[٤/٤, ٧:٤٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى : (من الآيات المتشابهات التى يحصل فيها الخلط بينها من الحفاظ) قوله سبحانه فى سورة التوبة : (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون)(هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون)(33:32) وقوله سبحانه فى سورة الصف : (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون)(هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون)(8:7)
[٤/٤, ٩:٥٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: الخلط يحصل بين : (ولو كره الكافرون) و (ولو كره المشركون) ، وبين :( أن يطفئوا)و(ليطفئوا) ، وبين : (ويأبى الله إلا أن يتم نوره) و (والله متم نوره) . ومن خلال استعراض تفسير الآيات وسياقها يتبين الفرق بين الموضعين . أما آية سورة التوبة جاءت بعد الآيات : (وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون)(اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وماأمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون)(31:30)
[٤/٤, ١٠:١٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: وجاءت الآيتين بعد أمر الله بقتال أهل الكتاب وذلك فى قوله سبحانه : (قاتلوا الذين لايؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولايحرمون ماحرم الله ورسوله حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) فذكر فى الآيتين سبب الأمر بقتالهم بأن فرقة منهم قالوا عزير ابن الله ، وقول النصارى المسيح ابن الله ، وكذلك اتخاذهم علمائهم وعبادهم أربابا من دون الله ، يحلون لهم ماحرم الله فيحلونه ، ويحرمون لهم ماأحل الله فيحرمونه ويشرعون لهم من الشرائع والأقوال الباطلة المنافية لدين الرسل .
[٤/٤, ١٠:٢٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: وهم بأقوالهم الباطلة فى عزير وعيسى واتخاذهم أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ، أرادوا بذلك أن يطفئوا نور الله ، ونور الله دينه الذى أرسل به الرسل وأنزل به الكتب ، وسماه الله نورا لأنه يستنار به فى ظلمات الجهل ، فإنه علم بالحق وعمل بالحق . وهذا الأمر عام فى كل أهل الكفر والضلال من اليهود والنصارى والمشركين ، فناسبت نهاية الآية : (ولو كره الكافرون) أما الآية الثانية : (هو الذى أرسل رسوله بالهدى...الآية) فهى تتحدث عن إرسال النبى صلى الله عليه وسلم فهو ابتداءا أرسله الله إلى مشركى العرب من أهل مكة ، وهو النبى الخاتم أرسله الله للناس كافة ، فلما كان الحديث عن إرساله ناسبت نهاية الآية : (ولو كره المشركون) حيث كانت بداية دعوته لمشركى العرب من أهل مكة .
[٤/٤, ١١:١٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما قوله سبحانه : (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون) فقد ناسب سياق الآيات التى تحدثت عن أقوال اليهود والنصارى الباطلة فى عزير وعيسى واتخاذهم أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ، أرادوا بذلك إبطال دين الله الذى جاء به محمد صلى الله عليه وسلم . فإن (أن يطفئوا) تفيد الاستقبال ، ويأبى الله إلا أن يحبط مخططاتهم وتدبيراتهم ويعلى دينه ، ويظهر كلمته ، ويتم الحق الذى بعث به رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، ويكره الكافرون أن يمتد نور الإسلام ويعم .
[٥/٤, ١١:٠٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: فى سورة الصف جاءت اﻵيتين بعد قوله سبحانه :( وإذ قال عيسى ابن مريم يابنى إسرائيل إنى رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدى من التوراة ومبشرا برسول يأتى من بعدى اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين)(ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام والله لايهدى القوم الظالمين)(7:6) والآية تتحدث عن بشارة عيسى عليه السلام بالنبى الخاتم وهو محمد صلى الله عليه وسلم ، فهو أحمد لكثرة حمده لله ، وجمعه للفضائل والمحاسن والأخلاق التى يحمد بها ، فلما جاءهم قالوا : هذا سحر مبين
[٥/٤, ١١:١٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: وهذا من أعجب العجائب ، الرسول الذى وضحت رسالته وصارت أبين من شمس النهار ، يرمى بالسحر ، وتكذبيهم به إنما كان حقدا وعنادا أنه جاء من ولد إسماعيل ، وكان يأملون أن يكون من بنى إسرائيل ، فكان تكذبيهم بأصل الرسالة ومحاولة هدمها قبل أن تولد ، فالأمر أشد مما جاء فى سورة التوبة ، فجاء قوله تعالى : (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون) مناسب مع سياق الآيتين ، حيث جاءت اللام فى : (ليطفئوا)مؤكدة ، وكذلك : (والله متم نوره) بالاسم مناسب ، لأن الإسم أثبت وأقوى من الفعل .
[٥/٤, ١١:٢٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: وقد اختلف القراء العشرة فى قوله سبحانه:(والله متم نوره) فقد قرأ حفص عن عاصم وحمزة والكسائي وخلف الكوفيون وابن كثير المكي بضم الميم وكسر الراء ، وقرأ الباقون وهم شعبة عن عاصم الكوفى ونافع وأبو جعفر المدنيان وابن عامر الشامي وابو عمرو ويعقوب البصريان بالتنوين فى الميم وفتح الراء فجاءت بالتأكيد فناسبت سياق الآيات . وجاءت الآية فى سورة البقرة تبين هذا الأمر جلى :(ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ماعرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين)(89) فكان اليهود قبل مبعث النبى صلى الله عليه وسلم يطلبون من الله النصر على مشركى العرب بالنبى العربى المبعوث فى آخر الزمان
[٥/٤, ١١:٣٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: فلما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم الذى عرفوا صفته معرفة تامة ، كفروا برسالته صلى الله عليه وسلم ، وأعرضوا عن دعوته بغيا وحسدا ، لأنه لم يأتى من بنى إسرائيل ، بل جاء من العرب أولاد عمهم إسماعيل، وهم يعلمون صدق رسالته ، فبئس مافعلوه ، فرجعوا بغضب على غضب . كما جاء فى قوله سبحانه : (بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده فباءو بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين)(90) . فجاءت كل كلمة مناسبة فى موضعها فسبحان من هذا كلامه !!!