمُوتُ وَنَحْيَا) في مكانها . فما زلنا في الدنيا.
فسبحان من هذا كلامه !!!!!!

السبت، 17 فبراير 2018

يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ - يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ

 من روائع البيان القرآني ( يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ )
هكذا جاءت كل مواضع القرآن الكريم بتقديم المغفرة، ما عدا موضعين، وجاء الحديث النبوي مؤكداً لهذا المعنى، فعن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لما قضى الله الخلق كتب كتابا فهو عنده فوق عرشه، إن رحمتي سبقت غضبي )، وفي رواية ( غلبت غضبي ) متفق عليه.
وقال عز وجل ( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ) [سورة اﻷعراف 156]
وتلك المواضع التي تقدمت فيها المغفرة أربع مواضع وهي :
( لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ ۖ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) [سورة البقرة 284]
( وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) [سورة آل عمران 129]
( وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَىٰ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ۚ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ ۖ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ ۚ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ) [سورة المائدة 18]
( وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) [سورة الفتح 14]
هذه أربع مواضع تقدمت فيها المغفرة ،  وفي الرسالة القادمة نذكر الموضعين الذين تقدم فيهما ذكر العذاب مع محاولة ذكر السبب.
 أما الموضعين الذين تقدم فيهما ذكر العذاب:
( أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) [سورة المائدة 40]
وسبب التقديم في اﻵية، ما سبقها من اﻵيات، في بيان حد السرقة
( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) [سورة المائدة 38]
وأيضا قوله عز وجل في بيان حد الحرابة
( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) [سورة المائدة 33]
والموضع الثاني: قوله تعالى ( يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ ۖ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ ) [سورة العنكبوت 21]
وسبب  التقديم: حديث السورة عن بعض اﻷمم الطغاة المتجبرين، كقوم نوح، وعاد، وثمود، وفرعون، وهامان، وقارون، وما حل بهم من الهلاك والدمار ( فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ ۖ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) [سورة العنكبوت 40]
فكان تقديم العذاب مناسبا للسياق.
فسبحان من هذا كلامه !!!!!!!

الاثنين، 5 فبراير 2018

وما أنتم بمعجزين في اﻷرض وﻻ في السماء - وما أنتم بمعجزين في اﻷرض

من روائع البيان القرآني قوله تعالى في سورة العنكبوت آية 22
(وما أنتم بمعجزين في اﻷرض وﻻ في السماء وما لكم من دون الله ولي ولانصير) ، وقوله تعالى في سورة الشورى آية 31
(وما أنتم بمعجزين في اﻷرض وما لكم من دون من ولي وﻻ نصير) ،  
زاد في العنكبوت (وﻻفي السماء) ، فما سبب ذلك ؟ أوﻻ جاء في تفسير أية العنكبوت ، أي ﻻتفوتون من عذاب الله ، وليس لكم مهرب في اﻷرض وﻻ في السماء !! قال القرطبي : والمعنى : لو كنتم في السماء ما أعجزتم الله . وجاء في تفسير آية الشورى ،  آي ولستم أيها المشركون فائتين من عذاب الله ، وﻻ هاربين من قضائه ، وإن هربتم من أقطارها كل مهرب .
من خلال تفسير اﻵيتين تبين أن آية العنكبوت عامة ، وآية الشورى خاطبت مشركي العرب ،  فقد جاءت اﻵية في سياق الحديث عن المشركين وذلك في قوله تعالى 

(أم يقولون افترى على  الله كذبا فإن الله يشأ الله يختم على قلبك ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلامته إنه عليم بذات الصدور) آية 24 
أما آية العنكبوت فقد جاءت في ثنايا قصة إبراهيم عليه السلام ، وما قرره قومه من إلقائه في النار ، فأنجاه الله منهم ومن مكرهم ، وجاء بعدها إهلاك اﻷمم المكذبة لرسلهم ، قوم لوط ، وقوم شعيب ، وقوم عاد ، وقوم صالح ، وكذلك قارون وفرعون وهامان ، وانتهى اﻷمر بهذه اﻵية الكريمة 
(فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به اﻷرض ومنهم من أغرقنا وماكان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) آية 40 . فلهذا ناسبت الزيادة في العنكبوت (وﻻ في السماء) ، عن آية الشورى ﻻنها جاءت في سياق الحديث عن المشركين .
والعجيب في آية العنكبوت أنها خاطبت أهل الكفر أنكم ﻻ تعجزوا الله حتى ولو صعدتم إلى السماء ، وفي عصرنا هذا صعدوا إلى السماء، بالوسائل الحديثة ، من الطائرات وغيرها . 
فسبحان من هذا كلامه !!!!!!!

