الخميس، 9 أبريل 2020

(إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی مَنۡ هُوَ كَـٰذِبࣱ كَفَّارࣱ)

من روائع البيان القرآني:

(إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی مَنۡ هُوَ كَـٰذِبࣱ كَفَّارࣱ)[سورة الزمر 3]

(إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی مَنۡ هُوَ مُسۡرِفࣱ كَذَّابࣱ)[سورة غافر 28]

(كَذَ ٰ⁠لِكَ یُضِلُّ ٱللَّهُ مَنۡ هُوَ مُسۡرِفࣱ مُّرۡتَابٌ)[سورة غافر 34]


اختلفت الفاصلة (نهاية اﻵية) في كل آية

فما سبب ذلك؟

هذا راجع لسياق كل آية، 

فالموضع الأول في سورة الزمر:

(أَلَا لِلَّهِ ٱلدِّینُ ٱلۡخَالِصُۚ وَٱلَّذِینَ ٱتَّخَذُوا۟ مِن دُونِهِۦۤ أَوۡلِیَاۤءَ مَا نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا لِیُقَرِّبُونَاۤ إِلَى ٱللَّهِ زُلۡفَىٰۤ إِنَّ ٱللَّهَ یَحۡكُمُ بَیۡنَهُمۡ فِی مَا هُمۡ فِیهِ یَخۡتَلِفُونَۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی مَنۡ هُوَ كَـٰذِبࣱ كَفَّارࣱ)

فهؤﻻء عبدوا اﻷصنام فكفروا بذلك، وادعوا كذبا أنها تقربهم إلى الله زلفى، وتشفع لهم عنده فكانت الفاصلة (إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی مَنۡ هُوَ كَـٰذِبࣱ كَفَّارࣱ) مناسبة مع حالهم.


أما الموضع الثاني في سورة غافر:

(وَقَالَ رَجُلࣱ مُّؤۡمِنࣱ مِّنۡ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ یَكۡتُمُ إِیمَـٰنَهُۥۤ أَتَقۡتُلُونَ رَجُلًا أَن یَقُولَ رَبِّیَ ٱللَّهُ وَقَدۡ جَاۤءَكُم بِٱلۡبَیِّنَـٰتِ مِن رَّبِّكُمۡۖ وَإِن یَكُ كَـٰذِبࣰا فَعَلَیۡهِ كَذِبُهُۥۖ وَإِن یَكُ صَادِقࣰا یُصِبۡكُم بَعۡضُ ٱلَّذِی یَعِدُكُمۡۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی مَنۡ هُوَ مُسۡرِفࣱ كَذَّابࣱ)

قال اﻹمام الفخر الرازي في تفسيره: وفي هذا إشارة إلى رفع شأن موسى عليه السلام، ﻷن الله هداه وأيده بالمعجزات، وتعريض بفرعون في أنه مسرف في عزمه على قتل موسى عليه السلام، كذاب في إقدامه على ادعاء الإلهية.

أي أنه هو مسرف كذاب وليس موسى عليه السلام فجاءت الفاصلة (إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی مَنۡ هُوَ مُسۡرِفࣱ كَذَّابࣱ) مناسبة مع سياق اﻵية.


وأما الموضع الثالث في سورة غافر:

(وَلَقَدۡ جَاۤءَكُمۡ یُوسُفُ مِن قَبۡلُ بِٱلۡبَیِّنَـٰتِ فَمَا زِلۡتُمۡ فِی شَكࣲّ مِّمَّا جَاۤءَكُم بِهِۦۖ حَتَّىٰۤ إِذَا هَلَكَ قُلۡتُمۡ لَن یَبۡعَثَ ٱللَّهُ مِنۢ بَعۡدِهِۦ رَسُولࣰاۚ كَذَ ٰ⁠لِكَ یُضِلُّ ٱللَّهُ مَنۡ هُوَ مُسۡرِفࣱ مُّرۡتَابٌ)

جاءت الفاصلة (كَذَ ٰ⁠لِكَ یُضِلُّ ٱللَّهُ مَنۡ هُوَ مُسۡرِفࣱ مُّرۡتَابٌ) مناسبة مع (فَمَا زِلۡتُمۡ فِی شَكࣲّ مِّمَّا جَاۤءَكُم بِهِ)، أي فلم تزالوا شاكين في رسالته، كافرين بما جاء به من عند الله، (كَذَ ٰ⁠لِكَ یُضِلُّ ٱللَّهُ مَنۡ هُوَ مُسۡرِفࣱ مُّرۡتَابٌ) أي مثل ذلك الضلال الفظيع، يضل الله كل مسرف في العصيان، شاك في الدين، بعد وضوح الحجج والبراهين.

فجاءت كل فاصلة مناسبة مع سياقها.

فسبحان من هذا كلامه !!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق