الاثنين، 5 فبراير 2018

وما أنتم بمعجزين في اﻷرض وﻻ في السماء - وما أنتم بمعجزين في اﻷرض

من روائع البيان القرآني قوله تعالى في سورة العنكبوت آية 22
(وما أنتم بمعجزين في اﻷرض وﻻ في السماء وما لكم من دون الله ولي ولانصير) ، وقوله تعالى في سورة الشورى آية 31
(وما أنتم بمعجزين في اﻷرض وما لكم من دون من ولي وﻻ نصير) ،  
زاد في العنكبوت (وﻻفي السماء) ، فما سبب ذلك ؟ أوﻻ جاء في تفسير أية العنكبوت ، أي ﻻتفوتون من عذاب الله ، وليس لكم مهرب في اﻷرض وﻻ في السماء !! قال القرطبي : والمعنى : لو كنتم في السماء ما أعجزتم الله . وجاء في تفسير آية الشورى ،  آي ولستم أيها المشركون فائتين من عذاب الله ، وﻻ هاربين من قضائه ، وإن هربتم من أقطارها كل مهرب .
من خلال تفسير اﻵيتين تبين أن آية العنكبوت عامة ، وآية الشورى خاطبت مشركي العرب ،  فقد جاءت اﻵية في سياق الحديث عن المشركين وذلك في قوله تعالى 

(أم يقولون افترى على  الله كذبا فإن الله يشأ الله يختم على قلبك ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلامته إنه عليم بذات الصدور) آية 24 
أما آية العنكبوت فقد جاءت في ثنايا قصة إبراهيم عليه السلام ، وما قرره قومه من إلقائه في النار ، فأنجاه الله منهم ومن مكرهم ، وجاء بعدها إهلاك اﻷمم المكذبة لرسلهم ، قوم لوط ، وقوم شعيب ، وقوم عاد ، وقوم صالح ، وكذلك قارون وفرعون وهامان ، وانتهى اﻷمر بهذه اﻵية الكريمة 
(فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به اﻷرض ومنهم من أغرقنا وماكان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) آية 40 . فلهذا ناسبت الزيادة في العنكبوت (وﻻ في السماء) ، عن آية الشورى ﻻنها جاءت في سياق الحديث عن المشركين .
والعجيب في آية العنكبوت أنها خاطبت أهل الكفر أنكم ﻻ تعجزوا الله حتى ولو صعدتم إلى السماء ، وفي عصرنا هذا صعدوا إلى السماء، بالوسائل الحديثة ، من الطائرات وغيرها . 
فسبحان من هذا كلامه !!!!!!!

أما الموضعين الذين تقدم فيهما ذكر العذاب:
( أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) [سورة المائدة 40]
وسبب التقديم في اﻵية، ما سبقها من اﻵيات، في بيان حد السرقة
( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) [سورة المائدة 38]
وأيضا قوله عز وجل في بيان حد الحرابة
( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) [سورة المائدة 33]
والموضع الثاني: قوله تعالى ( يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ ۖ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ ) [سورة العنكبوت 21]
وسبب  التقديم: حديث السورة عن بعض اﻷمم الطغاة المتجبرين، كقوم نوح، وعاد، وثمود، وفرعون، وهامان، وقارون، وما حل بهم من الهلاك والدمار ( فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ ۖ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) [سورة العنكبوت 40]
فكان تقديم العذاب مناسبا للسياق.

فسبحان من هذا كلامه !!!!!!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق