الأربعاء، 2 أبريل 2025

(أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم)

 [١٩/‏٢, ١٢:١٩ ص] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى : 

(بلاغة اللفظ القرآنى) قوله سبحانه فى سورة يونس : (أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم قال الكافرون إن هذا لساحر مبين)(2)  انفرد هذا الموضع بعدم ذكر : (وعملوا الصالحات ) فقد جاء فى  القرآن الكريم  : (الذين آمنوا وعملوا الصالحات) فى حوالى اثنين وخمسين موضعا 

من ذلك قوله سبحانه فى سورة البقرة : (وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار....الآية)(25) وقوله سبحانه فى نفس السورة : (والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون)(82)

[١٩/‏٢, ١١:٢٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: فما سبب انفراد موضع سورة يونس بعدم ذكر : (وعملوا الصالحات) وبالرجوع إلى تفسير اﻵية وسياق الآيات يتبين الأمر : جاء فى تفسير الآية : أكان عجبا لأهل مكة وحينا إلى رجل منهم هو (محمد) صلى الله عليه وسلم ؟ والهمزة للإنكار أى لاعجب فى ذلك فهى عادة الله فى الأمم السالفة ، أوحى إلى رسلهم ليبلغوهم رسالة الله (أن أنذر الناس) أى أوحينا إليه بأن خوف الكفار عذاب النار (وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم) أى وأن بشر المؤمنين بأن لهم سابقة ومنزلة رفيعة عند ربهم بما قدموا من صالح الأعمال.

[١٩/‏٢, ١١:٣٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: فمعنى (قدم صدق عند ربهم ) أى سابقة ومنزلة رفيعة عند ربهم بما قدموا من صالح الأعمال ، فمعنى الآية متضمن الأعمال الصالحة ، فناسب ذلك عدم ذكر (وعملوا الصالحات) ، الأمر الآخر قوله سبحانه : (أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم) فالآية متضمنة معنى بدء الوحى إلى النبى صلى الله عليه وسلم وبدء الرسالة ، وذلك قبل الأمر بالتكاليف الشرعية من صلاة وزكاة وصيام وحج وغيرها من العبادات ، وذلك فى المرحلة المكية ، فلا مجال للأعمال الصالحة ، فكانت مرحلة الإيمان بالله ورسوله ، فناسب ذلك عدم ذكر ( وعملوا الصالحات) .

[١٩/‏٢, ١١:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: وسورة يونس من السور المكية التى تعنى بأصول العقيدة الإسلامية (الإيمان بالله تعالى ، والإيمان بالكتب ، والرسل ، والبعث والجزاء) وهى تتميز بطابع التوجيه إلى الإيمان بالرسالات السماوية ، وبوجه أخص إلى (القرآن العظيم) خاتمة الكتب المنزلة ، والمعجزة الخالدة على مدى العصور والدهور لسيد الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم . وجاءت الآيات تبين حقيقة(الألوهية) و (العبودية) ، وأساس الصلة بين الخالق والمخلوق ، وعرفت الناس بربهم الحق الذى ينبغى أن يعبدوه .

[٢٠/‏٢, ١٢:١٢ ص] حسن أحمد حسن سليمان: وجاءت الآية : (إن ربكم الله الذى خلق السموات واﻷرض فى ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون)(3) جاءت الآية تعرف الناس بربهم الحق الذى ينبغى أن يعبدوه ، وأن يسلموا وجوههم إليه ، فهو الخالق الرازق ، المحيى المميت ، المدبر الحكيم ، فهو الذى ينبغى أن تفردوه بالعبادة ، هو الذى أوجد السموات والأرض ، وأنشأ خلقهما على غير مثال سابق . فناسبت الآية ، الآية السابقة بعدم ذكر (وعملوا الصالحات) لأن الله فى هذه الآية ذكر أنه خالق الناس ومالكهم ، ومصلح أمورهم ومدبرها ، وقد دعاهم لعبادته ، لأنه المستحق للعبادة بما أنعم عليهم من النعم العظيمة .

[٢٠/‏٢, ١١:٠٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: وانتقلت السورة لتعريف الناس بصفات الإله الحق ، بذكر آثار قدرته ورحمته ، الدالة على التدبير الحكيم ، ومافى هذا الكون المنظور من آثار القدرة الباهرة ، التى هى أوضح البراهين على عظمة الله وجلاله وسلطانه . وذلك فى الآيات : (قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحى من الميت ويخرج الميت من الحى ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون)(فذالكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون)(32:31)

[٢٠/‏٢, ١١:١٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: ثم مضت السورة تقيم على المشركين الحجة بعد الحجة ، لعلهم يؤمنون بربهم ويعبدوه ، ويتركوا عبادة الأصنام والأوثان وذلك فى الآيات : (قل هل من شركائكم من يبدؤا الخلق ثم يعيده قل الله يبدؤا الخلق ثم يعيده فأنى تؤفكون)(قل هل من شركائكم من يهدى إلى الحق قل الله يهدى إلى الحق أفمن يهدى إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدى إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون)(35:34) أى : قل لهم يامحمد على جهة التوبيخ والتقريع : هل من الأوثان والأصنام من ينشئ الخلق من العدم ثم يفنيه ، ثم يعيده ويحييه ؟

[٢٠/‏٢, ١١:٢٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: قال الطبرى : ولما كانوا لايقدرون على دعوى ذلك ، وفيه الحجة القاطعة ، والدلالة الواضحة على أنهم فى دعوى الأرباب كاذبون مفترون ، أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بالجواب (قل الله يبدأ الخلق ثم يعيده) أى : قل لهم يامحمد : الله وحده هو الذى يحيى ويميت ، ويبدأ الخلق ويعيده ( فأنى تؤفكون) اى : فكيف تنقلبون وتنصرفون عن الحق إلى الباطل . كذلك فى الآية الثانية : توبيخ آخر فى صورة الاستفهام أى : قل لهؤلاء المشركين: هل من هذه الآلهة من يرشد الضال ؟ أو يهدى الحائر .

[٢٢/‏٢, ١٠:٥٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: وبعد استعراض تفسير الآيات وسياقها يتبين أن عدم ذكر : (وعملوا الصالحات) فى الآية : (وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم ) تناسب مع سياق الآيات ، حيث أن معنى قدم صدق : سابقة ومنزلة رفيعة عند ربهم بما قدموا من صالح الأعمال ، فمعنى الآية متضمن الأعمال الصالحة ، وكذلك فى ثنايا الآية معنى بدء الوحى فى قوله سبحانه : (أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم) ، والآية التى بعدها فى تعريف الناس بربهم وأنه خالقهم ومالكهم ومدبر أمورهم ، فهو المستحق للعبادة وحده ، فناسب ذلك عدم ذكر : (وعملوا الصالحات) سياق الآيات .

فسبحان من هذا كلامه !!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق