الاثنين، 14 أبريل 2025

(ويأبى الله إلا أن يتم نوره)(والله متم نوره)

 [٤/‏٤, ٧:٤٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى : (من الآيات المتشابهات التى يحصل فيها الخلط بينها من الحفاظ) قوله سبحانه فى سورة التوبة : (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون)(هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون)(33:32) وقوله سبحانه فى سورة الصف : (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون)(هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون)(8:7)

[٤/‏٤, ٩:٥٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: الخلط يحصل بين : (ولو كره الكافرون) و (ولو كره المشركون) ، وبين :( أن يطفئوا)و(ليطفئوا) ، وبين : (ويأبى الله إلا أن يتم نوره) و (والله متم نوره) . ومن خلال استعراض تفسير الآيات وسياقها يتبين الفرق بين الموضعين . أما آية سورة التوبة جاءت بعد الآيات : (وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون)(اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وماأمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون)(31:30)

[٤/‏٤, ١٠:١٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: وجاءت الآيتين بعد أمر الله بقتال أهل الكتاب وذلك فى قوله سبحانه : (قاتلوا الذين لايؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولايحرمون ماحرم الله ورسوله حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) فذكر فى الآيتين سبب الأمر بقتالهم بأن فرقة منهم قالوا عزير ابن الله ، وقول النصارى المسيح ابن الله ، وكذلك اتخاذهم علمائهم وعبادهم أربابا من دون الله ، يحلون لهم ماحرم الله فيحلونه ، ويحرمون لهم ماأحل الله فيحرمونه ويشرعون لهم من الشرائع والأقوال الباطلة المنافية لدين الرسل .

[٤/‏٤, ١٠:٢٢ م] حسن أحمد حسن سليمان: وهم بأقوالهم الباطلة فى عزير وعيسى واتخاذهم أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ، أرادوا بذلك أن يطفئوا نور الله ، ونور الله دينه الذى أرسل به الرسل وأنزل به الكتب ، وسماه الله نورا لأنه يستنار به فى ظلمات الجهل  ، فإنه علم بالحق وعمل بالحق . وهذا الأمر عام فى كل أهل الكفر والضلال من اليهود والنصارى والمشركين ، فناسبت نهاية الآية : (ولو كره الكافرون) أما الآية الثانية : (هو الذى أرسل رسوله بالهدى...الآية) فهى تتحدث عن إرسال النبى صلى الله عليه وسلم فهو ابتداءا أرسله الله إلى مشركى العرب من أهل مكة ، وهو النبى الخاتم أرسله الله للناس كافة ، فلما كان الحديث عن إرساله ناسبت نهاية الآية : (ولو كره المشركون) حيث كانت بداية دعوته لمشركى العرب من أهل مكة .

[٤/‏٤, ١١:١٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما قوله سبحانه : (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون) فقد ناسب سياق الآيات التى تحدثت عن أقوال اليهود والنصارى الباطلة فى عزير وعيسى واتخاذهم أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ، أرادوا بذلك إبطال دين الله الذى جاء به محمد صلى الله عليه وسلم . فإن (أن يطفئوا) تفيد الاستقبال ، ويأبى الله إلا أن يحبط مخططاتهم وتدبيراتهم ويعلى دينه ، ويظهر كلمته ، ويتم الحق الذى بعث به رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، ويكره الكافرون أن يمتد نور الإسلام ويعم .

[٥/‏٤, ١١:٠٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: فى سورة الصف جاءت اﻵيتين بعد قوله سبحانه :( وإذ قال عيسى ابن مريم يابنى إسرائيل إنى رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدى من التوراة ومبشرا برسول يأتى من بعدى اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين)(ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام والله لايهدى القوم الظالمين)(7:6) والآية تتحدث عن بشارة عيسى عليه السلام بالنبى الخاتم وهو محمد صلى الله عليه وسلم ، فهو أحمد لكثرة حمده لله ، وجمعه للفضائل والمحاسن والأخلاق التى يحمد بها ، فلما جاءهم قالوا : هذا سحر مبين

[٥/‏٤, ١١:١٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: وهذا من أعجب العجائب ، الرسول الذى وضحت رسالته وصارت أبين من شمس النهار ، يرمى بالسحر ، وتكذبيهم به إنما كان حقدا وعنادا أنه جاء من ولد إسماعيل ، وكان يأملون أن يكون من بنى إسرائيل ، فكان تكذبيهم بأصل الرسالة ومحاولة هدمها قبل أن تولد ، فالأمر أشد مما جاء فى سورة التوبة ، فجاء قوله تعالى : (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون) مناسب مع سياق الآيتين ، حيث جاءت اللام فى : (ليطفئوا)مؤكدة ، وكذلك : (والله متم نوره) بالاسم مناسب ، لأن الإسم أثبت وأقوى من الفعل .

