[٢٨/١٢, ٤:٠٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى :(بلاغة اللفظ القرآنى) استعمال القرآن للاسم الموصول(الذى) و (ما) وهى بمعنى الذى
الذى اسم موصول يسمونه (مختص) ويسمونه (نص) أيضا لأنه يختص بالمفرد المذكر تحديدا أما (ما) مشتركة هى و (من) يستعمل للمذكر والمؤنث ويستعمل للمفرد والمثنى والجمع وبهذا يقولون أن (الذى) أعرف من (ما) إذن الأسماء الموصولة كالضمائر بعضها أعرف من بعض ويتضح ذلك من خلال استعراض آيات القرآن فى قوله سبحانه : (شرع لكم من الدين ماوصى به نوحا والذى أوحينا إليك وماوصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولاتتفرقوا فيه...الآية)(الشورى)(13)
[٢٨/١٢, ٤:٠٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: فقد جاء جميع الرسل والأنبياء بأمر واحد وهو عبادة الله وحده لا شريك له أما تفاصيل الأحكام والشريعة فكل مناسب مع حالهم والأحكام والتفاصيل الخاصة بكل نبى قد نعرف بعضها وأكثرها لانعرفه لذلك استعمل معهم(ما) ومع شرع النبى صلى الله عليه وسلم استعمل (الذى) لأن شرع النبى وهو القرآن والسنة معروفان وهذا يبين أن (الذى) أعرف من(ما) وقد خصت الآية هؤلاء الأنبياء بالذكر وهم محمد صلى الله عليه وسلم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام لأنهم أكابر الأنبياء وأولوا العزم وأصحاب الشرائع العظيمة فلكل واحد من هؤلاء الرسل شرع جديد وأما من عداهم فقد كان يبعث بتبليغ شرع من قبله.
[٢٨/١٢, ٤:١١ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه فى قصة صالح عليه السلام فى سورة الأعراف : (قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه قالوا إنا بما أرسل به مؤمنون)(قال الذين استكبروا إنا بالذى آمنتم به كافرون)(فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا ياصالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين)(فأخذتهم الرجفة فأصبحوا فى دارهم جاثمين)(فتولى عنهم وقال ياقوم لقد أبلغتكم رسالة ربى ونصحت لكم ولكن لاتحبون الناصحين)(79:75)
[٢٨/١٢, ٤:١١ م] حسن أحمد حسن سليمان: قال المستضعفون الذين آمنوا : (إنا بما أرسل به مؤمنون) وهو رد فى منتهى القوة رغم ضعفهم وكان المفروض أن يجيبوا على السؤال نعلم أنه مرسل من ربه قال أبوحيان: وعدولهم عن قولهم (هو مرسل) إلى قولهم(إنا بما أرسل به مؤمنون) فى غاية الحسن إذ أمر رسالته معلوم واضح مسلم لايدخله ريب وفى قولهم تسليم وخضوع لربهم سواء عرفوا ماجاء به صالح أم لم يعرفوه لذلك قالوا (إنا بما أرسل به مؤمنون) فقالوا(ما) فهذا يدل على خضوعهم لربهم وإيمانهم
[٢٨/١٢, ٤:١٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: وكان رد المستكبرين : (قال الذين استكبروا إنا بالذى آمنتم به كافرون) بمعنى أننا أعرف منكم بما جاء به صالح ولكننا كفرنا بما صدقتم به من نبوة صالح وهذا يدل على استكبارهم وعنادهم لذلك نحروا الناقة واستكبروا عن امتثال أمر الله وقالوا ياصالح جئنا بما تعدنا من العذاب الذى تخوفنا به إن كنت حقا رسولا!! قالوا ذلك استهزاء به وتعجيزا فدل استعمال (الذى) التى هى أعرف من (ما) مع المستكبرين على عنادهم وجحودهم واستعمال(ما) مع المؤمنين على تسليمهم وإيمانهم
[٢٨/١٢, ٤:١٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: ومما جاء به القرآن فى استعمال(الذى)و (ما) استعمال(الذى) التى هى أعرف من(ما) فى الأمور العظيمة وإليك بيان ذلك فى قوله سبحانه : (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذى جاءك من العلم مالك من الله من ولى ولانصير)(120)(البقرة) وقوله سبحانه : (وكذلك أنزلناه حكما عربيا ولئن اتبعت أهواءهم بعد ماجاءك من العلم مالك من الله من ولى ولاواق)(37)(الرعد) فى آية البقرة قال (بعد الذى) وفى الرعد قال (بعد ما)
[٢٨/١٢, ٤:١٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: والمقصود فى الآيتين تحذير الأمة من اتباع أهواء الناس لأن المعصوم وهو النبى صلى الله عليه وسلم إذا خوطب بمثل ذلك كان الغرض تحذير الناس ولأن اتباع أهواء الناس أمر عظيم وجد خطير فخاطب به النبى صلى الله عليه وسلم وهو مستحيل عليه ذلك قال القرطبى : الخطاب للنبى صلى الله عليه وسلم والمراد الأمة تفسير القرطبى(9 /327) فلما كان الأمر عظيم فى البقرة استعمل(الذى) وهو اليهود والنصارى لن ترضى عنك حتى تترك الإسلام وهو دين الحق وتتبع دينهم الأعوج قل لهم يامحمد : إن الإسلام هو دين الحق وماعداه فهو ضلال
[٢٨/١٢, ٤:١٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: (ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذى جاءك من العلم مالك من الله من ولى ولانصير) أى ولئن سايرتهم على آرائهم الزائفة وأهوائهم الفاسدة بعدما ظهر لك الحق بالبراهين الساطعة والحجج القاطعة ليس لك من يحفظك أو يدفع عنك عقابه الأليم
أما فى الرعد فكان الحديث عن نزول القرآن : (وكذلك أنزلناه حكما عربيا ولئن اتبعت أهواءهم بعد ماجاءك من العلم مالك من الله من ولى ولاواق) أى ومثل إنزال الكتب السابقة أنزلنا هذا القرآن بلغة العرب لتحكم بين الناس بالعدل ولئن اتبعت المشركين فيما يدعونك إليه من الأهواء والأراء بعد ماآتاك الله من الحجج والبراهين ليس لك ناصر ينصرك أو يقيك من عذاب الله
[٢٨/١٢, ٥:٠٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: تتمة لهذه الرسالة : جاء قوله سبحانه : (ولئن اتبعت أهواءهم) فى ثلاث مواضع فى القرآن وإليك بيانها : (ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذى جاءك من العلم مالك من الله من ولى ولانصير)(120)(البقرة) وقوله سبحانه فى نفس السورة : (ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ماجاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين)(145)
وموضع الرعد : (ولئن اتبعت أهواءهم بعد ماجاءك من العلم مالك من الله من ولى ولاواق)(37) وتكرار الآية ثلاث مرات يدلك على عظم الأمر وهو اتباع الهوى سواء هوى النفس أو اتباع أهواء الناس وأنه مدمر للأمة ومفضى إلى عذاب الله فى الدنيا والآخرة ومن حسن ختم هذه الرسالة تنبيه مهم جدا وهو أن هذه الآيات الثلاث عند قراءتها لابد من قراءتها من أولها إلى آخرها
[٢٨/١٢, ٥:٠٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: فلو انقطع النفس لابد من الرجوع من بدايتها :(ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذى جاءك من العلم مالك من الله من ولى ولانصير) فهل يجوز الابتداء من قوله (مالك من الله من ولى ولانصير) فهذا خطاب للنبى صلى الله عليه وسلم فهذا ابتداء قبيح جدا والآيات فيها شرط وهو (ولئن اتبعت أهواءهم) إذا لابد أن تقرأ الآية من أولها إلى آخرها حتى يتم المعنى
وكذلك فى الموضع الثانى لايجوز الابتداء بقوله :(إنك إذا لمن الظالمين) وكذلك موضع الرعد لايجوز الابتداء بقوله:(مالك من الله من ولى ولاواق) فهذا ابتداء قبيح جدا فانتبه رحمك الله . فسبحان من هذا كلامه !!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق