الأحد، 30 سبتمبر 2018

استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا - استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم ويزدكم قوة

من روائع البيان القرآني  : 
قوله تعالى ( وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله وإن تولوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير) سورة هود آية 3 .
وقوله تعالى في نفس السورة آية 52 
(ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم ويزدكم قوة إلى قوتكم وﻻ تتولوا مجرمين ). 
فقد اختلف جزاء اﻹستغفار في اﻵية اﻷولى عن الثانية فما سبب ذلك؟
أما اﻵية اﻷولى فقد كانت دعوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم لقومه ، وقد أرسل إلى الناس كافة ، فجاء جزاء اﻹستغفار عام لكل البشر ، فكل من يستغفر ويتوب إلى الله ويؤمن بالله ونبيه يكون هذا جزاؤه ، يبسط عليهم الدنيا ، وأسباب الرزق ما يعيشون به في أمن وسعة وخير إلى حين الموت وإنقضاء اﻵجال ، ويعطي كل ذي زيادة من إيمان وعمل صالح في الدنيا أجره ، وفي اﻵخرة ثوابه .وقد جاء قبل هذه اﻵية قوله تعالى : 
(الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن خبير )
(أﻻ تعبدوا إﻻ الله  إنني لكم منه نذير وبشير) آية 2/1 . واﻵيتين تدل على العموم فهي تتحدث عن القرأن أنه كتاب جليل القدر ، نظمت آياته نظما محكما ، ﻻ يلحقه تناقض ، ثم بينت فيه أمور الحﻻل والحرام ، من عند الله الخبير العالم بكيفيات اﻷمور ، لئلا تعبدوا إﻻ الله . 
أما اﻵية الثانية : فكانت دعوة هود لقومه ، وهي خاصة لقومه ، لذا جاء جزاء اﻹستغفار مختلف عن اﻵية اﻷولى ، فقد روي أن عادا كان حبس عنهم المطر (ثلاث سنوات) ، حتى كادوا يهلكون ، فأمرهم هود بالتوبة واﻹستغفار ، ووعدهم على ذلك بنزول الغيث والمطر .
وكان قوم هود عتاة متكبرين ، اغتروا بقوة أجسامهم وقالوا :من أشد منا قوة ؟ فجاء قوله تعالى (ويزدكم قوة إلى قوتكم ) مناسب لحالهم أي يزدكم عزا وفخارا فوق عزكم وفخركم ، قال مجاهد : شدة إلى شدتكم ، فإنهم كانوا في غاية البطش . (الطبري 58/12) .
فجاء كل جزاء مناسب في مكانه .

من روائع البيان القرآني :
قوله تعالى في سورة نوح :
(فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا) 
(يرسل السماء عليكم مدرارا)
(ويمددكم بأموال وبنين وبجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهار) 12/10
جاءت هذه في دعوة نوح لقومه ، أن يتركوا عبادة اﻷصنام ، ويعبدوا الله وحده ، وﻻيشركوا به شيئا ، فقد أطمعهم نوح عليه السلام بالحصول على بركات السماء وبركات اﻷرض ، إن هم آمنوا بالله الذي بيده مفاتيح هذه الخزائن ، وأتاهم من طريق القلب لتحريك العواطف ،  ولبيان أن ماهم فيه من انحباس اﻷمطار ، وماحرموه من الرزق والذرية ، إنما بسبب كفرهم بالله الذي بيده إرسال المطر ، وإغداق الرزق ، واﻹمداد باﻷموال والبنين . 
فجاء جزاء اﻹستغفار مناسب لحالهم كقوم هود . 
وفي سورة هود جاء في دعوة نوح قوله تعالى آية 29
(وياقوم ﻻأسئلكم عليه ماﻻ إن أجري إﻻ على الله وماأنا بطارد الذين آمنوا إنهم مﻻقوا ربهم ولكني أراكم قوما تجهلون ) .
في حين أن غيره من الرسل قالوا لقومهم (ﻻأسئلكم عليه أجرا)
أما نوح قال (ﻻأسئلكم عليه ماﻻ) ، فكان مناسبا مع حالهم .
فسبحان من هذا كلامه !!!!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق