الخميس، 3 أبريل 2025

(ومن أحسن دينا)(ومن أحسن قولا)

 [٣/‏٤, ٦:٣٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى  : (من الآيات المتشابهات التى يحصل فيها الخلط بينها من الحفاظ) قوله سبحانه فى سورة النساء : (ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا)(125) وقوله سبحانه فى سورة فصلت : (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إننى من المسلمين)(33) الخلط يحصل بين (ومن أحسن دينا) و (ومن أحسن قولا) وبالرجوع إلى سياق الآيات وتفسير الآيتين يتضح الفرق بين الموضعين .

[٣/‏٤, ٦:٣٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما موضع سورة النساء فقد جاء فى ثنايا الحديث عن العمل الصالح والإيمان وثواب العمل الصالح مع الإيمان وهو دخول الجنة وهذا هو الدين ، وهو انقياد العبد لأمر الله وشرعه وإخلاصه العبادة لله ، وذلك فى قوله سبحانه : (والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا وعد الله حقا ومن أصدق من الله قيلا)(122) ، وقوله سبحانه : ( ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا)(124) ثم جاءت اﻵية موضع الرسالة : ( ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا)

[٣/‏٤, ٦:٣٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: أى : لا أحد أحسن دينا ممن انقاد لأمر الله وشرعه ، وأخلص عمله لله وهو مطيع لله مجتنب لنواهيه ، واتبع الدين الذى كان عليه (إبراهيم) خليل الرحمن ، مستقيما على منهاجه وسبيله ، وهو دين الإسلام(واتخذ الله إبراهيم خليلا) أى : صفيا اصطفاه لمحبته وخلته . قال ابن كثير : فإنه انتهى إلى درجة الخلة التى هى أرفع مقامات المحبة ، وماذاك إلا لكثرة طاعة ربه . وبعد عرض تفسير اﻵية ، والسياق التى جاءت فيه تبين مناسبة الآية فى سياقها  .

[٣/‏٤, ٦:٣٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما آية سورة فصلت : (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إننى من المسلمين) أى : دعا إلى توحيد الله وطاعته ، بقوله وفعله وحاله ، وفعل الصالحات ، وجعل الإسلام دينه ومذهبه ، قال ابن كثير : وهذه الآية عامة فى كل من دعا إلى خير وهو فى نفسه مهتد . وقد ناسبت الآية السياق الذى جاءت فيه ، فقد جاءت فى ثنايا آيات تتحدث عن أقوال الكافرين المتكبرين كقوم عاد ، وعن أقوال أهل النار ، وكذلك قول  المؤمنين عند موتهم ، وإليك بيان ذلك من خلال استعراض الآيات فى السورة .

[٣/‏٤, ٦:٣٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه : (وقالوا قلوبنا فى أكنة مما تدعونا إليه وفى آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فاعمل إننا عاملون)(5)  أى : وقال المشركون للرسول صلى الله عليه وسلم حين دعاهم إلى الإيمان : قلوبنا فى أغطية متكاثفة ، لايصل إليها شئ مما تدعونا إليه من التوحيد والإيمان ، وفى آذاننا صمم وثقل ، يمنعنا من فهم ماتقول ، وبيننا وبينك يا محمد حاجز يمنع أن يصل إلينا شيئ مما تقول ، فنحن معذرون فى عدم اتباعك ، لوجود المانع من جهتنا وجهتك ، فاعمل أنت على طريقتك ، ونحن على طريقتنا ، استمر على دينك فإنا مستمرون على ديننا .

[٣/‏٤, ٦:٣٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: وجاء عن قوم عاد فى بيان كبرهم وعنادهم قوله سبحانه : (فأما عاد فاستكبروا فى الأرض بغير الحق  وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذى خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون)(15) فهم بغوا وعتوا وعصوا ، وتكبروا على نبى الله( هود) ومن آمن معه ، بغير استحقاق للتعظم والاستعلاء ، وقالوا اغترارا بقوتهم لما خوفهم بالعذاب : لاأحد أقوى منا فنحن نستطيع أن ندفع العذاب عن أنفسنا بفضل قوتنا ، فاستحقوا العذاب فأرسل الله عليهم ريحا باردة شديدة البرد ، وشديدة الصوت والهبوب فأهلكتهم .

[٣/‏٤, ٦:٣٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: وجاءت الآيات فى السورة كثيرة ومنها : (وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذى أنطق كل شيئ وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون)(21)  وقوله سبحانه : (وقال الذين كفروا لاتسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون)(26)  وقوله سبحانه : (وقال الذين كفروا ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين)(إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولاتحزنوا وأبشروا بالجنة التى كنتم توعدون)(30:29)

[٣/‏٤, ٦:٣٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: وهذه الآية : هى بشرى الملائكة للمؤمن عند حضور أجله ، فتنزل عليه ملائكة الرحمة تبشره بالجنة ، وأن لا يخاف مما يقدم عليه من أحوال القيامة ، وأن لايحزن على ماخلفه فى الدنيا من أهل ومال وولد ، فنحن (أى الملائكة) نخلفكم فيه . قال المفسرون : إن الملائكة تتنزل حين الاحتضار على المؤمنين بهذه البشارة ، أن لا تخافوا هول الموت ، ولا من هول القبر ، وشدائد يوم القيامة . فجاءت كل آية مناسبة فى موضعها . فسبحان من هذا كلامه !!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق