من روائع البيان القرآني :
قوله تعالى (وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) [سورة اﻷنعام 29]
وقوله تعالى (إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) [سورة المؤمنون 37]
وقوله تعالى (وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ ۚ وَمَا لَهُمْ بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) [سورة الجاثية 24]
انفردت سورة اﻷنعام بعدم ذكر (نَمُوتُ وَنَحْيَا) ، و جاءت في موضعي المؤمنون والجاثية فما سبب ذلك ؟
في سورة اﻷنعام جاءت اﻵية في ثنايا الحديث عن مشهد من مشاهد يوم القيامة ، وذلك في قوله تعالى : (وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ ۖ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) [سورة اﻷنعام 27 - 28]
ومعنى اﻵيتين : أي لو ترى يا محمد هؤﻻء المشركين ، حين عرضوا على النار ، لرأيت أمرا عظيما تشيب لهوله الرءوس ، تمنوا الرجوع إلى الدنيا ليعملوا عملا صالحا ، وﻻيكذبون بآيات الله ، ويكونوا من المؤمنين ،
فرد الله عليهم ذلك التمني (بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ) أي ظهر لهم يوم القيامة ماكانوا يخفون من عيوبهم وقبائحهم فتمنوا ذلك ، ولو ردوا - على سبيل الفرض ﻷنه ﻻرجعة إلى الدنيا بعد الموت - لعادوا إلى الكفر والضلال ، وإنهم لكاذبون في وعدهم باﻹيمان .
ثم جاءت بعد اﻵيتين اﻵية (وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ)
وبعدها جاء قوله تعالى
(وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُوا عَلَىٰ رَبِّهِمْ ۚ قَالَ أَلَيْسَ هَٰذَا بِالْحَقِّ ۚ قَالُوا بَلَىٰ وَرَبِّنَا ۚ قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) وهي أيضا تتحدث عن مشهد من مشاهد يوم القيامة ، ومعنى اﻵية : أي لو ترى حالهم إذ حبسوا للحساب أمام رب العالمين ، كما يوقف العبد الجاني بين يدي سيده للعقاب .
فجاءت اﻵية في ثنايا آيات تتحدث عن مشهد من مشاهد يوم القيامة ، وﻻمجال هنا لنموت ونحيا ، فجاءت اﻵية دون ذكر (نَمُوتُ وَنَحْيَا) .
أما في سورة المؤمنون والجاثية ، فجاءت اﻵيتان في سياق الدنيا ، فجاءت (نَمُوتُ وَنَحْيَا) في مكانها . فما زلنا في الدنيا.
فسبحان من هذا كلامه !!!!!!