[١١/١٠, ١٠:٤٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: من روائع البيان القرآنى :(بلاغة اللفظ القرآنى) قوله سبحانه : (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين)(133)(آل عمران) وقوله سبحانه : (سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم)(21)(الحديد) قال فى آل عمران : (السموات والأرض) وقال فى الحديد : ( السماء والأرض)
[١٢/١٠, ٦:٥١ م] حسن أحمد حسن سليمان: لمعرفة بلاغة اللفظ القرآنى لابد من معرفة الفرق بين لفظ السموات والسماء فإن لفظ السماء : هو اسم جنس لكل ماعلاك فهو أعم من السموات لأنها المقصود بها السموات السبع ودليل ذلك من القرآن قوله سبحانه (يرسل السماء عليكم مدرارا)(11)(سورة نوح) والسماء بمعنى المطر أو الماء ومثل قوله سبحانه : (وأرسلنا السماء عليهم مدرارا....الآية)(جزء من الآية 6 سورة الأنعام)
ومثل قوله تعالى : (من كان يظن أن لن ينصره الله فى الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده مايغيظ)(15)(سورة الحج) فالمقصود بالسماء سقف البيت
[١٢/١٠, ٧:٠٩ م] حسن أحمد حسن سليمان: ففى آية آل عمران استعمل لفظ (السموات) وفى سورة الحديد استعمل لفظ (السماء) لأن آية الحديد أعم من آية آل عمران وذلك لأنه قال فى آل عمران (وسارعوا) وفى الحديد (سابقوا) ولاريب أن المسابقة أعم من المسارعة فإن فيها منافسة مع المسارعة وقال فى آل عمران : (أعدت للمتقين) وهى فئة مخصوصة وقد فسرها فى الآيات بعدها : ( الذين ينفقون فى السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين)(والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على مافعلوا وهم يعلمون)(135:134)
[١٢/١٠, ٧:١٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: وفى الحديد قال : (أعدت للذين آمنوا بالله ورسله) يعنى من لدن نوح عليه السلام إلى النبى محمد صلى الله عليه وسلم فهى أعم من المتقين وختم الآية : (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم) وهو مناسب مع العموم فى الآية كما زاد كاف التشبيه فى قوله (كعرض) وبعد هذا العرض تبين أن لفظ السماء أعم من لفظ السموات وإليك أمثلة أخرى من القرآن قوله سبحانه : (قال ربى يعلم القول فى السماء والأرض وهو السميع العليم)(الأنبياء4) وقوله سبحانه : (قل أنزله الذى يعلم السر فى السموات والأرض إنه كان غفورا رحيما)(الفرقان6)
[١٢/١٠, ٧:٣٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: وواضح أن القول أعم من السر فمع القول استعمل لفظ السماء ومع السر الذى هو أخص من القول استعمل لفظ السموات .
ومثل ذلك قوله سبحانه : (قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحى من الميت ويخرج الميت من الحى ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون)(31)(يونس) وقوله سبحانه : (قل من يرزقكم من السموات والأرض قل الله وإنا أو إياكم لعلى هدى أو فى ضلالا مبين)(24)(سبأ) فمع عموم آية يونس استعمل لفظ السماء ومع خصوص آية سبأ استعمل لفظ السموات
[١٢/١٠, ١١:٤٥ م] حسن أحمد حسن سليمان: ومن أوضح ماجاء فى ذلك قوله سبحانه : (وماخلقنا السماء والأرض ومابينهما لاعبين)(16)(الأنبياء)
وقوله سبحانه : (وماخلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين)(38)(الدخان)
وقوله سبحانه : (وماخلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار)(27)(سورةص) فقد جاء موضعى الأنبياء وص فى ثنايا أمور عامة وجاء موضع الدخان بعد سرد قصة موسى عليه السلام وفرعون وانتهت بهلاك فرعون وقومه ونجاة المؤمنين وإليك بيان ذلك من خلال استعراض تفسير الآيات الكريمة فى السور الثلاث ليتبين لك البلاغة القرآنية فى أسمى معانيها .
[١٤/١٠, ١١:٤٣ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما آية الأنبياء فقد سبقها عموم فى الآيات التى قبلها وكذلك التى بعدها فقد جاء قبل الآية قوله سبحانه : فى أول السورة : (اقترب للناس حسابهم وهم فى غفلة معرضون)(مايأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعهوه وهم يلعبون)(2:1)(الأنبياء) وكذلك قوله سبحانه : (وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين)(فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون)(لاتركضوا وارجعوا إلى ماأترفتم فيه ومساكنم لعلكم تسئلون)(قالوا ياولينا إنا كنا ظالمين)(فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين)(15:11)
[١٥/١٠, ١٢:٠٠ ص] حسن أحمد حسن سليمان: وجاء بعدها قوله سبحانه : (لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين)(17) أى : لو أردنا أن نتخذ مايتلهى به من زوجة أو ولد لاتخذناه من عندنا من الحور العين أو من الملائكة لو أردنا فعل ذلك لاتخذناه من طرفنا ولكنه مناف للحكمة فلم نفعله واستعمال:(إن) بدل : (إذا) يدل على استحالة هذا الأمر فى حق الله سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا فقد جاء القرآن بهذا المعنى فى أكثر من آية فى قوله سبحانه :(قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين)(سبحان رب السموات والأرض رب العرش عما يصفون)(82:81)(الزخرف)
[١٥/١٠, ١٢:٠٦ ص] حسن أحمد حسن سليمان: أى : قل يامحمد لهؤلاء المشركين : لو فرض أن لله ولدا لكنت أنا أول من يعبد ذلك الولد ولكنه جل وعلا منزه عن الزوجة والولد تنزه وتقدس الله العظيم الجليل رب السموات والأرض ورب العرش العظيم عما يصفه به الكافرون من نسبة الولد إليه
وأيضا مثل قوله سبحانه : (ولاينفعكم نصحى إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون)(أم يقولون افتراه قل إن افتريته فعلى إجرامى وأنا برئ مماتجرمون)(35:34)(هود)
فقوله : (إن كان الله يريد أن يغويكم)
وقوله : (قل إن افتريته)يدلان على استحالة الأمرين
[١/١١, ٦:٣٧ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما موضع سورة ص فجاء عاما : (وماخلقنا السماء والأرض ومابينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار)(27) أى : ماخلقنا هذا الكون البديع بما فيه من المخلوقات العجيبة عبثا وسدى (ذلك ظن الذين كفروا) أى خلق ماذكر لالحكمة هو ظن الكفار الفجار الذين لايؤمنون بالبعث والنشور فويل لهم من عذاب النار ثم وبخهم تعالى على هذا الظن السيئ فقال سبحانه : (أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين فى الأرض أم نجعل المتقين كالفجار)
[١/١١, ٧:١٨ م] حسن أحمد حسن سليمان: أى : هل نجعل المؤمنين المصلحين كالكفرة المفسدين ، أم نجعل الأخيار الأبرار كالأشرار الفجار ؟ والغرض : أنه لايتساوى فى حكمته تعالى المحسن مع المسئ ولا البر مع الفاجر . فواضح من تفسير الآيتين العموم فناسب لفظ (السماء) سياق الآية. وأيضا جاء أول السورة آيات عامة وذلك فى قوله تعالى : (بل الذين كفروا فى عزة وشقاق)(كم أهلكنا من قبلهم من قرن فنادوا ولات حين مناص)
[١/١١, ٩:٠١ م] حسن أحمد حسن سليمان: أما آية سورة الدخان فقد جاءت بعد ذكر قصة موسى عليه السلام مع فرعون وذلك فى قوله تعالى : (ولقد نجينا بنى إسرائيل من العذاب المهين)(من فرعون إنه كان عاليا من المسرفين) فجاء لفظ (السموات) مناسب مع سياق الآيات
(وماخلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين)(ماخلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون) أى : ماخلقنا السموات والأرض ومابينهما من المخلوقات إلا بالعدل والحق المبين لنجازى المحسن بإحسانه والمسئ بإساءته فناسب لفظ(السموات) سياق الآيات
فجاءت كل كلمة مناسبة فى موضعها فسبحان من هذا كلامه !!!