[٥/‏٤, ١١:٢٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: وقد اختلف القراء العشرة فى قوله سبحانه:(والله متم نوره) فقد قرأ حفص عن عاصم  وحمزة والكسائي وخلف الكوفيون وابن كثير المكي  بضم الميم وكسر الراء ، وقرأ الباقون وهم شعبة عن عاصم الكوفى ونافع وأبو جعفر المدنيان وابن عامر الشامي وابو عمرو ويعقوب البصريان  بالتنوين فى الميم وفتح الراء فجاءت بالتأكيد فناسبت سياق الآيات . وجاءت الآية فى سورة البقرة تبين هذا الأمر جلى :(ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ماعرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين)(89) فكان اليهود قبل مبعث النبى صلى الله عليه وسلم يطلبون من الله النصر على مشركى العرب بالنبى العربى المبعوث فى آخر الزمان

[٥/‏٤, ١١:٣٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: فلما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم الذى عرفوا صفته معرفة تامة ، كفروا برسالته صلى الله عليه وسلم ، وأعرضوا عن دعوته بغيا وحسدا ، لأنه لم يأتى من بنى إسرائيل ، بل جاء من العرب أولاد عمهم إسماعيل، وهم يعلمون صدق رسالته ، فبئس مافعلوه ، فرجعوا بغضب على غضب . كما جاء فى قوله سبحانه : (بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده فباءو بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين)(90) . فجاءت كل كلمة مناسبة فى موضعها فسبحان من هذا كلامه !!!

الخميس، 3 أبريل 2025

(ومن أحسن دينا)(ومن أحسن قولا)

 [٣/‏٤, ٦:٣٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى  : (من الآيات المتشابهات التى يحصل فيها الخلط بينها من الحفاظ) قوله سبحانه فى سورة النساء : (ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا)(125) وقوله سبحانه فى سورة فصلت : (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إننى من المسلمين)(33) الخلط يحصل بين (ومن أحسن دينا) و (ومن أحسن قولا) وبالرجوع إلى سياق الآيات وتفسير الآيتين يتضح الفرق بين الموضعين .

[٣/‏٤, ٦:٣٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما موضع سورة النساء فقد جاء فى ثنايا الحديث عن العمل الصالح والإيمان وثواب العمل الصالح مع الإيمان وهو دخول الجنة وهذا هو الدين ، وهو انقياد العبد لأمر الله وشرعه وإخلاصه العبادة لله ، وذلك فى قوله سبحانه : (والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا وعد الله حقا ومن أصدق من الله قيلا)(122) ، وقوله سبحانه : ( ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا)(124) ثم جاءت اﻵية موضع الرسالة : ( ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا)

[٣/‏٤, ٦:٣٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: أى : لا أحد أحسن دينا ممن انقاد لأمر الله وشرعه ، وأخلص عمله لله وهو مطيع لله مجتنب لنواهيه ، واتبع الدين الذى كان عليه (إبراهيم) خليل الرحمن ، مستقيما على منهاجه وسبيله ، وهو دين الإسلام(واتخذ الله إبراهيم خليلا) أى : صفيا اصطفاه لمحبته وخلته . قال ابن كثير : فإنه انتهى إلى درجة الخلة التى هى أرفع مقامات المحبة ، وماذاك إلا لكثرة طاعة ربه . وبعد عرض تفسير اﻵية ، والسياق التى جاءت فيه تبين مناسبة الآية فى سياقها  .

[٣/‏٤, ٦:٣٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما آية سورة فصلت : (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إننى من المسلمين) أى : دعا إلى توحيد الله وطاعته ، بقوله وفعله وحاله ، وفعل الصالحات ، وجعل الإسلام دينه ومذهبه ، قال ابن كثير : وهذه الآية عامة فى كل من دعا إلى خير وهو فى نفسه مهتد . وقد ناسبت الآية السياق الذى جاءت فيه ، فقد جاءت فى ثنايا آيات تتحدث عن أقوال الكافرين المتكبرين كقوم عاد ، وعن أقوال أهل النار ، وكذلك قول  المؤمنين عند موتهم ، وإليك بيان ذلك من خلال استعراض الآيات فى السورة .

[٣/‏٤, ٦:٣٦ م] حسن أحمد حسن سليمان: قوله سبحانه : (وقالوا قلوبنا فى أكنة مما تدعونا إليه وفى آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فاعمل إننا عاملون)(5)  أى : وقال المشركون للرسول صلى الله عليه وسلم حين دعاهم إلى الإيمان : قلوبنا فى أغطية متكاثفة ، لايصل إليها شئ مما تدعونا إليه من التوحيد والإيمان ، وفى آذاننا صمم وثقل ، يمنعنا من فهم ماتقول ، وبيننا وبينك يا محمد حاجز يمنع أن يصل إلينا شيئ مما تقول ، فنحن معذرون فى عدم اتباعك ، لوجود المانع من جهتنا وجهتك ، فاعمل أنت على طريقتك ، ونحن على طريقتنا ، استمر على دينك فإنا مستمرون على ديننا .

[٣/‏٤, ٦:٣٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: وجاء عن قوم عاد فى بيان كبرهم وعنادهم قوله سبحانه : (فأما عاد فاستكبروا فى الأرض بغير الحق  وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذى خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون)(15) فهم بغوا وعتوا وعصوا ، وتكبروا على نبى الله( هود) ومن آمن معه ، بغير استحقاق للتعظم والاستعلاء ، وقالوا اغترارا بقوتهم لما خوفهم بالعذاب : لاأحد أقوى منا فنحن نستطيع أن ندفع العذاب عن أنفسنا بفضل قوتنا ، فاستحقوا العذاب فأرسل الله عليهم ريحا باردة شديدة البرد ، وشديدة الصوت والهبوب فأهلكتهم .

[٣/‏٤, ٦:٣٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: وجاءت الآيات فى السورة كثيرة ومنها : (وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذى أنطق كل شيئ وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون)(21)  وقوله سبحانه : (وقال الذين كفروا لاتسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون)(26)  وقوله سبحانه : (وقال الذين كفروا ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين)(إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولاتحزنوا وأبشروا بالجنة التى كنتم توعدون)(30:29)

[٣/‏٤, ٦:٣٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: وهذه الآية : هى بشرى الملائكة للمؤمن عند حضور أجله ، فتنزل عليه ملائكة الرحمة تبشره بالجنة ، وأن لا يخاف مما يقدم عليه من أحوال القيامة ، وأن لايحزن على ماخلفه فى الدنيا من أهل ومال وولد ، فنحن (أى الملائكة) نخلفكم فيه . قال المفسرون : إن الملائكة تتنزل حين الاحتضار على المؤمنين بهذه البشارة ، أن لا تخافوا هول الموت ، ولا من هول القبر ، وشدائد يوم القيامة . فجاءت كل آية مناسبة فى موضعها . فسبحان من هذا كلامه !!!

الأربعاء، 2 أبريل 2025

(أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم)

 [١٩/‏٢, ١٢:١٩ ص] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى : 

(بلاغة اللفظ القرآنى) قوله سبحانه فى سورة يونس : (أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم قال الكافرون إن هذا لساحر مبين)(2)  انفرد هذا الموضع بعدم ذكر : (وعملوا الصالحات ) فقد جاء فى  القرآن الكريم  : (الذين آمنوا وعملوا الصالحات) فى حوالى اثنين وخمسين موضعا 

من ذلك قوله سبحانه فى سورة البقرة : (وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار....الآية)(25) وقوله سبحانه فى نفس السورة : (والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون)(82)

[١٩/‏٢, ١١:٢٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: فما سبب انفراد موضع سورة يونس بعدم ذكر : (وعملوا الصالحات) وبالرجوع إلى تفسير اﻵية وسياق الآيات يتبين الأمر : جاء فى تفسير الآية : أكان عجبا لأهل مكة وحينا إلى رجل منهم هو (محمد) صلى الله عليه وسلم ؟ والهمزة للإنكار أى لاعجب فى ذلك فهى عادة الله فى الأمم السالفة ، أوحى إلى رسلهم ليبلغوهم رسالة الله (أن أنذر الناس) أى أوحينا إليه بأن خوف الكفار عذاب النار (وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم) أى وأن بشر المؤمنين بأن لهم سابقة ومنزلة رفيعة عند ربهم بما قدموا من صالح الأعمال.

[١٩/‏٢, ١١:٣٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: فمعنى (قدم صدق عند ربهم ) أى سابقة ومنزلة رفيعة عند ربهم بما قدموا من صالح الأعمال ، فمعنى الآية متضمن الأعمال الصالحة ، فناسب ذلك عدم ذكر (وعملوا الصالحات) ، الأمر الآخر قوله سبحانه : (أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم) فالآية متضمنة معنى بدء الوحى إلى النبى صلى الله عليه وسلم وبدء الرسالة ، وذلك قبل الأمر بالتكاليف الشرعية من صلاة وزكاة وصيام وحج وغيرها من العبادات ، وذلك فى المرحلة المكية ، فلا مجال للأعمال الصالحة ، فكانت مرحلة الإيمان بالله ورسوله ، فناسب ذلك عدم ذكر ( وعملوا الصالحات) .

[١٩/‏٢, ١١:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: وسورة يونس من السور المكية التى تعنى بأصول العقيدة الإسلامية (الإيمان بالله تعالى ، والإيمان بالكتب ، والرسل ، والبعث والجزاء) وهى تتميز بطابع التوجيه إلى الإيمان بالرسالات السماوية ، وبوجه أخص إلى (القرآن العظيم) خاتمة الكتب المنزلة ، والمعجزة الخالدة على مدى العصور والدهور لسيد الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم . وجاءت الآيات تبين حقيقة(الألوهية) و (العبودية) ، وأساس الصلة بين الخالق والمخلوق ، وعرفت الناس بربهم الحق الذى ينبغى أن يعبدوه .

[٢٠/‏٢, ١٢:١٢ ص] حسن أحمد حسن سليمان: وجاءت الآية : (إن ربكم الله الذى خلق السموات واﻷرض فى ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون)(3) جاءت الآية تعرف الناس بربهم الحق الذى ينبغى أن يعبدوه ، وأن يسلموا وجوههم إليه ، فهو الخالق الرازق ، المحيى المميت ، المدبر الحكيم ، فهو الذى ينبغى أن تفردوه بالعبادة ، هو الذى أوجد السموات والأرض ، وأنشأ خلقهما على غير مثال سابق . فناسبت الآية ، الآية السابقة بعدم ذكر (وعملوا الصالحات) لأن الله فى هذه الآية ذكر أنه خالق الناس ومالكهم ، ومصلح أمورهم ومدبرها ، وقد دعاهم لعبادته ، لأنه المستحق للعبادة بما أنعم عليهم من النعم العظيمة .

[٢٠/‏٢, ١١:٠٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: وانتقلت السورة لتعريف الناس بصفات الإله الحق ، بذكر آثار قدرته ورحمته ، الدالة على التدبير الحكيم ، ومافى هذا الكون المنظور من آثار القدرة الباهرة ، التى هى أوضح البراهين على عظمة الله وجلاله وسلطانه . وذلك فى الآيات : (قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحى من الميت ويخرج الميت من الحى ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون)(فذالكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون)(32:31)

[٢٠/‏٢, ١١:١٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: ثم مضت السورة تقيم على المشركين الحجة بعد الحجة ، لعلهم يؤمنون بربهم ويعبدوه ، ويتركوا عبادة الأصنام والأوثان وذلك فى الآيات : (قل هل من شركائكم من يبدؤا الخلق ثم يعيده قل الله يبدؤا الخلق ثم يعيده فأنى تؤفكون)(قل هل من شركائكم من يهدى إلى الحق قل الله يهدى إلى الحق أفمن يهدى إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدى إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون)(35:34) أى : قل لهم يامحمد على جهة التوبيخ والتقريع : هل من الأوثان والأصنام من ينشئ الخلق من العدم ثم يفنيه ، ثم يعيده ويحييه ؟

[٢٠/‏٢, ١١:٢٤ م] حسن أحمد حسن سليمان: قال الطبرى : ولما كانوا لايقدرون على دعوى ذلك ، وفيه الحجة القاطعة ، والدلالة الواضحة على أنهم فى دعوى الأرباب كاذبون مفترون ، أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بالجواب (قل الله يبدأ الخلق ثم يعيده) أى : قل لهم يامحمد : الله وحده هو الذى يحيى ويميت ، ويبدأ الخلق ويعيده ( فأنى تؤفكون) اى : فكيف تنقلبون وتنصرفون عن الحق إلى الباطل . كذلك فى الآية الثانية : توبيخ آخر فى صورة الاستفهام أى : قل لهؤلاء المشركين: هل من هذه الآلهة من يرشد الضال ؟ أو يهدى الحائر .

[٢٢/‏٢, ١٠:٥٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: وبعد استعراض تفسير الآيات وسياقها يتبين أن عدم ذكر : (وعملوا الصالحات) فى الآية : (وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم ) تناسب مع سياق الآيات ، حيث أن معنى قدم صدق : سابقة ومنزلة رفيعة عند ربهم بما قدموا من صالح الأعمال ، فمعنى الآية متضمن الأعمال الصالحة ، وكذلك فى ثنايا الآية معنى بدء الوحى فى قوله سبحانه : (أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم) ، والآية التى بعدها فى تعريف الناس بربهم وأنه خالقهم ومالكهم ومدبر أمورهم ، فهو المستحق للعبادة وحده ، فناسب ذلك عدم ذكر : (وعملوا الصالحات) سياق الآيات .

فسبحان من هذا كلامه !!!