الأحد، 24 مارس 2024

استعمال القرآن للفعل(نزل)و(أنزل)

 من روائع البيان القرآنى : (بلاغة اللفظ القرآنى) استعمال القرآن للفعل : (نزل) و(أنزل) باستقراء آيات القرآن وضح أن استعمال الفعل :(نزل) استعمل مع نزول القرآن لأنه نزل مجزءا وليس جملة واحدة أما التوراة والإنجيل لم يأت هذا اللفظ معهما وإنما استعمل القرآن لفظ : (أنزل) لأن التوراة والإنجيل نزلا جملة واحدة وإليك بيان ذلك : قوله سبحانه : (نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل...الآية )(آل عمران)(3) وقوله سبحانه :(ياأيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذى نزل على رسوله والكتابه الذى أنزل من قبل...الآية)(النساء)(136) 

ففى آل عمران استعمل مع القرآن (نزل) ومع التوراة والإنجيل استعمل(أنزل) وكذلك فى سورة النساء وأحيانا يستعمل القرآن لنزول القرآن لفظ : (أنزل) فإذا استعمل لنزول القرآن هذا اللفظ فاعلم أن المقصود به القرآن كله ففى قوله سبحانه : (شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان...الآية)(البقرة)(185) وقوله سبحانه : (إنا أنزلناه فى ليلة مباركة إنا كنا منذرين)(الدخان)(3) وقوله سبحانه : (إنا أنزلناه فى ليلة القدر)(القدر)(1) 

جاء عن ابن عباس قوله : نزل القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ فى السماء السابعة إلى بيت العزة فى السماء الدنيا جملة واحدة فى ليلة القدر ثم نزل مجزءا فى ثلاثة وعشرين سنة حسب الوقائع. أما فى قوله سبحانه : (وبالحق أنزلناه وبالحق نزل..الآية) أى وبالحق أنزلنا هذا القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم لأمر العباد ونهيهم وثوابهم وعقابهم وبالصدق والعدل والحفظ من التغيير والتبديل نزل . وقوله سبحانه : (وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا)(الإسراء)(106) أى وأنزلنا إليك-أيها الرسول- قرآنا بيناه وأحكمناه وفصلناه فارقا بين الهدى والضلال والحق والباطل لتقرأه على الناس فى تؤدة وتمهل ونزلناه مفرقا شيئا بعد شيئ على حسب الحوادث ومقتضيات الأحوال . 

فسبحان من هذا كلامه  !!!

السبت، 9 مارس 2024

واستعينوا بالصبر والصلاة

[٦/‏٣, ١١:٠٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى : سلسلة الآيات المتشابهات التى يخطئ فيها الحفاظ بالخلط بينهما : قوله سبحانه : (واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين)(45)(البقرة) وقوله سبحانه فى نفس السورة : (ياأيها الذين امنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين)(153) الخلط يحصل بين (وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين)وبين(إن الله مع الصابرين) وبالرجوع إلى سياق الآيات وتفسيرها يتضح السبب .

[٦/‏٣, ١١:١٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: انتهت الآية الأولى بالصلاة :(وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين) وناسب ذلك قوله سبحانه فى الآية قبلها : (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين)(43) أى أدوا ماوجب عليكم من الصلاة والزكاة وصلوا مع المصلين بالجماعة وفى زمرة أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم 

فذكر فى الآية الإستعانة بالصبر والصلاة ونهى الآية بالصلاة فناسبت الآية سياق الآية التى قبلها : (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين)

[٦/‏٣, ١١:٢٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: الآية الثانية أمر المؤمنين بالإستعانة بالصبر والصلاة ونهى الآية بالصبر : (إن الله مع الصابرين) وقد ناسب ذلك مابعدها من الآيات وذلك فى قوله تعالى ( ولاتقولوا لمن يقتل فى سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون)(ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين)(الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون)(أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون)(157:154) والآيات واضحة أنها تتحدث عن الصبر فناسب نهاية الآية :(إن الله مع الصابرين) سياق الآيات بعدها فجاءت كل كلمة مناسبة فى موضعها فسبحان من هذا كلامه !!! 

وإذ قال موسى لقومه

[٨/‏٣, ١١:٢١ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى : قوله سبحانه : (وإذ قال موسى لقومه ياقوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم)(54)(البقرة) وقوله سبحانه فى نفس السورة : (وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين)(67) وقوله سبحانه : (وإذ قال موسى لقومه ياقوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم مالم يؤت أحدا من العالمين)(20)(المائدة)

[٨/‏٣, ١١:٣١ م] حسن أحمد حسن سليمان: وقوله سبحانه : (وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة عليكم إذ أنجاكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب ويذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفى ذلكم بلاء من ربكم عظيم)(6)(إبراهيم) وقوله سبحانه : (وإذ قال موسى لقومه ياقوم لم تؤذوننى وقد تعلمون أنى رسول الله إليكم فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لايهدى القوم الفاسقين)(5)(الصف) زاد فى آية البقرة الأولى(54) وفى آية المائدة وآية الصف قوله : (ياقوم) 

ولم تأت فى آية البقرة الثانية(67) وآية إبراهيم فما سبب ذلك؟

[٩/‏٣, ٥:٢٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما آية البقرة فكان دعوة موسى عليه السلام لقومه بالتوبة لما عبدوا العجل ففيها استعطاف لهم وملاينة بقوله (ياقوم) فناسب سياق الآية وكذلك آية الصف (وإذ قال موسى لقومه ياقوم لم تؤذوننى) فأيضا ناسب قوله (ياقوم) حيث قال لهم لم تفعلون مايؤذينى قال القرطبى: ومن الأذى أنهم دسوا امرأة تدعى عليه الفجور ومن الأذى قولهم (اذهب أنت وربك فقاتلا) ومن الأذى قولهم(اجعل لنا إلها كما لهم آلهة)