أما الموضعين الذين تقدم فيهما ذكر العذاب:
( أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) [سورة المائدة 40]
وسبب التقديم في اﻵية، ما سبقها من اﻵيات، في بيان حد السرقة
( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) [سورة المائدة 38]
وأيضا قوله عز وجل في بيان حد الحرابة
( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) [سورة المائدة 33]
والموضع الثاني: قوله تعالى ( يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ ۖ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ ) [سورة العنكبوت 21]
وسبب  التقديم: حديث السورة عن بعض اﻷمم الطغاة المتجبرين، كقوم نوح، وعاد، وثمود، وفرعون، وهامان، وقارون، وما حل بهم من الهلاك والدمار ( فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ ۖ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) [سورة العنكبوت 40]
فكان تقديم العذاب مناسبا للسياق.

فسبحان من هذا كلامه !!!!!!!

الجمعة، 2 فبراير 2018

فلا تعجبك أموالهم وﻻ أوﻻدهم - وﻻ تعجبك أموالهم وأوﻻدهم

من روائع البيان القرآني قوله تعالى في سورة التوبة آية 55 
(فلا تعجبك أموالهم وﻻ أوﻻدهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون ) ، و قوله تعالى في نفس السورة آية 85 
(وﻻ تعجبك أموالهم وأوﻻدهم إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون )  فما الفرق بين اﻵيتين ؟
كل أية حسب سياقها اﻻولى جاء قبلها قوله تعالى 
(قل أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم إنكم كنتم فاسقين)  آية 53 فهم أحياء في الدنيا عندهم اﻷموال واﻷوﻻد والمناصب واﻷعجاب بهم في هذا الحال أشد فجاءت الفاء التي تدل على السرعة وأكد (أموالهم وﻻ أوﻻدهم) وقال (في الحياة الدنيا)  وقال (ليعذبهم) وهي في التعليل أقوى في المعنى من (أن يعذبهم )  .
أما اﻵية اﻵخرى فجاء قبلها قوله تعالى

(وﻻ تصل على أحد منهم مات أبدا وﻻ تقم على قبره .....) اﻵية 84 و اﻷعجاب في حال الموت أقل بكثير من حال الحياة فجاءت بالواو وقال (أموالهم وأوﻻدهم) بدون تأكيد وقال (أن يعذبهم) وهي أقل من التعليل (ليعذبهم) وقال (في الدنيا) ﻻنهم ماتو وﻻمجال للحياة كما جاء بعدها قوله تعالى 
(وإذا أنزلت سورة أن آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استئذنك أولوا الطول منهم وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين) آية 86 . وﻻريب أن الجهاد مظنة الموت بل هو أقرب إلى الموت من الحياة . فجاءت كل آية في مكانها المناسب بها . 
فسبحان من هذا كلامه !!!!!!

الخميس، 1 فبراير 2018

إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ - وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ

مع روائع البيان القرآني قوله تعالى
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَٰذَا ۚ وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [سورة التوبة 28]
( إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) موضع وحيد في القرآن وباقي المواضع ( وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) وهم 13 موضع واﻵية فيها أمر شديد على المؤمنين وهو منع المشركين من دخول مكة بعد العام التاسع من الهجرة ومعنى ذلك انقطاع أسباب الرزق والتجارات التى كانوا يأتون بها لذلك قال تعالى ( وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ ) أى وإن خفتم فقرا وحاجة من منع المشركين من دخول الحرم فسوف يغنيكم الله من فضله
وقوله ( إِنْ شَاء ) تعليق للاغتناء بالمشيئة ﻷن الغنى في الدنيا ليس من لوازم اﻹيمان وﻻ يدل على محبة الله للعبد فإن الله يعطي الدنيا من يحب ومن ﻻ يحب وﻻ يعطي اﻹيمان والدين إلا لمن يحب لذلك جاء التأكيد في مكانه ( إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) أي علمه واسع يعلم من يليق به الغنى ومن ﻻ يليق ويضع اﻷشياء مواضعها وينزلها منازلها فسبحانه العليم الحكيم.
ال 13 موضع
1 النساء
1 الأنفال
5 التوبة
1 الحج
3 النور
1 الحجرات

1 الممتحنة

السبت، 27 يناير 2018

مبشرا ونذيرا - نذير وبشير

من روائع البيان القرآني وجميل الخطاب وروعته وحسنه وقل ماشئت من ألفاظ فلن تعطي الكلام حقه وهو مخاطبة رب العزة لصفيه من خلقه وحبيبه محمد صلى الله عليه وسلم فما خاطبه في القرآن باسمه مجردا فقال (ياأيها النبي) (ياأيها الرسول) (ياأيها المزمل) (ياأيها المدثر) ولما خاطب اﻷنبياء قال (ياآدم) (ياعيسى) (ياموسى) (يادواد) ومن جميل خطابه سبحانه لصفيه وحبيبه صلى الله عليه وسلم لما أخبره أنه أرسله الى الناس في اﻵيات التي تحدثت عن ذلك وهي 9 مواضع دائما يقدم بشيرا على نذيرا أو مبشرا على نذيرا وهذا من روعة وجميل الخطاب ومن هذه اﻵيات قوله تعالى (وماأرسلناك إﻻ مبشرا ونذيرا)الفرقان 56 
وقوله تعالى ( ياأيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا) سورة اﻷحزاب 45 وهكذا كل المواضع . أما لما أخبر النبي عن نفسه قدم نذير على بشير وذلك في موضعين في القرآن الكريم وذلك في قوله تعالى ( قل ﻻ أملك لنفسي نفعا وﻻضرا إﻻ ماشاء الله ولو كنت أعلم الغيب ﻻستكثرت من الخير وما مسنى السوء إن أنا إﻻ نذير وبشير لقوم يؤمنون )  سورة اﻷعراف آية 188
والموضع الثاني قوله تعالى (أﻻ تعبدوا إﻻ الله إنني لكم منه نذير وبشير) سورة هود أية 2  وهو في ذلك صلى الله عليه وسلم  مطيع وممتثل ﻹمر ربه فقد أمره الله وأوحى إليه بذلك فقال (أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم قال الكافرون إن هذا لساحر مبين) سورة يونس آية 2 وحيث  أنه صلى الله عليه وسلم أرسل الى قوم على الشرك والكفر فكان مناسبا تقديم  نذير على بشير فسبحان من هذا كلامه !!!!

السبت، 6 يناير 2018

ورضوان من الله - ورضوان من الله أكبر

من روائع البيان القرآني قوله تعالى في سورة آل عمران 
(قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها اﻷنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد) آية 15 
وقوله تعالى في سورة التوبة آية 72 
(وعد الله المؤمنين والمؤمنات  جنات تجري من تحتها اﻷنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم ) .
قال في آل عمران (ورضوان من الله) ، وفي التوبة(ورضوان من الله أكبر)  ،
زاد في التوبة (أكبر) ، فما سبب هذه الزيادة ؟!!!

في آل عمران جاءت اﻵية بعد ذكر متاع الحياة الدنيا الزائل ، من حب النساء واﻷموال واﻷوﻻد وغيرها من متاع الدنيا ، فجاءت اﻵية مقارنة بين متاع الدنيا الزائل وبين ماأعده الله لعباده المتقين في الجنة ، من جنات فسيحة ، تجري من تحت قصورها أنهار الجنة ،  والحور العين ، وفوق ذلك رضوان الله .
وأما في التوبة قال (وعد الله المؤمنين والمؤمنات) ، ومن أوفى بوعده من  الله -ﻻأحد - (ومن أصدق من حديثا)، (ومن أصدق من الله قيلا) ، (ومن أوفى بعده من الله) .
لذلك كان مناسبا زيادة (ورضوان من أكبر) ، 

وأيضا جاء في السورة (يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم )(خالدين فيها أبدا إن الله عنده أجرعظيم) 22/21 
وأيضا جاء في السورة قوله تعالى (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة واﻹنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم ) آية 111 . 
وهو تمثيل في ذروة البلاغة والبيان ﻷجر المجاهدين ، مثل تعالى جزاءهم بالجنة على بذلهم اﻷموال واﻷنفس في سبيله ، بصورة عقد فيه بيع وشراء ، وانظروا الى كرم الله ، أنفس هو خلقها ، وأمواﻻ هو رزقها ، ثم وهبها لهم ، ثم اشتراها منهم بهذا الثمن الغالى (الجنة) . وقال بعض العلماء :  ناهيك عن بيع البائع فيه المؤمن ،  والمشتري فيه رب  العزة ، والثمن فيه الجنة ،  والصك فيه الكتب السماوية ، والواسطة فيه محمد صلى الله عليه وسلم . 
فكانت زيادة (ورضوان من الله أكبر) في التوبة مناسبة عن آل عمران.
فسبحان من هذا كلامه !!!!!

الاثنين، 1 يناير 2018

ولقد أنزلنا إليكم - لقد أنزلنا آيات

من روائع البيان القرآني قوله تعالى في سورة النور 
(ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات ومثلا من الذين خلوا من قبلكم وموعظة للمتقين) آية 34 ، وقوله تعالى في نفس السورة آية 46(لقد أنزلنا آيات مبينات والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم)  زاد في اﻷولى الواو ، وزاد إليكم ، واختلفت الفاصلة في كل منهما ،
 فما سبب ذلك ؟ في اﻷولى سبقها ذكر أحكام تخص المؤمنين ،
من أحكام اﻹستئذان في دخول البيوت ، وأحكام المحارم للمرآة ، وغيرها من اﻷحكام ، فكان مناسب زيادة الواو التي للعناية واﻹهتمام ، وكذلك لكم ﻷنها أحكام تخص المؤمنين . وقد تكرر هذا في السورة في أكثر من موضع ، وذلك في قوله تعالى آية 18 

(ويبين الله لكم اﻵيات والله عليم حكيم) ، وهذه اﻵية بعد أنزل الله برأة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها من فوق سبع سموات .  
وأيضا في آخر اﻵية التي نظمت اﻹستئذان داخل بيوت المؤمنين آية 58 ،
(ياأيها الذين آمنوا ليسئذنكم ..... اﻵية ، قال في آخرها 

(كذلك يبين الله لكم اﻵيات والله عليم حكيم) . كذلك في تكملة اﻷداب في اﻵية التي بعدها (وإذا بلغ اﻷطفال منكم الحلم .... اﻵية ، قال في آخرها ( كذلك يبين الله لكم آياته والله عليم حكيم) . كذلك في قوله تعالى آية 61 التي نظمت أحكام اﻷكل في البيوت قال في آخرها (كذلك يبين الله لكم اﻵيات لعلكم تعقلون)  . فكان (لكم)  مناسب في كل ماسبق . أما الموضع الثاني فقد جاء بعد الحديث عن آيات الله في الكون من نزول المطر ، وتقلب الليل والنهار بالطول والقصر وآياته  العظيمة في خلق الدواب ، فهذه اﻵيات لكل الخلق ، فهى الدالة على قدرة الخالق العظيمة ، لذلك قال في نهايتها 
(والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم) .  أي يرشد من يشاء من خلقه إلى الدين الحق . أما نهاية اﻵية اﻷولى قال فيها : 
(ومثلا من الذين من قبلكم وموعظة للمتقين) . وفي هذا تخويف للمنافقين الذين خاضوا في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، اي شبها بحالهم أيها المكذبون وهذا تخويف أن يلحقهم مالحق من كان قبلهم من المكذبين ، كما  أنه موعظة للمتقين الذين يتقون الشرك والكبائر . فكان كل لفظ مناسب في مكانه .
فسبحان من هذا كلامه !!!!!