الخميس، 30 مارس 2017

لقوي عزيز - قوي عزيز

من روائع البيان القرآني قوله تعالى (الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إﻻ أن يقولوا ربنا الله ولوﻻ دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز) آية 40 سورة الحج ، وقوله تعالى في نفس السورة (ماقدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز) آية 74 ،
وقوله تعالى( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز ) سورة الحديد آية 25 ،
وقوله تعالى (كتب الله ﻷغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز)  آية 21 سورة المجادلة ،  في موضعي سورة الحج زاد اللام فقال (لقوي عزيز) ، وفي الحديد قال (قوي عزيز )  فلماذا زاد اللام في الحج عنها في الحديد والمجادلة ؟ 

من روائع البيان  القرآني مع اﻵية الثانية في سورة الحج وهي قوله تعالى (ماقدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز) آية 74 ، أي ما عظموا الله حق تعظيمه ، حيث جعلوا اﻷصنام - على حقارتها - شركاء للقوي العزيز ،
ولهذا قال (إن الله لقوي عزيز)  أي هو تعالى قادر ﻻيعجزه شئ ، غالب ﻻيغلب ، فكيف يسوون بين القوي العزيز ، والعاجز الحقير ؟!  وقد بين سبحانه حقارة مايعبدون من اﻷصنام قبل هذه اﻵية في قوله ( ياأيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له ....)اﻵية 73 أي إن هذه اﻷصنام التي عبدتموها من دون الله لن تقدر على خلق ذبابة على ضعفها ، وإن اجتمعت على ذلك ، فكيف يليق بالعاقل جعلها آلهة ؟ وعبادتها من دون الله !!! لذلك أكد (إن الله لقوي عزيز) . فسبحان من هذا كلامه !!!!


مع روائع البيان القرآني أما آية سورة الحديد في قوله (وأنزلنا الحديد) ، قال ابن كثير : أي أنه جعل الحديد رادعا لمن أبى الحق وعانده ، بعد قيام الحجة عليه ، ولهذا أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ثلاث عشرة سنة ، توحى إليه السور ، ويقارعهم بالحجة والبرهان ، فلما قامت الحجة على من خالف أمر الله ، شرع الله الهجرة ، وأمر المؤمنين بالقتال بالسيوف وضرب الرقاب ، ثم قال تعالى (إن الله قوي عزيز) أي هو قوي عزيز ، ينصر من شاء من غير احتياج منه إلى الناس ، وإنما شرع الجهاد ليبلوا بعضهم ببعض لذلك لم يؤكد (قوي ) باللام ، كذلك في موضع المجادلة ( كتب الله ﻷغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز) أي قضى الله وحكم في شرعه الخالد ، أن الغلبة لدينه ورسله وعباده المؤمنين ، فهو تعالى قادر على نصر رسله وأوليائه ، غالب  على أعدائه ، ﻻيقهر وﻻيغلب ، فنصره للأوليائه قائم ﻻمحالة لذلك لم يؤكد (قوي) . فسبحان من هذا كلامه !!!!!

من روائع البيان القرآني أما في سورة الحج الموضع اﻷول فقد سبقها قوله تعالى (إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله ﻻيحب كل خوان كفور) (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير) 39/38 ، أي أن الله ينصر المؤمنين ويدفع عنهم بأس المشركين ، وهذه بشارة للمؤمنين بإعلائهم على الكفار وكف كيدهم عنهم ، واﻵية الثانية (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا) قال ابن عباس : هذه أول آية نزلت في الجهاد ، قال المفسرون : هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مشركوا يؤذونهم أذى شديدا ، وكانوا يأتون رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مضروب ومشجوج ويتظلمون إليه فيقول لهم صلى الله عليه وسلم : اصبروا فإني لم أومر بقتالهم ، حتى هاجروا فأنزلت هذه اﻵية ، وهي أول آية أذن فيها بالقتال ، بعدما نهى عنه في أكثر من سبعين آية وقد أكد لهم (وإن الله على نصرهم لقدير) ، ثم قوله (الذين أخرجوا من ديارهم....) أي أخرجوا من أوطانهم ظلما وعدوانا بغير سبب موجب للإخراج غير أنهم وحدوا الله ولم يشركوا به شيئا ، وقد وعدهم الله بنصرهم (ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز) ، هذا قسم أي والله سينصر الله من ينصر دينه ورسوله لذلك أكد (لقوي عزيز) أي إنه تعالى قادر ﻻيعجزه شئ ، عزيز ﻻيقهره غالب وﻻ يغلبه غالب .

الأحد، 12 مارس 2017

وبنعمت الله هم يكفرون - وبنعمت الله يكفرون

من روائع البيان القرآني قوله تعالى في سورة النحل آية  72 ( والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمت الله هم يكفرون) ،
وقوله تعالى (أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم أفبالباطل يؤمنون وبنعمت الله يكفرون)  العنكبوت آية 67 ،
في سورة النحل قال (أفبالباطل يؤمنون وبنعمت الله هم يكفرون ) ، وفي سورة العنكبوت قال(أفبالباطل يؤمنون وبنعمت الله يكفرون) ، زاد في النحل ضمير الفصل (هم)  وقد جاء للتأكيد فقد تحدثت اﻵية عن أكثر من نعمة ، فهو تعالى بقدرته خلق لكم النساء من جنسكم وشكلكم ، ليحصل اﻻئتلاف والمودة والرحمة بينكم ،
وجعل من هؤﻻء الزوجات : اﻷوﻻد وأوﻻد اﻷوﻻد ، ورزقكم من أنواع اللذائذ ، من الثمار والحبوب والحيوان ، وهذه النعم لجميع الخلق ، أما في سورة العنكبوت فقد تحدثت اﻵية عن نعمة اﻷمن في الحرم وهي خاصة بأهل مكة فقد جعله الله حرما مصونا عن السلب والنهب ، آمنا من القتل والسبي ،  والناس حولهم يسبون ويقتلون ، فكان ضمير الفصل (هم) مناسب في سورة النحل ، أضف إلى ذلك أن سورة النحل هي سورة (النعم) ، قال القرطبي : تسمى سورة النحل (سورة النعم) لكثرة ماعدد الله فيها من نعمه على عباده .
وقد جاء في تفسير السعدي قوله : هذه السورة تسمى (سورة النعم) ، فإن الله ذكر في أولها أصول النعم وقواعدها ، وفي آخرها متمماتها ومكملاتها . وقد تكرر كلمة نعمة ومشتقاتها في السورة (9) مرات ، فكان مناسب زيادة ضمير الفصل (هم) في النحل عن العنكبوت . فكل كلمة جاءت في مكانها المناسب بها . فسبحان من هذا كلامه !!!!!!

ﻻ تبديل لكلمات الله - ﻻ تبديل لخلق الله

من روائع البيان القرآني قوله تعالى ( لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي اﻵخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم) 64 يونس ،
وقوله ( فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها ﻻ تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس ﻻيعلمون) 30 الروم ،
فما الفرق بين (ﻻ تبديل لكلمات الله) ، وبين (ﻻ تبديل لخلق الله) ؟ آية يونس جاءت في سياق الحديث عن أولياء الله وصفاتهم ، وذلك في قوله ( أﻻ إن أولياء الله ﻻخوف عليهم وﻻهم يحزنون )( الذين آمنوا وكانوا يتقون) (لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي اﻵخرة ﻻتبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم) ،
فكل مؤمن تقي كان لله ولي ، وقد بشرهم الله بما يسرهم في الدارين ، ففي الدنيا بالرؤية الصالحة يراها المؤمن أو ترى له ، وعند اﻹحتضار تبشره الملائكة برضوان الله ورحمته ، وفي اﻵخرة بالجنة ، ومعنى (ﻻ تبديل لكلمات الله) ، أي ﻻ إخلاف لوعده ، أما في سورة الروم فكان الحديث عن الدين ، أي أخلص دينك لله ، مائلا عن كل دين باطل ، إلى الدين الحق وهو اﻹسلام ، وهو خلقة الله التي خلق الناس عليها ، وهو فطرة التوحيد ، كما في الحديث ( كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) أخرجه البخاري في التفسير 512/8 ، ومعنى (ﻻتبديل لخلق الله) ، آي ﻻ تغيير لتلك الفطرة السليمة من جهته تعالى ، قال ابن الجوزي : لفظه لفظ النفي ، ومعناه النهي ، آي ﻻتبدلوا خلق الله ، فتغيروا الناس عن فطرتهم ، التي فطرهم الله عليها ( زاد المسير 302/6)  . فأنت ترى أن كل كلمة جاءت مكانها المتاسب ، فسبحان من هذا كلامه !!!!!


وتبديل الكلمات تكرر في أكثر من آية وإليك بيانها ، قوله تعالى ( ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبأ المرسلين )  اﻷنعام آية 34 ، ومعنى قوله ( ولا مبدل لكلمات الله)  قال ابن عباس ؛ أي ﻻمبدل لمواعيد الله ، وفي هذا تقوية للوعد ، وقوله تعالى في نفس السورة     (وتمت كلمت ربك صدقا وعدﻻ ﻻمبدل لكلماته وهو السميع العليم)115، أي تم كلام الله المنزل ، صدقا في اﻷخبار وعدﻻ في اﻷحكام ، (ﻻ مبدل لكلماته) أي ﻻمغير لحكمه وﻻراد لقضائه ، و
قوله تعالى (واتل ماأوحي إليك من كتاب ربك ﻻمبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا) الكهف آية 27 ، أي اقرأ ياأيها الرسول ماأوحاه إليك ربك ، من آيات الذكر الحكيم (ﻻمبدل لكلماته) أي ﻻيقدر أحد أن يغير أو يبدل كﻻم الله .
وقد انفردت سورة الروم بقوله ( ﻻتبديل لخلق الله ) .

الأربعاء، 1 مارس 2017

ذلكم الله ربكم ﻻإله إلا هو خالق كل شئ - ذلكم الله ربكم خالق كل شئ ﻻإله إلا هو

من روائع البيان القرآني قوله تعالى (ذلكم الله ربكم ﻻإله إلا هو خالق كل شئ فاعبدوه وهو على كل شئ وكيل)  آية 102 سورة اﻷنعام ،
وقوله تعالى (ذلكم الله ربكم خالق كل شئ ﻻإله إﻻ هو فأنى تؤفكون) آية 62 سورة غافر
، في سورة اﻷنعام قدم التوحيد على الخلق ،
 وفي سورة غافر قدم الخلق على التوحيد فما سبب ذلك ؟ في سورة اﻷنعام جاء قبل اﻵية قوله تعالى (وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون)
(بديع السموات واﻷرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شئ وهو بكل شئ عليم) 101/100 ،  فجعلوا الجن شركاء لله حيث أطاعوهم في عبادة اﻷوثان ، ونسبوا إليه تعالى البنين والبنات ، حيث قالوا : عزير ابن الله ، والملائكة بنات لله سفها وجهالة تنزه الله وتقدس عن هذه الصفات التي نسبها إليه الظالمون ، وتعالى علوا كبيرا ، فأنت ترى أن اﻵيتان تعالج قضية توحيد لذلك قدم التوحيد على الخلق ونهى اﻵية بالعبادة فقال( ذلكم الله ربكم ﻻإله إلا هو خالق كل شئ فاعبدوه) ، أما في سورة غافر فقد جاء قبل اﻵية الحديث عن الخلق فقال تعالى (لخلق السموات واﻷرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس ﻻيعلمون) 57 ،وقوله تعالى ( الله الذي لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا ...)61  فلما ذكر الخلق قدم الخلق على التوحيد فقال ( ذلكم الله ربكم خالق كل شئ ﻻإله إلا هو فأنى تؤفكون) ، أي فأنى تصرفون عن عبادة الخالق المالك إلى عبادة اﻷوثان ؟ . فسبحان من هذا كلامه !!!!!!