الجمعة، 21 يونيو 2019

معنى (إذ) في اللغة

من روائع البيان القرآني
قوله تعالى في سورة المائدة آية 110:
{إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ} . 
تكررت كلمة (إذ) في كل مواضعها، ماعدا قوله 
{وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ}، على الرغم من أنها قيدت في كون ذلك بإذن الله تعالى، فما السبب في ذلك؟! 
وحتى نعرف السبب، لابد أولا معرفة معنى (إذ) في اللغة
جاء في كتب النحو: إذ اسم مبني على السكون بمعنى حين تدل على ما مضى من الزمان.
فكل ما جاء فيه إذ في اﻵية يخص الله وحده وﻻ سبب للبشر فيه.
الوحيدة التي لم ترد فيها إذ وهي إبراء الأكمه والأبرص وإبراء الأكمه والأبرص نوع من التداوي والعلاج قد يجعله الله تعالى على أيدي البشر بأسبابها، فالطبيب يجري الله ذلك على يديه وغيره من أمور الطب، وأما ما قُيد بإذ في الآية من خلق الطير وإحياء الموتى وما بعدها فلا يستطيعه أحد سوى رب البشر سبحانه ولو اجتمعت الدنيا كلها.
وأما التداوي فقد يجعل الله فيها سببا للبشر أو غيرهم، إذا جعل الله الطبيب سببا في علاج اﻷبرص واﻷكمه وهو الذي ولد أعمى، أو بالرقية الشرعية من الصالحين.
وقد جاء في الحديث عند البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضى الله عنه، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: {إن ثلاثة في بني إسرائيل: أبرص وأقرع وأعمى، فأراد الله أن يبتليهم، فبعث إليهم ملكا، فأتى اﻷبرص، فقال: أي شيء أحب إليك ؟ قال: لون حسن، وجلد حسن، ويذهب عني الذي قذرني الناس، قال: فمسحه فذهب عنه قذره، وأعطي لونا حسنا وجلدا حسنا........} 
الحديث 
الشاهد في الحديث (فمسحه فذهب عنه قذره)، وفعل ذلك مع اﻷقرع واﻷعمى، فجعل الله الملك سببا لشفاء الأبرص والأعمى واﻷقرع بمسحه عليهم بأمر من الله وإذنه.
وأما إحياء الموتى وخلق الطير ونفخ الروح ودفع العدو فإنه لا يكون إلا من الله تعالى ولا يتحقق لأحد إلا على وجه الندرة كما تحقق لعيسى عليه السلام!
فسبحان من هذا كلامه!!!