[٩/‏٣, ٥:٣٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما آية المائدة فقد ذكرهم بنعمة الله العظمى عليهم بأن بعث فيهم أنبياء يرشدونهم إلى دينهم وعبادة ربهم وجعلهم يعيشون كالملوك لايغلبهم غالب بعد أن كانوا مملوكين لفرعون مقهورين وآتاهم من أنواع الإنعام والإكرام من فلق البحر وتظليل الغمام وإنزال المن والسلوى ونحوها فناسب قوله (ياقوم) سياق الآية أما الآيتين التى لم يذكر فيها قول(ياقوم) فآية البقرة كانت أمر الله لقوم موسى بذبح البقرة فلما كان أمرا لم يناسب ذكر (ياقوم)

[٩/‏٣, ٥:٤٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما آية سورة إبراهيم فقد ذكر فيها حين نجاهم الله من الذل والاستعباد من فرعون وزبانيته حيث كانوا يذيقونهم أسوأ أنواع العذاب ويذبحون الذكور ويستبقون الإناث على قيد الحياة مع الذل والصغار قال المفسرون : وكان سبب قتل الذكور أن الكهنة قالوا لفرعون: إن مولودا يولد فى بنى إسرائيل يكون ذهاب ملكك على يديه فأمر بقتل كل مولود فلما ذكرت الآية ماكان يتعرض له بنى إسرائيل من فرعون وقومه ناسب عدم ذكر قوله ( ياقوم) سياق الآية. فجاءت كل كلمة مناسبة فى موضعها فسبحان من هذا كلامه !!! 

الأربعاء، 6 مارس 2024

وإن تعدوا نعمة الله لاتحصوها

 [٢/‏٣, ٥:٠١ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى : قوله سبحانه : ( وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمت الله لاتحصوها إن الإنسان لظلوم كفار)(34)(إبراهيم) 

وقوله سبحانه : (وإن تعدوا نعمة الله لاتحصوها إن الله لغفور رحيم)(18)(النحل) 

قال فى الأولى : (إن الإنسان لظلوم كفار) وقال فى الثانية (إن الله لغفور رحيم) فما سبب ذلك ؟!! وبالرجوع إلى سياق الآيات وتفسير الآيتين  يتضح السبب

[٢/‏٣, ٥:٢٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: جاء قبل الآية الأولى قوله تعالى : (ألم تر إلى الذين بدلوا نعمت كفرا وأحلوا قومهم دار البوار)(جهنم يصلونها وبئس القرار)(وجعلوا لله أندادا ليضلوا عن سبيله قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار)(30:28) جاء فى تفسير اﻵيات : (ألم تر إلى الذين بدلوا نعمت الله كفرا) استفهام للتعجيب أى ألا تعجب أيها السامع من أولئك الذين غيروا نعمت الله بالكفر والتكذيب قال المفسرون : هم [كفار مكة] فقد أسكنهم الله حرمه الآمن وجعل عيشهم فى السعة وبعث فيهم محمد صلى الله عليه وسلم فلم يعرفوا قدر هذه النعمة وكفروا به وكذبوه

[٢/‏٣, ١٠:٠٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: فابتلاهم الله بالقحط والجدب أخرج البخارى فى التفسير عن ابن عباس أنه قال : هم والله كفار أهل مكة ومحمد صلى الله عليه وسلم  نعمة الله صحيح البخارى  (3/ 184) (وأحلوا قومهم دار البوار) أى أحلوهم فى جهنم يذقون سعيرها وبئست جهنم مستقرا للكافرين ( وجعلوا لله أندادا ليضلوا عن سبيله) أى جعلوا لله شركاء من الأوثان عبدوهم كعبادته ليضلوا الناس عن دين الله ووضح من تفسير الآيتين مناسبة انتهاء الآية  بقوله ( إن الإنسان لظلوم كفار)

[٦/‏٣, ١٠:٢٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما الآية الثانية جاءت بعد ذكر عدد من النعم التى أنعم الله بها على عباده بداية من نعمة خلق السموات والأرض وخلق الإنسان وخلق الأنعام وكذلك الخيل والبغال والحمير ونزول الماء من السماء أنزله عذبا فراتا ليشرب منه الإنسان وأخرج منه شجرا إلى آخر ماذكره الله من النعم فى هذه السورة الكريمة وقال القرطبى فى تفسيره : تسمى سورة النحل (سورة النعم) لكثرة ماعدد الله فيها من نعمه على عباده وقال الشيخ السعدى فى تفسيره : هذه السورة تسمى(سورة النعم) فإن الله ذكر فى أولها أصول النعم وقواعدها وفى آخرها متمماتها ومكملاتها

[٦/‏٣, ١٠:٤٠ م] حسن أحمد حسن سليمان: فناسب قوله سبحانه :(إن الله لغفور رحيم) نهاية الآية جاء فى تفسير اﻵية :(وإن تعدوا نعمة الله لاتحصوها) أى إن تعدوا نعم الله الفائضة عليكم لاتضبطوا عددها فضلا عن أن تطيقوا شكرها(إن الله لغفور رحيم) يرضى منكم باليسير من الشكر مع إنعامه الكثير .

ويمكن القول للجمع بين الآيتين أن الله جل وعلا غفور رحيم لظلم الإنسان يقبل منه اليسير من الشكر ويعطيه الكثير من النعم فجاءت كل كلمة مناسبة فى موضعها فسبحان من هذا كلامه !!!